موقع عربي21: ضد الانحياز إلا لقطر وتركيا والإخوان

الإخوان المسلمون

موقع عربي21: ضد الانحياز إلا لقطر وتركيا والإخوان


06/03/2018

يمكن للخطاب السياسي أن يتنوع ويختلف، ويمكن للمنصة الإعلامية التي تتبنّى هذا الخطاب، أن تعمل على إبراز هذا الاختلاف، بفعل ما تتلقاه من دعم، يمدها به حامل الخطاب السياسي، أو صانعه المستفيد منه.

وبقدر ما تتحد المنصات الإعلامية، مع حامل الخطاب وتتفق معه، فإنها تختلف عكسياً عن أي منصة أو جهة تحمل خطاباً مضاداً، لكن من المهم بمكان، رصد نقاط التحول، تلك التي يتحول فيها الاختلاف، إلى كراهية. ويتحول فيها التعصب للرأي والأيديولوجيا إلى ثقافة.

المواقع الإلكترونية، السياسية والإخبارية والثقافية في آن، مثل موقع "عربي 21"، تحاول جعل المتلقي شريكاً لها، من خلال تلقيه لخطابها هذا، مهما كان الخطاب متعصباً لحامله وداعمه. وبالمقابل، تشكل بيئة طاردةً للمتلقي الذي ربما يكون مختلفاً معها. أو تجذبه ليستخدم أسلوب خطابها ذاته.

يعرف الموقع رسالته على أنّها "صحيفة عربية إلكترونية إخبارية مستقلة شاملة

رسائل الانحياز

يمتاز موقع "عربي 21"، بواجهةٍ واسعة، تغطي من خلال أقسامها مجالاتٍ عديدة، أبرزها السياسة، الملفات الساخنة، مصر، المقالات والآراء، والرياضة والثقافة. ويعرف الموقع رسالته على أنّها رسالة "صحيفة عربية إلكترونية إخبارية مستقلة شاملة تسعى لتقديم الخبر والتحليل والرأي للمتصفح العربي في كل مكان.  تسعى إلى المساهمة في خلق فضاء إلكتروني يتمتع بالمصداقية، ولذلك فهي لا تتبع لأيديولوجيا معينة، ولا تنحاز إلا لقيم الحرية والكرامة وتطلعات الشعوب العربية، دون الانجرار إلى "بروباغاندا" غير مهنية وغير علمية".

لكن العينات التي يمكن انتقاؤها من الموقع، تثبت للمتلقي ربما، عكس هذه الرسالة، خصوصاً في موضوع البروباغندا والأيديولوجيا. وبهذا الخصوص، يمكن انتقاء الأخبار والآراء السياسية المتعلقة بجماعة الإخوان المسلمين، وقطر وتركيا، إضافةً إلى مصر وملف الأزمة الخليجية، باعتبار أن ما ذكر آنفاً يمثل الملفات السياسية الراهنة في العالم العربي.

يتحدث موقع عربي 21  باعتباره حامل رسالة بعيدة عن الأيديولوجيات لكن انحيازه الأيديولوجي واضح

وفي قسم "سياسة"، يمكن الإشارة إلى "تغطية" تم نشرها بتاريخ 8 شباط (فبراير) 2018، تحت عنوان "الإخوان: لا تصالح مع الانقلاب ولا مانع من البحث عن مخرج"، وانطلاقاً من التناقض في عنوان التغطية، الذي يتحدث عن مقاطعة البنية السياسية القائمة، والبحث عن مخرج في الآن ذاته، تنقل التغطية "تمسك جماعة الإخوان بالرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي، ورفضها التعامل والتفاوض مع سلطة الانقلاب، وانحيازها للمبادئ الديمقراطية التي أقرها العالم الحر".

وبالنظر إلى بنية "التغطية"، يمكن تبرير إبرازها رأي جماعة الإخوان المسلمين دون أي تحليل أو تعليق أو رأي مخالف أو خلفيات، على أنها ليست تغطية بالأصل، إنما مجرد خبر لاجتماع قامت به جماعة الإخوان، غير أن غياب وجود قسم أخبار في الموقع، يسهل عملية بناء الخبر أياً كان، بطريقة موجهة، وفق أجندة أو بروباغاندا، تخدم حامل الرسالة، ومن يدعمه.

خبر الإخوان: (الإخوان: لا تصالح مع الانقلاب ولا نمانع في البحث عن مخرج)

وفي القسم ذاته، يتضح من جديد ربما، تبني الموقع لجماعة الإخوان المسلمين، ودعم آرائهم، وإظهار رأيهم وحده على أنه الصحيح والمنقذ. ففي تقريرٍ منشور بتاريخ 25 كانون الثاني (يناير) 2018 تحت عنوان "إخوان مصر: "سلطة الانقلاب" تدفع الناس لاستخدام السلاح". يبدو العنوان كأنه يشير مباشرةً إلى العنف، أو احتمالية استخدامه، لتكون فكرةً محتملةً لدى القارئ منذ عنوان التقرير وعلى امتداد النص ربما. كما ينقل النص مقولات قياديين في جماعة الإخوان فقط.

ويقوم التقرير، بإظهار رؤيتهم للمجتمع المصري، والحكومة المصرية، ولا يأتي برأي معارض أو موضوعي، بل يكتفي بالقول في بداية التقرير إن "... ضرورة استكمال الثورة لمسيرتها، بعيداً عن العنف والأيديولوجيات". لكنه يعود ليقول "الإخوان المسلمين لديهم رؤية واضحة في كسر وإزالة الانقلاب".

جماعة الإخوان ودولة قطر وتركيا يوضعون في واجهة الموقع بينما يتم طمس معارضيهم والمختلفين معهم في الرأي

ويسند التقرير معظم المقولات، إلى "طلعت فهمي"، المتحدث باسم جماعة الإخوان في مصر. كاشفاً عن أيديولوجيا الإخوان وحدها، دون أن يتطرق إلى الشرعية والديموقراطية اللتين استثمرتها جماعة الإخوان في القمع بحجة الأغلبية، لتستأثر بالحكم في مصر خلال عام 2012. ولم تلجأ الجماعة إلى حديث الحريات والبعد عن الأجندات الخاصة كشعارات، سوى بعد خروجها من الحكم، كنتيجة لإهمالها المعارضة والمطالبات الشعبية آنذاك.

تقرير: (إخوان مصر: "سلطة الانقلاب" تدفع الناس لاستخدام السلاح)

يهتم الخطاب السياسي لموقع عربي 21، بتكرار رسائل محددة، تضع خطاب جماعة الإخوان ودولة قطر وحلفائهم في الواجهة

النقد المحرم

ومن السهل الاستغناء عن مقولة "السياسة هي فن الممكن"، أو أن السياسة يمكن لها أن تكذب، من أجل أن يصدق الآخرون مصالحها على أنها حقائق.

وفي هذا السياق، يأتي تقرير سياسي "تغريدات لمجتهد عن ابن سلمان"، ونشر بتاريخ 17 شباط (فبراير) 2018، ليكشف مدى تناقض الخطاب السياسي مع الواقع، وانعدام موضوعيته ومسؤوليته في قراءة الأحداث، مستبدلاً توثيق المصادر والأحداث والأفكار، بالهجوم الشخصي على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ويستشهد التقرير، بتغريدات مغرد وصفه بالشهير، هو مجتهد، الذي يتحدث عن ولي العهد كأنه يرافقه طوال الوقت، فيصفه بصاحب "الرأي الأوحد، والسياسات الفاشلة في المنطقة والخارج، وينقل تذمره من فشل حصار قطر، وإلخ". ولا يلجأ التقرير، سوى لمقولات مغرد غير معروف الهوية والاهتمامات. فيقوم بترتيبها ونقلها على حالها. محاولاً شيطنة الشخص المستهدف في التقرير. باثاً الكراهية تجاهه.

تقرير مجتهد:  (تغريدات لـ"مجتهد" عن ابن سلمان والأمير أحمد والعساف)

المقالات، لا تبتعد هي الأخرى عن سياق بث الكراهية هذا. وتعد مقالة "ماذا يريد حكام الإمارات من تونس"، مثالاً على الخطاب الموجه لمصلحة دولة قطر منذ صعود الأزمة الخليجية.

فالمقال المنشور بتاريخ 16 شباط (فبراير) 2018، يوجه خطاباً يحمل أبعاداً سياسية، ويتحدث عما أسماه "تدخلات دولة الإمارات العربية المتحدة بتونس"، مستنداً إلى مقولاتِ قنواتٍ ومواقع إخبارية إخوانية، كصحيفة الشرق. دون وثائق ومصادر موضوعية أخرى، غير تلك المنصات الإخوانية التي تعتبر نفسها في صراعٍ مع دولة الإمارات أصلاً". والأهم، أن المقال لا يحمل مضموناً سياسياً. بل يستند إلى "القيل والقال"، وينتهي بالكشف عن هدفه الأساسي، وهو تشويه السياسة الخارجية للإمارات، والدفاع عن دولة قطر.

مقال القديدي: (ماذا يريد حكام الإمارات من تونس؟)

ولا يذكر الموقع كون كاتب المقال، أحمد القديدي، هو سفيرٌ تونسي سابق في دولة قطر، ومستشار سابق لأمير قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني. وهو بهذا، لا يمكنه أن يقدم خطاباً سياسياً نزيهاً، يعرض من خلاله موقفه، إنما يقفز إلى النتائج مباشرةً، دون مقدمات.

ولا يخلو الموقع من تغطياتٍ وأخبار منقولة، تعمل على إبقاء خطاب جماعة الإخوان حاضراً، كما تبقي على الصورة التركية في المنطقة العربية، كراعية للإسلام والمسلمين وحقوقهم، غير أن العديد منها كتقرير: "تحريض إسرائيلي على الدور التركي في القدس ودعم حماس" مثلاً، والمستند إلى الصحافة "الإسرائيلية"، يركز على دعم تركيا لحماس والمقاومة على حد تعبيره. دون أي إشارات إلى أن هذا الدور "الإعلامي في معظمه"، يخفي معالم حجم التبادل التجاري والعلاقات الدبلوماسية العريقة والثابتة بين تركيا وإسرائيل، إضافةً إلى استثمار تركيا في القضية الفلسطينية للتغطية على مصالحها في الوطن العربي.

أحمد القديدي، كاتب يهاجم دولة الإمارات ويدافع عن دولة قطر، ولا يذكر الموقع أنه كان مستشاراً لأمير قطر

تقرير تركيا وحماس: (تحريض إسرائيلي على الدور التركي في القدس ودعم حماس)

وبخصوص صفحة موقع عربي 21، على موقع التواصل الأشهر فيسبوك، فإن ما تم مراجعته كمنشوراتٍ منذ ديسمبر 2017 وحتى الوقت الحالي، يشير إلى قلة في التفاعل مع منشورات الصفحة من ناحية التعليقات. لكن المواضيع التي يتم انتقاؤها للنشر فيها، تكون ذات طابع متعلق بالسياسات الدولية تجاه الشرق الأوسط، وقضايا فلسطين وجماعة الإخوان.

وتجتذب بطريقة عرضها وكتابتها الجمهور المستهدف، بحيث يتخذ موقفاً هجومياً أو دفاعياً من الدولة أو الشخص أو القضية المطروحة، كما في موضوع "جدل بالمغرب بسبب طارق رمضان" المنشور بتاريخ 16 شباط (فبراير) 2018.  الذي ينحاز بصورةٍ واضحة كتقرير ومنشور لطارق رمضان، ويخلط بين كونه شخصاً مسؤولاً عن تصرفاته، أو "مفكراً إسلامياً"، مما جعل التعليقات أسفله تنحو لمهاجمة "العلمانيين"، "الملحدين"، "الغرب" بخطاب كراهية، غير موضوعي أيضاً، ويستند إلى اتهام مضمر لمن يعادي بالكفر أو الصهيونية لمن يختلف مع المفكر طارق رمضان، بحسب التقرير.

وبصورةٍ عامة، يهتم الخطاب السياسي لموقع عربي 21، بتكرار رسائل محددة، تضع خطاب جماعة الإخوان ودولة قطر وحلفائهم في الواجهة، وتعمل على طمس الخطاب المختلف والمعارض لسياساتهم، وشيطنته، من خلال ربطه سلبياً بقضايا فلسطين والعرب والعلاقات مع الغرب، للقفز إلى نتائج معدة أصلاً، من أجل جعل هذه العلاقات "مشبوهة" أمام المتلقي. وإظهار الجهات التي تدعم الموقع وكتابه ورسائله، على أنها متعالية على الواقع وغير قابلة للنقد، وأنها ومصالحها أمران مقدسان.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية