هل يغير موقع ميدان الوقائع لخدمة مصالح قطر؟

الإعلام

هل يغير موقع ميدان الوقائع لخدمة مصالح قطر؟


22/07/2018

يعد "ميدان" من أكثر مواقع شبكة الجزيرة تنوعاً، وقرباً من مواضيع الشباب الراهنة، العلمية والثقافية والرياضية، غير أنّ المواضيع السياسية، تظلّ هي عصب الموقع، التي تكشف مدى الخلل في الطرح لواحدة من المنصات الإعلامية الجديدة المقربة من قطر، من خلال السعي لتوظيف مواد الدعاية السياسية في قوالب متناثرة ومختلفة، ودسّها بين المحتويات العلمية والتاريخية، بحيث يكون تدفقها أمراً طبيعياً، وتشكل فيما بعد الزاوية الرئيسية للطرح وعرض وجهات النظر.

"فن" موجه سياسياً

التعريف بالموقع "تحت زاوية من نحن؟" يقود مباشرةً إلى الموقع الرئيسي لشبكة الجزيرة الإخبارية ومدونته التعريفية التي تقول إنّ الشبكة "تتربع على عرش المواقع الإخبارية"، وبالتالي فإنّ مواقع تابعة لها "بالضرورة" كميدان، تتربع من جهتها على ذات العرش، مضافاً إليه "الموضوعية والحياد" اللذينِ لن يصعب على المتصفح كشف أنهما مجرد شعار برّاق لأهداف سياسية يبدو أنّها مبيتة، رغم الإصرار على ترويج الالتزام بـ"تقديم وجهات النظر والآراء المختلفة دون محاباة أو انحياز لأي منها".

"الموضوعية والحياد" لن يصعب على المتصفح كشف أنهما مجرد شعار برّاق لأهداف سياسية مبيتة

سرعان ما يتهاوى هذا العرش، حين يتم تناول الموضوعات السياسية وكيفية طرحها وتقديمها في الموقع؛ إذ تتركز على النزاع في الأزمة الخليجية على وجه التحديد، ومثل العديد من شبكات وأذرع القناة الأم (الجزيرة)، فإنّ شيطنة الدول والأفراد المستهدفين في التقارير والمواد السياسية هي الهدف النهائي والموضوع مسبقاً.

اقرأ أيضاً: استطلاع غربي: الشباب العربي يعتبرون "سي إن إن" المصدر الأكثر مصداقية و"الجزيرة" الأكثر تضليلاً

ويأتي تقرير بعنوان "لوفر أبو ظبي: هل يصنع شراء الآثار حضارة؟" ضمن باب "فن"، مثيراً للتساؤلات وهو يتناول جزيرة السعديات التي بنتها دولة الإمارات العربية المتحدة، من أجل إقامة مراكز للفنون عليها، منها متحف لوفر أبو ظبي؛ حيث يركز التقرير على معلومات من تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" تعود إلى العام 2015 "تتحدث فيه عن انتهاكاتٍ بحقوق العمال المهاجرين في الجزيرة".

تقرير ميدان: 

انقر على الصورة للوصول إلى التقرير

وتحاول كاتبة التقرير، إظهار الانتهاكات على أنّها "جنونية ومستمرة"، ساعية إلى إلصاقها بالسلطات الإماراتية، على أنّها فعلٌ "مباشر وممنهج"، متناسيةً قول "هيومان رايتس ووتش" في تقريرها أنّ "السلطات الإماراتية أدخلت إصلاحات مهمة على قوانين وسياسة العمل"، وأنّ معظم الانتهاكات الجدية في التقرير الأصلي تعود إلى تهرّب "محتمل" لأصحاب العمل من مقاولين وشركات من استحقاقاتهم أمام العمال الأجانب.

تقرير هيومان رايتس:

انقر على الصورة للوصول إلى التقرير

ويستمر التقرير، محاولاً إفراغ مشروع متحف لوفر أبو ظبي من دلالاته، واصفاً إياه  بأنّه مجرد "براند أو ماركة عالمية"، ويفسّر ترتيب معروضات المتحف على أسس حضارية ودينية وتاريخية، ووضع آثار وتماثيل من حضاراتٍ مختلفة على أنّها نوع من "طمسٍ لهوية هذه الحضارات بجمعها معاً"! ويخلص التقرير إلى نتيجةٍ سياسية مفادها "أنّ الإمارات تمهد لوجود سلطتها بشكل لين على الساحة الدولية".

هل التربع على عرش "المواقع الإخبارية" لا يمر إلا من باب سياسات قناة الجزيرة وأذرعها الإعلامية؟

يطرح هذا النموذج التساؤلات عن الهدف من تجاوز الأعراف الإعلامية بأن تتناول مادة في باب "الفنون"، وجهة نظرٍ سياسيةٍ خالصة، لتقييم تجربة فنية وثقافية، بدأت مؤخراً، وتستعد لتطوير نشاطاتها وقدراتها الثقافية؛ بل حتى أنّ التقرير يستنجد بمقولة ناقدٍ غربي "ألاستير سوك"، تزعم أنّ شعار المتحف: "رؤية الإنسانية في ضوء جديد"، هو شعارٌ طموح لدرجة الغطرسة!

واقع "ميدان" ..هل يخدم سياسات قطر؟

ويمكن الإشارة، إلى أن أبواباً؛ كالسياسة والاقتصاد والمجتمع، تقع جميعها تحت عنوانٍ رئيسي من عناوين موقع ميدان، هو "واقع"، الذي تندرج تحته تقارير ومواد، لا ينتمي العديد منها سوى إلى الواقع الذي يتم إعداده، ليخدم الهجوم على الدول التي تختلف مع سياسات دولة قطر، حتى لو تطلب الأمر تزوير هذا الواقع، مثلما توضح ترجمة مطولة بعنوان "المشاريع الخاوية.. رؤية 2030 السعودية وعوامل الفشل".

تقرير رؤية السعودية:

انقر على الصورة للوصول إلى التقرير

النص الأصلي، الذي يعود إلى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيروت، هلال خشان، المتخصص في الكتابة ضد سياسات وإستراتيجيات المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات للمواقع القطرية كما يُظهر "غوغل". لا يضم بين فقرتيه الأولى والثانية، العبارة الواردة في الترجمة التي قام بها "ميدان"، وتنص على "أنّ رؤية 2030 التي تهدف إلى إحداث ثورة في الاقتصاد السعودي، طموحة لكنها معيبة. لقد فشلت الخطة في معالجة اعتماد الدولة السعودية على ثلاث دعائم، هي الدين والنزعة القبلية والنفط".

الترجمة الأصلية: Saudi Arabia's Flawed "Vision 2030"

وتأتي الجملة الموضوعة في بداية الترجمة، في غير مكانها، وليست موجودة في مقدمة النص الأصلي، إضافةً إلى أنّ التقرير، يركز أصلاً على إبداء "حكم قيمةٍ مسبق" على المشروع السعودي الذي تم إطلاقه للتنفيذ ضمن خطةٍ تستمر إلى أكثر من عشرة أعوام، بينما يطلق عليه الخشان أحكاماً بـ"الفشل"، غير واعٍ، كما يبدو، إلى التغييرات التي تمر بها المملكة.

اقرأ أيضاً: موقع عربي21: ضد الانحياز إلا لقطر وتركيا والإخوان

لكن آليات الخطاب، وأسلوب كتابة بعض التقارير، وكذلك اختيار الترجمة وكيفية توظيفها وعرضها، يأتي كله في إطار جعل "السياسة" وفهمها، يقومان على مقارباتٍ انفعالية تحاول القول إنّ أي مشروعٍ محكوم عليه بالفشل، ما دام أصحابه لا يمثّلون سياسات دولة قطر ومصالحها.

التغذي على أحكام القيمة وتأجيج "العنف" من خلال الشيطنة الممنهجة يتبدى واضحاً في ثنايا الموقع

إنّ التغذي على أحكام القيمة، وتأجيج "العنف"، من خلال الشيطنة الممنهجة، يتبدّى واضحاً في ثنايا الموقع، وينسحب هذا التأثير على المواد الفلسفية والثقافية المطروحة، فلا تكاد أي مادةٍ سياسية تسلم منها؛ بل وإنّها تعمل على تبرير سياسات الدول الحليفة لدولة قطر، مثل؛ تركيا، وإنكار دور الدول العربية، كما في تقرير بعنوان "الزيت والنار".. تقاطع النفوذ في الصومال بين تركيا والإمارات".

يحاول هذا التقرير، البدء بمحاولة الانقلاب التي حصلت في تركيا العام 2016، ليشير إلى أنّ تركيا دولة ديمقراطية في الداخل، في تمهيد "غير مفهوم" لدورها في "الصومال"، ووصفها تركيا بالدولة التي تستخدم "القوة الخيّرة" لتقديم مساعداتٍ إلى دولة الصومال، ويستمر التقرير السياسي بتعديد الصفات الحميدة للقوة التركية "الفاضلة" ومساعدتها الإنسانية التي طالت "تدريب قوات الشرطة الصومالية أيضاً" وبناء مرفأ عسكري.

تقرير الإمارات والصومال:

انقر على الصورة للوصول إلى التقرير

وحين يتطرق التقرير إلى دولة الإمارات، فإنّه يمرر مباشرةً فكرة استخدام ما أسماه "القوة الصلبة"، وأنّ العلاقات الدولية الإماراتية مع الصومال ومساعداتها لها، قائمة على السيطرة والاستفادة من المرافئ البحرية الصومالية، مقارنة بدولة كتركيا، تصرف ملايين الدولارات على المرافئ المطلة على المضائق البحرية من أجل "المحبة والكرامة الإنسانية فقط "، بحسب التقرير.

يتم إعداد "واقع" الموقع بما  يخدم سياسات قطر وحلفاءها ووضع أحكامٍ مسبقةٍ على من يختلف معها

يبدو أنّ الترويج لسياسات قطر عبر  التربع على عرش "المواقع الإخبارية"، لا يمر إلا من باب سياسات قناة الجزيرة وأذرعها الإعلامية كموقع ميدان، ولا يمكن الإنكار أنّ صفحة الموقع على "فيسبوك"، تحمل في طياتها مواضيع مختلفة ومميزة تمس الحياة الاجتماعية والثقافية والرياضية للشباب، وبعض المواضيع العلمية كذلك، غير أنّ كل هذا الغزل ما يلبث أن ينتقض وهي تصر على المضيّ بالنفس السياسي للجزيرة، المتمثل بمهاجمة أي مشروعٍ ثقافي أو ديني أو علمي لدى الآخر الذي لا يتفق مع السياسات القطرية.

الصفحة الرئيسية