عزلة تركيا التي تمهد لسقوط أردوغان

عزلة تركيا التي تمهد لسقوط أردوغان


15/10/2019

فاروق يوسف

لا أحد في إمكانه أن يفسر لمَ يصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن يكون سيئاً في سلوكه السياسي.

كان يوما ما قد حلم بأن يكون سلطانا يكمل مسيرة أجداده العثمانيين بسبب نجاحات اقتصادية لم يصنعها الهمته الغرور والعنجهية والتعالي، غير أن انكماشا شهده الاقتصاد التركي بسبب سياساته السيئة سد الطريق أمامه ودفعه الى التقهقر بحيث صار حزبه يمنى بالهزيمة تلو الأخرى وهو ما تُوج بخروج بلدية اسطنبول من قبضته.

استعراضات اردوغان كانت دائما تشهد على ما ينطوي عليه تفكيره من هراء طفولي أحمق. فالرجل الذي مارس الابتزاز غير مرة في حق جهات عالمية مختلفة دفع بتركيا إلى أن تكون موضع ريبة وشك من قبل حلفائها في حلف الناتو أولا.

فهو وإن كان لا يتردد في التذكير بأن بلاده عضو في الحلف العسكري الغربي فإنه غالبا ما أغضب أعضاء مهمين في ذلك الحلف بحيث صار أشبه بالخصم الذي يجب أخذ الحيطة منه.

لم يتعلم اردوغان أي درس من تخلي حلفائه الغربيين عنه في غير مناسبة.

الأنكى من ذلك أنه لم يتعلم شيئا من الدرس الأميركي الذي أطاح باقتصاده وجعل سعر صرف الليرة التركية في مهب الريح.

جنون اردوغان الاستعراضي قاده أخيرا إلى غزو سوريا مستغلا سحب الولايات المتحدة قواتها من المنطقة التي كانت تحت حمايتها.

وإذا ما كان ترامب قد تخلى عن الأكراد في لحظة تهور ولأسباب مبهمة فإنه لم يتردد في أن يهدد بتدمير الاقتصاد إذا ما قامت تركيا بعدوانها.

اليوم وبعد أن ارتكبت القوات التركية وقوات المرتزقة التابعة لها جرائم ضد الإنسانية في المناطق التي اجتاحتها فإن موقف المجتمع الدولي ينبغي أن يكون واضحا من غير الدخول في خلافات تتعلق بالنظام السوري الذي يجب أن ينحى الموقف منه جانبا في مواجهة الجرائم الذي ترتكبها القوات التركية ومرتزقتها في حق المدنيين من سكان المدن المستباحة.

فسلوك القيادة الكردية شيء وحماية مصير المدنيين شيء آخر.

ثم ما هو الخطأ في أن تلجأ قيادة قوات سوريا الديمقراطية إلى ابرام اتفاق مع حكومة دمشق يتيح للقوات السورية الدخول في المدن الكردية وحمايتها؟

لقد فعل الأكراد ما كان عليهم أن يفعلوه منذ سنوات.

لذلك فإن فرض عقوبات اقتصادية على تركيا ينبغي أن لا يخضع لقرار أوروبا بمقاطعة الحكومة السورية. وهو ما يجب أن تفهمه أوروبا وهي تتعامل مع قضية إنسانية تتعلق بمصير مئات الالاف من البشر.
اما على الصعيد الأميركي فإن العقوبات ستكون سلاحا فتاكا لن يقوى الاقتصاد التركي على مقاومته هذه المرة. 

إن تعرض الليرة التركية لانهيار جديد لابد أن يعصف بحكومة السيد اردوغان. وإذا ما كان الانهيار السابق قد أدى إلى أن تهتز صورته وتضعف شعبية حزبه فإن الانهيار الجديد سيخرجه من المشهد السياسي نهائيا وهو ما سيعمل معارضوه على إنجازه باعتباره جزءا من مشروعهم الانتخابي.

بغض النظر عن انتماء تركيا إلى حلف الناتو فإن الدول العضوة في ذلك الحلف ستعمل على التبرؤ من عارها وذلك من خلال عزلها. فليس من الأخلاقي أن تساهم تلك الدول بأسلحتها التي تستوردها تركيا في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

كما أن الولايات المتحدة لن تتحمل المسؤولية عن تلك الجرائم باعتبارها أعطت الضوء الأخضر لتركيا للقيام بغزوتها حين سحبت قواتها من شمال شرق سوريا. سيكون من الصعب التملص من تلك المسؤولية ودحضها إذا لم تقم الولايات المتحدة بإجراء عقابي تؤكد من خلالها موقفها المنحاز إلى جانب الضحايا.  

لذلك فإن اردوغان سيخرج من غزوته مهزوما حين يدفع بتركيا إلى العزلة الدولية التي ستكون سببا مقنعا لسقوطه.

عن "ميدل إيست أونلاين"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية