الاحتلال الإسرائيلي يطمس هوية القدس المحتلة بتشييد قبور وهمية

فلسطين

الاحتلال الإسرائيلي يطمس هوية القدس المحتلة بتشييد قبور وهمية


23/10/2019

منذ احتلال الأراضي الفلسطينية، عام 1948، يسعى الاحتلال الإسرائيلي لتعزيز وجوده في مدينة القدس المحتلة وتهوديها، من خلال الإجراءات التعسفية بحقّ سكانها، فبعد فرض الضرائب، وهدم المنازل وإبعاد السكان والإعدامات الميدانية، فرض الإسرائيليون حقائق على الأرض من الصعب إزالتها أو تحديها، من أجل ترسيخ وجودهم في مدينة القدس المحتلة.
واستغل الاحتلال الإسرائيلي المقبرة، التي تمّ استئجارها من الوالي العثماني قبل أكثر من 110 أعوام في القدس الشرقية، الواقعة على سفح جبل الزيتون، المطلّ على البلدة القديمة بمدينة القدس، وبدأ بتوسعتها حتى أصبحت أكبر مقبرة يهودية في المدينة المحتلة، وتضمّ رفات حوالي ربع مليون يهودي.

حنا عيسى: يواصل الصهاينة تنفيذ وتفنيد مزاعمهم ورواياتهم التلمودية في مدينة القدس لطمس هوية مدينة القدس الإسلامية

وضاعفت السلطات الإسرائيلية مساحة تلك الأرض، وحرصت على دفن كافة اليهود في "إسرائيل" بداخلها، بسبب "قدسيتها بحسب معتقداتهم"، وبعد امتلائها وعدم اتساعها لاستقبال مزيد من الموتى، نتيجة إقبال اليهود المتدينين على دفن موتاهم قرب ما يعتقدون أنّه "بداية الصراط المستقيم إلى يوم القيامة"، وما يسمّونه "جبل الهيكل".
ولترسيخ الوجود اليهودي في مدينة القدس؛ أقدمت السلطات الإسرائيلية على بناء مقبرة ضخمة جديدة أسفل المقبرة القديمة، وتبلغ مساحتها ما يزيد عن 1600 متر مربع، بعمق خمسين متراً، وتتسع لأكثر من 23 ألف قبر، بتكلفة بلغت نحو 90 مليون دولار، من المقرَّر افتتاحها الشهر المقبل، وستكون أول 8000 مقبرة جاهزة للاستخدام.
وتبلغ مساحة مقبرة "هارهزيتيم" أربعمئة دونم، وهي أكبر وأبرز مقبرة يهودية في العالم؛ إذ إنّها تضمّ رفات شخصيات إسرائيلية دينية وسياسية مشهورة، مثل: الكاتب أليعازر بن يهودا، والحاخامين أبراهام كوك وعوبديا بيرتينورو، ورئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن.
الاحتلال يعتدي على مقبرة باب الرحمة

مخططات التهويد
وفي هذا السياق، يقول الأمين العام للمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، حنا عيسى، لـ "حفريات": "تعدّ مدينة القدس محطّ أنظار الاحتلال الإسرائيلي، ويسعى لتهويدها بشتى الطرق والأساليب، فبعد فشله الذريع في تهويدها من خلال المخططات التي نفذها خلال الأعوام الماضية، إلّا أنّه اليوم جاء بحقائق، وأدلة لترسيخ وجودهم في المدينة المقدسة، من خلال بناء مقبرة أرضية أسفل المقبرة اليهودية على سفح جبل الزيتون".
ويضيف: "تلك المقبرة لم تكن ملكاً لليهود، بل هي أرض فلسطينية منحهم إياها الوالي العثماني آنذاك، كونهم أقلية لا يبدو عليهم أيّ طموح، لذلك سمح لهم بدفن موتاهم، ضمن ما يسمى "التحكير"، وكان عقد الإيجار لمدة 100 عام، لكنّهم استغلوا تلك المقبرة، وقاموا بتوسعتها شيئاً فشيئاً، حتى باتت من أكثر المقابر التي يدفنون بها موتاهم، خاصة المتدينين".

اقرأ أيضاً: مرضى قطاع غزة لم تقتلهم إسرائيل بالرصاص بل بالمنع من العلاج
يتابع: "يواصل الصهاينة تنفيذ وتفنيد مزاعمهم ورواياتهم التلمودية في مدينة القدس، لطمس هوية مدينة القدس الإسلامية، ويجب منعهم من تنفيذ تلك المخططات، وإلزامهم بتطبيق الاتفاقيات التي تدعو إلى الحفاظ على المناطق الأثرية، وعدم إجراء أيّ تغيير على معالمها".
حماية المقدسات الإسلامية
ودعا الأمين العام للمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية، للتحرك بشكل سريع لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، ومدينة القدس بأكملها من مخطط تهويدي ضخم يستهدفها".

اقرأ أيضاً: هل ينجح مخطط الهجرة الطوعية في إفراغ قطاع غزة من سكانه؟
وفي السياق ذاته، يقول رئيس لجنة مقاومة الجدار والاستيطان في القدس، خضر سلامة، في حديثه لـ "حفريات" إنّ الاحتلال الإسرائيلي يعكف على "تهويد كلّ شبر في أرض فلسطين التاريخية، ليثبت حقّه فيها، وأنّ تلك الأرض لهم، والآن يتم تشييد مقبرة يهودية كبيرة تحت الأرض لسدّ النقص في دفن اليهود، لكنّنا نرى أنّ الأرض وما فوقها وما تحتها هي للشعب الفلسطيني، وأنّ الاحتلال، مهما طال الزمان، سينتهي وسيعود الحقّ لأصحابه".
ويضيف: "في الوقت الذي يُشيّد فيه الصهاينة مقبرة مبتكرة لهم، يعتدون على مقبرة "مأمن الله" في القدس الغربية، وفيها العديد من الصحابة، وأيضاً الاعتداءات المستمرة على مقبرة "باب الرحمة"، وهي من أقدم المقابر الإسلامية في القدس، ويعود تاريخها إلى 1400 عام، وتضمّ العديد من قبور الصحابة، أبرزهم: عبادة بن الصامت، وشدّاد بن أوس، ومحاولاته سرقة جزء كبير منها لإقامة المشروع التهويدي "القطار الهوائي"".
المقبرة اليهودية بمدينة القدس

تغيير الجغرافيا
ويسعى الاحتلال الإسرائيلي لتغيير الجغرافيا، وإنهاء الوجود الفلسطيني على الأرض التي احتلها عام 1948، ويبتدع من أجل ذلك العديد من القوانين العنصرية، ويخصص الكنيست الإسرائيلي لإقرارها. "الفلسطينيون والعرب لا يمتلكون سوى الشجب والاستنكار، وإصدار البيانات... التصريحات التي لا تجدي نفعاً"، وفق سلامة.

باحث فلسطيني: الفلسطينيون والعرب لا يمتلكون سوى الشجب والاستنكار، وإصدار البيانات والتصريحات التي لا تجدي نفعاً

ويرى عبد الهادي حنتش، المختصّ في شؤون الاستيطان بمدينة القدس؛ أنّه في حال استمرار الصمت إزاء المساعي الإسرائيلية لتهويد مدينة القدس، وتعزيز الوجود اليهودي بها، سوف يأتي اليوم الذي لا يوجد داخل مدينة القدس فلسطيني واحد، وسوف يتم منع غير اليهود من دخولها".
وقال حنتش، في تصريحه لـ "حفريات": "تحاول "إسرائيل" من خلال بناء "المقبرة الأرضية"، تزوير التاريخ وطمس الحقائق، وتضليل الرأي العام بأنّ لهم تاريخ في هذه المنطقة، وأن هذه المقبرة، بحسب ادّعاءاتهم، جزء من الهيكل المزعوم، بالإضافة إلى ذلك تحاول التمهيد لعدد أكبر من المستوطنين لزيارة وتدنيس المسجد الأقصى، وتخريب بنيته التحتية مما يؤدي إلى هدمه؛ حيث إنّ هناك جهات صهيونية عديدة تطالب بذلك منذ فترة طويلة".
المقبرة الأرضية الجديدة

تفعيل المقاومة الشعبية
وشدّد: "حان الوقت لوقف كافة محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتهويد الأراضي الفلسطينية، وعلى رأسها مدينة القدس، وتفعيل المقاومة الشعبية في كافة أنحاء الأراضي الفلسطينية، وإفساح المجال أمام الشباب للدفاع عن أرضهم ومقدساتهم، واتخاذ قرارات وخطوات سياسية عملية وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، ومع "إسرائيل" لوقف مثل هذه الجرائم، لأنّ الصمت أدّى إلى تمادي الاحتلال في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية".
من جهته، يقول المواطن المقدسي، عبد الرحمن سلواد (68 عاماً)، الذي يسكن بمقربة من محيط المقبرة، لـ "حفريات": "اعتاد الاحتلال الإسرائيلي تضليل الحقائق، ونشر المعلومات الخاطئة، فالمقبرة التي يدّعي أنّها لا تصلح لدفن مزيد من "رفات الصهاينة"، توجد فيها مساحة كبيرة، لكنّهم تعمّدوا بناء قبور وهمية، ووضعوا عليها شواهد قبور قديمة، دون أن تضمّ بداخلها أشخاصاً متوفين".
ويضيف: "أذكر تلك المقبرة منذ أن كنت صغيراً؛ لقد كانت مساحتها ضيقة جداً، وتوسعت شيئاً فشيئاً، من خلال الاستيلاء على أراضي المواطنين المقدسيين وطردهم منها، حتى أصبحت مئات أضعاف مساحتها الأصلية، التي كانت عليها خلال فترة الحكم العثماني لفلسطين".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية