هل البغدادي ميتاً أخطر منه حياً؟

هل البغدادي ميتاً أخطر منه حياً؟


كاتب ومترجم جزائري
06/11/2019

ترجمة: مدني قصري


في يوم السبت 26 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي؛ قام الجنود الأمريكيون، بمساعدة الأكراد في القوات الديمقراطية السورية، بوضع حدّ لهذا الوجود الذي ظلّ يشكّل تحدياً دائماً للأمن العالمي، قادت عملية كوماندوز، في شمال غرب سوريا "أبو بكر البغدادي" إلى الانتحار، وقتل ثلاثة من أبنائه، الذين اختار الاحتفاظ بهم بالقرب منه، ومن سترته المفخخة، ماذا بقي من داعش في هذه المنطقة التي ظلّ يركض فيها من سوريا إلى العراق؛ حيث كانت رايته السوداء سيّدة قبل وقت قليل؟

اقرأ أيضاً: مقتل البغدادي .. هل هو حقاً ضربة قاتلة لداعش؟
إعلان الأكراد اللاحق، يوم السبت، القضاء على الذراع الأيمن للبغدادي، والمتحدث الرسمي باسم داعش "أبو حسن المهاجر" قد يعيد توزيع الأوراق؛ لذلك إذا كان البغدادي والمهاجر قد قُتِلا بالفعل في اليوم نفسه، فالله يعلم ما يعنيه هذا الحدث لداعش.

بوسوا: البغدادي وهو ميّت أهمّ منه وهو حيٌّ سيسجَّل بالأسطورة الإسلاموية باعتباره واحداً من الشخصيات العظيمة في "الصحوة الجهادية"

لم يكن "الخليفة" المطارَد، خليفة "الدولة" الشبح، المنعزل أكثر فأكثر، والذي قُتل في الأيام الأخيرة خلال غارة أمريكية في سوريا، يملك كثيراً من زعامة رجل مستبد يتحكم بقوة في منظمته الإجرامية، لكنّه، مع ذلك، فرض نفسه كشخصية وصية لداعش، كما أنّه طول عمره على رأس الميليشيا السلفية، سمح له بأن يُلقي في الظلّ أشباحَ "أبو مصعب الزرقاوي" القائد السابق لتنظيم القاعدة في العراق، الأب الشرعي لداعش، أو "أبو عمر البغدادي" سلفه الذي قُتل عام 2010.
في النعي الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، الأحد 27 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ورد أنّ حسام مهدي، وهو مقاتل من مقاتلي داعش، المسجون حالياً في بغداد، والذي رافقه، في معسكر بوكا، حيث كان الاثنان محتجزَين من قِبل الأمريكيين، عام 2004؛ إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي، قبل أن يصبح "أبو بكر البغدادي"، علّق قائلاً: "قُتل "أبو مصعب"، وقُتل "أبو عمر"، لكنّ "أبو بكر" باقٍ على المدى الطويل".
المتحدث الرسمي باسم داعش "أبو حسن المهاجر"

منظمة هجينة
توفّي "أبو بكر البغدادي" في نهاية عملية أمريكية كردية، في شمال غرب سوريا، السبت، لكنّ منظمته باقية ومستمرة، ومع ذلك داعش يعيد التفكير في منهجيته ويراجع نفسه لينجو ويتجاوز نكساته العسكرية.
لقد كان تنظيم داعش منظمة هجينة دائماً، في العلن تُقدّم داعش نفسها كحركة دينية، تحرّكها معتقدات دينية، لكن وراء الكواليس، قام عملاء الاستخبارات البعثيون ذوو الخبرة، بتحويل هذه الصورة الدينية لإقامة دولة بوليسية، مستخدمين الإرهاب الديني في الرعب والترهيب والسيطرة.

اقرأ أيضاً: الصور الأولى لشقيقة زعيم داعش "أبو بكر البغدادي" وزوجها
لكنّ هذا لا يُنقِص شيئاً من مبادرات الزرقاوي والبغدادي، وعلى العكس من ذلك؛ فقد تمكّن هذان الرجلان من تعبئة شعور ديني قوي، أوّلاً في الشرق الأوسط، ثم حول العالم؛ لقد قام أكثر من 40 ألف شخص برحلة الانضمام إلى صفوف داعش، مطعّمين بالمثالية الطوباوية للثورة الدينية، كان البغدادي مثالياً في دوره كخليفة وزعيم ديني.
يعتقد المتفائلون أنّ وفاة البغدادي ستضع داعش في "الخزانة" لمدة شهور، أو حتى أعوام، ويرى هؤلاء المتفائلون أنّ المنظمة سوف تعاني كثيراً لاستعادة الزخم الذي كان البغدادي قد نفخه فيها، وبشكل أكثر واقعية، ستعتمد تداعيات هذا الحدث اعتماداً كبيراً على قدرة السلطات على القبض على قادة الحركة وإبطال خطرهم قبل أن تتاح لهم فرصة الاستقرار والاستمرار.
الخلافة مفتوحة
وهكذا، يسعى داعش إلى مواصلة الحرب، بأشكال مختلفة، مع قوات مقلَّصة ومجزَّأة، ومع ذلك؛ ما تزال المنظمة تهدّد بالازدهار على أرض خصبة من عدم الاستقرار المحلي، لذلك؛ فهي لم تمت، وإن كان موت "أبو بكر البغدادي" يحرمها من رابط رئيس؛ ذلك الذي ينشر سلطة الزعيم بعيداً.

اقرأ أيضاً: بعد مصرع البغدادي: كيف سيولّي داعش قائده الجديد؟
الرجلُ الأكثر مطارَدة في العالم انتهى إلى الأبد، بعد عامين من سقوط الرقة، "العاصمة" السابقة للخلافة التي أعلنها، قُتِل أبو بكر البغدادي، رئيس تنظيم داعش، في عملية عسكرية أمريكية، السبت الماضي، في شمال غرب سوريا، كما أعلن دونالد ترامب، الأحد، من خلال القضاء على زعيم داعش، يكتسب الرئيس الأمريكي انتصاره الكبير في الحرب ضدّ الإرهاب، وهو ما يبرر، في نظره، انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، في 13 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

في العلن يُقدّم داعش نفسه كحركة دينية لكن وراء الكواليس قام عملاء الاستخبارات البعثيون بتحويل هذه الصورة لإقامة دولة بوليسية

ومع ذلك، فحتى من دون "الخليفة"، تظل المنظمة الجهادية نشطة من إندونيسيا إلى شمال نيجيريا، وما تزال تملك القدرة على تنظيم هجمات في جميع أنحاء الغرب.
في المقابلة التالية، التي أجرتها معه صحيفة "لوبوان" الفرنسية، يشرح الباحث الفرنسي، سيباستيان بوسوا، الذي نشر في 5 أيلول (سبتمبر) الماضي، "داعش، البقية"، لماذا يستطيع تنظيم داعش البقاء على قيد الحياة بعد وفاة مؤسسها.
سيباستيان بوسوا، دكتور في العلوم السياسية وباحث في العلاقات الأوروبية-العربية/ الإرهاب والتطرف في الشرق الأوسط، ومحاضر في العلاقات الدولية، ومساعد علمي في "CECID" (جامعة ليبر دي بروكسيل)، ولومان (UQAM مونتريال) و(CPRMV) (مركز الوقاية من التطرف المؤدي إلى العنف/ مونتريال).

أبو مصعب الزرقاوي

هل تمثّل وفاة "أبو بكر البغدادي" ضربة قاضية لداعش؟

من الواضح أنّ القضاء على "أبو بكر البغدادي"، إذا تمّ تأكيده، يمثّل النهاية الثانية للخلافة الإسلامية لداعش، التي أنشأها وجسّدها زعيمها، بعد سقوط الرقة، "عاصمة" تنظيم داعش، في تشرين الأول (أكتوبر) 2017، والآن؛ ما تزال أيديولوجية داعش حاضرة اليوم في أذهان الآلاف من الأفراد، الذين سيتابعون "عمل" البغدادي، موت هذا الأخير لا يغير بشكل جذري هذا المشروع الجهادي؛ فمنذ وقت طويل ورجاله يعرفون أنّه سينتهي في نهاية المطاف.

اقرأ أيضاً: كيف أمكن قتل البغدادي؟

هل تستطيع هالة البغدادي البقاء من بعد وفاته؟
في رأيي؛ "أبو بكر البغدادي" أهمّ بكثير، وهو ميّت، منه وهو حيٌّ، سوف يسجَّل في الأسطورة الإسلاموية باعتباره واحداً من الشخصيات العظيمة في "الصحوة الجهادية"، ما يزال الرجل الذي تمكّن بطريقة ما من إعادة بعث الخلافة، وهي بعثٌ غير مسبوق منذ نهاية الإمبراطورية العثمانية، عام 1923، إنّه أوّل رجل منذ ذلك التاريخ رغب في إعادة توحيد العاصمتين العربيتين التاريخيتين، ألا وهما بغداد ودمشق، في نظر الجهاديين، سيصبح بطلاً في الكفاح من أجل تجسيد هذه الأرض، من خلال رسالته، نجح في إلهام الآلاف من الشباب الذين غادروا بلادهم ومعالمهم للانضمام إلى "الخلافة" وأتباع الخليفة، وهذه بالتأكيد ليست صورة الرجل المطارد التي تخيلها ورسمها دونالد ترامب.
قطع رأس الأفعوان الخرافي الجهادية لا يعني القضاء على الحركة نهائياً

أين هي الحركة الجهادية اليوم؟
قطع رأس الهيدرة (الأفعوان الخرافي) الجهادية لا يعني القضاء على الحركة نهائياً، ففيما كانت جهود العالم منصبّة على القضاء على البغدادي، استطاعت رؤوس أخرى أن تطفو في امتيازات داعش الأخرى، ففيما وراء "الخليفة"، ما تزال الحركات التي تعهّدت بالولاء لداعش موجودة محلياً في أربعين دولة، الطريقة التي تطورت بها الهيدرة الجهادية هذه هي التي تمكّنها من أن تعمل اليوم من دون شخصية وصيّة.
هل أعطى الهجومُ التركي الأخير في سوريا والانسحاب الأمريكي الذي رافقه نفَساً جديداً لداعش؟

اقرأ أيضاً: معلومات جديدة عن مقتل البغدادي
في الواقع، لقد تسبّب الهجوم التركي في سوريا بالفعل في هروب مئات الجهاديين، لكن حتى قبل ذلك، قدّر تقرير لمجلس الأمن الدولي، في أيلول (سبتمبر) الماضي؛ أنّ ما بين 20 إلى 30 ألفاً من أعضاء داعش ما يزالون على قيد الحياة، وعلى استعداد للقتال في أراضي الجهاد الأخرى، كما قدّر المجلس الموارد المالية المتاحة للمنظمة اليوم بـ 50 إلى 300 مليون دولار، لضمان استدامة الحركة، لم يقاتل عددٌ من كبار الجهاديين حتى النهاية في سوريا، وغادروا البلاد لأراضي الجهاد الأخرى قبل سقوط آخر معاقل داعش في الباغوز بسوريا، في شهر آذار (مارس) الماضي، الهدف هو إعادة بعثِ الحركة في أوّل فرصة متاحة.
هل هناك خطر يتعلق بالجهاديين الذين استولى عليهم النظام السوري؟
لديّ معلومات من أجهزة الاستخبارات الأمريكية، والتي أكدها لي مصدر موثوق، أنّ بشار الأسد يمكنه استخدام الجهاديين الذين استعادتهم قواته في سوريا ضدّ أوروبا؛ فالأمر بالنسبة إليه هو التفاوض مع المقاتلين الإسلاميين لحماية الأراضي السورية من التهديد الإرهابي، ثم تسليمهم الأسلحة لضرب أوروبا، وهكذا، سوف يتاح لبشار الأسد الانتقام من الغربيين الذين أتاحوا للعديد من الجهاديين الشباب الذهاب إلى سوريا، من الضروري أن نتذكر أنّ بشار الأسد قد استخدم بالفعل الجهاديين الأجانب بعد سقوط صدام حسين، عام 2003، لمهاجمة القوات الأمريكية التي تحتلّ العراق.

هل ينوي بشار الأسد استخدام هؤلاء الجهاديين كورقة مساومة لتحقيق تطبيع علاقاته مع فرنسا، على سبيل المثال؟
يمكن أن تكون البطاقة الجهادية بمثابة ورقة مساومة بشكل فعال؛ حيث تتّم إعادة دمج بشار الأسد في محفل الأمم، لكن في الواقع هذا ما يحدث الآن، فقد أدرك الغربيون أنّ بشار الأسد صار يتكرّس أكثر من أي وقت مضى في السلطة في سوريا، وأنّه لا بدّ من تطبيع العلاقات معه عاجلاً أم آجلاً.

في ظلّ هذه الظروف؛ هل يجب على فرنسا استعادة الجهاديين الفرنسيين الذين قاتلوا في بلاد الشام؟
أعتقد أنّه ينبغي استعادة الجهاديين إلى سجوننا بدلاً من تركهم في الطبيعة، أو في أيدي القضاء العراقي، الأمر يتعلق بأمننا، لا بدّ من التذكير بأنّ جميع مسؤولي داعش التقوا واجتمعوا في سجن معسكر بوكا، بالعراق؛ حيث سَجنت القواتُ الأمريكية "أبو بكر البغدادي" عام 2004.
الأسد يمكنه استخدام الجهاديين الذين استعادتهم قواته في سوريا ضدّ أوروبا

هل مقتل "أبو بكر البغدادي" سيعزّز تهديدَ هجمات داعش في فرنسا؟
ما يزال خطر الهجمات قائماً، ولا أرى كيف يمكن أن نكون أكثر يقظة، إرهاب داعش الجديد يعني أنّ المنظمة يمكنها أن تُحدِث كثيراً من الضرر، بهجوم يقوم به شخص واحد؛ إنّنا لا نواجه اليوم تهديداً جماعياً، بل أعمال أكثر رمزية تسبّب المزيد من الضرر في النفس الجماعية.
في رأيي؛ لسنا في وضع يكون فيه التهديد المباشر تهديد الجهاديين الذين يمكنهم اختراق فرنسا ليفجروا أنفسهم، لكنّ التهديد الذي نخشاه تهديدُ شبابٍ فرنسيين، ليسوا بالضرورة من أتباع أيديولوجيا داعش، لكنّهم يستلهمون هذه الأيديولوجيا، على سبيل المثال، من الشبكات الاجتماعية، ليتطرّفوا، وكي يُشبِعوا شعوراً بالانتقام. حول هذه النقطة؛ أجد أنّ المنظمة الجهادية قد نجحت في إثارة الحروب الأهلية الصغيرة في مجتمعاتنا، على سبيل المثال؛ نتج عن النقاش الدائر حول عودة الجهاديين في فرنسا تجدّد النقاش الذي لا ينتهي حول الحجاب، والذي يستقطب اليوم بلدنا، والحال أنّ هذا الجدال الآن تمّ الاستيلاء عليه من قبل اليمين المتطرف، ويمكن أن يُغرق الشاب الفرنسيين من معتنقي الإسلام في شعور بعدم الارتياح تجاه الجمهورية، وهذه أرضية خصبة لداعش.
والآن؟
يبدو أنّ داعش تخطط لإعادة بناء نفسها في المناطق غير المتنازع عليها في شمال سوريا، في إدلب وحلب، خارج سيطرة نظام بشار الأسد في دمشق، والقوات الديمقراطية السورية في الشمال الشرقي من سوريا، وحكومة بغداد العراقية.
وهناك تفاؤل ضئيل في أن يؤدي نجاح عملية القضاء على البغدادي، التي اتّسمت بالتعاون الوثيق بين الجيش الأمريكي والقوات الديمقراطية السورية، إلى إقناع الرئيس دونالد ترامب، بالتراجع عن قراره بإنهاء الشراكة مع القوات الديمقراطية السورية، من خلال سحب قواته الخاصة والجوية، المنتشرة في عين المكان.

التهديد الذي نخشاه تهديدُ شبابٍ فرنسيين، ليسوا بالضرورة من أتباع داعش، لكنهم يستلهمون هذه الأيديولوجيا ليُشبِعوا شعوراً بالانتقام

تجدر الإشارة إلى أنّه بالنسبة إلى الاستخبارات الفرنسية "DGSI"، بدأ "أبو بكر البغدادي" صعوده ابتداء من عام 2010، وفق قائد مكافحة الإرهاب في فرنسا؛ ففي عام 2003 تقريباً؛ خلال الغزو الأمريكي للعراق، كانت الجماعات الجهادية قد تنظمت للإطاحة بالحكومة وإعلان نظام إسلامي، تمّ اكتشاف البغدادي في البداية ككادر في جبهة التوحيد والجهاد، التي تأسست، عام 1999، على يد الأردني المتعطش للدم "أبو مصعب الزرقاوي"؛ الذي كان يعدّ الذراع المسلح لبن لادن في العراق وسوريا، بينما كان المصري "أيمن الظواهري" هو المفكر الأيديولوجي للمنظمة.
تعدّ الاستخبارات الفرنسية الزرقاوي مصدر إلهام حقيقياً لطريقة "حكومة" البغدادي؛ فوفق مركز الاستخبارات، تولى "أبو بكر البغدادي" رئاسة "الدولة الإسلامية" في العراق، في أيار (مايو) 2010، بعد وفاة سلفه "أبو عمر البغدادي"، أثناء عملية عسكرية، وابتداء من عام 2011 بدأ تنظيم داعش صعوده، مستفيداً من الحرب الأهلية المستعرة في سوريا، وسّع البغدادي نفوذه من خلال إنشاء جبهة النصرة، وفي عام 2013، أعلن أبو بكر البغدادي اندماج "جبهة النصرة" و"دولة العراق الإسلامية"، التي تشكّل الآن "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، من جانبه؛ ما يزال قائد النصرة مخلصاً للقاعدة.
الولايات المتحدة البلد الأكثر استهدافاً من قبل الهجمات اللاذعة للبغدادي وأتباعه

هل الولايات المتحدة هي البلد الأكثر استهدافاً بالدعاية البغدادية؟
ما تزال الولايات المتحدة البلد الأكثر استهدافاً من قبل الهجمات اللاذعة للبغدادي وأتباعه، لكنّ فرنسا، وفق مؤشر الاستخبارات الفرنسية (DGSI)؛ هي موضوع انتقام معين، بالنسبة إلى البغدادي، باريس عاصمة "الفواحش والانحرافات"، كلّ كراهيته كانت موجهة بالكامل نحو الغرب: "إذا استطعتَ قتل كافر أمريكي، أو أوروبي، خاصة الفرنسيين السيئين والقذرين (...)، فاعتمد على الله واقتله بأيّ شكل من الأشكال، اضرب رأسه بحجر، اذبحه بسكين، اسحقه بسيارته، واقذفه من مكان مرتفع، أو اخنقه أو سمِّمْه".

اقرأ أيضاً: من البنا إلى البغدادي مروراً ببن لادن.. صناعة "الإمام الشهيد"
ووفق الاستخبارات الفرنسية؛ فإنّ منظمة "أبو بكر البغدادي" تسعى لإقناع الناس الذين لا يستطيعون مغادرة الغرب بإعلان الولاء لـ "الدولة الإسلامية"، وبخوض الجهاد في بيوتهم، من خلال إظهار دور المتحوّلين إلى الإسلام من الأوروبيين في مقاطع الفيديو التي يُعِدُّها خصيصاً لغرض دعايته؛ "إنّ استخدام المقاتلين الفرنسيين في منتجات الدعاية يهدف إلى تشجيع المواطنين الفرنسيين، خاصة في السكان الذين اعتنقوا الإسلام، على العمل الجهادي، دون المرور المسبق عبر أرض الجهاد".
"داعش، البقية"
عند كلّ هجوم جديد يتبناه الإرهاب الإسلاموي، نسمع بعض المسؤولين المنتخبين، أو "الخبراء"، يوضحون أنّنا تجاوزنا معظم الخطر مع سقوط داعش في الرقة، عام 2018، وعودة الآلاف من المقاتلين لا يمهّد لأمن القارة القديمة! كما لو أنّ تاريخ العشرين عاماً الماضية أظهر أنّ نهاية أيّة حركة إرهابية، أو إضعافها، كتنظيم القاعدة، على سبيل المثال، لن يترك مجالاً لظهور أيّة هيئة وريثة.
تتمّ إعادة إنشاء قنوات وفروع جديدة ومجموعات جديدة في جميع أنحاء العالم، وكيف يتمّ التعامل مع المقاتلين أو المتعاطفين مع القضية الجهادية العائدين إلى مجتمعاتنا؟ بالعودة إلى تاريخ الحركات الإسلامية وداعش، بشكل خاص، ومع ربط الرأسمالية والعولمة بتطور هذه الأيديولوجيا، يحذّر سيباستيان بوسوا، في كتابه "Daech, la suite" (داعش، البقية) من سذاجة خطيرة.


مصدر الترجمة عن الفرنسية:
lepoint.fr/monde



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية