لماذا شيطن الإعلام المقرب من قطر "حراك" الأردن؟

الأردن

لماذا شيطن الإعلام المقرب من قطر "حراك" الأردن؟


11/06/2018

طرح تعامل المنصات الإعلامية المقربة من قطر مع الحراك الذي شهده الأردن، خلال الأسبوع الماضي، على خلفية الأزمة الاقتصادية، المتمثلة بمشروع قانون ضريبة الدخل الجديد، الذي أسفر عن إقالة الحكومة، العديد من التساؤلات في أوساط المتابعين، لما تضمنه المحتوى الإعلامي الذي قدمته محطة الجزيرة الفضائية وأخواتها الناطقة باللغتين؛ العربية والأجنبية.

ولم تقف التغطية المنحازة عند تلك المنصات؛ بل أثار موقف بعض المسؤولين القطريين، العديد من التساؤلات، بعد أن شكّل استثمار الحراك الأردني في إطار الأزمة الخليجية بين قطر وجيرانها في السعودية والإمارات، عنواناً لإستراتيجية قطرية عبّر عنها بوضوح وزير الخارجية القطري السابق، حمد بن جاسم، من خلال تغريدة له قال فيها: "ما يجري في الأردن أرجو ألّا يكون مخططاً من دول قريبة، وذلك للضغط على هذا البلد الآمن للقبول بصفقة القرن، أعرف معاناة الشعب الأردني، وأعرف شحّ موارد الأردن، التي تحتاج منا جميعاً إلى الوقوف معه.

تغريدة لوزير الخارجية القطري السابق، حمد بن جاسم

ورغم أنّ حراكاً بالمستوى الذي جرى في الأردن، من حيث حجم المشاركة فيه وأطروحاته الإصلاحية، يفترض أن يشكل فرصة للجزيرة، لاقتناصها والبناء عليها، ارتباطاً بسياساتها التحريرية، إلا أنّ شيئاً من هذا لم يحدث، وربما أنّ التغطية المختلفة للجزيرة هذه المرة للحراك الأردني، عن تغطيات شهدها "الربيع العربي" في دول عربية وإسلامية أخرى يمكن تفسيره بالآتي:

أولاً: إنّ تغطيات الجزيرة لكافة التطورات في الدول العربية والإسلامية، أصبحت، منذ "تفجّر" أزمة قطر مع جيرانها رهينة لهذه الأزمة، وباتجاه توظيف أية تطورات بما يخدم إرسال رسائل بصوابية المواقف القطرية باتجاهين هما: تفنيد التهم المنسوبة إليها بدعم الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية، وبدعم حركات الإسلام السياسي، والدفاع عن حلفائها في الأزمة، تحديداً تركيا وإيران، وشيطنة الخصوم الخليجيين، إضافة إلى مصر، لذا جاءت رسائل الجزيرة في تغطية الحراك متجاوزة للحراك ذاته ومطالبه، وركزت على توجيه اتهامات لكل من السعودية والإمارات بالوقوف وراء الحراك، في مقاربة غير خاضعة لأسس منطقية، خاصة أنّ السعودية، لأسباب مرتبطة بأمنها القومي على الأقل، تبدو الأكثر حرصاً على أمن الأردن واستقرار أوضاعه، فيما مرت قناة الجزيرة مروراً على الانتفاضة التي يقوم بها الشعب الإيراني منذ أواخر العام الماضي.

اقرأ أيضاً: "قمة مكة" الرباعية تبحث دعم الأردن وتَردُّ على "المزاعم القطرية"

ثانياً: طبيعة الحراك الذي شهده الأردن هذا العام، ارتباطاً بكونه حراكاً "مدنياً"، لم تشارك في الأحزاب؛ اليسارية والقومية والإسلامية، ممثلة بالإخوان المسلمين، وربما كان غياب الإخوان عن الحراك أحد الأسباب الرئيسة لاختلاف تغطية الجزيرة؛ حيث كان واضحاً -باستثناء اليوم الأخير للحراك- غياب الطقوس الإخوانية عن هكذا حراكات، من خلال التكبير، ورفع شعارات إسلامية على غرار شعارات "رابعة".

ثالثاً: رهانات سياسية قطرية على إمكانية انحياز الأردن إلى تحالف الممانعة العربي والإسلامي، من خلال إشارات أردنية وردت بهذا الاتجاه، وأطروحات لأوساط مختلفة، بضرورة الانفتاح على قطر وإيران وتركيا، في ظلّ مواقف دول تحالف الاعتدال العربي، والتعامل مع الأردن بما أوحى أنّه خارج إطار هذا التحالف، وقد طرحت أوساط أردنية عديدة ضرورة إعادة العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وإعادة فتح مكتب الجزيرة في الأردن، وكان الأردن في بداية الأزمة اتخذ قرارين بإغلاق مكتب الجزيرة وتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر، وقد أبرزت المظاهرات التي شهدها الأردن، بعد قرار الرئيس الأمريكي، في أواخر العام الماضي، نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، دوراً لحلفاء قطر من الإسلاميين في الأردن باتجاه تحميل السعودية مسؤولية القرار الأمريكي.

قطر هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تخلفت عن تقديم حصتها ببرنامج المنحة الخليجية المقررة للأردن عام 2013

وبانعقاد القمة بين الأردن والسعودية والإمارات والكويت، المخصصة لبحث سبل دعم الأردن اقتصادياً، للتخفيف من حدة أزمته، وكيف أنّ قادة هذه الدول هبّوا لمساعدة الأردن، يستذكر الأردنيون أنّ قطر هي الدولة الخليجية الوحيدة من بين مجلس التعاون التي تخلفت عن تقديم حصتها في برنامج المنحة الخليجية التي تقررت للأردن 2013، والبالغة مليار وربع المليار دولار، فيما التزمت الدول الخليجية الأخرى بحصصها المقررة، وكيف أن مضامين خطاب نشطاء سعوديين وإماراتيين، ركزت على ضرورة مساهمة الدولتين بمساعدة الأردن، في الوقت الذي ركز فيه نشطاء قطريون على استثمار أزمة الأردن بالاتجاه نفسه، الذي تبناه الإعلام المقرب من قطر، بالتركيز على أنّ أزمته بفعل "مؤامرة" سعودية إماراتية.

مما نشره "العربي الجديد" المقرب من قطر حول اجتماع مكة لدعم الأردن

من المرجح أنّ الجزيرة وأخواتها ستواصل النهج ذاته، حتى بعد القمة الأردنية الخليجية، وستربط أية مساعدات سعودية إماراتية للأردن، بمزاعم تقديم الأردن تنازلات في إطار صفقة القرن، فقد خصصت برنامج حصاد اليوم بتاريخ (10/6) للقمة، وتضمن البرنامج محاولة للتفريق بين الدعم الكويتي ودعم السعودية والإمارات، فيما جاء في افتتاحية أبرز المواقع الإخبارية المقربة من قطر ما يؤكد ذلك؛ حيث نشر موقع "العربي الجديد" في اليوم ذاته تحليلاً سياسياً بعنوان "اجتماع مكة لدعم الأردن: المال مقابل الرضوخ لصفقة القرن؟"، عرض فيه مزاعم أنّ المساعدات التي ستقدم للأردن ستكون مشروطة بقبوله الانخراط في صفقة القرن.

حلقة برنامج حصاد اليوم  بتاريخ  10-6-2018 على قناة الجزيرة:

 

 

وتطرح هنا على الفور أسئلة حول حجم التباين بين المواقف القطرية ومواقف كلّ من السعودية والإمارات تجاه عملية السلام، أو العلاقة بإسرائيل، خاصة أنّ تسريبات غربية تؤكد توسط قطر بين حماس وإسرائيل لإنجاز هدنة بين الجانبين.

هل فوتت السياسة القطرية فرصة توثيق علاقاتها مع الأردن، بأن تقدم قطر نفسها للأردن؛ الرسمي والشعبي، باعتبارها الصديق الأكثر وفاءً؟ دون أن يعني ذلك انضمام الأردن إلى الممانعة العربية والإسلامية، من خلال المبادرة العاجلة لتقديم مساعدة للأردن، في ظلّ أزمته الاقتصادية، دون التركيز على مناكفة خصومها من الخليجيين، خاصة السعودية والإمارات، وإخضاع الرسائل الإعلامية القطرية لسياقات هذه الأزمة، في محاولة لإثبات مسؤوليتهما عن الحراك الأردني، في إطار مؤامرة كبرى تستهدف الأردن.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية