خالد منتصر ملاحق قضائياً بسبب رفضه تكفير الأقباط

مصر

خالد منتصر ملاحق قضائياً بسبب رفضه تكفير الأقباط


15/07/2018

تواصل تضامن المثقفين والنشطاء والفنانين المصريين مع الطبيب والكاتب المصري خالد منتصر، على خلفية انتقاده حلقةً تلفزيونية بثتها قناة مصرية جرى خلالها تكفير الأقباط.

ووصف منتصر الحلقة، التي قدمتها الإعلامية بسمة وهبي، مع الشيخ عبد الله رشدي على قناة "القاهرة والناس" بأنها "عبث إعلامي"، معتبراً في تعليق على صفحته في "الفيسبوك" أنّ ما تم تقديمه "بالة إعلامية" في إشارة إلى الملابس المستعملة، وهو ما اعتبره مالك القناة طارق نور "سبّاً وقذفاً" في حق القناة، ما دفعه إلى تقديم بلاغ ضد الدكتور منتصر، بالرغم من اعتذار القناة، لاحقاً، عما بدر من الداعية الإسلامي، ورفضها القاطع، "لكل رأي يتضمن سخرية وتحقيراً، لإحدى الديانات السماوية، أو أحد مذاهبها أو يساعد على إثارة الفتنة الطائفية، أو العنصرية، أو الدينية".

الدكتور خالد منتصر اعتبر أنّ شتم الأقباط وتكفيرهم "عبث إعلامي" وأنّ ما تم تقديمه "بالة إعلامية"

ورأى معلقون ومثقفون في البلاغ ضد منتصر، بأنّه اعتداء على حرية التعبير، وتكميم للأفواه الناقدة التي تريد وقف نزيف التفسخ الطائفي. كما أنّه يندرج في إطار القضايا المتصلة بالحريات وعلاقتها بالدين، والجدل حول ثنائية المواطنة والطائفية، والفن والمقدس، وهي المساحة التي تحرك فيها الدكتور منتصر لمواجهة  بعض رجال الدين المصرّين على استخدام المقولات المتشنجة والعصبية، التي تحمل مضموناً طائفياً، ولا تتحرر من الصراعات الهوياتية.

الشيخ عبد الله رشدي

كيف بدأت الحكاية؟

قبل أيام، قامت نيابة الإسماعيلية، بإخلاء سبيل الدكتور خالد منتصر، بعد التحقيق معه، لمدة أربع ساعات ونصف الساعة، امتدت من العاشرة صباحاً وحتى الثانية والنصف بعد الظهر، بعد مناقشته في التهم الموجهة إليه من صاحب القناة الفضائية، وقيامه بالرد عليها وتفنيدها.

وبدأت ملابسات القصة، وتفاصيلها، في إحدى الحلقات التلفزيونية، التي كان ضيوفها الباحث المصري أحمد عبده ماهر، والمخرج مجدي أحمد علي، والداعية الإسلامي، عبد الله رشدي، وموضوعها المطروح للنقاش هو "تجسيد الأنبياء في الأعمال الفنية والدرامية والسينمائية".

ولم يتردد الداعية الإسلامي لحظة في أن يجيب بانفعال وتأكيد: نعم، قلت كفار، وهم بالفعل كفار

وفي خضم الجدل الدائر حول تلك القضية الملتبسة، التي اتخذ الداعية الإسلامي منها، موقف الرفض والتحريم بشدة، حدث أنّ أحمد عبده ﻣﺎﻫﺮ، توجه بسؤال إلى رشدي قائلاً: "هو أنت مش قلت قبل كدا إنّ المسيحيين كفار؟".

ولم يتردد الداعية الإسلامي، لحظتذاك، في أن يجيب بانفعال وتأكيد: "نعم، قلت كفار، وهم بالفعل كفار". وهو ما اضطر ضيفيْ الحلقة إلى الانسحاب.

وسببت الحلقة، وما ورد فيها، سجالاً واسعاً على عدة مستويات؛ رسمية وثقافية ومجتمعية. وتواترت التعليقات عبر منصات عديدة، في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، كما عقد المجلس الأعلى للإعلام، اجتماعاً طارئاً للتحقيق في محتوى البرنامج وما جاء فيه.

التكفير.. "عبث إعلامي"

واعتبر العديد من المثقفين والكتاب، أنّ استضافة مثل هذه الشخصيات، من أصحاب الأفكار المتطرفة، وحصولها على حصة في الإعلام، تضر بالمجتمع المصري وتؤدي إلى تقسيمه وهدم وحدته، كما تزيد من حالة الاستقطاب والفرقة.

اقرأ أيضاً: الدعاة الجدد: عندما ترتدي المدرسة الإنجيلية ثوباً إسلامياً

وتحفل الذاكرة بسوابق عديدة للداعية الشيخ عبد الله رشدي، تعكس مواقف وتناقضات عديدة، لا يمكن تفسيرها، غير أنّها أدوات تجذب له زخماً مؤقتاً وشهرة مصنوعة، مثل؛ نشر صور له مع أحد نشطاء ثورة الخامس والعشرين من يناير، وأخرى، مع الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، المسجون، حالياً، في قضايا "عنف وإرهاب"، بالإضافة إلى إعلانه عن حبه للأغاني، ونشر أسماء الفنانين المفضّلين لديه، وتأييده مسابقات الجمال، واعتبار أنّ الشريعة الإسلامية لا تحرم مثل تلك المسابقات.

اقرأ أيضاً: بالصور: أقباط مصر يحتفلون بعيد الميلاد المجيد.. نصلي من أجل أن يعمّ السلام كل الأرض

بيد أنّ شكري، في المقابل، لا يكف عن تكفير المسيحيين، وإعلانه ذلك، دون مواربة؛ ففي نهاية العام الماضي، قررت لجنة القيم، بوزارة الأوقاف، على إثر حادث مماثل، إحالته، للعمل الإداري، ومنعه من صعود المنبر، أو إلقاء الدروس الدينية بالمساجد؛ حيث كان يعمل إماماً في مسجد السيدة نفيسة، بالقاهرة، وذلك، لحين انتهاء التحقيقات معه و"عدوله الصريح عن أفكاره غير المنضبطة وتصريحاته المثيرة للفتنة".

أبناء رفاعة.. تجديد الشخصية المصرية

ورأى نشطاء أنّ الهجمة ضد منتصر تمس بالقواعد الأساسية لحقوق الإنسان، حسبما جاء في بيان أصدره المستشار نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، ضد ما سماها "الهجمة الشرسة التي تعرض لها الكاتب الليبرالي الكبير من قبل بعض المتشددين".

وأكد  البيان رفض البلاغ الذي جاء على "خلفية وقوف خالد منتصر ضد التشدد والتطرف الديني، حينما أعلن الداعية الإسلامي، عبد الله رشدي، تكفيره للمسيحيين، وهو الأمر الذى أثار حفيظة رئيس القناة، واعتبر ذلك إهانة للقناة".

رأى العديد من المثقفين أنّ استضافة شخصيات متطرفة وحصولها على حصة في الإعلام يضر بالمجتمع المصري

وتضامن مع منتصر العديد من المثقفين والفنانين كجابر عصفور وإلهام شاهين، وغيرهما. وأعرب الدكتور إيهاب فهمي، عن اعتقاده بأنّ ما يتعرض له الدكتور خالد منتصر، "أمر متكرر"، موضحاً في حديثه لـ "حفريات" بأنّ "التاريخ الثقافي المصري، مع من يمكن تسميتهم بـ (أبناء رفاعة)، الذين حاولوا مقاومة الظلاميين، من خلال مواصلة حمل مشعل التنوير، والمساهمة في إضاءة الجوانب الإيجابية للشخصية المصرية، التي تستجيب للحرية والانفتاح، وليس للتعصب والانغلاق، والتي تؤمن بالعلم، وليس الدجل والشعوذة، ويمكن أن تحررنا من الاستبداد الديني ورديفه السياسي، وتأخذنا في خطوة للمستقبل، ولا تعود بنا إلى سراديب الماضي".

اقرأ أيضاً: الأصولية الإسلاموية المتطرفة والفكر التكفيري الإرهابي: محاولة للفهم

واقترح فهمي عقد فعاليات ثقافية موسعة، تضم إسهامات عدد من المثقفين المشغولين بسؤال الثقافة والتنوير، أمثال؛ مراد وهبة، وجابر عصفور، وإبراهيم عيسى، "لمناقشة قضايا التكفير والحسبة وحرية الرأي والعقيدة، بحيث تكون هذه الفعاليات، بمثابة نواة لتأسيس تيار تنويري حقيقي، لمجابهة قضايا التكفير وإزدراء الأديان، في المستقبل".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية