السوريون يريدون وطناً بلا سقف ولا أسوار

السوريون يريدون وطناً بلا سقف ولا أسوار


04/03/2018

<p>ليس هناك سبب لممارسة <a href="/node/350">الجماعة</a> الحاكمة لدمشق لقتل الناس وتدمير بيوتهم، وتهجيرهم، واعتقالهم، سوى الاحتفاظ بالسلطة المتناقضة مع منطق الأشياء ومعقولية التاريخ، سلطة تريد البقاء رغم إرادة شعب ضاق ذرعاً بقيودها، وفسادها، وطائفيتها، وخيانتها الوطنية، وانتفض في ثورة سلمية يصرخ: &quot;سوريا بدها حرية&quot;، و&quot;الشعب السوري واحد&quot;، و&quot;الشعب يريد إسقاط النظام&quot;.</p>
<p>والسلطة تعرف هذا جيداً، ومثقف الوسخ التاريخي، الخلو من الضمير الأخلاقي، المدافع عن <a href="/node/358">القتل</a> وأشكاله، يعلم هذا علم اليقين.</p>
<p>لكنّ خطاب <a href="/node/332">السلطة</a> ولسان حالها من الكتبة، يسعى جاهداً لإخفاء هذا السبب الجوهري، عبر استخدام مفردات وجمل لا تمت إلى الواقع بصلة، مفردات معادية للحقيقة والقيم.</p>
<p>تأمّل معي هذا المصطلح: &quot;سقف الوطن&quot;؛ الصورة البلاغية الساذجة هذه، تعني أنّ الوطن بيت وله سقف، وعلى جميع السوريين أن يعيشوا داخل هذا البيت، وتحت سقفه! وهذا قول مبتذل لكثرة تكراره.</p>
<p>وإذا دقّقت فيما يقصدون بسقف الوطن، تجد دون عناء أنّ <a href="/node/1453">السلطة</a>، بكلّ عنفها وتعسفها، ولا قوانينها، هي سقف الوطن، سلطة لم تكتفِ بتسوير الوطن بالخوف والفقر والموت؛ بل تريد أن تكون هي سقف الوطن الأبدي.</p>
<p>وإذا أضفنا قولهم بالحوار تحت سقف الوطن، فهذا يعني أنّ هناك سقفاً لا أحد يستطيع تجاوزه، إنّه السقف الذي حددته <a href="/node/2167">السلطة</a> للآخر، إنّه حدود ارتفاع الرغبة، الارتفاع الذي لا يستطيع أحد أن يطاله بأيّة وسيلة كانت.</p>
<blockquote>
 <p><strong>هل الحناجر هي التي استقدمت ميليشيات ولاية الفقيه، والهمجية الروسية، وداعش والنصرة لتبدو المعركة بين نظام سياسي وإرهابيين؟!</strong></p>
</blockquote>
<p>وتأمّل القول &quot;العودة إلى حضن الوطن&quot;، يشي هذا القول، عندما يصدر عن <a href="/node/1579">الإعلام</a> الخادم للزيف، أو عن مثقف الوسخ التاريخي الحاكم، بأنّ السوري قد غادر حضن الوطن، غادر وطناً كان حضناً، الحضن الذي يوحي بكلّ ما هو حميم وحنون، يوحي بالأمان والاطمئنان والحبّ، كيف لا والارتباط وطيد بين الحضن والأمّ.</p>
<p>السوري في قول زائف كهذا، غادر كل ذلك بإرادته، وما عليه إلّا أن يعود إلى السعادة التي كان يرفل بها في حضن الوطن، كأنّ الوطن الذي غادره لم تُقصف مدنه وقراه بالطائرات، وبأكثر الأسلحة بدائية وحقداً، كأنّ سجون <a href="/node/1206">السلطة</a> لم تمتلئ بالطلاب والشباب الطامح إلى حياة حديثة حرة، كأنّ موظفي &quot;الوطن الحضن&quot; لم يفصلوا ويطردوا من وظائفهم، والحواجز لم تكن تخطف الشباب وتغيّبهم في عوالم لا أحد يعرف عنها شيئاً، كأنّ التمايز بين الناس لم يصل حدّ سلب الحق.</p>
<p>لم يتساءل مثقف الوسخ التاريخي: ما الذي يجعل شخصاً يهجر بيته وعالمه وذكرياته وتاريخه وأرضه، ويقطع الفيافي والبحار، ليعيش لاجئاً في بلد آخر، ويسكن الخيام، ويتحمّل غضب الطبيعة وعنف أهل البلاد.</p>
<p>يقول لك خادم السلطان، إنّ الوطن يتعرض لمؤامرة من سيقنع خدمة السلطان بقولهم هناك مؤامرة، هل سيقنعون الملايين الذي خرجوا إلى الشوارع والساحات، هاتفين للحرية ورفض الاستبداد. هل الحناجر هي التي استقدمت الإيراني <a href="/node/929">وميليشيات</a> ولاية الفقيه، والهمجية الروسية، وخلقت داعش والنصرة لتبدو المعركة بين نظام سياسي وحركات أصولية إرهابية؟!</p>
<p>أما القول بالممانعة؛ فليس هناك ما يدعو إلى الضحك أكثر من هذا النمط من الوقاحة في القول.</p>
<blockquote>
 <p><strong>السوريون لا يريدون وطناً له سقف، يريدون وطناً بلا سقف ولا أسوار، يريدون وطناً لأجنحة تمارس حقّ الطيران</strong></p>
</blockquote>
<p>نصف مليون عسكري، ألف طائرة حربية، آلاف الدبابات، آلاف المدافع والصواريخ، كلّ هذا تعفّن في ثكناته لمدة تزيد عن أربعة عقود والعدو يحتلّ الهضبة السورية، التي لا تبعد عن <a href="/node/1308">دمشق</a> بضعة كيلومترات، وحين انتفض الشعب، تحوّل ما تعفّن في ثكناته إلى أدوات لقتله وتدميره.</p>
<p>السوريون لا يريدون وطناً له سقف، يريدون وطناً بلا سقف ولا أسوار، يريدون وطناً لأجنحة تمارس حقّ الطيران في فضاء غير مسدود، لا يريدون سقف وطن يمطر أبناءه ببراميل الموت، يريدون وطناً بلا أسوار كي يمارسوا الحياة في البراري، بلا عسس ومخبرين وزنازين وقتلة.</p>
<p>يريدون وطناً بلا سقف، حتى إذا ما رفعوا رؤوسهم إلى الأعلى، لا يرون إلّا الشمس والنجوم الزاهرة، يريدون وطناً بلا سقف ولا جدران، وهذا هو المعنى البسيط والحقيقي للثورة.</p>
<p>السوري لا يريد حضناً يأوي إليه، يريد أن يعيش الوطن في حضنه، بكلّ كبرياء، وطن ليس فيه شبر من أرضه محتلاً، يعيش بكبرياء الانتساب إلى دولة يفتخر بها، لا إلى سلطة تولّد العار لمحكوميها.</p>
<p>يسألونك عن <a href="/node/1212">اللغة</a> الميتة، قل: فاستمعوا إلى هذه <a href="/node/1028">اللغة</a> &ndash;القناع، التي تصدر عن الوسخ التاريخي.</p>
 

الصفحة الرئيسية