الموت يغيب الطيب الوحيشي: عانق الحياة بكل جموحها

السينما

الموت يغيب الطيب الوحيشي: عانق الحياة بكل جموحها


26/02/2018

أسدلت ستارة المسرح على المخرج التونسي الطيب الوحيشي الذي غيّبه الموت أواخر الأسبوع الماضي، بعد رحلة فنية غنية رفدت السينما العربية بأجمل إبداعاتها، واشتبكت مع أسئلتها السياسية والجمالية.
ونعت وزارة الثقافة التونسية في بيانٍ لها الوحيشي، معربة عن بالغ حزنها، "لفقد أحد أهم علامات السينما التونسية" عن سبعين عاماً، حصد خلالها التكريم والإعجاب، وأثار زوابع عديدة من الدهشة.

محمد ملص: الوحيشي من السينمائيين العرب الذين أرادوا لا أن يغيروا السينما فقط؛ بل والواقع أيضاً

ولد الطيب الوحيشي في حزيران (يونيو)، من العام 1948، وترعرع في مدينة مارت التونسية، أحد أجمل المناطق الزراعية في تونس، ودرس في شبابه علم الاجتماع، ثم درس السينما في فرنسا، وتخرج من أكاديمية الفنون في باريس عام 1970.
وخلال مشواره، قدّم العديد من الأفلام السينمائية، وحصد العديد من الجوائز العالمية، كان على رأسها جائزة النقاد في مهرجان كان السينمائي الدولي عام 1982، عن رائعته "ظل الأرض"، كان محباً للفرنسية، مُلماً بفنونها. وحصد الراحل التانيت الذهبي الأول لمهرجان قرطاج السينمائي الدولي عام1972، عن فيلمه "قريتي واحدة مثل كل القرى"، كما تمّ تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي عام 2014، عن فيلمه "طفل الشمس".

واعتبر فنانون ومخرجون سينمائيون ونقاد، غياب الوحيشي خسارة لفنان تقدمي عانق الحياة بكل جموحها.


نوري بوزيد: أوراق العمر تذبل
المخرج السينمائي التونسي نوري بوزيد، الذي شعُر بالصدمة من خبر وفاة الوحيشي، نعى رفيق رحلته الفنية، إذ قال لـ"حفريات" إنّ "الخبر كان بمثابة صدمة تلقيتها عبر الهاتف، من أحد الأصدقاء، شعرت أنّ أوراق العمر تذبل، والأصدقاء يتساقطون من حولي، حزن عميق خلّفه لي فقدان الوحيشي، طيب القلب، رقيق المشاعر، كان لديه زخم من المعرفة والعلم، وبالرغم من الحادثة التي أجلسته لعقد من الزمان على كرسي متحرك، إلا أنّه كان راضياً بقضاء الله، مقبلاً على الحياة كأنّه ابن العشرين، ولم تغب بسمته عن محبيه وأقرانه، حتى اختطفه الموت من بيننا، فعلى روحه ألف رحمة".
خميس الخياطي: وداعاً أيُها الودود
الناقد السينمائي التونسي، خميس الخياطي، عبر عن حزنه بكلمات مؤثرة: "إن كان الجميع يحزن لوفاة الوحيشي، فإنّ حزني مضاعف، لعلمي ببالغ الخسارة التي خسرتها السينما التونسية، وكل مثقفي الوطن العربي، لقد كان الوحيشي ودوداً خلوقاً حسن المعشر، متقد الموهبة، مرهف الحس، أحبّ الفن، وعشق السينما، كانت عيناه كاميرا تلتقط جماليات الحياة، تعارفنا في ستينات القرن المنصرم، وقت أن كُنا شباباً نتناقش في السياسة، وقضايا التحرر الوطني في أفريقيا والوطن العربي".
علاء الدين سليم: المبدعون لا يغيبون
المخرج التونسي علاء الدين سليم، قال إن الوحيشي يمثل الفن الراقي المُلهم، والفن الثوري التقدمي السابق عصره: "كان الطيب الوحيشي أستاذاً وملهماً، ولم تكن أعماله مجرد جماليات للصورة، بل كانت أعمالاً تقدمية، تعبر عن هموم صاحبها الإنسانية، تجاه الوطن، وقضايا الإنسان، قدم فناً تقدمياً سيظل خالداً مدى الدهر، وإذا استطاع الموت وحده تغييب الإنسان، فالمبدعون أبداً لا يغيبهم الموت، فإن إبداعهم قاطرة المرور إلى عالم الخلود، يظلون أحياءً يسيرون بين الناس، عبر أجيال جديدة، تستقي من إبداعهم، ونظرتهم الكونية الشاملة، التي تتخطى نظرة الإنسان العادي..رحمة الله عليك أيُها الوحيشي طيب القلب".

نوري بوزيد: شعرت أنّ أوراق العمر تذبل، والأصدقاء يتساقطون من حولي، حزن عميق خلّفه لي فقدان الوحيشي

الطاهر شيخاوي: تونس تفقد أنجب أبنائها
وبغياب الوحيشي، تفقد تونس، كما يرى الناقد التونسي الطاهر شيخاوي "أنجب أبنائها، حتى الأرض التي حملته، تشعر بفقده، حيث فقدت أحد مؤسسي الحركة السينمائية الجديدة في تونس، أكثر فنانيها رقةً، وعذوبة، لقد كان أخي وصديقي الطيب الوحيشي فناناً رقيقاً، مُرهف الحسِ، ذا عينٍ خبيرةٍ ترصد الجمال في التفاصيل الصغيرة وتحوله متعةَ للعين والعقل، صوراً رمزيةً لطيفةً تَشِي وتبوحُ في حياءٍ ولا تفصحُ إلا قليلًاً، هكذا كانت أفلامه "ظل الأرض" و"عرس القمر" وقبل ذلك "الزيارة" و"قريتي" الذي حصل على التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج سنة 1972".
حميد بن عمره: باقٍ فينا رغم الفناء
المخرج الجزائري حميد بن عمره، لاحقته الذكريات التي جمعتهما معاً، مما زاد حزنه، فعبّر عن فقدان صديقة باستذكار أنه "كان فناناً شاعراً وإنساناً مؤمناً بقضايا الإنسانِ، عزاؤنا فيك يا طيب أنّك باقٍ فينا وبيننا ما بقيتْ أعمالك وإبداعاتك خالدةً رغم الفناء".
نورس الرويسي: علمتنا حب الحياة
الباحثة السينمائية، وأحد أعضاء الجامعة التونسية لنوادي السينما نورس الرويسي، نعت الراحل الوحيشي فقالت: "ترجّل الطيّب الوحيشي بعد أن لاعب الموت وناوَرَه على مدى عقد من الزمن، حيث تعرّض في الخليج لحادث مميت منذ عشر سنوات وتمّ إنقاذه بأعجوبة ونُقِل بطائرة خاصة إلى باريس حيث ظلّ أسابيع في غيبوبة، لكن إرادة الحياة انتصرت وخضع فترة طويلة للعلاج الطبيعي، واستعاد لياقته الذهنيّة لكنه فقد القدرة على الحركة، واستطاع بشجاعة نادرة أن يضع مصيبته بين قوسين، وأن يواصل الحلم مقرّراً العزم على مواصلة مشواره الإبداعي، فأخرج فيلمين طويلين رغم الإعاقة، لقد علمتنا حب الحياة، وقوة الإرادة، وها قد غيبك الموت عنّا، ولكنك حاضر في القلب والروح".
محمد ملص: فقد ظله وفقدناه
المخرج السوري محمد ملص نعى صديقه التونسي، بكلمات تختزل معاني عميقة: "صاحب ظل الأرض والمتوج بتانيت ذهبي، السينمائي الطيب الوحيشي ... فقد ظله وفقدناه، هو أحد مذاقات جيل من السينمائيين العرب الذين أرادوا لا أن يغيروا السينما فقط؛ بل والواقع أيضاً".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية