هل تُفضي لقاءات ترامب مع القادة الخليجيين إلى تسوية أزمة قطر؟

الخليج العربي

هل تُفضي لقاءات ترامب مع القادة الخليجيين إلى تسوية أزمة قطر؟


18/03/2018

يجتمع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد غدٍ في العاصمة الأمريكية، واشنطن. ويقول دبلوماسيون إنّ الخلاف مع دولة قطر لن يكون على الأرجح في صدارة القضايا التي يريد الأمير محمد بحثها، وفق ما أفاد تقرير نشرته وكالة "رويترز"، التي أضافت أنّ ترامب سيلتقي بعد ذلك الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر في العاشر من نيسان (أبريل) المقبل، في البيت الأبيض.

ونقلت "رويترز" عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، لم تكشف عن اسمه، قوله إنّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، طلب الاجتماع مع ترامب بعد لقاء الرئيس الأمريكي بأمير قطر. وكان من المقرر في الأساس أن يلتقي الشيخ محمد بن زايد بترامب في 27 آذار (مارس) الجاري. وقال المسؤول الأمريكي الكبير: "طلب محمد بن زايد من ترامب أن يكون آخر من يلتقيه ". ولم يتحدد موعد جديد بعد.

يجتمع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد غدٍ في العاصمة الأمريكية

ثلاث قضايا أساسية

ومن المرجح أنْ يجري الزعماء محادثات مع ترامب تتعلق بثلاث قضايا أساسية، على الأقل، هي: مواجهة إيران، ومحاربة التطرف والإرهاب، وتعميق الشراكة الاقتصادية والعسكرية.

وأوردت "رويترز" أنّ مقاطعة الدول العربية الأربع: (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) للدوحة عطّلتْ واردات قطر، وأدت إلى سحب مودعين مليارات الدولارات من البنوك القطرية، غير أنّ قطر طوّرتْ

طرقاً جديدة لتجارة الغاز المسال، وضخت عشرات المليارات من الدولارات من صندوق الثروة السيادية فيها لحماية البنوك.

محددات لتوسيع آفاق حل أزمة قطر

وكانت الولايات المتحدة تأمل أن تستضيف في كامب ديفيد قمة مع "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" في وقت لاحق من العام الجاري، لكن آفاق ذلك ضئيلة على ما يبدو؛ حيث لا يزال الخلاف قائماً. ويمكن في هذا السياق الإشارة إلى ثلاثة محددات رئيسية تلعب دوراً أساسياً في أي دينامية محتملة قد تفتح آفاقاً أوسع لتسوية خلاف الدول الأربع مع قطر، وهذه المحددات الثلاثة هي:

استقواء الدوحة بالخارج على جيرانها المقاطعين لها، ثبت أنه لا ينفع في حلّ الأزمة؛ بل يعقدها ويطيل من عمرها

1. أن تدويل أزمة قطر لا يقدّم حلاً، وأن استقواء الدوحة بالخارج (الإقليمي والدولي) على جيرانها المقاطعين لها، ثبت أنه لا ينفع في حلّ الأزمة؛ بل يعقدها ويطيل من عمرها.

2. أن الدول المقاطعة لقطر تُدرك أنّه إلى جانب أنّ الولايات المتحدة تُعَدُّ الدولة الأقوى تأثيراً في دول "مجلس التعاون"، فإنّ تحولات مفهوم القوة في العقد الأخير، على أقل تقدير، أظهرت تصاعداً في قدرة الدول والقوى الإقليمية، على صناعة الحدث في محيطها المحلي، وعلى التأثير في القرارات الأمريكية، في كثير من الأحيان.

3. أن أي قمّة محتملة قد تجمع قادة الخليج مع الرئيس ترامب مخصصة لمناقشة أزمة قطر، ينبغي أنْ تنطلق من رؤية واضحة مفادها بأنّ اللقاء الخليجي الموحّد بوابته تعهّد الدوحة بمحاربة التطرف والإرهاب، ولا بد من تقديم دلائل ومؤشرات على القبول القطري بذلك؛ من قبيل ترحيل الأشخاص والكيانات الحامية والداعمة للتطرف؛ الذين توفر لهم الدوحة تغطية واحتضاناً على أراضيها. وتطالب الدول الأربع، أيضاً، بأن تقوم السلطات القطرية بترحيل المطلوبين قضائياً في الخليج ومصر للمثول أمام قضاء مستقل يحاكمهم.

تدويل أزمة قطر لا يقدّم حلاً

أمران أساسيان

ويبدو أنّ رسم أي سيناريوهات محتملة لأزمة قطر، والتنبؤ ببعض مآلاتها، سيكون مرتبطاً بأمرين:

أ‌. إلى أيّ درجة ستُشكّل إقالة وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، عامل ضغط أمريكي على الدوحة، في ظل شعور الإدارة الأمريكية بالقلق "من أن يعود الانقسام بين حلفاء الولايات المتحدة الخليجيين بالنفع على إيران في الصراع على النفوذ في الشرق الأوسط"، خصوصاً وأنّ الدوحة تُطوّر علاقاتها مع طهران، التي تتفق إدارة ترامب والدول الأربع المقاطعة لقطر على أنها (أي طهران) تنشر الفوضى في المنطقة وتزعزع استقرارها عبر إستراتيجية إيران بتقويض الدول الوطنية ودعم مليشيات طائفية وتسليحها لتنافس الدول الوطنية على السيادة والحكم وحمل السلاح. والسؤال هنا: هل سيشكّل تعيين رئيس الـ"سي آي أيه" السابق، بومبيو، وزيراً جديداً للخارجية الأمريكية إضراراً برهانات الدوحة على تيلرسون طيلة نحو عشرة شهور من عُمر الأزمة القطرية، أم أنّ هذا التعيين عامل ثانوي، وغير حاسم في تحديد مآلات الأزمة.

حملات الدوحة ضد جيرانها الخليجيين لم تترك صدى لها في الرأي العام الأمريكي أو الصحافة الأمريكية

ب‌. السياسات القطرية المعادية للدول الأربع المقاطعة (وهي سياسات تعكسها، مثالاً لا حصراً، سلسلة البرامج العدائية التي تبثها "الجزيرة" ضد دول الخليج)، ستُقوّي وحدة موقف الدول الأربع؛ بل ستدفعها إلى إضافة مزيد من الشروط على الدوحة، كي تتوقف عن التحريض ضد "مجلس التعاون" في الحقيقة.

سيناريوهات محتملة

وعليه، فإنه من المحتمل أن نكون أمام ثلاثة سيناريوهات مستقبلية لأزمة قطر، في ظل ما تقدم، وفي ظل السعي الأمريكي للتدخل:

السيناريو الأول، أنّ الدوحة، عبر دعايتها الإعلامية والسياسية العدائية المتصاعدة في الأشهر الأخيرة ضد الدول الأربع، إنما تُطلق آخر ما في جعبتها من تحريضٍ، قبل الاضطرار للرضوخ للضغط الأمريكية والخليجية، وتقديم تنازلات قد تُفضي إلى حلحلة الأزمة، والبدء بخطوات لمعالجتها.

السيناريو الثاني، أنّ عدم استجابة الدوحة للشروط والمطالب التي وضعتها الدول الأربع المقاطعة سيستمر، وأنّ التصعيد العدائي من قبل الدوحة مدروس للإبقاء على الوضع الحالي، ما يعني توقف أي حلول أو تسويات لأجل غير مسمّى، خصوصاً وأنّ الشراكة الإستراتيجية بين الدوحة من جهة وأنقرة من جهة ثانية ومع طهران من جهة ثالثة، إنما يخدم المصالح الإستراتيجية للأخيرتين، اللتين تريان مصلحة لهما في استمرار الأزمة القطرية.

إصرار الدول الأربع على أنّ الحل خليجي وليس عبر التدويل أو الأقلمة إنما يعني أنْ لا مهرب للدوحة من التنصل من التزاماتها

السيناريو الثالث، أنّ قطر إنما تُراهن على تحسين أوراقها، قبل اللقاء مع ترامب، من خلال سياسة هجومية على الدول المقاطعة للدوحة، تُظهر الأخيرة بمظهر من يُهدده جيرانه ويخططون للانقلاب عليه!!. وعلى الأرجح أن مؤسسات صناعة القرار الأمريكية تُدرك ضعف حجج الدوحة في إثبات هذه الادعاءات، كما كان لافتاً للنظر أن حملات الدوحة ضد جيرانها الخليجيين لم تترك صدى لها في الرأي العام الأمريكي أو الصحافة الأمريكية، فضلاً عن أن إصرار الدول الأربع على أنّ الحل خليجي وليس عبر التدويل أو الأقلمة إنما يعني أنْ لا مهرب للدوحة من التنصل من التزاماتها في 2013، 2014، ومما التزمته أمام الوسيط الكويتي. وفي حال لم تتجه الدوحة إلى تبنّي تلك الالتزامات فإن المرجح أنْ يَصدُق ما بدأ به هذه التقرير؛ أيْ إنّ الخلاف مع دولة قطر لن يكون على الأرجح في صدارة القضايا التي يريد ولي العهد السعودي وولي عهد أبوظبي بحثها مع ترامب، وسيصدُق، ربما، حديث الدول المقاطعة عن أنّ الأزمة لا تحظى بأولوية بارزة في أجندة هذه الدول، بينما هي على رأس أولويات الدوحة ومحور اهتمامها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية