البالونات الحارقة سلاح الفلسطينيين الجديد لمواجهة إسرائيل

فلسطين

البالونات الحارقة سلاح الفلسطينيين الجديد لمواجهة إسرائيل


10/07/2018

اعتاد الرفاق الخمسة منذ عدة أشهر على لهيب الشمس، التي لا يجدون منها مهرباً بالقرب من الحدود الشرقية لقطاع غزة، فيما يشغلهم عنها إعداد البالونات الحارقة تمهيداً لإطلاقها باتجاه الأراضي المحتلة عام 1948.  

وتواصل المجموعة الشبابية، التي بدأت منذ ذكرى يوم الأرض في الثلاثين من آذار (مارس) الماضي المشاركة بمسيرات العودة الكبرى، والتي أطلقت على نفسها اسم "وحدة البالونات الحارقة" جمع سائر التكاليف من مصروفهم الشخصي، حيث تصل تكاليف البالون الواحد نحو نصف دولار.

الشبان يركزون على إطلاق البالونات الحارقة من الحدود الشرقية لقطاع غزة بسبب وجود الكثير من الأحراش والمناطق الزراعية

أحدهم، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنية، قال لـ "حفريات"، مخفياً وجهه بالكوفية الفلسطينية تجنباً من استهدافه من قبل الاحتلال الإسرائيلي، "إن فكرة البالونات الحارقة مستوحاة من التجارب السابقة التي كان يستخدمها الثوار خلال انتفاضة الحجارة عام 1987، عندما كانوا يحرقون أراضي المستوطنين الزراعية، من خلال ربط خيط حارق بذيل قطة وتركها تسير نحو الحدود لإشعال الحرائق بتلك الأراضي".

وأضاف: "توعَدَنا وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بالاغتيال، وتم استهداف عدد من الشبان؛ ولكن هذا لن يمنعنا من مواصلة إطلاق تلك البالونات وتكبيد المستوطنين خسائر مادية، ليعلموا أننا نستطيع محاصرتهم ومنعهم من وصول المستوطنات، كما يحاصروننا منذ أحد عشر عاماً".

اقرأ أيضاً: مليونية مسيرة العودة في غزة: لم ننس ولم نمت ولن نستسلم

وأشار إلى أن البالونات مكونة من مادة الهيليوم، وهي أداة سهلة الاستخدام، خصوصاً عندما تكون الرياح من جهة الغرب، فإنها تصل بسهولة إلى الأراضي المحتلة، مشدداً على أنّ تأثيرها أكثر من تأثير الطائرات الورقية، وتشعل الحرائق بشكل كبير.

تطورت الفكرة من استخدام الطائرات الورقية التي لا تصل مسافات بعيدة لاستخدام البالونات

فرح شديد بالحرائق

وينتظر "الشباب الثائر"، كما يحلو لهم إطلاق الوصف على مجموعاتهم بعد الانتهاء من إعداد البالونات الحارقة وإطلاقها سقوطها داخل الأراضي المحتلة، ليشاهدوا الحرائق التي تشتعل بأراضي المستوطنين الزراعية، لتعلو على إثرها أصوات التكبير والتهليل ويفرحوا فرحاً شديداً، بعد اشتعال الحرائق، بحسب أحد الثوار.

اقرأ أيضاً: في غزة: مساجد بملايين الدولارات وفقراء بلا مأوى

وعن طريقة عملهم في إطلاق البالونات الحارقة وبالونات الهيليوم، قال أحد النشطاء والذين رافقتهم "حفريات" لخيمة يستخدمونها في تجهيز هذه البالونات على حدود قطاع غزة، إنهم يقومون بجمع أنابيب غاز الهيليوم من بعض المحال التجارية في غزة، ويقومون بتعبئة "الواقي الذكري" المتوفر في صيدليات محلية، من أجل تعبئتها بالغاز وإطلاقها بعد ربطها بكرات ملتهبة، من أجل استهدف الأراضي الزراعية للمستوطنين في بلدات غلاف غزة.

تتجاوز 35 كيلو متراً

وقال الناشط الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "تطورت الفكرة من استخدام الطائرات الورقية التي لا تصل مسافات بعيدة، إلى استخدام البالونات الحارقة، والتي بزيادة غاز الهيليوم بداخلها تصل لمديات تتجاوز 35 كيلو متراً من على بعد حدود قطاع غزة".

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب حرق عمال مستشفى الشفاء في غزة علم قطر

وأشار إلى أن غاز الهيليوم يعطي قوة دفع للبالونات التي تنطلق محملة بالمواد الحارقة، موضحاً أن الشبان يركزون على إطلاق البالونات الحارقة من الحدود الشرقية للمحافظة الوسطى لقطاع غزة، بسبب وجود الكثير من الأحراش والأراضي الزراعية في الجهة المقابلة لها من الحدود، فضلاً عن قرب المناطق الحدودية في تلك المناطق من المناطق المأهولة بالسكان داخل المستوطنات الإسرائيلية.

غاز الهيليوم يعطي قوة دفع للبالونات التي تنطلق محملة بالمواد الحارقة

تهديدات إسرائيلية
وحول التهديدات الإسرائيلية لمطلقي البالونات الحارقة، قال الشاب الذي كان منهمكاً في تجهيز دفعة من "البالونات الحارقة" قبل إطلاقها، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف شباناً عزلاً على حدود قطاع غزة، وإنه لا ينتظر أي مبررات لكي يستمر في قتل الفلسطينيين، إلا أنه أكد أنّ الشبان مستمرون في عمليات إطلاق البالونات الحارقة، حتى لو كلفهم الأمر حياتهم.

وهدد وزير الحرب الإسرائيلي ووزراء آخرون في الحكومة الإسرائيلية، باستهداف مطلقي الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، فيما خرجت هذه التهديدات للنور بعد قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مرة لسيارات ودراجات نارية يستقلونها خلال إعدادهم للطائرات البالونات.

محلل سياسي لـ"حفريات": تهديد قيادة الجيش الإسرائيلي مطلقي البالونات الحرارية بالاغتيال المباشر يعبر عن مدى تأثيرها على أمنهم

ويرى الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي، حسام الدجني، أن البالونات الحارقة التي تطلق من قطاع غزة تجاه أراضي المستوطنين "تؤثر بشكل فعلي على أمن الاحتلال وتجعله يتخبط، ويبحث عن طرق لإيقاف إطلاقها"، لافتاً إلى أنها "شكلت نموذجاً جديداً في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف المحلل السياسي أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يحاول التعبير عن غضبه من إطلاق البالونات الحرارية من قطاع غزة تجاه الأراضي المحتلة، من خلال استهداف مواقع عسكرية فارغة تتبع للمقاومة، وهذا بحد ذاته يعبر عن الفشل الذريع في مواجهة مطلقي تلك البالونات، في ظل خوف سكان مستوطنات غلاف غزة من وصول الحرائق لمنازلهم بعد وصولها لأراضيهم".

اقرأ أيضاً: لماذا تطرح قطر مشروع هدنة بين حماس وإسرائيل؟

وأعرب الدجني عن اعتقاده بأنّ "تهديد قيادة الجيش الإسرائيلي مطلقي البالونات الحرارية بالاغتيال المباشر، يعبر عن مدى تأثيرها على أمنهم، وفقدانهم السيطرة عليها؛ فالاحتلال يقف حائراً أمام هذه الأداة الجديدة التي يستخدمها الثوار في مسيرة العودة الكبرى، كونها تكبدهم خسائر مادية كبيرة، وعدم التصدي لها، قد يوقع حكومة الاحتلال في أزمة حقيقية مع سكان مستوطنات غلاف غزة الذين يتعرضون للضرر بشكل كبير".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية