مجازر تركية في عفرين على وقع اتفاقات لشل الأكراد واحتوائهم

سوريا

مجازر تركية في عفرين على وقع اتفاقات لشل الأكراد واحتوائهم


22/02/2018

واصلت حملة "من أجل عفرين" رصدها بالوثائق والصور والفيديوهات، ما اعتبرته "مجازر" الجيش التركي بحق المدنيين في قرى عفرين، في وقت شهد أنباء متضاربة بشأن توافقات غامضة حول عفرين تتعلق بدخول قوات موالية للنظام السوري للمنطقة التي تتعرض لهجوم عسكري تركي منذ حوالي شهر.

وتتناقل أطراف الأزمة أنباء عن عقد اتفاق مع "روسيا"، الدولة التي بدخولها للأزمة السورية منعت النظام السوري من السقوط.

وقال التقرير الصادر أمس، عن حملة "من أجل عفرين" والذي وصل "حفريات" نسخة منه، إنّ الجيش التركي ارتكب خلال عمليات القصف الجوي والأرضي منذ بدء العملية العسكرية مجازر عدة بحق المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء في قرى محيطة بعفرين شمال غرب سوريا.

وبحسب التقرير، فإنّ عمليات القصف أودت بحياة عشرات الأشخاص في وقت قضت عوائل كاملة جراء ذلك.

 

 

قصف قرية باسوطة

وطال القصف أول من أمس الثلاثاء قرية باسوطة التي تقع على بعد نحو عشر كيلومترات إلى الجنوب من مدينة عفرين أصيب على إثره نحو ثمانية أطفال وفقدت طفلة حياتها، بحسب نشطاء ميدانيين.

الطبيب جوان محمد من إدارة مشفى أفرين تحدث للحملة قائلاً إنّ "الشهداء والجرحى الذين يصلون إلى مشفى أفرين أغلبهم من النساء والأطفال، ونستغرب من أقوال بعض السياسيين الأتراك في عدم قتل المدنيين، فهناك يومياً مجازر ترتكب بحق النساء والأطفال، وكمثال هناك 11 شخصاً من عائلة واحدة أغلبهم نساء وأطفال، هذا فقط من باسوطة التي تم قصفها الاثنين، عدا المناطق الأخرى التي يأتي منها جرحى أو شهداء".

المسؤول الكردي جيا كرد: يمكن أن نتعاون مع أي جهة تمد يد العون لكون الرأي العالمي صامتاً

وأضاف الطبيب أنه "قد تم توثيق أسماء الجرحى والشهداء الذين وقعوا في قرية باسوطة، ولا يزال الجرحى في المشفى. كما أنّ جثة أحد الشهداء لا تزال في براد المشفى"، منوهاً إلى أنّ "غالبية المجازر التي تحدث تكون بحق الأطفال من عوائل كاملة، حيث يقتل الأب والأم وأطفالهم، كما حدث في مجزرة قرية غوبله بريف عفرين، فكان الضحايا 6 والباقي كانوا صغار السن".

بحسب التقرير، فإنّ عمليات القصف أودت بحياة عشرات الأشخاص في وقت قضت عوائل كاملة جراء ذلك

ويقول خليل كلاحو، وهو جريح ووالد لطفلين جريحين: "استُهدفنا براجمات الصواريخ بقصف عشوائي في قرية باسوطة، ونتيجة لهذا القصف وقع 9 ضحايا، ما بين جروح خفيفة وجروح عميقة، استشهدت خلال هذه الواقعة فتاة في الـ13 من عمرها، هي ابنة عمي واسمها هيفا كلاحو". وأكد: "باسوطة معروفة بسلامها والتعايش السلمي بين سكانها، بين كردها وعربها، وهي بعيدة عن خطوط الجبهة عدة كيلومترات، وليست على تماس مع المعارك المباشرة".

أما الطفلة آفا كلاحو (8 سنوات من باسوطة) فتروي ما جرى معها وتقول: "كنت ألعب أنا وأولاد عمي وسقطت بالقرب منا قذيفة، وقد أصبت في يدي بينما استشهدت ابنة عمي، من ثم جاء بنا أبي إلى المستشفى".

ويقول مصطفى عبدو (من أقارب الجرحى من باسوطة): "سقطت قذائف على باسوطة حيث سقطت 10 قذائف ما بين الساعة الثانية والثانية والنصف. نحن بعيدون عن الجبهة، ورغم ذلك تسقط القذائف بشكل عشوائي". وتساءل: "هؤلاء الصغار ما ذنبهم، وهناك 9 جرحى وشهيد أيضاً، أين هي حقوق الإنسان التي يتكلمون عنها، هناك دمار كبير حدث في القرية حيث تضررت أكثر من 10 منازل فيها".

أكراد سوريا هم حلفاء أمريكا وموطئ قدمها، ومن الطبيعي أنها لا تريد قوة لحلفاء غريمتها في سوريا

وتشرح حنيفة خليل، وهي من أهالي قرية باسوطة: "كنا جالسين في بيتنا، أثناء الغداء سمعنا صوتاً في الجهة المقابلة للبيت، فهربنا إلى أحد الأقبية، من ثم وبعد أن عدنا في فترة العصر رأينا بيتنا مهدماً، مع بيت ابني وبيتين اثنين لجيراننا، وكانت القذائف قبل ذلك قد أدت إلى جرح أطفال في القرية كما استشهد أحدهم".

لقاءات لجرحى وبعض أهالي باسوطة (فيديو) : انقر هنا

وكانت قوات الجيش التركي وموالوه قصفت من قبل مركز مدينة عفرين بالقرب من مدينة الملاهي بالمدفعية، ما أسفر عن إصابة ستة أشخاص من عائلة واحدة بينهم أطفال.

وقال سيبان جان وهو صحفي وناشط إنّ "الجيش التركي قام خلال يومين متتاليين بقصف مركز مدينة عفرين، ما أدى إلى إصابة مدنيين بجروح خفيفة في وقت احترقت نحو سبع سيارات عائدة لمدنيين في مركز عفرين".

واستهدف القصف الأسبوع الماضي ناحية جنديرس و ناحية شرا، في حين  وردت أنباء عن قصف قرية تل سلورة في جنديرس بالأسلحة الكيماوية. ونتيجة لذلك جرح عدد من المدنيين، ومن المقرر إسعافهم إلى المشفى لمراقبة وضعهم الصحي، لأنّ الفرق الطبية لا تستطيع الوصول إليهم نتيجة القصف المستمر، كما يذكر سيبان جان، الذي أضاف أنّ مدرسة ثانوية دمرت بشكل شبه كامل في جنديرس.

بدران جيا كُرد: قوات جيش النظام السوري ستنتشر في بعض المواقع الحدودية وقد تدخل منطقة عفرين

قوات سورية إلى عفرين بين التأكيد والنفي

وفي سياق التطورات الميدانية، السياسية والعسكرية، أعلن بدران جيا كُرد، المستشار بالإدارة التي تدير مناطق الحكم الذاتي بشمال سوريا، أن قوات جيش النظام السوري ستنتشر في بعض المواقع الحدودية وقد تدخل منطقة عفرين.

وقال جيا كرد "يمكن أن نتعاون مع أي جهة تمد يد العون لكون الرأي العالمي صامتاً، وما يرتكب من جرائم وحشية أمام مرأى ومسمع العالم"، في إشارة إلى الهجوم التركي على عفرين.

الحديث عن هذا الاتفاق أكده، كما أفاد موقع "العربية" إعلام النظام السوري، وتلاه موقف تركي مرحّب على لسان وزير خارجيتها مولود تشاووش أوغلو حيث قال: "لا مشكلة إذا دخلت قوات النظام السوري عفرين للقضاء على وحدات حماية الشعب الكردية"، ولكنه حذّر أيضاً وأضاف: "إذا دخلت قوات سورية لعفرين لحماية المقاتلين الأكراد فلا يمكن لأحد وقف القوات التركية".

ولم تمض ساعات على إعلان الاتفاق والترحيب التركي حتى جاءت أنقرة بموقف جديد جاء هذه المرة على لسان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالِن الذي أعلن موقفه بتغريدة على موقع تويتر قائلاً: "إن الأنباء الواردة حول اتفاق النظام السوري مع التنظيم الإرهابي (وحدات حماية الشعب الكردية)، بخصوص عفرين، تهدف لتحقيق أغراض دعائية، إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود مساومات سرية وقذرة بينهما"، كما قال.

الموقف التركي رافقه موقف كردي نافٍ للاتفاق المعلن عنه. وقال نوري محمود، المتحدث باسم الوحدات لرويترز بالهاتف "ليس هناك أي اتفاق. فقط يوجد دعوة من قبلنا بأن يأتي جيش (النظام) السوري ويحمي الحدود".

أردوغان أجرى محادثات الإثنين الماضي مع كل من بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني عن سوريا

أردوغان: تركيا أحبطت المخطط

وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أول من أمس الثلاثاء، إن تركيا أحبطت نشراً محتملاً لقوات سورية في منطقة عفرين بشمال غرب سوريا بعد محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأضاف أنّ قوات تركية وحلفاءها السوريين سيبدأون حصار عفرين في الأيام المقبلة في إطار العملية التركية.

وقال متحدث باسم الحكومة التركية إنّ أردوغان أجرى محادثات الإثنين الماضي مع كل من بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني عن سوريا.

الأكراد: روسيا تضع العقبات

بدوره، اتهم سليمان جعفر، العضو بالمجلس المحلي لعفرين أول من أمس، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، روسيا بوضع العقبات أمام الاتفاق الذي ترددت الكثير من الأنباء مؤخراً بشأن التوصل إليه بين النظام السوري ومسلحين أكراد للسماح لقوات شعبية موالية للأسد بدخول عفرين لدعم المسلحين الأكراد في مواجهة العمليات التي تقودها تركيا ضدهم.

وقال جعفر، إنّ "المفاوضات مستمرة منذ أسبوع، إلا أن الروس يضعون العراقيل حتى لا يسمحوا بتنفيذ مثل هذا الاتفاق"، مضيفاً: "لدينا معلومات مؤكدة بأن روسيا أعطت لتركيا الضوء الأخضر لتدمير كل شيء في عفرين".

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تنسق هي الأخرى مع الروس. وأضاف: "يبدو أن القوتين العظميين (الولايات المتحدة وروسيا) أعطتا تركيا اليد العليا لمهاجمة عفرين".

قوات موالية للأسد تدخل عفرين

ولكن مساء أول من أمس حدث تطور جديد وهو دخول ميليشيات موالية لرئيس النظام السوري بشار الأسد منطقة عفرين، وهو ما أربك الإعلام والمحللين السياسيين.

وأعلنت القوات الشعبية السورية (ميليشيات تابعة لنظام الأسد)، مساء الثلاثاء، تسلمها مواقعها بالتنسيق مع وحدات حماية الشعب الكردية.

القائد الكردي سليمان جعفر: لدينا معلومات مؤكدة بأنّ روسيا أعطت لتركيا الضوء الأخضر لتدمير كل شيء في عفرين

ونقلت وكالات إعلام عالمية عن مصادر كردية: "دخلت مجموعتان من القوات الشعبية إلى منطقة عفرين وانتشرت في المواقع المحددة لها، وأن مجموعة ثالثة لم تدخل إلى المنطقة بعد تعرض معبر الزيارة لقصف من القوات التركية". وأكدت المصادر أنّ عمليات وصول القوات وانتشارها سوف تتواصل خلال اليومين القادمين.

وحسب التقارير دخلت عشرات الآليات العسكرية والعربات المزودة بأسلحة متوسطة ومضادات طائرات، وتحمل مئات من المقاتلين، إلى منطقة عفرين.

وقال نوري محمود، الناطق الرسمي لوحدات حماية الشعب في بيان، إنّ قوات النظام السوري "لبت الدعوة واستجابت لنداء الواجب، وأرسلت وحدات عسكرية اليوم للتمركز على الحدود والمشاركة في الدفاع عن وحدة الأراضي السورية وحدودها".

أردوغان: قافلة مقاتلين موالين للنظام السوري كانت بصدد دخول منطقة عفرين عادت أدراجها بعد قصف مدفعي تركي

أردوغان مجدداً: اتفقنا مع روسيا

بعد هذا الإعلان قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن قافلة مقاتلين موالين للنظام السوري كانت بصدد دخول منطقة عفرين بشمال غرب سوريا عادت أدراجها بعد قصف مدفعي تركي، مضيفاً أن القافلة كانت مؤلفة من "إرهابيين" تصرفوا بشكل مستقل.

وأضاف أردوغان أنه توصل في وقت سابق إلى اتفاق بشأن القضية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني، وقال إن الجماعة، التي ذكر أنها مؤلفة من مسلحين شيعة، ستدفع ثمناً باهظاً.

الأكراد: اتفاقنا مع الأسد كان بوساطة روسية

وأكد رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي السابق أن قوات سوريا الديمقراطية عقدت اتفاقاً عسكرياً "فقط" مع النظام السوري وبوساطة روسية، مبيناً أنّ النداءات للنظام بدأت من الإدارة الذاتية في عفرين منذ نحو 23 يوماً (منذ بداية عملية غصن الزيتون التركية)، وأنّ الهدف من النداءات كان أن تتحمل الحكومة السورية مسؤولياتها وتدافع عن سيادتها في المنطقة الشمالية.

 هل سوف يأخذون سلطة المنطقة من الأكراد، أم سوف يدعمونهم في مواجهة تركيا؟

موقع الروس من الأزمة

دخلت ميليشيات موالية للأسد إلى عفرين واستمرت تركيا بمدفعياتها وطائراتها بقصف المنطقة لردعها. وتوعدت تركيا أمس الأربعاء بعواقب وخيمة، وذلك بعدما دخلت قوات موالية للحكومة السورية منطقة عفرين لمساعدة مقاتلين أكراد على صد هجوم تركي.

ويفتح هذا الباب أمام المزيد من التصعيد في الجبهة الشمالية في الصراع، حيث يتواجد كل من تركيا ومقاتلي المعارضة وجيش النظام السوري ومقاتلين مدعومين من إيران ومقاتلين أكراد وروسيا والولايات المتحدة.

حلفاء روسيا يدخلون عفرين وليس معلوماً الدور الذي سيلعبونه وما التوافق الذي جرى بينهم وبين الأكراد

يأتي هذا الوضع في حين أنّ الأطراف المتنازعة تتحدث عن اتفاق مع روسيا. وتساءلت "العربية": مع أي جهة اتفقت روسيا فعلاً؟ وبالأحرى، ما هي اللعبة التي تريد أن تلعبها موسكو في هذه الأزمة.

وكانت روسيا تلقت قبل أيام ضربة كبيرة من الولايات المتحدة وحلفائها الأكراد في دير الزور، حيث قتل ما لا يقل عن 200 من مرتزقتها.

ويرى مراقبون أن أكراد سوريا هم حلفاء أمريكا وموطئ قدمها في هذا البلد. ومن الطبيعي أنها لا تريد قوة لحلفاء غريمتها في سوريا.

في المقابل، حلفاء روسيا يدخلون عفرين وليس معلوماً ما هو الدور الذي سوف يلعبونه، وما هو التوافق الذي جرى بينهم وبين الأكراد الذين تعتبرهم تركيا أكبر أعدائها. هل سوف يأخذون سلطة المنطقة من الأكراد، أم سوف يدعمونهم في مواجهة تركيا؟

الصفحة الرئيسية