هل يواجه مسلمو الروهينغا تطهيراً عرقياً من المتطرفين البوذيين؟

هل يواجه مسلمو الروهينغا تطهيراً عرقياً من المتطرفين البوذيين؟


13/12/2017

هناك أزمة إنسانية ميؤوسٌ منها، دائِرةٌ في ميانمار، تتمحور حول مسلمي الروهينغا. وما يقع وُصِفَ بأنه "حالةٌ نموذجية للتطّهير العِرقي" ضدّ ما يقرب من مليون روهينغي يعيشون في ولاية راخين غرب ميانمار. وبالمثل، يجري الانتقام من جماعة "جيش إنقاذ روهينغا أراكان" - وهي جماعة مسلحة من الروهينغيين - التي يُلاحقها الجيش البورمي لهجومها على عدد من مواقع الشرطة والجيش.

غالباً ما يُنظَر للبوذيين على أنهم أُمّة سلمية ولهذا فإنّ سماع هذا النوع من الغبن العام سيشكل صدمة للكثيرين

وهناك أيضاً ما كان يُنظَر إليه على أنه ديمقراطية مُنْبَعِثة حديثاً على رأسها شخصية دولية بارِزة، أون سان سو تشي، مستشارة دولة ميانمار، توجّه البلاد ضِدّ الخلفية القومية البوذية المعادية للإسلام.
غالباً ما يُنظَر إلى البوذيين في الغرب على أنهم أُمّة سلمية، ولهذا فإنّ سماع هذا النوع من الغبن العام قد يكون صدمة للكثيرين. لكن عند النظر إلى ذلك من منظور ثقافي بوذي، يمكن للمرء أنْ يشرع في معرفة سبب حدوثه.

البوذية المسلحة
لقد استخدمتْ سو تشي إِيمانها البوذي الخاص لشرح أفكارها في الماضي. لكنْ، في خطاب مُتَلْفَز فقط، للأمَّة البورمية، في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) عام 2017، استخدمتْ خطاباً للمرّة الأولى في تعليقاتها على الأحداث الأخيرة. قامتْ سو تشي باستدعاء المبادئ البوذية التي تقضي بـ"الشّفقة" و"الطِيْبَة المُحبّة" و"الأُنْس العَطوف" للتغلب على الكراهية. وفي وقت لاحق، أطلعَ "مستشار وثيق" وسائل الإعلام، موضّحاً أنَّ خطاب سو تشي كان محاولة لنزع البوذية من "أيدي المتطرفين".
يمكن القول، إنَّ المشاعر البوذية التي أُعرِب عنها في خطاب سو تشي تتفق مع الفهم الغربي الحديث للبوذية. لكنْ، عند النظر بشكل أعمق داخل آسيا الحديثة، يمكن ملاحظة أنَّ التصورات الغربية ليست دقيقة كلياً. هناك الآن شكل من أشكال البوذية المسلّحة، التي غالباً ما تروّج لتفوّق البوذية "بشكل عنصري"، ويمكن أنْ تكون معادية للإسلام، ومتمركزة عرقياً، وشوفينية "قوموية أو طائفية" في وَعْظها.

هناك شكل من أشكال البوذية المسلّحة التي غالباً ما تروّج لتفوّق البوذية "بشكل عنصري" وقد تكون معادية للإسلام

إنّه شكل من البوذية غريب عن البوذية الرومانسية والسّلمية والتأملية والشفُوقة، الموجودة في المُخَيّلَة الشعبية، وغربية - كما قد يأمل المرء - عن غالبية التّاريخ البوذي. إنها بوذية يجب فيها حماية الإيمان البوذي من التهديد المفترض للأديان الأخرى (والإسلام في المقام الأول) الذي يجتاح ميانمار البوذية.
وتحت قيادة الراهب، أشين ويراثو، الذي يتّخذ من ماندالاي مقراً له، يأخذ هذا الدين شكل حملات لمعاقبة الذين يُسيؤون إلى البوذية. وفي شكلها المنظّم في ميانمار، تتكتّل هذه الأفكار البوذية القوموية حول جماعة معروفة شعبياً باسم ماباثا - منظمة حماية العرق والدين.

الجوهر الديني
في الأصل، ترتبط المعركة بين الشكلين المُنْبَعِثين للبوذية في ميانمار الحديثة بمبدأين جوهريين من مبادئ الدين.
الأول، هو البوذية المألوفة التي تُعرَف بالرزَانَة وعدم التعلُّق والشفقة. وحتى وقت قريب، يمكن للمرء أنْ يقول إنّ هذا الشكل هو الذي كان مهيمناً داخل ميانمار. وقد كانتْ حركات التأمُّل العلمانية مهمّة في إحْياء البوذية الحديثة واستُنْبِطت منها جوانب من التأمل الشائع الذي يعتمد التركيز الذهني. ولم تُظهِر ثورة الزعفران، في عام 2007، سوى القليل من النزعة القوميّة العدوانية لحركة ماباثا، حيث استدعى الرهبان "الخطاب المتعلّق بالطِيْبَة المُحبّة" - الميتا سوتا - كطريق بوذي للشفقة للإطاحة بالحكم العسكري.

إذا أرادت ميانمار أنْ تخرج من الحكم العسكري وتُصبح دولة ديمقراطية فيجب أنْ تُنقذ بوذيتها من الانحدار للتطرف

والشّكل الثاني للبوذية، له تركيز أكثر طقوسية. مع المخاطرة بالتبسيط، تستند هذه الممارسة إلى أداء طقوس شخصية ووطنية من أجل حماية المجتمع من الخطر. أنْ تكون بوذياً مُمَارِساً يعني أنْ تقوم بتلاوة نصوص معينة، وأن تقدِّم التّحية للأضرحة البوذية. وأنْ تكون بوذياً جيداً يعني أنْ تكون بورمياً جيداً، و، كما يبدو الآن، أنْ "تقف في صفّ أون سان سو تشي".
وسوف يكون من قبيل التبسيط أنْ نُحاجج بأنّ التعاليم البوذية لا يمكن التوفيق بينها وبين الأفكار القومية والوطنية بشكل لا يقبل المساومة. مَهْما يَكُن، يبدو أنّ الشعور بالتفوّق والتمييز ضد جماعات الأقليات لا يمكن الدفاع عنه من منظور بوذي. هل يمكن لخطاب سو تشي، وفكرة أنها ترغب في استخدام التعاليم البوذية بطريقة لا تتوافق مع القومية البوذية، أنْ يكون اعترافاً بأنّ البوذية تحتاج إلى أنْ تصبح جزءاً من الحل في ميانمار الحديثة، عوضاً عن أنْ تكون رمزاً للعدوانية يُستَخدم من قِبل القوميين البوذيين؟
إذا أرادت ميانمار أنْ تخرج من الحكم العسكري و تُصبح دولة ديمقراطية حديثة، فيجب عليها أنْ تُنقذ بوذيتها من الانحدار إلى التطرف، وإذا ركّزت الهوية البوذية على نظرة ضيّقة ومتعنّتة لما يعنيه أنْ يكون المرء بورمياً، فإنه يبدو من المرجح أنْ تصبح البوذية شكلًا من أشكال الدّين الذي ترعاه الدولة ويروّج له الجيش. ما من شيء خاطئ على نحو أساسي مع هذا النوع من البوذية، لكنه يولّد بوضوح شكلاً من أشكال الحماسة القوموية، والفظائع ترتكب ويجري تبريرها من خلاله.
هل بإمكان سو تشي أنْ ترى ما وراء الأعلام والشعارات والقيام باستخدام السرديات البوذية للشفقة والطِيْبَة المُحبّة؟ لقد كان المراقبون يتوقّعون ذلك منها، ومن الأمَّة البوذية، قبل أسابيع عديدة، ولكننا ما زلنا ننتظر.

بول فولر - ذي كونفريزيشان


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية