تناقضات قائمة الدوحة للتصنيفات الإرهابية

قطر

تناقضات قائمة الدوحة للتصنيفات الإرهابية


28/03/2018

أصدرت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب التابعة لوزارة الداخلية القطرية في الحادي والعشرين من آذار (مارس) الجاري "القائمة الوطنية للتصنيفات الإرهابية"، ضمَّتْ ثمانية كيانات (ستة قَطرية، وواحدة يمنية، وأخرى مصرية)، و19 شخصية (في غالبيتها قطرية). واللافت للنظر أنّ عشرة ممن وردت أسماؤهم ضمن القائمة القطرية كانوا ضمن قوائم الإرهاب التي أصدرتها الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) المقاطعة لقطر قبل نحو عشرة أشهر، وكانت السلطات القطرية إلى عهد قريب ترفض تصنيفهم كإرهابيين وكانوا يعيشون بحرية في قطر.
تغريدة لولو الخاطر
وهنا، يبدو من السهولة استنتاج عدم صحة ما ورد (بتاريخ 23/3/2018) في تغريدة لولوة راشد الخاطر، المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية-أنه "تمّ التعامل قانونياً من سنوات مع المدرجين تماشياً مع قرارات مجلس الأمن"، وأن "الجديد فقط هو نشر أسماء المدرجين"، على حد زعمها.

تناقضات
ولدى التفحص في القائمة يمكن الإشارة إلى جملة ملاحظات تؤشر إلى تناقضات عدة تنطوي عليها القائمة ومنها:
1. ضمت القائمة القطرية عبدالرحمن عمير راشد النعيمي، المصنَّف إرهابياً ضمن قوائم وزارة الخزانة الأمريكية منذ كانون الأول (ديسمبر) 2013، وعلى قائمة بريطانية مماثلة منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2014، وقائمة "الرباعي العربي" منذ حزيران (يونيو) الماضي. ومن الدلائل على تناقض الدوحة أنّ القائمة القطرية صنّفته أخيراً كإرهابي في حين أنّ جريدة "الشرق" القطرية بعد أيام من إعلان "الرباعي العربي" مقاطعة قطر، أجرت مقابلة معه ليدافع عن نفسه، على الرغم من أنّ معلومات وزارة الخارجية الأمريكية تفيد بأنّه قام بتحويل أكثر من مليوني دولار شهرياً لتنظيم "القاعدة" في العراق، إبّان زعامة أبي مصعب الزرقاوي للتنظيم. ويُقال إنّ النعيمي عمل في منصب مستشار لدى الحكومة القطرية، وأنّه مؤسس "منظمة الكرامة" المشتبه فيها بدعم وتمويل مجموعات مصنفة إرهابية. ينطبق ذلك أيضاً على سعد الكعبي، المتهم أمريكياً بتنظيم حملات تبرعات لمصلحة "القاعدة" في سوريا.

ما يثير الدهشة أنّ القائمة القطرية لم تتضمن منظمات إرهابية شهيرة مرتبطة بداعش أو القاعدة في سوريا وليبيا وأفريقيا

2. لنتذكرْ أنّ الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني، مدير مكتب الاتصال الحكومي القطري، في ردّه على إدراج "الرباعي العربي" أفراداً وكيانات قطرية في قائمته للإرهاب، قال حينها إنّ "كل الأفراد الذين لهم صلات بالإرهاب في قطر حُوكموا". كما علقتْ الدوحة وقتذاك بأنّ قائمة "الرباعي العربي" ليست سوى "مفاجأة مخيبة للآمال" وأنّها "حملة لتشويه (سمعة) قطر".
3. زعم فهد العمادي مدير تحرير صحيفة "الوطن" القطرية في منتصف العام 2017، أنّ إبراهيم باكر، الذي ورد اسمه ضمن قائمة "الرباعي العربي"، شخص مُتوفى، في حين أنّ قائمة قطر الأخيرة للإرهاب أوردت الاسم نفسه.
4. بالنسبة للكيانات، ضمت القائمة ست شركات قطرية معظمها تنشط في مجالي "التجارة والمقاولات"، و"جمعية الإحسان الخيرية" اليمنية وفرع تنظيم "داعش" في مصر (ولاية سيناء)، لكنّ ما يثير الدهشة أنّ القائمة القطرية لم تتضمن منظمات إرهابية شهيرة مرتبطة بداعش أو القاعدة في سوريا وليبيا وأفريقيا.
5. لم تتضمن القائمة القطرية أي شخصية أو كيان على علاقة بالجماعة الحوثية في اليمن، فضلاً عن جماعة الحوثي نفسها، كما لم تتضمن أي جماعة شيعية مسلحة. والغالب أن الدوحة، في ذلك، لا تريد إغضاب الجانب الإيراني.
والغالب أن الدوحة، في استبعاد الحوثيين من القائمة، لا تريد إغضاب الجانب الإيراني

توقيت الخطوة القطرية
لقد جاءت الخطوة القطرية بعد يوم واحد من تصريح الرئيس ترامب، عقب لقائه ولي العهد السعودي: "لن نتسامح أبداً مع تمويل الإرهاب، ونعمل مع السعودية بشكل جدي بهذا الشأن واتفقنا على إنهاء العلاقة بين أي دولة والإرهاب". كما أنّ الخطوة القطرية جاءت بعد ثمانية أيام من إعفاء ريكس تيلرسون من منصبه كوزير خارجية للولايات المتحدة، وتعيين مدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو محله. ويبدو أنّ القراءة القطرية لإقالة تيلرسون الذي كان يعد صديقها وتعيين بومبيو محله، ليست قراءة متفائلة، خصوصاً أن بومبيو يتباين مع مواقف تيلرسون في عدد من الملفات الخارجية، ومنها ملف مقاطعة الرباعي العربي لقطر.

لم تتضمن القائمة القطرية أي شخصية أو كيان على علاقة بالجماعة الحوثية في اليمن، فضلاً عن جماعة الحوثي نفسها

ويُعرف عن بومبيو معاداته لجماعة "الإخوان المسلمين" والجماعات الإسلامية التي تدعمها الدوحة، فقد كان من بين أعضاء الكونغرس الذين قدموا مشروع قانون لتصنيف "الإخوان المسلمين" والكيانات والأشخاص الدائرين حولهم، ضمن قوائم الإرهاب. ومثله في ذلك جون بولتون الذي عُين مستشاراً للأمن القومي، وجينا هاسبل التي ستحل محل بومبيو في إدارة وكالة المخابرات المركزية. وعليه، فإنّ ثمة احتمالات واردة بأن يتم تصنيف "الإخوان" من جانب الخارجية الأمريكية كمنظمة إرهابية، مما سينعكس بالتأكيد على قطر. وبالتالي، سارعت الدوحة إلى "التخلص" من بعض الشخصيات الإخوانية المرتبطة بالإرهاب، التي يمكن أن تكون مجالاً لضغوط أمريكية مرتقبة على الدوحة.
وتجيء الخطوة القطرية قبل الزيارة القريبة لأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس ترامب، في محاولة جديدة لإبعاد شبهة دعم وتمويل الإرهاب عن قطر، وكتأكيد منه أمام ترامب على تطبيق مذكرة التفاهم الموقعة مع الخارجية الأمريكية في 12 تموز (يوليو) 2017، ولتخفيف الضغط المتوقع عليه من ترامب بخصوص الاستجابة لشروط الرباعي العربي.
لماذا استمرار الإنكار والتناقض؟
قد يرى البعض أنّ القائمة القطرية تستجيب لبعض مطالب "الرباعي العربي" بعد نحو عشرة أشهر من المقاطعة، وأنّها لو استجابت باكراً لذلك، دون مكابرة وإنكار، لكفَتْ نفسها و"مجلس التعاون" هذه الأزمة.
والدوحة التي أصدرت القائمة هي نفسها التي ما تزال منصاتها الإعلامية تُروّج بابتهاج غير مباشر للصواريخ الحوثية على السعودية، وتُسمّي "مليشيا الحوثي" بـ "القوات الحوثية" التي استهدفت مطار الملك خالد بالرياض ومطار أبها في عسير ومطار جيزان؛ وذلك في تحريض مستمر يتناقض مع سلوك من يزعم مكافحته الإرهاب. وفي دليل جديد على هذه الازدواجية تأتي إدانة هيئة الطيران المدني الإماراتية، أول من أمس، اقتراب مقاتلتين قطريتين من طائرتين مدنيتين في المجال الجوي الذي يقع تحت إدارة البحرين، وهي تصرفات لا مسؤولة تجاه الحركة الجوية المدنية؛ التي تتبع مسارات مدنية محددة ومعروفة لدى منظمة الطيران المدني الدولي.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية