الداعية عمرو خالد إذ يجعل ارتقاء الروح مرتبطاً بالتهام الفراخ!

الخطاب الديني

الداعية عمرو خالد إذ يجعل ارتقاء الروح مرتبطاً بالتهام الفراخ!


22/05/2018

"أنا آسف، أنا خاني التعبير، واتفهم كلامي إني بستغل الدين للترويج لمنتج"، اعتذار قدمه الداعية الإسلامي عمرو خالد لمتابعيه أخيراً، رداً على حملة انتقادات بعد مشاركته في إعلان للترويج لشركة تبيع الدجاج.

في الإعلان الذي بثته صفحته الرسمية، وصفحة شركة الدجاج، إلى جانب صفحة الشيف المغربية آسيا عثمان، مقدمة البرنامج، قال خالد: "لن ترتقي الروح إلا لما جسدك وبطنك يبقوا صح، عشان هتجرب إنك مع وصفات آسيا، إن شاء الله، ارتقاءك لربنا في قيام الليل بعد الفطار والتراويح هيبقى أحلى".

تصدّر عمرو خالد قائمة أعلى الدعاة دخلاً بتحقيقه صافي دخل في 2007 بلغ 2.5 مليون دولار

كلمات عمرو خالد أثارت موجة من الانتقادات، في أوساط نشطاء "السوشيال ميديا"، حيث كتب الصحفي باسل رفايعة على صفحته في "فيسبوك": "باعكم عمرو خالد بيضاً فاسداً منذُ ربع قرن، وكنتم سعيدين بدموعِ التاجر ونحيبه، وتقواه، فاشكروه الآن على الدجاج، وقد نمتم طويلاً في الأقفاص..". ودفعت الاحتجاجات الشركة المنتجة إلى حذف الإعلان من صفحتها بموقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك". لكن يظل السؤال قائماً، هل تتوقف الأزمة عند مجرد خطأ عابر اعتذر عنه الداعية؟

 

اعتذار خالد عن استخدام الدين في الترويج لمنتج شركة استثمارية لم يكن الأول، فقد سبق أن اعتذر عام 2010 عن مشاركته في إعلان لصالح فضائية عربية كان قدمه عام 2007، طالب فيه المشاهدين بعدم سرقة حقوق الفضائيات المشفرة. أيضاً سبق إعلان خالد عن شركة الدجاج إعلان آخر لم يحظَ بنفس الاهتمام، حين روج في واحدة من محاضراته لشركة تصنيع عطور.

إسلام السوق

عمرو خالد، المولود في سبتمبر 1967، بمدينة الإسكندرية، كان الداعية صاحب التأثير الأكبر في أوساط الشباب المصري والعربي بدايات الألفية الثالثة، وساعد على انتشاره بين الشباب أنه يقدم دعوته بشكل غير معهود لرجال الدين، أصحاب اللحى الكثيفة، والخطاب الديني المعتمد على الترهيب، والتذكير بعذاب القبر، وجحيم النار.

في كتابه "إسلام السوق" يصف باتريك هايني حالة عمرو خالد، باعتباره "يقدم خطاباً ناعماً، مستخدما أساليب المبشرين الإنجيليين والأمريكيين"، مضيفاً: "يستعير الداعية من المسيحيين فكرة الترغيب في حب الله، ومحبته لعباده"، بعيداً عن ترهيب جماعات الإسلام السياسي القائم على تقريب العبد لربه من خلال نشر الخوف في النفوس.

سبق أن اعتذر خالد عام 2010 عن مشاركته في إعلان لصالح فضائية عربية كان قدمه عام 2007

كتاب هايني يصف شكلاً جديداً من أشكال التدين، يتمرد على الشكل الكلاسيكي لجماعات الإسلام السياسي؛ ويتخلى فيه الدعاة الجدد عن الأيديولوجيات الكبرى، التي اهتم بها مؤسسو دعوات الإسلام السياسي، لصالح أنماط معينة من التدين الإسلامي والأسس الفلسفية للسوق، مثل، النزعة الفردانية، والانفتاح، وأولوية الشأن الخاص على العام المرتبط بالدولة، والعولمة، ونزعة الاستهلاك.

ومع ذلك الشكل الجديد الذي وصفه هايني، يصبح من الطبيعي أن يقدم خالد إعلاناً عن برنامج للطبخ، كان من المنتظر أن تقدم حلقاته، بشكل يومي في شهر رمضان الجاري، الشيف آسيا عثمان، ويبث في نفس الوقت على صفحة الداعية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وهو المشروع الذي أوقفه غضب متابعي خالد، غير أنّ اللافت للانتباه أنّ البرنامج الذي عرض على صفحة آسيا عثمان كانت حلقته الأولى بعنوان "فتة الفراخ"، وهي الطريقة التي كنا ننتظر مشاهدتها على صفحة داعية ديني.

كتاب "إسلام السوق" لـ"باتريك هايني"

الصالون الإسلامي

صعود خالد، كما قال هايني في كتابه، جاء برعاية الفنانات التائبات على يد الشيخ محمد متولي الشعراوي، والذين قدموا وقتها ما عرف بظاهرة "الصالون الإسلامي"، حين تجتمع مجموعة من سيدات المجتمع البرجوازي في منزل إحداهن، ويقوم داعية بتقديم محاضراته بينهن، وهكذا كانت بداية خالد التي تطورت لانتقاله بدعوته إلى نادي الصيد، أحد أشهر نوادي الطبقة الراقية في القاهرة، ثم اتسعت دعوته لتخرج إلى الناس عامة، بمحاضراته التي قدمها في مسجد صغير بأحد أحياء العجوزة، ثم انتقاله لمسجد المغفرة المجاور، ثم تقديم خالد لمحاضراته في أحد أكبر مساجد مدينة السادس من أكتوبر، مسجد الحصري، والذي شهد توافد عشرات الآلاف أسبوعياً لسماع محاضراته، أوائل عام 2002.

الصورة التي بدأ بها خالد كداعية تسمح بإعادة إدماج هؤلاء الذين يعانون فتور التدين داخل فضاءات الأسلمة

الصورة التي بدأ بها عمرو خالد كداعية، كما يشير هايني في كتابه، تسمح بإعادة إدماج هؤلاء الذين يعانون فتور التدين داخل فضاءات الأسلمة، من خلال ما يقدم لهم من توفيق بين الدين والحياة، وهو ما لم يكن مسموحاً به في الخطابات الدينية السائدة، سلفية كانت أم إسلاموية، ما يفسر تقديم خالد لعدة محاضرات عام 2002، جاءت عناوينها تحت اسم، الحب الإسلامي، والمصيف الإسلامي، في محاولة لتقديم صورة للإسلام الحداثي، البعيد عن الصورة النمطية للمسلم المتطرف، التي أصبحت أكثر انتشاراً في الثقافة الغربية عن المسلمين.

الشكل الجديد من الدعاة، المتأثرين بتغيرات المرحلة الدعوية، المنتسبة لما يسمى، نيوليبرالية إسلامية، حقق مكسباً مادياً ضخماً لهم، تشير إلى ذلك الدكتورة هبة رؤوف عزت في مقدمتها لكتاب هايني، والذي قامت بترجمته: "نعم، الظاهرة الإسلامية خلقت مستهلكين استفاد منهم السوق، وبعض المستفيدين من أبناء الحركات الإسلامية أنفسهم".

يؤكد ذلك ما جاء في تقرير مجلة "فوربس" العربية الصادر عام 2007، الذي أشار إلى تصدّر الداعية عمرو خالد قائمة أعلى دعاة الدين الإسلامي دخلاً، بتحقيقه  صافي دخل في عام 2007 بلغ 2.5 مليون دولار.

وأوضحت المجلة، أنّ مصادر دخل الدعاة تتركز بالدرجة الأولى في الإنتاج التلفزيوني، والبرامج التي يتم بثها على شاشات العديد من المحطات الفضائية، والأرضية، في الوطن العربي، وكذلك في التسجيلات الصوتية، سواء على أقراص مدمجة، أو أشرطة دينية، إلى جانب المؤلفات الدينية والأدبية التي عمل هؤلاء الدعاة على وضعها خلال 2007 أو التي بيعت في العام نفسه.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية