لماذا تراجعت عمليات التنظيمات الإرهابية "الإخوانية" في مصر؟

الإخوان المسلمون

لماذا تراجعت عمليات التنظيمات الإرهابية "الإخوانية" في مصر؟


13/02/2018

شهد مؤشر العمليات الإرهابية للتنظيمات المنبثقة عن جماعات الإخوان المسلمين في مصر، تصاعداً واضحاً خلال العام 2016، إلا أنّه بدأ في الهبوط بشكل ملحوظ في منتصف العام 2017 حتى بدايات العام الحالي 2018، مما يستدعي تحليل أسباب تراجع الأداء الإرهابي لتلك التنظيمات، وخاصة تنظيمي؛ "لواء الثورة" و"حسم"، ودور الضربات الأمنية التي تلقاها التنظيمان في العام الماضي، وهل ثمة عوامل أخرى تقف وراء ذلك؟

هبوط مؤشر العنف

منذ 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2017 عندما زعمت "حسم" استهداف سفارة ميانمار بقنبلة صوتية، وهو البيان الذي كذبته وزارة الداخلية المصرية، لم تتبنَّ الحركة عمليات أخرى، بينما أعلنت السلطات عن توجيه عدد من الضربات الأمنية لها على فترات متباعدة.

أما تنظيم "لواء الثورة"، الذي أعلن عن وجوده بعملية اغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي إسماعيل أمام منزله بالقاهرة في 22 تشرين الأول (أكتوبر) العام 2016، فلم ينفّذ سوى عملية واحدة في العام 2017 وحتى كتابة هذا التقرير، وهي تفجير دراجة نارية أمام مركز تدريب للشرطة بطنطا (شمال القاهرة) أسفر عن مصرع شرطي واحد وإصابة 15 آخرين في الأول من نيسان (إبريل) من العام نفسه، فيما أُعلن في 11 آذار (مارس) 2016 عن مقتل أربعة من عناصر الحركة، خلال عمليات تبادل إطلاق مع قوات الأمن.. وكان التنظيم أعلن عن "عملية نوعية" في 2016، وهي استهداف كمين "العجيزي" بمحافظة المنوفية (شمال القاهرة) وذلك في نهاية آب (أغسطس) من العام نفسه.

منذ 1 تشرين الأول 2017 لم تتبنَّ "حسم" عمليات أخرى بينما أعلنت السلطات عن توجيه عدد من الضربات الأمنية لها على فترات

انطلاق سيناء 2018

ورغم هذا الانحسار الكبير في هذه العمليات، إلا أن وزارة الداخلية المصرية، قد أصدرت بياناً في اليوم الأول لإطلاق قوات إنفاذ القانون للعملية الشاملة (سيناء 2018) الشهر الحالي التي تعدّ الأكبر في تاريخ المواجهات العسكرية والأمنية المصرية مع الإرهاب، قالت فيه إنّ قطاع الأمن الوطني تمكّن من كشف مخطط لعناصر "حسم" أحد الأجنحة المسلحة لجماعة الإخوان الإرهابية لتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية المتزامنة تستهدف المنشآت السياحية والمرافق الحيوية والقوات المسلحة والشرطة (وفق نص البيان).

لم تكن هذه الضربة الأولى التي توجهها الأجهزة الأمنية المصرية لتلك الحركة، فقد استهدفتها بضربات عديدة في العامين الماضيين، وهو ما اعتبره الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، أحمد بان، مؤشراً بجلاء على مدى ضعف تلك التنظيمات، وافتقادها للخبرة المتراكمة لدى نظيراتها المتفرعة من تنظيمي داعش والقاعدة.

شهد مؤشر العمليات الإرهابية للتنظيمات المنبثقة عن جماعات الإخوان في مصر هبوطاً بشكل ملحوظ مع منتصف العام 2017

وأضاف بان لـ"حفريات" بعداً جديداً لظاهرة "التكلس" في عمليات تلك التنظيمات، وهو الداخل الإخواني نفسه؛ إذ يرى الجناح الأكبر المحسوب على القيادي في الجماعة، محمود عزت، عدم جدوى تلك العمليات، مما تبع ذلك محاولات لاحتواء جناح العنف في الجماعة، وذهاب المجموعات المصرّة على ممارسته للعمل تحت لافتات جديدة ومنفردة، ولأنَّ الأجهزة الأمنية تملك قدراً كبيراً ومتراكماً من المعلومات عن الجماعة، فقد سهّل ذلك من محاولات تفكيك شبكاتها، وخلاياها الهشة، التي اتسمت بالعشوائية والبدائية في ساحات العنف.

"لواء الثورة" لم ينفّذ سوى عملية واحدة في العام 2017 وحتى الآن

تجفيف التمويل وضربات متوالية

في 9 شباط (فبراير) 2018، أعلنت الداخلية المصرية القبض على 14 من حركة "حسم" وتصفية 3 آخرين؛ حيث ذكرت في بيانها أنَّ تلك المجموعات "خطّطت لتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية، خلال الفترة المواكبة لبدء إجراءات الانتخابات الرئاسية؛ لإحداث حالة من عدم الاستقرار بالدولة".

أُعلن في آذار 2016 عن مقتل أربعة من عناصر لواء الثورة خلال عمليات تبادل إطلاق مع قوات الأمن

من جهته يقول الباحث في مركز الأهرام الإستراتيجي علي بكر إن الضربات الأمنية "الاستباقية" ضد حركتي حسم ولواء الثورة، كانت سبباً أساسياً في قصم ظهر التنظيمين، وإحباط تحركاتهما خلال الأشهر الأخيرة، ويرى في تصريحاته لــ"حفريات" أنَّ قلة خبرة الجماعات النوعية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في العمل التنظيمي المسلح، باعتبار أن معظم عناصرهم ينحدرون من الجماعة التي فُقد تعدد كبير من كوادرها سواء بالقبض عليهم أو تصفيتهم على يد قوات الأمن، كان لها تأثير كبير على الحركة ووضعها، لافتاً إلى أن مصادر التمويل قد تقلصت أيضاً في الأشهر الماضية، "مما ترتب عليها اهتزاز الهيكل التنظيمي لتلك الحركات بشكل كبير لقدرة الأمن على الوصول للضواحي والمزارع، وفهم إستراتيجية عناصر الحركة في الاختباء وسط الأماكن المزدحمة".

وتوقع بكر اختفاء جميع الحركات النوعية المسلحة التابعة للإخوان وعلى رأسها "حسم ولواء الثورة" بشكل كامل بنهاية العام الحالي 2018، مضيفاً أنّ "أهم ما يميز العملية العسكرية الشاملة هو قيامها على إستراتيجية واضحة لتجفيف منابع الإرهاب بدك معاقله، ثم تمشيط المنطقة المحيطة به بعد ذلك، وتشديد الحصار عليها لمنع تسلل العناصر الإرهابية، فضلاً عن استهدافها الدلتا والظهير الصحراوي، وسيناء في وقت واحد بقوات كبيرة لتحقيق أكبر قدر من النجاح".

نهاية أم سكون مؤقت؟

تستخدم تلك التنظيمات إستراتيجية الكمون لفترات طويلة في بعض الأوقات، لأسباب عديدة ومختلفة، منها إشعار عدوها بأنه انتصر بالفعل، كي تفاجئه مرة أخرى بضربات أكثر شراسة وقوة، وهو ما تحدث عنه أبو مصعب الثوري، المنظر السلفي الجهادي، في كتاب "المقاومة الإسلامية العالمية"، الذي تأثّرت بكتاباته الجماعات الإرهابية بكافة فصائلها وتنوعاتها.

في 9 شباط 2018 أعلنت وزارة الداخلية المصرية القبض على 14 من حركة حسم وتصفية 3 آخرين

إلا أنّ الباحث المتخصص بمركز الأهرام أحمد كامل البحيري، يرى في تصريحه لـ "حفريات" أنّ الأجهزة الأمنية المصرية باتت أكثر يقظة في الفترة الأخيرة، وحقّق الجيش والشرطة نجاحات واسعة ضد تلك العناصر، مسلّطاً الضوء على تغيير أجهزة الشرطة من إستراتيجيتها التي أصبحت تصل إلى أوكار البؤر الإرهابية في القرى والمزارع، وتكتشف معامل صغيرة لصناعة المتفجرات والعبوات الناسفة، وهو ما يؤكد قدرة الأمن والشرطة على اختراقها.

وهو ما لفتت له الداخلية المصرية في بيانها الأخير؛ إذ إنها أكدت أنّها "أعدّت خطة أمنية موسعة لتطويق مسارات تحركات عناصر الحركة المشار إليها بمحافظات مصرية تنتشر فيها عدة بؤر إرهابية، ومداهمة أوكار اختباء الإرهابيين فيها"، ويأتي ذلك متزامناً مع "العملية الأمنية الشاملة"، التي أطلقتها القوات المسلحة والشرطة المصرية في سيناء والظهير الصحراوي، والدلتا، للقضاء على الإرهاب وشل حركته في مصر.

البحيري: اتجاه عدد من الدول الكبرى لوضع التنظيمات الإرهابية المصرية على لائحة الإرهاب أثر كثيراً على مصادر تمويلها

ويضيف البحيري عاملاً آخر هو "اتجاه عدد من الدول الكبرى لوضع التنظيمات الإرهابية المصرية على لائحة الإرهاب لديها وآخرها بريطانيا في 22 كانون الثاني (ديسمبر)  من العام 2017، والخزانة الأمريكية في 31 كانون الثاني (يناير) الماضي، يؤثر بشكل كبير على مصادر تمويل تلك الجماعات ويضع داعميهم، خاصة من الخارج، في مواقف محرجة".

واستبعد البحيري، سبب انخفاض عمليات تلك التنظيمات لثقل تحركاتها أو العمل على إعادة أوراقها، لافتاً أنّ قدرتها على العمل السري، وإعادة تشكيل صفوفها ضعيف للغاية ولا يصل للحد الاحترافي كما في تنظيمات داعش والقاعدة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية