تاريخ العلاقة القطرية الإخوانية: هل هي "الجماعة" أو الفوضى؟

تاريخ العلاقة القطرية الإخوانية: هل هي "الجماعة" أو الفوضى؟


06/11/2017

يبدو أنّ الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تعامل قطر مع الجماعات المتطرفة تكمن في المنطق البراغماتي، وفي الوقت ذاته الأيديولوجي، بعد تغلغل أفكار التطرف في قطاعات مهمّة بالإمارة الخليجية الصغيرة، وهذا ما ظهر جليّاً في موقف الدوحة من الإخوان المسلمين في مصر، تحديداً في مساء 28 كانون الثاني (يناير) العام 2011، حينما اتصل وقتها النائب محمد مرسي، بقناة الجزيرة فور هروبه من سجن وادي النطرون، وقال: "الأهالي حرروا 34 من أعضاء جماعة الإخوان"، وبهذه المكالمة أعطى الرجل، الذي أصبح فيما بعد رئيساً للبلاد، معلومات دقيقة عن مكان وجوده، وهو ما فُسِّر على أنّه رسالة أراد مرسي توجيهها عبر الدوحة إلى من يهمّه الأمر في الخارج من أعضاء الجماعة وداعميها.

اقتصاد مصر وقطر

عقب ثورة "25 يناير" اجتمع القيادي الإخواني المصري خيرت الشاطر برئيس الوزراء ووزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم، وطلب منه، وفقاً لتقارير صحفية، قبل الانتخابات الرئاسية المصرية أن يخبر الولايات المتحدة أنّ الإخوان يتعهدون بالحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد، وجميع العلاقات بالدول الغربية، وفي المقابل طلب دعماً مادياً، وهو ما وفّرته قطر بالفعل للجماعة كما تؤكد أوساط أمنية مصرية عن طريق بنك قطر الإسلامي؛ حيث يتم تحويل الأموال إلى حساب بنكي يخص "أكاديمية التغيير" التي يديرها هشام مرسي، زوج ابنة يوسف القرضاوي المقيم في قطر.

عقب ثورة 25 يناير التقى خيرت الشاطر بحمد بن جاسم، وطلب منه إبلاغ أمريكا أن الإخوان يتعهدون باحترام اتفاقية كامب ديفيد، وجميع العلاقات بالدول الغربية

الغريب أنّ قطر دعمت الإخوان مالياً، في الوقت الذي أرادت أن تستفيد من الاقتصاد المصري لصالحها، فبعد إعلان نجاح الإخواني محمد مرسي في الوصول لكرسي الرئاسة المصري في 30 كانون الأول (ديسمبر) العام 2012، بدأ على الفور في ربط جزء مهم من الاقتصاد المصري لصالح قطر، وهو ما كشف عنه ائتلاف دعم صندوق "تحيا مصر" بالإسكندرية، بطلب عاجل للنائب العام، للانتهاء من تحقيقات المكتب الفني في البلاغ رقم 4210 المدعم بالمستندات والوثائق السرية الخطيرة، الذي يتّهم الإخوان بـ"الإضرار العمدي بالمصالح المصرية، عن طريق الشروع في إبرام صفقات مع دولة قطر، بتعليمات من مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان، من أجل السيطرة على الاستثمارات بمنطقة قناة السويس، وغيرها من المشاريع الاستثمارية في كل من مدينتي الغردقة وشرم الشيخ، وإقامة منطقة صناعية قطرية في شرق التفريعة ببورسعيد".
الإخوان في السلطة.. قطر أولاً
كشفت الأوراق الرسمية لقضية إحالة الرئيس السابق مرسي، عن اتهامات أنّه والإخوان، اتفقوا مع المتّهمين؛ معد برامج بقناة الجزيرة القطرية علاء سبلان، ورئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة إبراهيم هلال، وآخر مجهول على العمل معهم لصالح دولة قطر، وأمدّوهم لهذا الغرض بصور من التقارير والوثائق الصادرة عن أجهزة المخابرات العامة، والمخابرات الحربية، والقوات المسلحة، وقطاع الأمن الوطني، وهيئة الرقابة الإدارية، التي تتضمن معلومات وبيانات تتعلق بأسرار الدفاع عن البلاد وسياساتها الداخلية والخارجية.

المتهم الرئيسي بتفجير كنائس الأقباط، مهاب قاسم، فرّ إلى قطر في العام 2015، والتقى ببعض قيادات الإخوان الهاربة هناك

وقال أحد الشهود في القضية، إن سكرتير رئيس الجمهورية الأسبق محمد مرسى، أمين الصيرفي قبل ضبطه، أعطى تكليفاً لابنته بورقة مكتوبة، وتوصلت التحريات إلى أنه أثناء زيارة زوجته له استفسر منها عن الأوراق، وماذا فعلت بها نجلته، ولم تكن زوجته تعلم عنها شيئاً، فأبلغها أن تقوم بتسليم الأوراق للمتهم أحمد عبده عفيفي، والمتهم علاء سبلان العضو بجماعة الإخوان وكان يتردد على الصيرفي برئاسة الجمهورية، لافتاً إلى أنّ جميع المتهمين كانوا على علم بالاتفاق الذى تم، وبأن أصول الوثائق ستباع مقابل مبلغ مليون ونصف المليون دولار.

الدوحة تؤوي "دعاة الفتنة"
بعد الإطاحة بحكم جماعة الاخوان وفشل اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، لم يبق أمام قيادات الجماعة سوى قطر وتركيا؛ حيث مكثوا في الدولتين، وعلى رأسهم يوسف القرضاوي، وجمال عبدالستار، وعصام تليمة، ووجدي غنيم، وعضو مجلس الشعب المنحل محمد جمال حشمت، وأمين الشباب السابق بحزب الحرية والعدالة المنحل بمحافظة الجيزة علي خفاجي أحمد الشريف، والقيادي أيمن عبد الغني، والمتحدث باسم حركة قضاة من أجل مصر وليد شرابي، وطارق الزمر، والقيادي بالجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد، ومقدم البرامج بقناة الجزيرة أحمد منصور، والبرلماني السابق عن حزب الأصالة السلفي ممدوح إسماعيل، والداعية السلفي الدكتور محمد عبد المقصود، وإيهاب شيحة، ورئيس حزب الفضيلة السلفي محمد محمود فتحي، وعضو ما يسمى "تحالف دعم الشرعية" محمد بدر.
ومن العناصر الأكثر خطورة يأتي عاصم عبدالماجد في المقدمة، حيث يواجه اتهامات خاصة بترويع المواطنين أثناء حكم الإخوان وحتى اعتصام رابعة العدوية؛ حيث هدد بحرق مصر إذا ما فكر أي شخص في إزاحة مرسي عن منصبه، ويُعد عبدالماجد من أبرز المطلوبين أمنيّاً، بعد صدور حكم ضده بالإعدام من محكمة جنايات الجيزة، في القضية الشهيرة إعلامياً باسم "أحداث مسجد الاستقامة".
أما محمد عبد المقصود، أحد أبرز الوجوه الإخوانية الداعية للعنف، فصدر ضده حكم غيابي بالإعدام من محكمة جنايات شبرا الخيمة، في القضية المعروفة إعلامياً باسم "قطع طريق قليوب".
 

الرهان على العنف
عقب سقوط الإخوان، يرى المحللون أنّ رهان قطر إلى إحداث حراك متطرف في الشارع المصري ضد عزل مرسي، فقدمت كافة أشكال الدعم إلى قيادات الجماعة، ورفضت تسليم قيادات الإخوان الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية.
تبين وفقاً لتقارير أمنية مصرية عديدة أنه أقام في قطر ولفترات متفاوتة من يسمى زعيم لواء الثورة يحيي موسى، وزعيم (حسم) علاء علي السماحي، ومشرف الجناح الخاص للإخوان أيمن عبد الغني، وكذلك قيادات الإخوان الهاربة من مصر التي أحيت العمل العنيف، وذلك عبر تشكيل حركات متطرفة في الداخل المصري.

من العناصر الإخوانية الأكثر خطورة عاصم عبدالماجد الذي كانت مهمّته ترويع المواطنين أثناء حكم الإخوان وحتى اعتصام رابعة

كما ذكر بيان الداخلية المصرية، في 23 نيسان (إبريل) العام 2017 أن المتهم الرئيسي في تفجير كنائس الأقباط، الهارب مهاب قاسم سافر إلى قطر في العام 2015، والتقى ببعض قيادات الإخوان الهاربة هناك، الذين تمكنوا من احتوائه وإقناعه بالعمل بمخططاتهم "الإرهابية"، وإعادة دفعه للبلاد "لتنفيذ عمليات إرهابية بدعم مالي ولوجستي كامل"، وعقب البيان سارعت الخارجية القطرية لإصدار بيان -على غير عادتها- أدانت فيه التفجير، ورفضت الزج باسم قطر تحت أي ذريعة من الذرائع، واستطرد البيان في شرح تفاصيل ما وصفه بـ"واقعة دخول المشتبه به"، وأنّه دخل البلاد في زيارة مثل مئات الآلاف الذين يسمح لهم بالدخول.
وكما ورد في اعترافات خلية اغتيال النائب العام الرسمية، فإنّ قيادي الخلية هارب لقطر، وينتقل منها لتركيا، وهو يحيى موسى، وعلاء السماحي، وأنّهما تولّيا مسؤولية إدارة "العمل النوعي" من دولتي قطر وتركيا وتدريب العناصر المنتقاة بالسودان.
وأدلى المتهمون في اعترافاتهم الرسمية أنه في غضون شهر حزيران (يونيو) 2016 أعيدت هيكلة مجموعات العمل النوعي التابعة لجماعة الإخوان في هيكل تنظيمي جديد تحت مسمى "حركة سواعد مصر – حسم"، وأن رؤية تلك الحركة تقوم على مراحل؛ أولاها تأهيل عناصر مجموعات العمل النوعي، وتدريبها خارج البلاد، ومن ثم تشكيل تيار سياسي معلن من القوى السياسية لإحداث حالة من الحشد الشعبي؛ ليؤدي إلى ثورة شعبية تصل إلى إسقاط النظام الحاكم.
وقد كشفت تقارير استخباراتية نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" أنّ خطة قطر هي دعم الإخوان المسلمين من أجل نقل نشاطهم إلى الجامعات المصرية، ونقل الأموال إليهم لتوسيع نشاطهم الاحتجاجي العنيف.

 


 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية