الإمارات وتكنولوجيا الدفاع... لماذا هي حالة مفيدة للدراسة؟

الإمارات

الإمارات وتكنولوجيا الدفاع... لماذا هي حالة مفيدة للدراسة؟


07/11/2019

دشّنتْ حكومة أبوظبي أول من أمس شركة جديدة باسم "إيدج" ستستثمر في التكنولوجيا الدفاعية. وقال الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب بالشركة، فيصل البناي، في حفل التدشين، إنّ الشركة الجديدة ستستثمر في التكنولوجيات الدفاعية المتطورة، وتأتي بها إلى الأسواق. وستوظف الشركة، وفق وكالة "رويترز" للأنباء، نحو 12 ألف شخص. وقد حضر حفل إطلاق الشركة ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

اقرأ أيضاً: الإمارات إلى المركز الـ 6 عالمياً في احتياطات النفط والغاز.. ما دلالات ذلك؟
ويبدو أنّ تركيز الإمارات على تطوير صناعة دفاعية محلية يُسلّط الضوء على سعيها إلى التحوّل إلى مورِّد للأسلحة إلى الأسواق المتخصصة، كما أفاد تحليل نشرته "كارنيغي" في أيار (مايو) 2019. وتقول "كارنيغي" إنّ دولة الإمارات تُشكّل حالة مفيدة للدراسة في هذا الحقل؛ كونها الدولة التي قطعت الشوط الأبعد بين بلدان مجلس التعاون الخليجي في تطوير صناعة دفاعية محلية.

كارنيغي: الإمارات قطعت الشوط الأبعد بين بلدان مجلس التعاون الخليجي في تطوير صناعة دفاعية محلية

وفي العقد الأخير، أطلقت أبو ظبي إصلاحات كبرى لإعادة تنظيم القطاع الدفاعي الإماراتي. ففي العام 2014، دمجت الحكومة ست عشرة شركة صغيرة في إطار شركة الإمارات للصناعات العسكرية (إديك)، وهي الجهة الأكبر في البلاد في مجال تصنيع الأسلحة وتأمين الخدمات ذات الصلة. وإلى جانب شركة "إديك"، يؤدّي مجلس التوازن الاقتصادي – المعروف سابقاً بمكتب برنامج التوازن الاقتصادي – دوراً أساسياً في تمويل المبادرات الصناعية المحلية. وفي شباط (فبراير) 2019، أعلن المجلس عن إنشاء صندوق تنمية القطاعات الدفاعية والأمنية الذي بلغ رأسماله التأسيسي 680 مليون دولار أمريكي.
وتعليقاً على تدشين إيدج، قال طارق عبد الرحيم الحوسني، الرئيس التنفيذي لمجلس التوازن الاقتصادي: "نستثمر في إدارة المجهول الذي تجلبه التكنولوجيا عن طريق توجيه تركيزنا وقدراتنا نحو قطاع دفاعي وأمني مستدام. وسوف تساعدنا إيدج في تحويل إمكاناتنا المحلية، مع زيادة مشاركاتنا على صعيد صادرات الدفاع والأمن".

اقرأ أيضاً: الإمارات وأوروبا.. تعاون لترسيخ روح التعايش والتسامح
وفي عام 2018 تصدرت دولة الإمارات مؤشر الابتكار العالمي على مستوى العالم العربي. وتهدف إيدج، وفقاً لصحيفة "البيان" الإماراتية، إلى دعم الدولة في الحفاظ على هذا المركز وتعزيزه.
 شركة "إيدج" للتكنولوجيا الدفاعية المتطورة تجمع بين أكثر من 25 مؤسسة

إمكانات تقنية متنامية
من جانبها، ذكرت "كارنيغي" أنّه كان لاستثمارات مجلس التوازن الاقتصادي الفضل في تحقُّق النجاحات الأبرز في القطاع الدفاعي الإماراتي، مثل إنشاء المركز العسكري المتقدم للصيانة والإصلاح والعُمرة (أمرُك)، وهو عبارة عن مشروع مشترك بين "إديك" و"لوكهيد مارتن" و"سيكورسكي اروسبايس". وركّز مركز "أمرُك" في البداية على خدمات الصيانة العسكرية والإصلاح والعمرة، لا سيما تلك المخصصة لسلاح الجو الإماراتي. ومنذ ذلك الوقت، يعزّز المركز تطلعاته بصورة مطردة. ففي كانون الثاني (يناير) 2019، عرض نسخة مسلّحة جديدة عن مروحية "سيكورسكي يو إيتش-60 بلاك هوك". وعلى المستوى التقني، ليست هذه المروحية المعدَّلة فريدة من نوعها، بحسب "كارنيغي"، وتُشغّل بلدانٌ أخرى نسخاً مماثلة، لكن مركز "أمرُك" استخدم هذا الحدث لتسليط الضوء على إمكاناته التقنية المتنامية ودوره الأساسي في دعم "توطين" الصناعات الدفاعية.

اقرأ أيضاً: دور الإمارات في تعزيز التسامح
ويؤشّر مسار "أمرُك"، وفقاً للتحليل الذي نشرته "كارنيغي"، إلى نمطٍ سائد بين الشركات المحلية في الإمارات. بدورها ركّزت شركة أبو ظبي لبناء السفن، التي أنشئت في العام 1996، على إصلاح السفن وترميمها في المراحل الأولى من انطلاقتها. وبعد ذلك، وسّعت خبراتها في مجال بناء السفن. وفي منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، اختار سلاح البحرية الإماراتي شركة أبو ظبي لبناء السفن كي تتولى بناء ست سفن حربية من طراز "بينونة". لم تُصنَع جميع هذه السفن محلياً، فقد تولّت شركة Constructions Mécaniques de Normandie  في فرنسا بناء السفينة الأولى، لكن السفن الخمس الباقية جرى تصنيعها داخل الإمارات. وفي الأعوام الأخيرة، صدّرت شركة أبو ظبي لبناء السفن مراكب إنزال إلى سلطنة عمان والبحرين والكويت.

اقرأ أيضاً: الإمارات تدخل عالم صناعة الطائرات
وتستدرك "كارنيغي" في تحليلها بأنّ الهدف الأشمل الذي تسعى إليه الإمارات ليس استبدال الشركات الغربية الكبرى التي ستبقى على الأرجح المصدر الأساسي للمشتريات العسكرية الخليجية في المستقبل القريب عن طريق صادرات الأسلحة أو المشاريع المشتركة، بل إنّ الهدف الإماراتي هو تطوير مهارات محدّدة تتيح للشركات المحلية دخول السوق العالمية للسلع المتخصصة، مثل السفن الحربية أو الآليات المدرّعة أو المركبات الجوية غير المأهولة – وهو مجالٌ إضافي أظهرت فيه الإمارات تطلعاتها الصناعية، وفق "كارنيغي".
تولّت شركة Constructions Mécaniques de Normandie في فرنسا بناء السفينة الأولى

خمس قطاعات أساسية
وتقول صحيفة "البيان" الإماراتية إنّ شركة "إيدج" للتكنولوجيا الدفاعية المتطورة تجمع بين أكثر من 25 مؤسسة، منها شركات تابعة لشركة الإمارات للصناعات العسكرية، ومجموعة الإمارات المتقدمة للاستثمارات، وتوازن القابضة، ومؤسسات مستقلة أخرى.

الهدف الإماراتي هو تطوير مهارات محدّدة تتيح للشركات المحلية دخول السوق العالمية للسلع المتخصصة كالسفن الحربية أو الآليات المدرّعة

وقال البناي: "ستستثمر إيدج بشكل موسع في مختلف مناحي البحث والتطوير، وستتعاون بشكل وثيق مع العاملين في الخطوط الأمامية على تصميم وتطبيق الحلول الناجعة التي تعالج التحديات الحقيقية". مضيفاً: "يكمن الحل في مواجهة تحديات الحرب الهجينة في الجمع بين الابتكارات الصادرة عن القطاع التجاري والقطاع العسكري. وبناءً على تأسيسها وفق رسالة جوهرية تقضي بتطوير القطاع العسكري العتيق الذي يعوقه الروتين الرسمي عموماً، فإنّ إيدج تسعى إلى جلب المنتجات إلى السوق بسرعة أكبر وبأسعار أقل".
وتشير صحيفة "البيان" إلى أنّه بغرض الإسهام في تعزيز نمو التكنولوجيا المتقدمة والابتكار، ستقيم إيدج شراكات أوثق مع متعهدي قطاع الدفاع وصانعي المعدات الأصلية الرائدين على مستوى العالم وقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة والأوساط الأكاديمية على حد سواء. كما ستسعى إلى تسريع وتيرة الابتكارات من خلال جذب صفوة خبراء القطاع وأصحاب الكفاءات من حول العالم، من أجل المساعدة في تطوير حزمة واسعة من المنتجات العصرية، بدءاً من وضع التصورات وانتهاءً ببناء القدرات في مجالات شتى، عن طريق قطاعاتها الأساسية الخمسة: المنصات والأنظمة، والصواريخ والأسلحة، والدفاع السيبراني، والحرب والاستخبارات الإلكترونية، ودعم المهام.
وتعتزم "إيدج" تطبيق تقنيات متقدمة مثل: القدرات ذاتية التحكم، والأنظمة المادية السيبرانية، وإنترنت الأشياء، وأنظمة الدفع المتطورة، وعلم الروبوتات والمواد الذكية، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي في مختلف منتجاتها وخدماتها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية