كيف تحتفي أكبر دولة إسلامية بشهر رمضان؟

شهر رمضان

كيف تحتفي أكبر دولة إسلامية بشهر رمضان؟


21/05/2018

تعد أندونيسيا أكبر دولة إسلامية؛ حيث يدين 90% من سكانها، الذين يبلغ عددهم 255 مليوناً بالإسلام، ومكّنها موقعها الجغرافي من أن تكون داخل النطاق الحضاري المتطور في آسيا، بعيداً عن تيارات الإسلام السياسي، وأن تنسج تجربتها الديمقراطية الليبرالية الخاصة بها، دون أن تتخلى عن جذورها الإسلامية كما يتجلى ذلك بطقوسها الخاصة في الاحتفاء بشهر رمضان.

أكبر دولة إسلامية

تقع أندونيسيا في الجنوب الشرقي من قارة آسيا، بين المحيطين الهندي والهادي، ولها حدود مع كل من ماليزيا، وتيمور الشرقية، وغينيا الجديدة، وتحاذيها أستراليا من الجنوب الشرقي، والفلبين وسنغافورة شمالاً، وتتمدّد أندونيسيا على مساحة تبلغ 1.904.569كم مربع، على شكل مجموعة من جزر وأرخبيلات، عددها 17508، وتعدّ الدولة الـ16 في العالم من حيث المساحة، والرابعة من حيث عدد السكان في العالم.

تعد أندونيسيا أكبر دولة إسلامية، حيث يدين 90% من سكانها، الذين يبلغ عددهم 255 مليوناً بالإسلام

المتتبع لخارطة التوزيع الديمغرافي؛ يلاحظ أنّ السكان يتموضعون حسب اتجاهاتهم الدينية؛ فالغالبية العظمى في أندونيسيا تدين بالإسلام المعتدل في المقاطعات الشمالية، في بونتاك، وسنتانغ المحاذية برياً لماليزيا، والمقاطعات الجنوبية الغربية في مادان وسومطرة وجامبي وبالمانغ، بينما تتموضع في مقاطعتي جاكرتا وباندونغ ومالانغ اتجاهات الدين الإسلامي المتشدّد، أما المسيحيون فيتمركزون في الشرق في مقاطعات سارنه وسارمي وميروكي.

استقبال يليق بالشهر الفضيل

في شهر رمضان، تزداد أندونيسيا اتساعاً ورحابة بما تحدثه الأجواء الإيمانية في نفوس الناس؛ حيث يتميز سكان العاصمة جاكرتا، خاصة سكانها الأصليين الذين يعرفون باسم "البتاويين"، بترحيبهم الخاص بالشهر الكريم، الذي يغيّر من عاداتهم اليومية المعروفة.

بمجرد قدوم رمضان، تمنح الحكومة إجازة للتلاميذ في الأسبوع الأول من الشهر، وتعقد المعاهد والمدارس برنامجاً خاصاً في رمضان، يسمّونه (PESANTREN KILAT)، وهو عبارة عن أنشطة خاصة للتلاميذ، تتضمن إفطاراً جماعياً، وخواطر إيمانية، ومحاضرات ودروساً وعبراً من أحداث رمضان عبر التاريخ، ودروس خاصة للشباب.

في شهر رمضان، تزداد أندونيسيا اتساعاً ورحابة بما تحدثه الأجواء الإيمانية في نفوس الناس

تتزين المنازل وتوضع الزخارف عليها، وكذلك الشوارع التي ترفع فيها اللافتات، وصولاً إلى العناية بالمساجد على نحو خاص، كما تقدم وجبات الإفطار المجانية للصائمين.

في أوّل يوم تقرع الطبول الأندونيسية التقليدية، المعروفة باسم "البدوق"، وهي طبول ضخمة تجوب بها الشوارع شاحنات صغيرة، ويقوم الشباب بقرعها للاحتفال بقدوم رمضان، وذلك قبيل أذان المغرب مباشرة إيذاناً بحلول موعد الإفطار.

PESANTREN KILAT

موائد الإفطار

من أشهر عادات مسلمي أندونيسيا للإفطار في رمضان أن تجتمع جموعهم في المساجد قبل أذان المغرب لتناول طعام الإفطار، وتوضع الأطعمة على الأرض، بعد أن يتم نقلها من المنازل، ويجلس الجميع قبل الأذان، جنباً إلى جنب، الأغنياء والفقراء، والصغار والكبار.

لا تخلو طاولة الإفطار الأندونيسية من مشروب الـ"تيمون"، المشروب الرسمي للشهر الكريم في البلاد، وهو عصير إحدى أنواع فاكهة الشمام، يتناوله الصائمون مع شربة ماء وبضع حبات تمر، قبل أداء صلاة المغرب، ليعودوا عقب الصلاة لتناول الوجبة الرئيسة.

في أوّل أيام الصيام تقرع الطبول الأندونيسية التقليدية احتفالاً بقدوم رمضان وذلك قبيل أذان المغرب

من أشهر الأطعمة الرمضانية التي يفطر عليها مسلمو أندونيسيا طعام يسمي (أبهم)؛ وهو نوع من الحلوى أشبه ما يكون بـ (الكعك) ويقدم التمر إلى جانبه.

ومن أبرز الأكلات على مائدة الإفطار؛ صنف من الحلويات يسمى "كولاك"، ويحتلّ الأرز مكانة رئيسة في سفرة الإفطار على المائدة الإندونيسية، إذ يمثل الطعام الرئيس في أندونيسيا، وفي رمضان يؤكل مسلوقاً أو مقلياً، ويطهو الأندونيسيون طعامهم في حليب جوز الهند والزيت؛ حيث يقدم أثناء صلاة التراويح.

فرصة للتغيير

وفي المدارس يتم خلال شهر رمضان اعتماد برنامج خاص لفائدة التلاميذ، يتضمن أنشطة ومحاضرات تعرف بالشهر الكريم، إلى جانب إفطار جماعي يجتمع فيه التلميذ مع المدرس والإطار التعليمي، فيما تنظم بعض المساجد تجمعات للشباب لترديد الأناشيد والابتهالات الدينية بعد صلاة العشاء والتراويح.

ومن تجليات قيم التضامن والـتآزر؛ أن تحرص بعض الأسر الميسورة الحال على الذهاب إلى ملاجئ الأيتام لتناول طعام الإفطار مع قاطنيها، وتوزيع الهدايا عليهم.

من تجليات قيم التضامن والـتآزر أن تحرص بعض الأسر الميسورة على مشاركة الأيتام تناول طعام الإفطار

كما تبدأ في شهر رمضان ندوات مناقشة السجناء الإسلاميين، وتستقدم الحكومة علماء من مؤسسات دينية إسلامية لمناظرتهم وتصحيح مفاهيمهم، إذ يقول الشيخ عمرو ورداني لـ"حفريات" إنّه ذهب أكثر من مرة بتكليف من الأزهر الشريف، والتقى أبو بكر باعشير، وعناصر قيادية في الجماعة الإسلامية الأندونيسية، واستطاع إرجاع بعضهم للطريق القويم.

إنّ هذه الخطة التي لجأت إليها جاكرتا في الاعتماد على رجال وأئمة الدين المسلمين في توعية أتباعهم من العامة، وتنقية أفكارهم الدينية، ممّا اختلط بها من مفاهيم متشددة أو مغالية من تلك التي لم تكن سائدة أو معروفة في المجتمع الأندونيسي المتسامح، تزداد وتيرة في شهر رمضان، هذا جنباً إلى جنب مع استخدام الوسائل الأمنية التقليدية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية