اتهامات لتركيا بتجنيد مقاتلين سابقين من داعش في حربها على عفرين!

اتهامات لتركيا بتجنيد مقاتلين سابقين من داعش في حربها على عفرين!


11/02/2018

نشرت صحيفة ذا إندبندنت البريطانية واسعة الانتشار، تقريرًا يتحدث عن مشاركة مجموعة من مقاتلي داعش في الهجوم على مدينة عفرين السورية، ضمن الحملة التركية على المدينة ذات الأغلبية الكردية. ويكشف التقرير عن تواطؤ تركي مع داعش في عملية “غصن الزيتون”، يتمثل في قتال عناصر من التنظيم ضمن صفوف الجيش التركي.

تقوم تركيا بتجنيد وإعادة تدريب مقاتلي داعش السابقين من أجل المشاركة في العملية التي تشنها على مدينة عفرين الكردية في شمال سوريا، وفقًا لأحد عناصر التنظيم السابقين. وقال المقاتل السابق الذي لا يزال على اتصال مع داعش (فرج)، إن “معظم الذين يقاتلون في عفرين ضد وحدات حماية الشعب الكردية، ينتمون إلى داعش”.

وفي مقابلة هاتفية مع صحيفة “ذا إندبندنت”، أوضح فرج: “حاولت تركيا في بداية عمليتها خداع الناس بالقول إنها تحارب داعش، لكنها في الواقع تدرب أعضاء التنظيم، من أجل إعادة إرسالهم إلى عفرين”.

يذكر أن حوالي 6000 جندي تركي، و10 آلاف مقاتل من الجيش السوري الحر بدأوا بعملية عسكرية على عفرين السورية في 20 كانون الثاني / يناير، بهدف طرد وحدات حماية الشعب الكردية. ويقود الهجوم على الأرض الجيش السوري الحر (تجمع من ثوار سوريين غير جهاديين مدعوم من الغرب)، الذي يشارك معظم أفراده اليوم في “عملية غصن الزيتون” إلى جانب عناصر داعش. وبشكل مفاجئ، أظهرت بعض قوات الجيش الحر المتقدمة إلى عفرين ولاء لفروع تنظيم القاعدة. وقد أظهر شريط فيديو جرى تداوله عبر الإنترنت 3 جهاديين يغنون أغنية تستلهم “انتصارات القاعدة في القوقاز وداغستان وتورا بورا، التي اعتبرها أسامة بن لادن مقرًا له”.

“ضغوط كبيرة”

خلال العام الماضي، عانى تنظيم داعش من الهزائم الكثيرة، وفقدان المدن الرئيسة التي كان يسيطر عليها، بما في ذلك الموصل والرقة، بعد حصار المدينتين الذي استمر 9 أشهر و4 أشهر على التوالي. وقد دُمرت، بشكل فعلي، “دولة الخلافة”، التي أعلن عن قيامها أبو بكر البغدادي عام 2014، إضافة إلى مقتل وهروب معظم قادتها ومقاتليها. في بعض الأحيان، أظهر التنظيم مقدرة على العودة إلى الحياة في بعض مناطق سوريا والعراق من خلال عمليات اغتيال لبعض المحليين الذين عارضوا سياسات التنظيم، وشن هجمات خاطفة في بعض الأماكن.

المعلومات الجديدة تظهر أن مقاتلي داعش يشاركون الجيش السوري الحر وقوات الغزو التركية، بعد أن تعرضوا لـ”ضغوط كبيرة” من قبل السلطات التركية. من وجهة نظر تركيا، يضمن تجنيد مقاتلي داعش السابقين لها الاعتماد على مجموعة كبيرة من الجنود المحترفين والخبراء والمدربين. الميزة الأخرى تتعلق بأن المقاتلين ليسوا من الأتراك، وبالتالي ففي حالة تعرضهم لإصابات خلال المعارك، فإن ذلك لن يؤثر على الحكومة التركية.

تسعى كل من تركيا وداعش إلى استغلال بعضهما البعض، وفقًا للمصالح الخاصة. يقول فرج (32 عامًا، عربي من محافظة الحسكة الكردية – العربية المختلطة شمال شرق سوريا) إنه لا يحب وحدات حماية الشعب، لكنه يشك بنوايا تركيا، ويعتقد أنها تحاول التلاعب بتنظيم داعش. “تركيا تتصرف مع التنظيم مثل مناديل المرحاض الورقية… بعد أن يجري استخدامها، ستلقى في القمامة”، هكذا يقول.

على أي حال، تعلم تركيا أن استخدام مقاتلين سابقين في داعش كرأس حربة في القتال في عفرين، سيكون مصدرًا للنقد الدولي، حتى لو كانوا يقاتلون تحت قيادة الجيش السوري الحر. يقول فرج إن المسؤولين الأتراك حثوا مقاتلي داعش على عدم استخدام أساليبهم التقليدية في عفرين، مثل التفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة، لأن ذلك، سيكشف بشكل واضح جدًا العلاقة بين تركيا والتنظيم. ويضيف فرج إن مقاتلي الجيش السوري الحر “محترفون في تخطيط الهجمات بالسيارات المفخخة”، لكن الأتراك طلبوا منهم عدم استخدام تلك التكتيكات، حتى لا يتعرف العالم على نشاطات تركيا المتعاونة مع داعش. وينقل فرج عن أحد قادة الجيش السوري الحر قوله: “لن نستخدم تلك الطرق في مهاجمة الأكراد، الذين يستخدمون أساليب حرب العصابات معنا، حتى يقتنع العالم أنهم هم الإرهابيون”.

علاقات متناقضة

منذ بداية الحرب الأهلية السورية عام 2011، ارتبطت تركيا بعلاقات متناقضة مع الجماعات الجهادية؛ ففي البداية سمحت للمقاتلين الأجانب بالدخول إلى سوريا، عبر أراضيها، كما سمحت للإمدادات العسكرية بالوصول. بعد ذلك، بدأت تركيا تضييق الخناق على عبور المتطرفين إلى سوريا عبر أراضيها، خصوصًا مع سقوط الموصل في حزيران 2014. وفي الوقت ذاته، سمحت تركيا، أثناء حصارها لمدينة كوباني (عين العرب)، لتنظيم داعش بالسيطرة على المدينة، بدل أن تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية.

ومع بدايات الدعم الأمريكي للوحدات الكردية، أصبحت أولوية تركيا تقوم على منع إنشاء دولة أمر واقع كردية في سوريا تحت الحماية العسكرية الأمريكية. وكان الأكراد، بدعم من الطيران الأمريكي، قد حققوا انتصارات كثيرة على الأرض، ضد تنظيم داعش. وقد قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “لم يكن بمقدورنا هزيمة داعش، بدون وحدات حماية الشعب”. الآن، يعود مقاتلو داعش لمحاربة الوحدات الكردية في عفرين، بعد أن تواجهوا في معارك مختلفة خلال السنوات الأربع الماضية.

ويبدو أن الولايات المتحدة باتت في وضع حرج؛ إذ يبدو أنها تتخلى الآن عن الأكراد، لمجرد أنها لا تريد أن تدخل في مواجهة مع تركيا. ويبدو أن هذه المواجهة باتت قريبة جدًا، خصوصًا بعد أن هدد الرئيس التركي رجيب طيب أردوغان، نهاية الأسبوع، بتوسيع عمليته العسكرية حتى مدينة منبج العربية، التي استولى عليها الأكراد، بعد أن طردوا داعش منها عام 2016، بعد حصار طويل.

وقال أردوغان حينها إن “الأميركيين يقولون لنا: لا تتقدموا إلى منبج! لكننا سنصل إلى منبج حتى نعيدها إلى أصحابها الأصليين”.

في مصلحة من؟

إن القتال بين الأتراك والأكراد، والمواجهة المستمرة بين الولايات المتحدة وتركيا، يصبان في مصلحة تنظيم داعش فقط؛ لأن داعش ليس لديه القوة الكافية للتعافي من هزائمه الساحقة التي تعرض لها العام الماضي، ولأن أعداءه يتحاربون فيما بينهم، ولم يعد القضاء على بقايا التنظيم أولوية لأي منهم. وحدات حماية الشعب قامت هي الأخرى بنقل وحداتها العسكرية التي كانت تتصدي لداعش في أقصى شرق سوريا إلى الغرب، حيث يتقدم الأتراك.

إضافة إلى ذلك، تركيا ليست في موقف المنتصر بعد 3 أسابيع تقريبًا من غزوها لمدينة عفرين، ولا تحرز أي تقدم عسكري إلا عبر القصف على مدار الساعة. وإذا رغب الأتراك بتوسيع هجماتهم، فإنهم يحتاجون إلى مزيد من الجنود المقاتلين، الأمر الذي يعني إتاحة الفرصة لعناصر داعش بالدخول ضمن تلك المعركة.

يشار إلى أن السفارة التركية في المملكة المتحدة لم ترد على اتصالات صحيفة إندبندنت، حتى وقت نشر هذا التقرير، وبالتالي لم تتمكن الصحيفة من الحصول على أي تعليق من السفارة.

عن"كيوبوست"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية