والدة الشهيد فادي أبو صلاح لـ"حفريات": رحل دون أن يحقق حلمه

فلسطين

والدة الشهيد فادي أبو صلاح لـ"حفريات": رحل دون أن يحقق حلمه


15/05/2018

قالت والدة الشهيد الفلسطيني فادي أبو صلاح، الذي فقد قدميه خلال الحرب الإسرائيلية الأولى على قطاع غزة عام ٢٠٠٨، إنّ ولدها (30 عاماً) كان يتمنى رؤية أبنائه شباباً، لكنّ رصاص الاحتلال الصهيوني حرمه من الفرح، بعد أن كان حرمه قبل عشرة أعوام من المشي على قدميه، جراء إصابته بصاروخ طائرة استطلاع إسرائيلية.

وتساءلت والدة فادي في حديثها من غزة إلى صحيفة "حفريات": "ما هو الجرم الذي ارتكبه ابني المقعد. فهو لم يمتلك سلاحاً، ولا يشكل خطراً على أحد؟".

وأضافت "لقد كان يتمنى رؤية أبنائه الأطفال شباباً ويفرح بهم؛ لأنهم كانوا كل شيء جميل في حياته، في ظل أوضاعه البائسة، فهو وهب حياته لهم؛ ولكنه رحل دون أن يحقق حلمه". وفادي متزوج وأب لخمسة أطفال (3 ذكور و2 إناث) أكبرهم يبلغ من العمر 7 أعوام.

كان فادي يتمنى رؤية أبنائه شباباً لكنّ الاحتلال حرمه من الفرح بعد أن حرمه من المشي على قدميه

وكان فادي استشهد أمس، بعد أن تقدّم المتظاهرين على كرسيه المتحرك، غير عابئ بإعاقته، فراح  يشارك أبناء شعبه في المظاهرات، والفعاليات التي تقام للدفاع عن القضية الفلسطينية.

وكان فادي حاضراً بكرسيه المتحرك في فعاليات "مسيرة العودة" منذ انطلاقتها؛ حيث امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بصور لشاب مقعد على كرسي متحرك، يشارك في المظاهرات السلمية، وفي يوم "مليونية العودة" التي انطلقت أمس انتشرت صورة للشاب نفسه؛ ولكنها تختلف عن صوره السابقة، فهذه الصورة وهو في ثلاجة الموتى، بعد إطلاق النار على رأسه بشكل مباشر، من قبل جنود العدو الصهيوني.

أراد الفلسطينيون إحياء الذكرى السبعين للنكبة بشكل مختلف عن السنوات السابقة؛ فبعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مطلع العام الحالي نقل مقر سفارة بلاده إلى مدينة القدس المحتلة، وظهر ما كان ينتظر الفلسطينيين من صفقة جديدة تسعى إلى سلبهم وطنهم بالكامل، فقرروا مواجهة هذا المشروع، مهما كلفهم الأمر.

فادي متزوج وأب لخمسة أطفال (3 ذكور و2 إناث) أكبرهم يبلغ من العمر 7 أعوام

الكفاح السلمي

منذ 6 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، نزل الفلسطينيون إلى الشوارع؛ تعبيراً عن رفضهم لنقل السفارة، ومع حلول ذكرى يوم الأرض في 30  آذار (مارس)، قرروا خوض تجربة الكفاح السلمي، للإصرار على تثبيت حق العودة، فدفع العشرات من الشبان أرواحهم ثمناً لتثبيت هذا الحق، عبر "مسيرات العودة" على الحدود بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام ١٩٤٨والتي شكّلت نقطة مهمة في تاريخ مواجهة إسرائيل، فالحشود الكبيرة التي تتوافد بالآلاف إلى الشريط الحدودي أساليبها سلمية، ليعود الفلسطينيون عبر هذه المسيرات إلى سجال طويل؛ ولكنه مضنٍ وهو النضال السلمي الشعبي من أجل نيل حقوقهم.

حق العودة

المظاهرات السلمية ركزت على حق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم، فحرّكت شعب فلسطين، كما لم تحركه أحداث أخرى من قبل، ما يؤكد ديمومة مقاومة هذا الشعب.

كان فادي حاضراً بكرسيه المتحرك في فعاليات "مسيرة العودة" منذ انطلاقتها حيث امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بصوره

وكانت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار قد دعت سكان قطاع غزة  للمشاركة الواسعة  في "مليونية العودة" على طول الشريط الحدودي، لإحياء الذكرى الـ70 للنكبة، والتنديد بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة وإعلانها عاصمة دولة إسرائيل.

محاولات فاشلة

حاولت إسرائيل منع الفلسطينيين من التوجه نحو الحدود في ذكرى النكبة، واستخدمت عدة وسائل لمنع المسيرة المليونية، فألقت الطائرات الإسرائيلية مناشير ورقية تحذر سكان القطاع من المشاركة بهذه المسيرة، وتوجهت إلى مصر لتكون وسيطاً بينها وبين حركة حماس، واستقبلت الأجهزة الأمنية المصرية، كما أفادت أنباء، وفداً من الحركة بقيادة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، للحديث بخصوص مسيرة العودة، وانتهى الاجتماع، الذي استمر عدة ساعات، من دون جدوى.

بعد فشل الاحتلال الإسرائيلي في منع الحشود الفلسطينية من التجمع بالقرب من أراضيهم المحتلة، للتظاهر السلمي، حاول فض هذه المظاهرات بقوة السلاح، فأطلق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيلة للدموع بشكل مباشر على المتظاهرين، ما أدى إلى استشهاد العشرات وإصابة الآلاف.

وكان الصحافيون تحت مرمى نيران جنود الاحتلال؛ فأصيب منهم ثمانية بجروح مختلفة، أخطر هذه الإصابات إصابة الصحافي ياسر قديح مصور صحيفة "فلسطين" المحلية بطلق متفجر في منطقة البطن، رغم ارتدائه درع الصحافة والخوذة.

توثيق الأحداث

التقط ياسر خلال تغطيته المستمرة لأحداث "مسيرة العودة" صوراً مميزة ذات جودة عالية، انتشرت بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصحف المحلية والدولية، فكان يوثق الأحداث بكل مهنية، ويحرص على التقاط الصور المؤثرة والمثيرة للاهتمام.

لم تكن هذه الإصابة الأولى التي تعرض لها الصحافي قديح، فقد أصيب بطلق ناري أسفل قدمه، أثناء تغطية "جمعة النذير" التي سبقت "مسيرة مليونية العودة" بثلاثة أيام. ورغم عدم تعافيه بشكل كامل، إلا أنه أصر على التواجد في الميدان والتقاط الصور المميزة؛ ولكنه بدلاً من أن يكون ناقلاً للأحداث أصبح حدثاً تناقلته سائر وسائل الإعلام وانتشرت صوره وهو مصاب بشكل واسع.

رغم سلمية المظاهرات وخروج المواطنين للمطالبة بحق العودة إلا أنّ الاحتلال كان يستهدفهم بالرصاص

استهداف مباشر بأسلحة محرمة

يقول الطبيب عبدالرحمن حميد الذي يتطوع لإسعاف المصابين، لـ"حفريات" بأنه رغم سلمية المظاهرات وخروج المواطنين للمطالبة بحق العودة إلا أن "قوات الاحتلال كانت تستهدفهم بشكل مباشر بالرصاص المتفجر، والغاز المسيل للدموع لمنعهم لفض المظاهرات".

وأوضح أنّ "الرصاص الذي يطلقه جنود الاحتلال على المتظاهرين محرم دولياً، ينفجر داخل الجسم، مما يؤدي إلى بتر المنطقة المصابة، وهناك عدد كبير من المصابين فقدوا أطرافهم السفلية، وآخرون يتلقون العلاج داخل المستشفيات، إضافة إلى العشرات غادروا القطاع للعلاج بالخارج، نظراً لصعوبة أوضاعهم الصحية".

الصفحة الرئيسية