ما سر دعم إيران لحركتي حماس والجهاد؟

إيران

ما سر دعم إيران لحركتي حماس والجهاد؟


05/12/2019

في سياق تتبع إسرائيل مسارات تحويل الأموال من إيران إلى حركتَي حماس والجهاد الإسلامي، وكشف طرق تهريبها، أعلن جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، الكشف عن شبكة واسعة من الفلسطينيين يعملون في الصرافة متّهمين بتسريب الأموال من إيران إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.

اقرأ أيضاً: "اختبار" حماس.. و"ترويض" الجهاد!
وقال "الشاباك" وفق ما أوردت صحيفة "الشرق الأوسط": إنّ صرافي أموال يشكّلون أنبوباً لنقل الأموال لتمويل منظمات مثل حماس والجهاد الإسلامي، وإنّ قوات الأمن تواصل مساعيها لإحباط ذلك".
وكشف الشاباك هوية أشخاص مسؤولين عن نقل الأموال من إيران إلى الضفة الغربية، وهم: محمد كامل، وفواز محمود ناصر، وكمال عبد الرحمن عواد من قطاع غزة، ومحمد سرور، وهو لبناني ذو علاقات مع حماس وحزب الله وفيلق القدس.


وفي نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، جمّدت وزارة الخزانة الأمريكية أصول وحسابات هؤلاء الثلاثة بتهمة تحويل أموال من إيران لصالح حركة حماس.
وفي سياق كشف شبكات تابعة لإيران لحركتي فتح والجهاد الإسلامي، اتّهم وزير الدولة للشؤون الخارجية في السعودية، عادل الجبير، طهران بالسعي لزعزعة الأوضاع في عدد من الدول العربية، لافتاً إلى أنّ إيران تدعم حركتَي حماس والجهاد الإسلامي لتقويض السلطة الفلسطينية، وقال الجبير، خلال إحدى جلسات مؤتمر وارسو، الذي عقد في شباط (فبراير) الماضي: إنّ "النظام الإيراني ليست له أخلاقيات؛ لأنّه يستهدف دبلوماسيين ويفجر سفارات".

اتّهم مسؤولون من فتح إيران بدعم مواقف حركتي حماس والجهاد الإسلامي بهدف استمرار الانقسام الفلسطيني

كما اتّهم مسؤولون في حركة فتح إيران ودولاً إقليمية بدعم مواقف حركتي حماس والجهاد الإسلامي، بهدف استمرار الانقسام الفلسطيني، وأعاد عضو اللجنتين؛ التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح عزام الأحمد، في تصريحات، في 17 شباط (فبراير) الماضي، اتهام الحركتين بإفشال حوار موسكو بين الفصائل.
وشنّ الأحمد هجوماً على إيران، في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بعد إعلان الأخيرة تبنّيها لشهداء وجرحى مسيرات العودة في غزة، في بيانها الختامي لمؤتمر الوحدة الإسلامية الذي عقد بطهران، وقال: "كنت أتمنى لو إيران صادقة في أن تتبنى كلّ شهداء الثورة الفلسطينية"، لافتاً إلى أنّها لم تتبنَّ أيّ شهيد في القدس؛ كي تضمن استمرار الانقسام حتى تستخدمه كورقة للمناورة.
وطالب صائب عريقات، وهو عضو اللجنتَين التنفيذية والمركزية، الفصائل الفلسطينية بوقف الارتهان لإيران، قائلاً: إنّ السلطة الآن تتصدى للتدخلات الإيرانية وتدخلات تركيا والإخوان المسلمين في فلسطين.

إضعاف حركتي حماس والجهاد

يقول أستاذ العلوم السياسية والدراسات الشرق أوسطية، ماجد وادي: إنّ "إسرائيل والولايات المتحدة تحاولان جاهدتين لتجفيف منابع حركتي حماس والجهاد المالية لإضعافهما وكسرهما وتشديد الخناق على الجهات الخارجية الممولة ومن بينها طهران"، إضافة إلى مواصلة إسرائيل قصف مؤسسات وشركات مالية باعتبارها الشريان المالي للحركتَين.  

اقرأ أيضاً: حماس في السلطة: أين وصل مسار الجمع بين المقاومة والحكم؟
ويضيف وادي في حديثه لـ "حفريات": "أهداف التمويل الإيراني لحركتي حماس والجهاد الإسلامي يأتي في مرحلة وطنية حساسة، طالما يمرّ بعيداً عن السلطة الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ليدقّ ناقوس الخطر بإمكانية إحداث صراعات داخلية وحرب أهلية بين الفرقاء الفلسطينيين في محاولة لإبقاء الضفة الغربية في معزل عن قطاع غزة".
وأشار إلى أنّ "الاحتجاجات المستمرة في الشارع الإيراني تأتي ردّاً على الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يعانيها الشعب الإيراني جراء ممارسات نظام الملالي في دعم المنظمات المسلحة، بهدف تشكيل هلال شيعي يمتدّ عبر لبنان وسوريا واليمن والعراق والبحرين وغزة، لنشر سياستها وتحقيق نفوذها"، مبيناً أنّ "تقديرات إسرائيلية تشير إلى أنّه خلال العام 2017؛ أنفقت إيران ما يقارب 800 مليون دولار سنوياً على حزب الله اللبناني، و70 مليون دولار على حركتي حماس والجهاد الإسلامي".
إيران تسعى إلى إيجاد سلطة بديلة للشعب الفلسطيني غير منظمة التحرير الفلسطينية

ورقة ابتزاز
ولفت وادي إلى أنّ "إيران تسعى من وراء الدعم المالي والعسكري إلى إيجاد سلطة بديلة للشعب الفلسطيني غير منظمة التحرير الفلسطينية، وترى في حركتي حماس والجهاد البديل الأمثل لتحقيق نفوذها"، مستدركاً بأنّ إيران تكفلت بتقديم رواتب لأسر 8 آلاف شهيد من شهداء مسيرات العودة، والشهداء الذين سقطوا في الانتفاضة الفلسطينية الثانية، العام 2000، الذين ينتمون لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وهو الأمر الذي انتقدته السلطة الفلسطينية بشدة وطالبت طهران بالتوقف عن إرسال هذه الأموال دون أن تمرّ عبرها".

اقرأ أيضاً: هل تدرك حماس حقاً أن العلاقات التركية الإسرائيلية لم تنقطع يوماً؟‎
وتابع وادي: "الأموال الإيرانية طالما استخدمت كورقة ابتزاز ضدّ حركتَي حماس والجهاد الإسلامي، لشراء مواقفهما السياسية بعد رفض الحركتين دعم النظام السوري والحوثيين في اليمن، وهو ما أدّى إلى خروج "حماس" من دمشق، العام 2015، وتوجهها إلى قطر وتركيا، إضافة إلى قيام النظام الإيراني بحجب أكثر من 80% من الدعم المالي عن الحركتين، والذي انعكس سلباً على أنشطتهما التنظيمية، وأدّى إلى إغلاق بعض المؤسسات التابعة لهما، وتقليص رواتب موظفيهما إلى أقل من النصف".
وتطورت العلاقات مجدداً بين الحركتَين وإيران، وفق وادي، بعد تدخّل الأخيرة بشكل مباشر في الانتخابات الداخلية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، في عامَي 2017 و2018، التي أدّت إلى انتخاب الشخصيات التي ترى إيران أنّها الأقرب إلى توجهاتها في المنطقة، الأمر الذي دفع بطهران لإعادة الدعم المالي والعسكري المقدم للحركتين من جديد".

أزمة مالية خانقة

من جهته، يرى الباحث والمختص في حركات الإسلام السياسي، ناصر مرداوي، في حديثه لـ"حفريات"؛ أنّ "حركة حماس تمرّ بأزمة مالية خانقة بسبب التضييقات الإسرائيلية والأمريكية على مصادر التمويل المرسلة إلى قطاع غزة والضفة الغربية، وهو ما دفع بالحركة للبحث عن وسائل أخرى للحصول على الأموال عبر عملة "البتكوين" المشفرة، وهو الأمر الذي أثار المخاوف الإسرائيلية لوجود صعوبة كبيرة في مواجهة ومراقبة هذه العملة المشفرة".

اقرأ أيضاً: تدوير المناصب الحكومية في غزة.. حماس تعزز الانقسام
ولفت مرداوي إلى أنّ "حماس تعدّ أحد أبرز فروع الإسلام السياسي السنّي، وامتداداً لجماعة الإخوان المسلمين، ورغم أنّ حركة الجهاد سنّية أيضاً، إلا أنّها اختارت النأي بنفسها عن الانضمام لجماعة الإخوان، وعملت على دمج الفكر الإخواني الإصلاحي مع الفكر الخميني والذي جعل من حركة الجهاد الأقرب نفوذاً وفكراً لطهران".
زعزعة الاستقرار الفلسطيني
ويتابع مرداوي: "هناك محاولات إيرانية لتوحيد حركتي حماس والجهاد في كيان واحد، إلا أنّ هذه المحاولات باءت بالفشل؛ لاختلاف البرامج والأهداف السياسية والعقائدية للطرفين، وخاصة بعد صدور وثيقة حركة حماس، في أيار (مايو) 2017، التي تختلف في توجهاتها مع مبادئ حركة الجهاد الإسلامي، التي تنطوي تحت راية إيران وتحمل مشروعها في المنطقة، بينما حركة حماس لا تمتلك أيّة أهداف واضحة نحو طهران، وتختلف توجهاتها بناء على مدى استمرار الدعم المالي والعسكري للحركة من عدمه".

ويبين مرداوي: "طهران سعت إلى قطع الطريق أمام أيّ تقارب بين حركتَي الجهاد الإسلامي وحماس مع المملكة العربية السعودية، وعمدت إلى توظيف الحركات المسلحة الفلسطينية للعمل تحت مظلتها، كأحد أوراق الرهان الإيراني في المنطقة لاستخدام الحركتين للردّ على أيّ هجوم إسرائيلي واسع قد تتعرض له المصالح الإيرانية إلى جانب النظام السوري وحزب الله اللبناني، في محاولة إيرانية للعبث بالاستقرار الفلسطيني ليكون مرشحاً وشريكاً وأداة للصراع في المنطقة، وتعطيل أيّة جهود عربية وأممية لإتمام المصالحة الفلسطينية".
بسط النفوذ الإيراني
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي، تيسير الريماوي: "التوجهات الإيرانية نحو القضية الفلسطينية تتخذ بعداً أيديولوجياً وبراغماتياً لبسط طهران نفوذها على الساحة الفلسطينية والإقليمية، ولتظهر أمام العالم بأنّ لها دوراً محورياً في الصراع العربي الإسرائيلي، رغم المؤشرات التي تبديها السياسة الخارجية الإيرانية والتي تظهر تراجع القضية الفلسطينية من سلم أولوياتها في محاولة لتجاوز العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، وإيجاد حلّ دبلوماسي لملفها النووي مع الغرب".

وادي: الأموال الإيرانية طالما استخدمت كورقة ابتزاز ضدّ حركتَي حماس والجهاد الإسلامي

ويضيف الريماوى، في حديثه لـ"حفريات": "العلاقة بين حركتَي حماس والجهاد الإسلامي شهدت فتوراً مع النظام الإيراني بعد دعوة الأخير للحركتَين إلى إصدار بيان واضح حول موقفهما من الأزمة السورية واليمنية، وهو ما جوبه برفضهما التدخل في الشؤون العربية، وأكّدتا التزامهما الحياد"، مشيراً إلى أنّ حماس والجهاد الإسلامي تحاولان جاهدتَين تعميق العلاقات مع طهران للبقاء على استمرارية الدعم المالي والعسكري للحركتين، لعدم وجود بدائل لتسدّ محلها".
وبيّن أنّ "حركة الجهاد الإسلامي هي الأقرب فلسطينياً للنظام الإيراني، في ظلّ تقارب وجهات النظر عقائدياً وفكرياً بينهما، وهو ما جعل الحركة تشكل محوراً رئيساً للتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني في تنفيذ عملياتها ضدّ إسرائيل، في حين تعدّ العلاقة بين حركة حماس وطهران من العلاقات الأكثر تعقيداً بالمقارنة مع غيرها من التنظيمات المسلحة الأخرى، لاختلاف الرؤى والتوجهات، إلا أنّ هناك تلاقياً في المصالح بين الطرفين".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية