مسيحيو الشرق: 2000 عام من المحبة والتسامح وتقاسم القداسة

مسيحيو الشرق: 2000 عام من المحبة والتسامح وتقاسم القداسة


22/11/2017

المتجوّل في معهد العالم العربي في العاصمة الفرنسية باريس، ستثير انتباهه قطع أثرية توضح ثراء الكنائس في العالم العربي مثل قطع الفسيفساء الآتية من الكنائس الأولى في فلسطين والأردن وسورية، ورسوم وجوه الرهبان الأقباط من دير مصري، والكثير من القطع الأثرية المتميزة التي تلقي الضوء على المحيط الثقافي والسياسي الذي ولدت فيه المسيحية، وتذكر بالأسس التاريخية والممارسات المعاصرة، من خلال معرض فنيّ افتتح في معهد العالم العربي، يتناول تاريخ المسيحيين في الشرق الأوسط، ويستمر حتى 14 كانون الثاني (يناير) 2018.

يتتبع المعرض تاريخ المسيحيين العرب منذ ولادة المسيحية حتى يومنا هذا، في حوار بين الماضي والحاضر والمستقبل

   ويأمل المنظمون أن يتيح المعرض الفرصة لفهم المكانة التي يشغلها الدين المسيحي في الشرق، وكذلك التنوع الكبير في الأشكال التي اتخذها، مما يتجلى في  تعددية الكنائس والقديسين والممارسات الطقسية والتقاليد والأماكن. مع العلم أنّ هذه المسيحية الشرقية مازالت مجهولة في الغرب إلى حد إلى حد كبير، كما أفاد تقرير منشور على الموقع الإلكتروني للمعهد.
ويساهم المعرض أيضاً في إبراز حيوية هذه المجتمعات المسيحية العربية والاضطرابات التي تمر بها في الفترة الأخيرة بسبب الأوضاع السياسية التي تعيشها المنطقة.
يُنظم المعرض بتعاون وثيق مع ممثلي مختلف الطوائف المسيحية، معتمداً على قطع أثرية أساسية من التراث المسيحي الشرقي، مما يجعله الأول من نوعه على مستوى الحجم والطموح وتنوع الخطاب.

مسار المعرض

يتتبع مسار المعرض تاريخ المسيحيين في العالم العربي منذ ولادة المسيحية حتى يومنا هذا، في حوار بين الماضي والحاضر والمستقبل.
وستكون الكنائس كلها حاضرة في هذا المعرض: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الكنيسة الآشورية الكلدانية، الكنيسة المارونية، الكنيسة اليونانية الأرثوذوكس، كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك .


يعتمد المعرض على بعض الأحداث التاريخية البارزة مثل اعتبار المسيحية دينَ الدولة في القرن الرابع، وتشكيل مختلف الكنائس، والفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي، ووصول المبشرين الكاثوليك والبروتستانت في القرن السادس عشر، وانشقاق الكنائس الشرقية، والنهضة العربية في القرن التاسع عشر، والمشاركة البارزة للمسيحيين فيها، والتجديد الثقافي والديني ضمن الأوضاع السياسية في القرنين العشرين والحادي والعشرين.

يضم المعرض كتابات على الرق للراهب القبطي الشهير شنودة، ومسلات وتذكارات من  الحج مع صور القديس مينا والقديس سمعان والقديسة تقلا، وكؤوساً وأطباقاً فضية من كنوز الكنائس السورية.. وسواها.

 

الكنائس بعد الفتح العربي
وتحتفظ الكنائس بخصوصيات طقوسها الدينية بعد الفتح العربي، إذ يبيّن المعرض بشكل واضح غنى قراءة وترجمة ونقل النصوص المسيحية الرئيسية، وذلك من خلال  تقديم مخطوطات باللغات اليونانية والسريانية والقبطية والعربية، أو ثنائية اللغة أحياناً، مكتوبة  في الفترة التي تمتد ما بين القرن الخامس إلى الرابع عشر في سوريا أو العراق أو مصر. وفي المعرض أيضاً روائع من الفن الإسلامي بأسلوب مسيحي يبرز قيمة خبرة الحرفيين المسيحيين والعلاقات الفنية الوثيقة بين المسيحيين والمسلمين آنذاك.

منذ بداية القرن الخامس عشر، توجهت أوروبا تدريجياً نحو المسيحيين في العالم العربي الذين كانوا مطلوبين فيها لتعليم اللغة العربية، فقد وجهت الدعوة إلى مسيحيين عرب لتعليم اللغة العربية في الكليات الرئيسية التابعة للقصور الملكية. وعبر  التدريس والترجمة، ثم  التجارة بين بلاد الشام وأوروبا، يكتشف زوار المعرض الدور البارز الذي قام به المسيحيون الشرقيون كوسطاء ثقافيين بين الشرق والغرب. في المعرض أيضاً بعض الأناجيل الأولى المطبوعة في قزحيا وروما وباريس والأردية المصنوعة في ورشات نسيج حلب وأيقونات من مدرسة القدس وصحف تعود إلى عصر النهضة مطبوعة في مصر أو لبنان تشهد كلها على الزخم الثقافي والحِرَفي الذي كان يعيشه مسيحيو العالم العربي بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر.

يبرز المعرض حيوية الكنائس اليوم برغم التغيرات السياسية، ويدعو إلى حماية هذا التراث المسيحي الشرقي الغني

ينتهي مسار المعرض بالتعرف على حيوية الكنائس اليوم برغم التغيرات السياسية التي عاشها العالم العربي في القرن العشرين والحادي والعشرين، فينتقل الزائر من الموشحات الدينية التي تتوجه إلى مريم العذراء في شوارع المدن اللبنانية، إلى إحياء حياة الرهبنة المصرية، وتقاسم الأماكن المقدسة بين المسيحيين والمسلمين، وصولاً إلى النتيجة الواضحة في نهاية المعرض، وهي ضرورة حماية هذا التراث المسيحي الشرقي الغني.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية