بعد زيارة عبد المهدي للرياض: هل ينأى العراق بنفسه عن محور طهران؟

العراق

بعد زيارة عبد المهدي للرياض: هل ينأى العراق بنفسه عن محور طهران؟


01/10/2019

طالب ساسة ومراقبون ومثقفون عراقيون، بأن ترتقي حكومة عادل عبد المهدي بمستوى العلاقات الدولية للبلاد، رافضين مبدأ التخندق "السياسي" ضمن محاور ضيقة تعيق الاتصال الدبلوماسي مع العالم، جاء ذلك على خلفية زيارة رئيس الحكومة العراقية إلى المملكة العربية السعودية، في الخامس والعشرين من أيلول (سبتمبر) الجاري.

عبد المهدي: لقينا استجابة طيبة من لقائنا المكثف مع الملك سلمان بن عبد العزيز ونتطلع للتقدم في علاقات البلدين

وكان عبد المهدي قد التقى بالملك سلمان بن عبد العزيز، في مدينة جدة، الأربعاء الماضي، وناقش الجانبان العلاقات الثنائية بين العراق والسعودية، كما استعرض الطرفان مستجدات الأحداث في المنطقة، بما في ذلك الاعتداء التخريبي الذي تعرضت له منشآت نفطية في بقيق وخريص، مؤخراً.

وتشهد العلاقات العراقية العربية تذبذباً في جانبها الدبلوماسي، منذ تسنّم حزب الدعوة الإسلامية، بزعامة نوري المالكي، رئاسة الحكومات العراقية السابقة، العام 2005، جراء ميل السياسة الرسمية إلى الجانب الإيراني، على أساس التخندقات الطائفية التي طغت على الواقع العراقي، بعد عام 2003، فيما عاود العراق تحسين علاقاته الدبلوماسية بالمنطقة، بعد مجيء حكومة حيدر العبادي، عام 2014، وما تلاها من دعم دولي وعربي للجهود العراقية في الانتصار على داعش.
جانب من لقاء عبدالمهدي والملك سلمان في مدينة جدة

عبد المهدي والمحادثات البناءة
لدى عودته للعراق؛ كشف رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، فحوى محادثاتهِ مع الجانب السعودي، مشيراً إلى استعراض الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية المشتركة بين البلدين. وقال عبد المهدي: "لقينا استجابة طيبة جداً في لقاءاتنا المكثفة مع الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان".

مراقبون عراقيون: من الممكن للعراق أن يلعب دوراً في تهدئة الأوضاع بين الرياض وطهران وواشنطن

وأضاف رئيس الوزراء العراقي: "وضعنا بعض التصورات حول كيفية إيجاد حلول تساعد البلدين على التقدم في علاقاتهما، خصوصاً في مجالي النفط والتبادل التجاري، وكذلك للتهدئة في أوضاع المنطقة ومنع شرور الحرب فيها".
وتابع: "نحن أقرب إلى التفاؤل للمضي قدماً باتجاهات حلحلة الأوضاع، ومنع حدوث أيّ صِدام أو احتمالات لنشوب اقتتال أو حرب في المنطقة"، موضحاً أنّ "الكلّ لا يريدون الحرب، ويريدون التهدئة، لكنّ الأوضاع صعبة ومعقدة".
ودعا عبد المهدي إلى التحلي بالصبر قائلاً: "يجب أن نكون صبورين ونسعى لإيجاد مفاتيح وأبواب وحلول مقبولة لكلّ الأطراف".
وساطة لحلحلة الأزمة بين الرياض وطهران
وفي هذا الإطار؛ أكّد مراقبون عراقيون ضرورة أن يلعب العراق دوراً في تقريب وجهات النظر بعد تصاعد الأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، داعين إلى محاولات أخرى وجدية، للتهدئة بين المملكة العربية السعودية وإيران.

اقرأ أيضاً: العراق ومحنة الميليشيات
وقال مستشار مركز العراق للدراسات الإستراتيجية، الدكتور غازي الفيصل: إنّ "العراق يجب أن يستثمر موقعه الجغرافي والسياسي في المنطقة، لاستثماره في حلّ النزاعات الدولية القائمة حوله"، مبيناً أنّ "زيارة رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، إلى الرياض، تصبّ في هذا الإطار، خاصة بعد استهداف (أرامكو)".

اقرأ أيضاً: العراق... شحيح على مبدعيه كريم على ناهبيه وقتلته!
ويضيف الفيصل لـ "حفريات": "العراق يسعى لعقد مؤتمر إقليمي، يمكن أن تلعب مصر دوراً مهمّاً فيه، لكن لا توجد ضمانات لمشاركة كلّ من السعودية والإمارات، في هكذا مبادرة؛ على اعتبار أنّ إيران هي من تمارس سياسة الهيمنة على بعض دول المنطقة"، مشدداً على أهمية "إجهاض محاولات زجّ العراق في حرب كبرى، في ظلّ محاولات قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، تهيئة مسرح العمليات العسكرية، في كلّ من العراق وسوريا ولبنان واليمن".

محاولات للنأي عمّا يسمى "محور الممانعة"
بدوره، رأى السياسي العراقي، هاشم الحبوبي؛ أنّ "الزيارة التي قام بها عبد المهدي إلى السعودية قبل أيام، هي محاولة لنأي الحكومة العراقية بنفسها عن إيران"، وفق تعبيره.
وقال الحبوبي لـ "حفريات" إنّ "الزيارة سياسية أكثر مما هي اقتصادية أو استثمارية؛ لأنّ الجانب الاقتصادي اكتملت أوجهه، وتمّ الاتفاق عليه من قبل الجانبَين؛ السعودي والعراقي"، لافتاً إلى أنّ "هناك رغبة سياسية انطلقت من العراق والسعودية بأن تتوحّد الأفكار والرؤى، وأن تتلاقح فيما بينها ليكون هناك امتداد عراقي سعودي متين، ومن ثم يمتد إلى بقية الدول الأخرى".

اقرأ أيضاً: هيكلة الحشد العراقي.. محاولة إيرانية لإنقاذ الميليشيات
ويرى الحبوبي أنّ "الوقوف مع طهران والتحركات الإيرانية داخل العراق، أضعف المشهد السياسي العراقي، مما دفع العراق إلى إعادة تقوية علاقته مع السعودية"، موضحاً أنّ "الحكومة العراقية تحاول أن تبعث برسالة واضحة للعالم مفادها أنّ العراق لا بدّ أن يرجع إلى الحضن العربي، وأن تكون هناك علاقات طيبة تستند إلى المصالح المشتركة بينه وبين السعودية".
وخلص الحبوبي إلى أنّه "إذا بقي العراق مستنداً في علاقاته الخارجية إلى طهران، فإنه سيفقد الكثير من العلاقات التي لها عمق اقتصادي وسياسي واجتماعي وديني".
تساؤلات سياسية حيال قدرة عبدالمهدي على تحييد العراق في الصراع الإيراني الغربي

العراق وضرورة العودة للدور الريادي
وفي السياق ذاته؛ أكّدت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، أنّ المنطقة لا تحتمل المزيد من الحروب والمعارك، فيما لفتت إلى أنّ زيارة رئيس الوزراء إلى المملكة العربية السعودية كانت "ناجحة"، وستعقبها زيارة إلى إيران.
وقال عضو اللجنة، حاكم الزاملي، لـ "حفريات": "المنطقة ملتهبة، وهناك أطراف تسعى لخلق صراعات وفتن بالمنطقة، بالتالي؛ فإنّ دخول العراق كمحور تهدئة لنزع فتيل الأزمة هو أمر مهمّ وضروري"، مبيناً أنّ "زيارة رئيس الوزراء الناجحة للمملكة العربية السعودية ستعقبها زيارة إلى إيران".

اقرأ أيضاً: هل ترفع المرجعية الدينية الشيعية الشرعية عن الحكومة العراقية؟
وأضاف الزاملي: "العراق لاعب أساسي بالمنطقة، ودوره فعّال، وعاد إلى دوره الريادي"، مشيراً إلى أنّ "التهدئة هي الحلّ الأمثل؛، لأنّ حصول أيّة معركة، أو حرب، لن تنفع أيّ طرف، والمنطقة لا تتحمل المزيد من الحروب، والعراق يريد الاستقرار، وهو الأمر الذي تبناه رئيس الوزراء خلال زياراته لدول المنطقة".
المطالبة بسياسة عراقية متوازنة
أما الكاتب والمحلل السياسي، مؤيد الونداوي، فدعا الحكومة العراقية إلى وضع "مصلحة البلاد العليا" في التعاطي مع دول الجوار، مشيراً إلى ضرورة ضبط الموقف الوطني حيال أزمات الخارج.

سياسي عراقي لـ "حفريات": الوقوف مع طهران أضعف المشهد السياسي العراقي.. والحكومة مطالبة بسياسة النأي عن إيران

وأكّد لـ "حفريات"؛ أنّ "من مصلحة العراق إقامة علاقات طبيعية مع السعودية، وهي مصلحة عليا، وليست غير ذلك"، مبيناً أنّ "تلك العلاقات تساعد العراق في تحسين أوضاعه، فيِ أكثر من مجال وميدان، وألّا يُزجّ العراق في الخلافات التي حصلت بين عدد من الدول العربية وقطر، التي يتّهمها العراق أيضاً، ومنذ وقت طويل، بأنّها تدعم الإرهاب فيه".
وأشار المحلل السياسي العراقي إلى أنّ "السعودية تريد عراقاً موحداً مستقراً بحكومة قادرة على تطبيق المساواة بين جميع مكوناته تنتهج سياسة إقليمية متوازنة"، مضيفاً "السعودية لا تخفي سعيها لتشجيع المكون السنّي لينتج قيادة واضحة تحظي باحترام ودعم دولي".
وتساءل الونداوي: "هل يستطيع الوفد العراقي العائد من السعودية أن يجعل العراقيين أكثر تطلعاً لعلاقات طيبة بين البلدين، أم إنّه سرعان ما ستنجح التيارات الموالية لإيران في تخريب ما سينجم عن زيارته هذه؟".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية