حبس ناشر مصري بارز بتهمة تزوير علامة تجارية لشركة صينية

حبس ناشر مصري بارز بتهمة تزوير علامة تجارية لشركة صينية


22/01/2018

أحدث خبر القبض على رئيس اتحاد الناشرين المصريين، عادل المصري، الخميس 18 كانون الثاني (يناير) 2018، جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية المصرية، على خلفية تنفيذ الحكم النهائي الصادر ضده بالحبس عامين، في قضية تزوير العلامة التجارية «قاموس أطلس»، والتي قضت المحكمة فيها بالحكم على «المصري» بالغرامة، وقد سبق أن حجزت المحكمة على شقته وأثاثها، إلا أنه نقل الأثاث، مما أدى للحكم عليه بالتبديد. وصرح مصدر أمني لـ"حفريات" أن المحامي العام في سبيله لإصدار قرار بوقف تنفيذ الحكم، بعد إيداع الغرامة المطلوبة خزينة المحكمة وقدرها 700 ألف جنيه مصري «40 ألف دولار».

وأشار مصدر بمجلس إدارة اتحاد الناشرين المصريين، رفض ذكر اسمه، أنّ المصري كان شريكاً لوكيل العلامة التجارية «قاموس أطلس» الأردني ثم انفصلا، دون أن تتم تسوية المسائل المالية بينهما، ما دفع الناشر الأردني للجوء إلى القضاء؛ لحفظ حقوقه المادية والمعنوية.

التواصل مع "الناشر" الأردني بلا جدوى

وحاولت "حفريات" التواصل مع "الناشر" الأردني، مدير «مركز أطلس العالمي للدراسات والبحوث» في عمّان، إلا أنه ثبت بعد الاتصال مع بعض الناشرين الأردنيين، ومع اتحاد الناشرين في الأردن، أنهم لا يملكون أدنى معرفة بالشخص أو القضية، وأنه ليس مدرجاً ضمن قوائم اتحاد الناشرين الأردنيين.

وأوضحت مصادر، أنّ «مركز أطلس العالمي للدراسات والبحوث» وكيل للشركة الأم في منطقة الشرق الأوسط، المالكة الأصلية للعلامة التجارية «قاموس أطلس»، والذي أطلقته شركة «فرست تريدينج ليمتد»، في هونج كونج عام 1994، والحكم بالتزوير ضد عادل المصري جاء لصالح الشركة الصينية، المالكة الفعلية للعلامة التجارية التي يدعى المصري ملكيتها، وأنّ المركز الأردني ليس طرفاً في القضية، ولا صحة لما تردد أنّ المسألة خلاف بين شريكين.

المصري كان شريكاً لوكيل العلامة التجارية "قاموس أطلس" الأردني ثم انفصلا، دون تسوية المسائل المالية بينهما

ويواجه رئيس اتحاد الناشرين المصريين، إلى جانب الحبس في قضية تزوير العلامة التجارية، عقوبة الشطب من الاتحاد، والذي يقيد عضويته بعدم الحكم على الناشر في جرائم مخلة بالشرف.

على الجانب الآخر، صرح أستاذ ورئيس قسم القانون المدني بكلية الحقوق حسام لطفي، محامي رئيس اتحاد الناشرين المصريين، لــ"حفريات"، أنّ عادل المصري وشريك فلسطيني، أسسا شركة في الصين لتسويق قاموس أطلس الإلكتروني في الشرق الأوسط، وفي السنوات الأخيرة مع تطور وسائط المعلومات تم تصفية الشركة دون حصول الشريك الآخر على كامل حقوقه، وبدلاً من رجوع الشريك على الشركة الصينية قام برفع دعوى التزوير على الشركة المصرية أطلس.

قاموس أطلس الإلكتروني

وأشار لطفي إلى أنّ العلاقة القانونية بين أطلس المصرية والشركة الصينية تم تسويتها منذ عام 2009 وبالرجوع لوزارة الخارجية المصرية للتأكد من صحة توكيل التصالح تعذر العثور على الدفاتر الخاصة بذلك لمرور وقت طويل على تلك الدفاتر، لافتاً إلى أنهم في انتظار إفادة وزارة الخارجية بعد التواصل مع الشركة الصينية حتى يخلى سبيل عادل المصري.

قضية المصري أحدثت جدلاً واسعاً في سوق الكتاب بالقاهرة، نظراً لأن الناشر يُعد أحد المسؤولين المباشرين، عن مواجهة عمليات تزوير الكتب والعلامات التجارية، التي تهدد صناعة الكتاب في مصر منذ كانون الثاني(يناير) 2011، مع تراجع القبضة الأمنية على خلفية ثورات الربيع العربي.

أصبح يُنظر إلى مصر باعتبارها "المصدّر الأول للكتاب المزور عربياً، خصوصاً دول شمال أفريقيا والسودان"

رحلة التزوير في القاهرة

انتشار الكتاب المزور كان ضمن أسباب إعادة إحياء اتحاد الناشرين العرب عام 1995، والذي شارك في تأسيسه رئيس الاتحاد الحالي، الناشر محمد رشاد، مع الناشرين، إبراهيم المعلم من مصر، وعدنان سالم من سوريا،  وسمير عاصم من لبنان، وآخرين، حيث ذهبوا إلى لبنان على أساس وضع حد لهذه الظاهرة، فتم إحياء الاتحاد الذي أنشئ بقرار من الجامعة العربية، وجرت صياغة القانون الأساسي له.

ويشكو متابعون ومراقبون باستمرار من تضخم عملية تزوير الكتب، والعلامات التجارية لدور النشر العربية والأجنبية في مصر، في ظل الفوضى والظروف الأمينة، منوهين إلى أنّ الخطورة الأكبر تكمن في تزوير العلامات التجارية، في انتهاك واضح لحقوق الملكية الفكرية، والذي قد يؤدي إلى فرض عقوبات من خلال المنظمات الدولية المختصة.

تتسبب عمليات تزوير الكتب بخسائر كبيرة للناشرين كل عام

حماية حقوق المؤلف

في الثامن عشر من نيسان (أبريل) 2012، عقد اتحاد الناشرين المصريين اجتماعاً؛ لبحث سبل وقنوات مواجهة مشكلة تزوير الكتب في مصر، ونتج عن الاجتماع إقامة مؤتمر في الثاني من أيار (مايو) 2012، شاركت فيه أغلب المؤسسات الحكومية والخاصة المهتمة بصناعة الكتاب، لوضع ضوابط تحافظ على حقوق المؤلف والمؤسسات العاملة في مجال النشر.

قبل المؤتمر بأيام أرسل اتحاد الناشرين المصريين خطاباً إلى النائب العام حمل رقم (268)، والمؤرخ بـ 24 نيسان (إبريل) 2012 بشأن تفشي ظاهرة تزوير الكتب والتعدي على حماية حقوق الملكية الفكرية، وذلك بالاعتداء على حقوق النشر والتأليف، بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، مما يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل الثقافة والنشر بحسب ما ورد في الخطاب.

رداً على ذلك، أصدر النائب العام، طلعت إبراهيم عبدالله، كتاباً دورياً رقم (12) لسنة 2012، مضتمناً التعليمات التي يجب على أعضاء النيابة اتباعها ومراعاتها في هذا الشأن. وجاء في بنود ذلك الكتاب: "يجب على أعضاء النيابة أن يأمروا بطلب صحف الحالة الجنائية للمتهمين، في جرائم الاعتداء على حقوق المؤلف وتقليد وتزوير العلامات التجارية، قبل التصرف فيها بتقديمهم للمحاكمة الجنائية". وتقضي المادة 113 من قانون حماية الملكية الفكرية وحقوق المؤلف رقم 82 لسنة 2002، بالسجن والغرامة، في التعدي على العلامات التجارية لآخريين.

اتحاد الناشرين المصريين تابع شكاوى مستمرة بشأن تفشي ظاهرة تزوير الكتب والتعدي على حماية حقوق الملكية الفكرية

مافيا التزوير

بدأت رحلة معاناة السوق المصري مع انتهاك حقوق الملكية الفكرية أواخر التسعينيات من القرن الماضي، حين تقدم أحد الناشرين في مصر إلى مناقصة لتزويد الكتب لإحدى الجهات الحكومية في ليبيا، وقدم لهم نسخاً مزورةً من كتابين للدكتور محمود شلتوت، الأول: كتاب "الاسلام عقيدة وشريعة"، والثاني: كتاب "من توجيهات الاسلام"، دون الحصول على إذن من الناشر الأصلي صاحب الحقوق.

ومع ضعف الوضع الأمني في القاهرة قبل ثورة 30 يونيو 2013، أصبح أباطرة تزوير الكتاب في مصر معروفين بالاسم، ومع ذلك لا يقترب منهم أحد، ذلك إلى جانب ضعف العقوبات المقررة، في قانون حقوق المؤلف والملكية الفكرية.

وتسعى وزارة الثقافة المصرية، بالتعاون مع الجهات المعنية لتحجيم عملية تزوير الكتاب في القاهرة، بعد أن أصبح يُنظر إلى مصر باعتبارها "المصدّر الأول للكتاب المزور عربياً، خصوصاً دول شمال أفريقيا والسودان".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية