بوابات تركيا لتمرير الجماعة.. هل لدى الإخوان جديد يقدمونه؟

الإخوان المسلمون

بوابات تركيا لتمرير الجماعة.. هل لدى الإخوان جديد يقدمونه؟


25/09/2019

فشلت جماعة الإخوان المسلمين في الاستئثار بالحكم، كما في خططها الرامية للعودة إلى الشارع العربي سياسياً، وضاق الخناق عليها في مصر وتونس وسوريا وليبيا ودول الخليج، وكان من الواضح أنّ هناك مشكلاتٍ بنيوية عميقة في الفكر والمنهج والاستراتيجية، وبسبب هذا ظهرت الانشقاقات والأجنحة التي تم صناعتها بعناية من قبل التنظيم ذاته، أو ساهم فيها تعنت مكتب الإرشاد الدولي، الذي من حين إلى آخر حاول إبراز نفسه في صورة الجماعة المتماسكة في ظل الضغوطات والأزمات، وكانت المؤتمرات هي الوسيلة المفضلة له لتسويق ذلك، وهذه المرة جاءت من تركيا يوم السبت الماضي 13 أيلول (سبتمبر) 2019؛ حيث أقيم مؤتمر تحت عنوان "الإخوان المسلمون أصالة الفكرة واستمرارية المشروع"، بحضور500 من قادة وأعضاء الجماعة حول العالم، بحثوا فيه ظاهرياً "إحياء مشروع الجماعة، وتحديد أهدافها في المنطقة والعالم خلال الفترة القادمة"، بينما بشكل مستتر بحثوا فيه انشقاق التنظيم.

 

هل أوصل تجمع الإخوان الرسالة؟
طرح المشاركون بالمؤتمر أوراقاً تكشف عن فكر الجماعة ورؤيتها ورسالتها وأدائها التربوي والدعوي والسياسي، وموقفها من القضايا الشائكة والمعاصرة، ولم يكن هناك أي شيء جديد، فوفق البيان الختامي تمسك قادة الجماعة بالعمل السياسي بجانب الدعوي، وفق ما قاله نائب المرشد العام للجماعة، إبراهيم منير في مداخلته، التي طرح فيها نموذجه للوصول لدولة إسلامية، وكأنّ كل الدول الحالية ليست إسلامية!

اقرأ أيضاً: إلى أين يأخذ الإخوان ليبيا؟
المراقب العام للإخوان المسلمين بالأردن، عبد الحميد الذنيبات، والقيادي بجماعة الإخوان الليبية، فيصل الصافي، تحدثا عن منهج الجماعة وما يحكم عملها في التغيير، وهل تنظر إلى المجتمعات العربية والإسلامية نظرة إصلاح أم تكفير، وأنّها ستتمسك بالعمل السياسي!

المؤتمر أقيم تحت عنوان "الإخوان المسلمون أصالة الفكرة واستمرارية المشروع" بحضور500 من قادة وأعضاء الجماعة حول العالم

خلال المؤتمر تمسك قادة الإخوان بما أسموه "العمل الثوري لتغيير الأنظمة"؛ سعياً لإقامة دولتهم الإسلامية، وفق ما ورد في وكالة أنباء (الأناضول).
المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان بالأردن، همام سعيد، ألقى كلمة بعنوان "العمل الجماعي" عند الإخوان، وهي محاولات وفق مجلة (أحوال) التركية، كشفت الوضع المتأزم للجماعة، والحالة التي آلت إليها بعدما باتت في معزل عن المجتمع بأسره، بالإضافة إلى كونها محاولة بائسة لاستجداء الدعم والمساندة، وإعادة تصدير صورتها تحت شعارات السلمية.
من جانبها، كشفت دار الإفتاء المصرية، في بيان رسمي أهداف الجماعة من المؤتمر، مشدّدة على أنّه يندرج ضمن محاولاتها "لإعادة بث الروح في مشروعها المنتهي وجذب أنصار جدّد بعد أن انفض عنها الكثيرون ممن انخدعوا بمشروعها الوهمي وكشفوا زيف رموزها".

اقرأ أيضاً: مؤتمر الإخوان: استعراض التماسك لا يبدد الانشقاقات
وقالت دار الإفتاء، على موقعها الإلكتروني: إنّ الجماعة ما زالت تصر على خلط المنهج الديني بالسياسي واللعب بورقة الفتوى الدينية لشرعنة العنف والإرهاب، خاصة أنّ إبراهيم منير أكد ذلك في كلمته بالمؤتمر، الأمر الذي يبرهن على استغلال الدين من قبل الجماعة، وجعله مطية للوصول إلى الحكم وتحقيق مصالحها ومصالح قادتها.

 

تجمّع إسطنبول.. لماذا؟
كان واضحاً أنّ من أهم الأسباب لهذا التجمع الذي أقيم في إسطنبول هو انتقال الجماعة مؤخراً من فشل إلى آخر، بعد أن كشفت أحداث السنوات الخمس الماضية تلبس منهج الجماعة بالعنف، ما أدى إلى حالة العجز والتخبط وتشوش الأهداف والوسائل، وأثمرت ما يعانيه التنظيم الآن من عدد من المنسحبين والمتفلتين والمنشقين، الذين اتهموا قيادات بالفساد المالي والإداري، لتدخل تركيا كالعادة على الخط، عبر هذا المؤتمر من أجل عرض رؤية الجماعة لبناء الدول، في الوقت الذي هي تقوم فيه بهدم كثير من الدول!

دار الإفتاء المصرية: الجماعة مازالت تصر على خلط المنهج الديني بالسياسي واللعب بورقة الفتوى الدينية لشرعنة العنف والإرهاب

ووفق ما أورده مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي، فقد كان اللافت في المؤتمر "عرض فكر الجماعة ورؤاها للعديد من القضايا الفكرية والدعوية والمجتمعية والسياسية"، وكأنّ العالم لا يعرف شيئاً عن أفكار حسن البنا ورفاقه، وذلك التاريخ الطويل من العنف في كل من الجزائر ومصر تحديداً؛ ولجوئها إلى ما يعرف بالكفاح المسلح في تلك الدول.
يذكر المرصد في تقريره أنّ "المفارقة الثانية والأكثر إثارة في خطوة الإخوان، تكمن في نية القائمين على التجمع عرض دور الجماعة في "دعم حقوق الشعوب ومناصرة الأقليات المسلمة، ومدى قناعتها بالديمقراطية والتداول السلمي المتحضر للسلطة"، وهو ما يتناقض بطبيعة الحال مع تصرفات الجماعة خلال الثورة السورية، واتهام الإخوان المسلمين بالمسؤولية عن فشل تسويق الثورة على المستوى العالمي والدولي بسبب محاولة السيطرة على مفاصل مؤسسات المعارضة السياسية وأخونتها، مستغلةً الدعم التركي في ذلك.

اقرأ أيضاً: هل غادرت تركيا المركب الإخواني؟
وتعقيباً على ما سبق، قال الصحافي المختص في شؤون الإخوان المسلمين، محمود الطباخ لـ "حفريات": إنّ جماعة الإخوان المسلمين سعت من خلال هذا المؤتمر إلى "الظهور كقوة وطنية رغم أنّهم أطلقوا هذا المؤتمر في تركيا، وتحت رعاية أردوغان الذي يسعى لاستعادة حدود الدولة العثمانية، وتوجهاته كلها ضد السيادة الوطنية للدول العربية".

 

قوة أردوغان الناعمة
رأى مراقبون أنّ الشروخ التي أصابت حزب العدالة والتنمية التركي، والهزيمة التي حاقت به في انتخابات المحليات دفعت أردوغان إلى تسويق جماعات الإسلام السياسي في عدد من الدول العربية، والدفع مجدداً بفروع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين للعودة إلى المشهد السياسي عبر هذا التجمع بعد هزائمه في مصر وليبيا وموريتانيا والسودان، ومن هنا كان هذا التجمع الإخواني الكبير.

اقرأ أيضاً: هل التخلّص من "الإخوان" هو الحل؟
وفي هذا السياق، يقول الكاتب الصحافي المختص في الإسلام السياسي سعيد شعيب: يتضح من دعم تركيا للإخوان أنّ القيادة التركية تسعى للهيمنة على الدول العربية عبر استخدام جماعات إرهابية، وهذه لا تخفيها أنقرة، على حد تعبيره، مضيفاً في  في حديثه لـ "حفريات" أنّ مستشار رجب طيب أردوغان، ياسين أكطاي، قال علناً إنّ "إسقاط الخلافة تسبب في فراغ سياسي في المنطقة، وقد سعى تنظيم الإخوان لأن يكون ممثلاً سياسياً في العالم نيابة عن الأمة، وهي تمثل اليوم ذراعاً للقوة الناعمة لتركيا في العالم العربي، فهذه الجماعة ترحب بالدور التركي في المنطقة، وهم بالتالي ينظرون إلى دورنا على أنّه النائب للخلافة الإسلامية التي تم إسقاطها سابقاً".

رأى مراقبون أنّ انتكاسات أردوغان جعلته يسعى لتسويق جماعات الإسلام السياسي والدفع بها مجدداً إلى المشهد السياسي

وأضاف شعيب أنّه في المقابل يرى الإخوان تركيا ملاذاً آمناً وداعماً مالياً وسياسياً قوياً لهم في الشرق الأوسط وكل مكان في العالم، وكلاهما يستفيد من الآخر، "فأردوغان يستخدمهم كقوة ناعمة، وهم يتنعمون بأمواله بحجة دعم المؤسسات الدعوية الإخوانية، وقد أراد كلٌّ منهما تسويق رسائل خاصة للداخل التركي أو للخارج، أنّ التحالف بينهما مستمر".
وهذا ما يذهب إليه الأمين العام للمجتمعات المسلمة، الدكتور محمد البشاري، الذي يرى، في حديثه لـ"حفريات" أنّ "مؤتمرات الوسطية، وتلك المنتديات المروِّجة لما يسمى الوسطية، بما فيها هذا المؤتمر لا مستقبل لها، لكنها تأتي الآن وفق الخطة الجديدة للجماعة لتسويق نفسها خارج المجتمعات الشرق أوسطية".

اقرأ أيضاً: حزب الإصلاح يظهر هيمنة الإخوان على قرارات حكومة اليمن
ووفق تقرير لمجلة (أحوال) التركية فإنّ هدف الإخوان الآن في تركيا، حتى لا يبدو مصيرهم مرتبطاً بمصير أردوغان أو تحت رحمة تحولاته الحادة، هو "تحويل عملية الأسلمة التي ينتهجها نظامه إلى عمل لا يمكن النكوص عنه، وتدعيم التحول لسلطنة إسلامية دائمة قابلة لتكون محضناً لهم يقيهم غوائل ما يتعرضون له من نكبات، والوضع الذي تشكل أخيراً في تركيا يتوافق مع رغبات الإسلام السياسي، كتيار يوظف الازدواجية في علاقة الدولة بالإسلام محققاً أرباحاً ليست بالقليلة".
رغم أنّ مؤتمر الإخوان ناقش عدداً من الموضوعات الساعية لإعادة جمع شمل الجماعة بعدما تلقت العديد من الضربات التي أفقدتها قوتها، تحت عنوان "الرؤية والتغيير"، إلا أنّ الطرح لم يصحبه تغيير يذكر، وهو ما يعبر عنه خير تعبير ما أثاره عدد من قيادات الجماعة الشابة، ومنهم محمد البشلاوي، الذي قال في كلمته، إنّ غياب عنصر الشباب عن حضور المؤتمر أو تفاعلهم داخل مؤسسات الجماعة، كان واضحاً، كما تساءل مستشار الجماعة الديني عصام تليمة: ما ملامح المشروع الذي يطرحه الإخوان؟ وما التحديات والأخطار التي تحيط بهذا المشروع؟ وهل هناك فرص متاحة لنجاحه على أرض الواقع؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية