الظاهر والمستتر في "الحرب" الإيرانية - الإسرائيلية

الظاهر والمستتر في "الحرب" الإيرانية - الإسرائيلية


19/07/2018

النفوذ الروسي في سوريا يُبقي الوضع مضبوطاً

ثمة من يعتقد أن الحرب العلنية المتقطّعة بين إيران وإسرائيل في مسرح العمليات السوري، ما هي إلا مشاهد ظاهرة من حرب خفية مستمرة بين الجانبين اشتدّت حدّتها في الأشهر الأخيرة من غير أن تصل إلى مستوى الحرب المفتوحة او الشاملة، علماً أن القصف الإسرائيلي لنحو 35 موقعاً إيرانياً وسورياً في 9-10 مايو (ايار) الماضي رداً على صواريخ سقطت في إسرائيل كان أقرب واقعة إلى هذه الحرب. ولعل مسار الأحداث في الجنوب السوري قد يشكل نقاط "تماس" ساخنة بين إسرائيل والوجود الإيراني بما قد ينبئ بتطورات ميدانية غير محدّدة.

تنظر إسرائيل إلى الوضع الحالي في سوريا بمنظار ما يقتضيه الواقع العسكري على جبهاتها الشمالية مع سوريا ولبنان، كونها تعتبر "حزب الله" جزءاً لا يتجزأ من الآلة العسكرية الإيرانية. ويرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إيران تعمل على ملء الفراغ الّذي خلّفته هزيمة تنظيم «داعش». من هنا وسّعت إسرائيل خطوطها الحمراء في سوريا. ويلفت مراقبون إسرائيليون إلى أن حكومة نتنياهو قلقة من ردّ الفعل البارد للولايات المتّحدة على الوجود الإيراني في سوريا، مما يجعل إسرائيل مضطرة للتّعامل مع إيران وحلفائها بمفردها.

ويقول الجنرال الإسرائيلي المتقاعد مايكل هيرتسوغ في تحليل نشره "معهد واشنطن"، إن نتيجة الواقع الحالي "هي تزايد خطر وقوع مواجهة بين إسرائيل والمعسكر الذي تقوده إيران في هذا المسرح".

ويرى هيرتسوغ أن الخطط الإيرانية لفترة ما بعد «داعش» تشتمل على "إنشاء منطقة نفوذ مباشرة تمتدّ من حدود إيران إلى البحر الأبيض المتوسّط". وينقل عن الاستخبارات الإسرائيليّة أن الخطط المذكورة "تتضمّن معاقل عسكريّة طويلة الأمد، وجيشاً بالوكالة منتشراً بشكل دائم، ومنشآت عسكريّة صناعيّة لإنتاج صواريخ دقيقة في سوريا ولبنان".

بنظرة استراتيجية أشمل، تنظر إسرائيل بقلق إلى عمل إيران على إقامة "ممرّ أرضي" في وسط الشرق الأوسط من إيران مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسّط. وسيكون لممر كهذا مفاعيل سياسية واقتصادية، بالإضافة إلى العسكرية.

ومن الخطوات العملية التي قامت بها إسرائيل لتحجيم الوجود الإيراني في سوريا، قصف قاعدة نشرت هيئة الإذاعة البريطانيّة ("بي. بي. سي.") صوراً لها وهي قيد البناء، تعتقد الاستخبارات الغربيّة أن إيران ستتولى إدارتها. وتقع القاعدة قرب منطقة الكسوة جنوب دمشق على مسافة خمسين كيلومتراً من مرتفعات الجولان. وفي ليل 1-2 كانون الأول ديسمبر (كانون الأول) 2017، استُهدِفت هذه القاعدة ودمرت جزئيّاً.

الملاذ الروسي

إزاء الوضع القائم، يرى الإسرائيليون في الوجود الروسي في سوريا ضمانة لهم وعاملاً يضبط الانفلات الإيراني. وفي هذا السياق، تُفهم أهداف زيارة نتنياهو الأخيرة لموسكو والتي طلب فيها من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حض حليفه بشار الأسد على أن يطلب من إيران الانسحاب عسكرياً من سوريا.

وفي هذا الصدد كتبت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن "النظام في سوريا المدعوم بالطائرات الروسية يقاتل لطرد المعارضين من جنوب غربي البلاد"، مضيفة أن إسرائيل "أعربت عن سعادتها لاستعادة القوات الحكومية السورية السيطرة على المناطق الحدودية" لأن" هذه العملية العسكرية ستؤدي إلى انسحاب القوات الإيرانية من المنطقة".

ولفتت الصحيفة إلى أنه" لطالما كان وجود القوات الإيرانية ومقاتلي حزب الله اللبناني هناك هاجساً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"، ونسبت إلى "مسؤول عسكري إسرائيلي بارز" قوله: "إسرائيل تأمل الآن بأن تضغط روسيا، الحليف الأبرز للحكومة السورية" لانسحاب القوات الإيرانية من المنطقة فور فرض القوات الحكومية سيطرتها الكاملة عليها.

وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن "القوات السورية المدعومة من الطائرات الروسية استهدفت المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ما أدى الى انتقال الحرب المستمرة في البلاد منذ سبع سنوات في سوريا إلى هضبة الجولان التي يحتلها الإسرائيليون. وفيما كانت الطائرات الروسية تستهدف مراكز المعارضة في سوريا، لم يكن الدور الإيراني واضحاً تماماً"، لافتاً إلى أنه "في معارك سابقة، كانت أعلام الميليشيا الإيرانية ترفرف فوق آليات تقاتل إلى جانب الحكومة السورية، إلا أنها بدأت تخف تدريجياً وتختفي شيئاً فشيئاً".

خلاصة القول إن الحرب الخفية بين إسرائيل وإيران في سوريا مستمرة، تأخذ أشكالاً مختلفة، وتتطلب خطوات استباقية ونشاطاً استخبارياً واسعاً. ولئن كان الوضع مضبوطاً حتى الآن ولا سيما في ظل الوجود الروسي، فإن أحداً لا يعلم ما قد تحمله التطورات على المديين المتوسط والطويل.

عن "الشرق الأوسط"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية