فضيحة الوثائق الإيرانية: هكذا عمل "الإخوان" ضد السعودية في اليمن

الإخوان المسلمون

فضيحة الوثائق الإيرانية: هكذا عمل "الإخوان" ضد السعودية في اليمن


20/11/2019

قدمت فضيحة الوثائق الإيرانية المسرّبة التي كشفها موقع "إنترسبت" الأمريكي وصحيفة "نيويورك تايمز"، عن اجتماع إخواني إيراني برعاية تركية، لمحة مثيرة بشأن العلاقات بين الدولتين والجماعة وعملهما معاً لمواجهة التحالف العربي.

اقرأ أيضاً:  وثائق مسربة من استخبارات إيران تكشف دور طهران الخفي في العراق
كان موقع "The Intercept" نشر وثائق عن اجتماع عُقد في تركيا عام 2014 ضم أعضاء من الإخوان، وعناصر من الحرس الثوري الإيراني، لبحث التحالف ضد المملكة العربية السعودية، وأنّ "الجماعة" عرضت على مسؤولي طهران، التعاون معهم في اليمن ضد المملكة.

تكشف الوثائق عن جانب آخر من إستراتيجية الإخوان المتمثلة في المظلومية في العلن وعقد التحالفات في السر

وأفاد موقع "The Intercept" بأنّ تركيا تعتبر مكاناً آمناً لمثل هذه القمة؛ لأنها تعد واحدة من الدول القليلة التي تربطها علاقات طيبة مع كل من إيران والإخوان، ولكن كان لا يزال يتعين على الحكومة التركية أن تخفي حقيقة توجهاتها ومواقفها أمام العالم، لذا فقد رفضت منح تأشيرة دخول إلى قائد فيلق القدس قاسم سليماني، بحسب ما كشفت عنه وثائق الاستخبارات الإيرانية المسربة، ونظراً لعدم تمكنه من دخول تركيا، فقد حضر الاجتماع وفد من كبار مسؤولي فيلق القدس، برئاسة أحد نوابه، وهو باسم أبو حسين، وكان وفد التنظيم ضم 3 من أبرز قيادييه المصريين في المنفى، وهم: إبراهيم منير مصطفى، ومحمود الإبياري، ويوسف مصطفى ندا.

اقرأ أيضاً: وثائق إيرانية سرية تكشف هيمنة طهران على بغداد بهذه الطريقة
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنّ سليماني هو من يحدد سياسات إيران في لبنان وسوريا والعراق، وأشارت إلى أنّ سفراء إيران في الدول الثلاث من الرتب العليا بالحرس الثوري، مؤكدة أنّ مسؤولين عراقيين سياسيين وأمنيين وعسكريين أقاموا علاقات سرية مع إيران، مشيرة إلى أنّ الأخيرة ركزت على تعيين مسؤولين رفيعي المستوى بالعراق.
كشفت الوثائق عن اجتماع إخواني إيراني برعاية تركية للعمل ضد التحالف العربي في اليمن

دلالات الاجتماع
في مقابل ما تم تسريبه من وثائق دشّن عناصر التنظيم الشباب هاشتاجات على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنوا فيها دعمهم لإيران، على حساب السعودية، وقال حسام محمود، أحد الكوادر الشابة في التنظيم، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، إنّ دعم إيران ضرورة ملحّة، نتيجة لموقف السعودية من الإخوان ودعمها لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي.
مجموعة محمد كمال من شباب الإخوان اتهموا جناح محمود عزت بتلقي التمويل من إيران، مطالبين المملكة أن تتجاوز أزمة الجماعة، ومستدلين بدعم الإخوان للمملكة في حربها مع الحوثيين.

اقرأ أيضاً: كيف ابتلعت جماعة الإخوان الدولة الوطنية؟
من جانبه، أدلى طارق أبو هشيمة، رئيس وحدة الدراسات الإستراتيجية بدار الإفتاء المصرية، ومدير المؤشر العالمي للفتوى، في حديث خاص لـ "حفريات"، برأيه في تلك الوثائق قائلاً: إنّ فكرة عرض الإخوان التعاون مع إيران ضد السعودية في اليمن في 2014 له أكثر من دلالة، أولها الثأر من المملكة التي ساندت الدولة المصرية بعد إطاحة نظام الإخوان من الحكم، خاصة أنّ التنظيم كان يُمنّي نفسه بالعودة للسلطة في هذه الفترة المبكرة، وثانياً التوقيت الزمني المتمثل في 2014 تحديداً، فهذه المرحلة كان التنظيم يعاني من تخبط وعلى استعداد أن يتعاون مع الشيطان لأجل الانتصار في المعركة التي خسر فيها كل شيء، ويبرر ذلك تعاونهم مع الإيرانيين رغم الاختلاف العقدي والأيديولوجي للطرفين، ويكشف عن مبدأ أصيل في إستراتيجية الجماعة وهو الغاية تبرر الوسيلة، وهي نفس الغاية التي يتبناها الإيرانيون.

بيّنت الوثائق أنّ الإخوان عرضوا على طهران أن يلعبوا دوراً في الحرب الدائرة في اليمن ضد السعودية

أضاف أبو هشيمة: تكشف الوثائق عن جانب آخر من إستراتيجية العمل في تنظيم الإخوان المتمثل في المظلومية في العلن وعقد التحالفات بعيداً عن أي إطار أخلاقي في السر، وهذه الإستراتيجية ذات الوجهين هي ما جعلت الشعوب تلفظ هذا التنظيم، كما كشفت الوجوه الحقيقية التي تعادي الأنظمة والشعوب، وعن أنّ السّاعين لهدم الدول والمجتمعات متحدون في الغاية وإن اختلفت مذاهبهم أو معتقداتهم، مما يحتم من ضرورة وجود التحالفات والتكتلات الموازية لردعها.
يقول الباحث في معهد بوسطن بالولايات المتحدة، ماهر جبره لـ"حفريات": "مع كل أزمة تطفو على السطح بين أي طرف عربي والجمهورية الإسلامية في إيران، يظهر الخطاب المائع للجماعة الذي لا تستطيع أن تدرك من خلاله شيئاً، وجاءت تلك الوثائق لتؤكد العلاقات التاريخية مع إيران، والتشتت الإخواني، والانهيار الإداري الذي بدا واضحاً الآن، فكل فريق من جماعة الإخوان اتهم الآخر بأنّه عميل لطهران"، مضيفاً أنّ "العلاقات الدولية الإخوانية لا مذهب لها، ولا عقيدة ولا أيديولوجيا؛ بل هي مصلحة التنظيم التى تعلو فوق كل شيء، وعلى هذا فهم يمسكون العصا من المنتصف، ويلعبون، فلا تعرفهم مع السعودية، أم مع إيران، وما نحن متأكدون منه فقط، هي تلك الصورة التي يصدرونها لنا وهي: فريقان أحدهما يؤيد هذا والآخر يهاجم ذاك، وهما يتبادلان الأدوار معاً".

لماذا اليمن وتركيا؟
أوضحت الوثائق أنّ الإخوان عرضوا على طهران أن يلعبوا دوراً في الحرب الدائرة في اليمن ضد المملكة، لكنها لم توضح الكيفية التي سيلعبون بها، وأي فريق إخواني هو الذي قدم هذا العرض!
ما يشار إليه أنّه في نفس توقيت الاجتماع الذي تم في اسطنبول وقع اتفاق آخر في مران اليمنية بين الإصلاح اليمني وعبدالملك الحوثي، تم الاتفاق فيه على عدة محاور أهمها: إخلاء صنعاء أمام الحوثيين مقابل الحفاظ على مقرات وممتلكات الحزب، ثم إخلاء المدن، وإصدار بيانات متتالية بوقوف الإخوان إلى جانب الشعب اليمني، وثالثاً الاستعانة بجماعات مثل؛ القاعدة أو داعش لدعم الحوثي وإثارة العنف في أماكن نفوذ المملكة العربية السعودية.

حزب التجمع اليمني للإصلاح هو الذراع السياسي للإخوان في اليمن
يقول الكاتب المختص في الشأن اليمني، محمود جابر، لـ"حفريات": "الجماعة قدمت هذا العرض؛ لأنها تعتقد أنّ الحسم العسكري للحرب في اليمن لصالح التحالف يضعف إمكانية حصولهم على مكاسب سياسية، وهذا يدفعهم للتركيز على المفاوضات السياسية التي ستدفع بهم كطرف مفاوض، في حين أنّ الحسم العسكري قد يستثنيهم، خصوصاً مع تزايد الاتهامات للحزب بالبحث عن مكاسب غير مشروعة، وهذا كله لأن الجماعة وحزبها الإصلاح ضعيفة جداً".

اقرأ أيضاً: "الإخوان" تحارب الجيش الليبي بـ850 ألف حساب وهمي
ويضيف جابر "براغماتية الجماعة بلغت أقصى درجة ممكنة، وإذا أردت أن تتأكد من ذلك فراجع مواقفها من عاصفة الحزم على الحوثيين باليمن؛ إذ إنها أثارت حالة من التباين بين أفرع الجماعة وأنصارها في مختلف الدول العربية، حيث دعم الإخوان ممثلين في حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع السياسي للإخوان في اليمن، العاصفة، لأنها ستعيدهم إلى المشهد السياسي باليمن، وخاضوا الحرب في البداية ضد الحوثيين، لكنهم هزموا في أولى المعارك بعمران، رغم امتلاكهم لقوات عسكرية ضخمة هي قوات الفرقة الأولى مدرع، فهرب بعضهم إلى تركيا وقطر، ووجدوا أنفسهم في مرمى الحوثيين فتفاوضوا معهم في لقاءات سرية بغية البحث عن مكاسب سياسية، ولما زاد قصف قوات التحالف، أيدت الجماعة الحرب دعائياً، وتراوحت ردود الجماعة ما بين ردود فعل مؤيدة؛ من خلال إعلان فروع جماعة الإخوان في كل من الأردن وتونس والمغرب وسوريا، دعمها عملية "عاصفة الحزم"، بعدما أعلن راشد الغنوشي دعم حركة النهضة المعركةَ بعد انقلاب الحوثيين على الشرعية في اليمن، وأما إخوان مصر فبعضهم أيد، ومنهم عمرو دراج ويحيى حامد، وبعضهم رفضها ومنهم جمال حشمت الذي تحدث عن التدخل المصري باليمن".
الوثائق المسربة أثبتت، بلا ريب، أنّ الإخوان مع الشرعية في اليمن طالما أنّ الحسم قد اقترب، ومع الحوثيين طالما سيحصلون على مكاسب سياسية، وأنه لا خلاف في أنّ لهم علاقات تاريخية مع إيران، وتستمر هذه العلاقة برعاية تركية، وهم الآن يقفون حيث يقف هذا الحليف.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية