لماذا يصف مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد إيران براعية الإرهاب العالمي؟

أمريكا

لماذا يصف مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد إيران براعية الإرهاب العالمي؟


22/09/2019

في تحليلٍ عميق لكراهية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لمستشاريه وتحديداً في شؤون الأمن القومي، نشر "حفريات" الأسبوع الماضي قراءة لمعلقين أمريكيين رأوا في الإقالات الذي راح ضحيتها 3 مستشارين شغلوا المنصب وآخرهم جون بولتون، كراهية من ترامب للمنصب ذاته، لجهة أنّه يعتبر نفسه أفضل من الجنرالات والسياسيين.

اقرأ أيضاً: كيف انعكست إقالة بولتون على سياسات ترامب الخارجية؟
وانطلاقاً من هذه الرؤية يمكن قراءة إعلان ترامب الأربعاء تعيين المسؤول في وزارة الخارجية روبرت أوبراين مستشاراً للأمن القومي، وهو ما أشارت إليه صحيفة "يو أس إيه توداي" بالقول إنّ اختيار أوبراين لهذه المهمة يعتبر تقليلاً من أهمية هذا المنصب، وهو المعنى ذاته الذي أكّده نيد برايس، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما بقوله إنّ "ترامب بعد تحمله تجربة بولتون لا يريد شخصيةً قوية أو أيديولوجية في منصب مستشار الأمن القومي".
وعلى النقيض من بولتون الذي اتهمه ترامب بأنّه "لم يكن منسجماً" مع أعضاء في إدارته، يقول مسؤولون إنّ أوبراين معروفٌ بعلاقاته الجيدة مع زملائه في وزارتي الخارجية والدفاع (البنتاغون)، بينما وصفه مسؤول في الإدارة الأمريكية عبر تصريح لـ "وشنطن بوست" بكونه صاحب "سلوك ودي" على عكس بولتون الهجومي الفظ، رغم أنّ أوبراين لا يتوانى في التشدّد بالملف الإيراني واصفاً طهران بأنّها "راعية الإرهاب" في العالم.
بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق

مدى نفوذ بومبيو
تعيين أوبراين يشير أيضاً إلى مدى النفوذ الذي يتمتع به وزير الخارجية، مايك بومبيو، الذي هو في الوقت الحالي رئيسٌ لأوبراين حتى قبل يومين، عبر كون الأخير مبعوثاً رئاسياً خاصاً لشؤون الرهائن في وزارة الخارجية، ويقدّم من خلال هذا المنصب استشارات للقيادة في ما يتعلق بالمسائل المتعلقة بالرهائن حول العالم ويعمل على تطوير إستراتيجيات التعامل مع قضايا الرهائن.

ترامب بعد تحمله تجربة بولتون لا يريد شخصيةً قوية أو أيديولوجية في منصب مستشار الأمن القومي

في بداية مسيرته المهنية، كما يُظهر موقع وزارة الخارجية الأمريكية، كان أوبراين مسؤولاً قانونياً في لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي وجهت اتهامات للعراق بعد حرب الخليج 1991.
وأهّلته خبرته العسكرية والقانونية لتقلّد مناصب رفيعة في الحكومة الأمريكية خلال عهود الرؤساء جورج بوش الابن، وباراك أوباما، وترامب؛ فهو جنرال سابق في قوات الاحتياطي التابعة للبحرية الأمريكية، ومحام تخرّج في جامعة كاليفورنيا (بركلي).
وضمن برنامج تابع لوزارة الخارجية الأمريكية، درّب أوبراين قضاة ومحامين ومدعين عامين في أفغانستان في إطار جهود الحكومة الأفغانية لإصلاح النظام القضائي، وساعد طلاب القانون الأفغان على الالتحاق بالجامعات الأمريكية.
اختاره الرئيس الأسبق بوش الابن ليكون ممثلاً للولايات المتحدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005 وتم التصديق على تعيينه في مجلس الشيوخ، ليعمل إلى جانب جون بولتون الذي كان سفيراً لوشنطن في الأمم المتحدة.
بين عامي 2008 و2011، تم اختياره عضواً في اللجنة الاستشارية للملكية الثقافية التي تقدم استشارات للحكومة الفيدرالية الأمريكية فيما يتعلق بتهريب الآثار وغيرها من الممتلكات الثقافية.
محرّر الرهائن
وقد برز اسمه خلال الأسابيع الماضية لدوره في إطلاق سراح مغني الراب الأمريكي إيساب روكي الذي اعتقل في السويد بتهمة اعتداء. روكي كان قد دين بالسجن في القضية مع وقف التنفيذ، وتم تأمين عودته سالماً بعد تسوية القضية بتدخل من ترامب الذي أوفد مبعوثه أوبراين لحل القضية.

اقرأ أيضاً: من بين دخان أرامكو.. بولتون حين ينظر بسخرية إلى ترامب
سياسياً، عمل أوبراين أيضاً ضمن الفريق الاستشاري الخاص بالسياسة الخارجية والأمن القومي في حملة المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية ميت رومني عام 2012 الذي خسر السباق لصالح أوباما، كما عمل أيضاً مستشاراً للسياسة الخارجية والأمن القومي للحاكم السابق لولاية ويسكنسون سكوت ووكر في عام 2015.
في 2016، أنشأ شركة "لارسن أوبراين" القانونية إلى جانب القاضي الفيدرالي السابق ستيفن لارسن في مدينة لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا، والتي يتركز نشاطها على أمور التقاضي والتحكيم الدولي، لما يتمتع به أوبراين من خبرة في هذا المجال (أكثر من 20 مرافعة حول العالم).
أوبراين معروفٌ بعلاقاته الجيدة مع زملائه في وزارتي الخارجية والدفاع

يفهم أماكن الخطر في العالم
عن أوبراين، قال السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام: "يفهم أماكن الخطر في العالم ويتمتع بمهارات تفاوضية كبيرة بصفته مفاوضنا لشؤون الرهائن".
ويأتي تعيين أوبراين في وقت تبدو فيه واشنطن مشغولة بملفات أهمها السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، وتصاعد التوتر مع إيران، والحرب التجارية مع الصين، وملف إحلال السلام في أفغانستان.

اقرأ أيضاً: بولتون و"العمل المستحيل" مع ترامب: كوريا وإيران أم شاربه الكث؟
وفي الملف الأكثر خطورة؛ حيث يلقي المسؤولون الأمريكيون والسعوديون باللوم على إيران في هجمات نهاية الأسبوع الماضي على مصانع نفط كبرى التابعة لـ "أرامكو"، وهو ما تنفيه طهران، يبدو تعيين أوبراين تعزيزاً للكثير من ميول الإدارة، فهو كان ينتقد بشدة قرارات الرئيس السابق أوباما المتعلقة بالسياسة الخارجية، ولا سيما الاتفاق النووي الإيراني المهم لعام 2015، والذي سحب ترامب الولايات المتحدة منه العام الماضي.
وفي سلسلة من المقالات، نُشرت في كتاب العام 2016 بعنوان "بينما تنام أمريكا: استعادة القيادة الأمريكية في عالم مأزوم" وصف أوبراين صفقة الاتفاق النووي، التي تم التفاوض عليها في عهد أوباما، بأنّها "كارثة صفقة إيران"، واصفاً إيران بأنّها "أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم".
كان أوبراين قد وضع قيد الدراسة من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب للعمل كوزير للبحرية

إضفاء الشرعية على برنامج إيران النووي!!
وكتب أوبراين "بالإضافة إلى إضفاء الشرعية على برنامج إيران النووي "السلمي" المفترض، فإنّ الصفقة ستؤدي على الأرجح إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط" شارحاً بقوله "من الصعب أن نتخيل أنّ الدول السنية مثل مصر وتركيا، وخاصة المملكة العربية السعودية، لن تبدأ على الفور عملية شراء الأسلحة النووية من قبلها مباشرةً أو من دولة ثالثة متعاطفة معها مثل باكستان لمواجهة إيران، والتي ستكون في جوهرها دولة نووية معترفاً بها دولياً".

في كتابه "بينما تنام أمريكا: استعادة القيادة الأمريكية في عالم مأزوم" وصف أوبراين صفقة الاتفاق النووي مع إيران بالكارثة

كما حذر أوبراين في الكتاب من "الجهود السريعة للصين في تأسيس نفسها كقوةٍ بحرية كبرى في شرق المحيطين؛ الهادي والهندي".
وُلد أوبراين في لوس أنجلوس، ودرس في مدرسة الكاردينال نيومان الثانوية في سانتا روزا، بولاية كاليفورنيا التي حصل على شهادة البكالوريوس من جامعتها وتم قبوله بنقابة المحامين فيها العام 1991.
من الأعوام 1996-1998، كان أوبراين مسؤولاً قانونياً في لجنة تعويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في جنيف بسويسرا؛ حيث كان مسؤولاً عن مراجعة وتجهيز مليارات الدولارات في المطالبات الدولية الناتجة عن غزو العراق 1990-1991 واحتلال الكويت.
كان أوبراين مراقباً ضمن فريق "مجلس المحيط الهادئ للسياسة الدولية" في جلسات الاستماع التمهيدية لمحاكمة العقل المدبر لهجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، خالد شيخ محمد، في معتقل خليج غوانتنامو حيث القاعدة الأمريكية بكوبا في حزيران (يونيو) 2014.
القديس الأعلى رتبة
عمل أوبراين في وفد "المعهد الجمهوري الدولي" الذي راقب الانتخابات البرلمانية بأوكرانيا في تشرين الأول (أكتوبر) 2015.
في عام 2017، كان أوبراين قد وضع قيد الدراسة من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب للعمل كوزير للبحرية، بوصفه "المرشح المثالي لضمان استمرار الهيمنة الأمريكية على أعالي البحار"، لكن العمل الحقيقي مع الإدارة كان في 10 أيار  (مايو) 2018، حين قام الرئيس ترامب بتعيين أوبراين كمبعوث رئاسي خاص لشؤون الرهائن بمنصب سفير.
أوبراين كاثوليكي، تحوّل في العشرينيات من عمره إلى "كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة" التي تأسست العام 1838 وباتت تعرف اليوم بـ "كنيسة يسوع المسيح". وبعد تعيينه مستشاراً للأمن القومي للرئيس ترامب، أصبح "القديس الأعلى رتبة" في حكومة الولايات المتحدة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية