إدلب.. هل حانت معركة النهاية؟

سوريا

إدلب.. هل حانت معركة النهاية؟


24/07/2018

في مدينة إدلب الواقعة في الشمال السوري يجتمع حالياً أكثر من 128 فصيلاً مسلّحاً، أكبرها جبهة النصرة، الموالية لـ"القاعدة"، في انتظار المعركة الكبرى مع جيش النظام السوري، الذي عزل المدينة، استعداداً لمعركة الفصل بالنسبة له، والوجود لتلك التنظيمات الراديكالية، بعد أن اقتربت ساعة الصفر.

مدينة إدلب الواقعة في الشمال السوري

الخريطة الحالية للفصائل

يصف القيادي المصري المنشق عن "داعش" أحمد حسين خريطة التنظيمات والفصائل المسلحة السورية اليوم، فيقول إنّ منطقة الشام وهي ما حول دمشق، مثل الغوطة، كانت تحت سيطرة فصيل جيش الرحمن وتم تسليمها إلى النظام والشرطة العسكرية الروسية، وتم تسوية وضع المعارضة مع النظام السوري، ومن لم يقبل منهم انتقل إلى إدلب، وأما منطقة حمص فأيضاً تم تسليمها للنظام والشرطة العسكرية الروسية، وخلال هذه الأيام يتم تسليم منطقة درعا والقنيطرة أيضاً للنظام.

اقرأ أيضاً: الفصائل المسلحة وحروبها الأهلية في سورية

ويضيف حسين، الذي كان أحد مسؤولي الحسبة في ولاية الفرات بعد أن انضم إلى "داعش" في العام 2013 ثم انتقل منها إلى الأراضي السورية وتحديداً مدينة البوكمال، في حديثه لـ "حفريات"، أنّ المنطقة الشرقية، ومنها مدينة منبج يسيطر عليها الآن فصيل مجلس منبج العسكري بعد انسحاب قوات سوريا الديمقراطية، وهي فصائل كردية، ويوجد بها قواعد أمريكية، وقوات فرنسية، ويتم التفاوض على المدينة بين تركيا وأمريكا الآن.

اقرأ أيضاً: منظمة تتهم "قوات سوريا الديمقراطية" بتسليم مغربيات لداعش

أما مدينتا الطبقة والرقة فتسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية الكردية (قسد) المدعومة من أمريكا، وتنقسم مدينة دير الزور وما حولها إلى منطقتين، وهي منطقة الشامية، وتضم مدينة الميادين، والبوكمال، ويسيطر عليها النظام السوري، والمليشيات الشيعية، الموالية لإيران، والثانية منطقة الجزيرة، وتسيطر علي نصفها قوات قسد الكردية، ونصفها الآخر من مدينة هجين إلى الحدود العراقية ما تزال تسيطر عليها "داعش".

الفصائل الكردية، وفق حسين، عموماً جاهزة للتفاوض مع النظام السوري، والعمل على جعل مناطقها كحكومات مركزية، مثل ما حصل في منطقة الحسكة.

محافظة إدلب آخر المعاقل الكبرى للمعارضة وتسيطر عليها جبهة النصرة وفصائل من الجيش الحر

يسيطر النظام على مدينة حلب، وعلى أجزاء من ريفها، أما الشريط الحدودي مع تركيا الذي يضم مدن الريف الشمالي والغربي، وأخيراً مدينة عفرين، فتسيطر عليها فصائل الجيش الحر المدعومة من تركيا، وتضم مدن (الباب والراعي وجرابلس وإعزاز وعفرين)، وتسمى منطقة درع الفرات، أو المنطقة الآمنة، التي تسيّرها الأجهزة الأمنية التركية، التي عمدت إلى تشكيل مجالس محلية خاضعة لها، وكوّنت جيشاً مزعوماً من 3 فيالق هي: فيلق الجيش الوطني، الذي تم تدريبه في تركيا من خلال دورات عسكرية ويتقاضى المجند فيه راتباً مقداره 800 ليرة تركية، والثاني يضم فصائل السلطان مراد ولواء الشمال وكتائب الحمزات، والثالث يضم فصائل الجبهة الشامية وأحرار الشام.

أما المنطقة المحاذية لولايات كلس وغازي عنتاب التركية، والخاضعة للأتراك، فيصفها حسين بأنّها منطقة "غارقة بالفوضى والسرقة والخطف، وانقطاع الكهرباء والمياه".

النظام السوري أعلن أنّه سيدخل في معركة لتحرير إدلب الشهر المقبل مهدّداً بمحرقة كبيرة للفصائل

تتبقّى محافظة إدلب التي تسيطر عليها جبهة النصرة "فتح الشام"، وفصائل من الجيش الحر، وهي (فيلق الشام، نور الدين زنكي، جيش العزة، أحرار الشام)، وهي من مناطق خفض التوتر المبرمة في اتفاق أستانة، وفيها نقاط مراقبة تركية، لكن النظام السوري أعلن أنّه سيدخل في معركة لتحريرها في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، مهدّداً بمحرقة كبيرة للفصائل، على غرار ما حصل في حلب؛ حيث إنّ كل الفصائل المنسحبة من مناطق درعا والغوطة وحمص انتقلت إلى المدينة.

مدينة عفرين تسيطر عليها فصائل الجيش الحر المدعومة من تركيا

صراع المصالح

من جانبه يقول رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث بالقاهرة رفعت سيد أحمد في تصريح خاص لـ "حفريات" إنّ هيئة تحرير الشام التي "تضم فتح الشام (النصرة سابقاً)، تسيطر على أغلب محافظة إدلب وتمتلك قوّة مسلّحين تزيد على 6 آلاف مسلّح، وهي تنتمي أيديولوجياً إلى فكر القاعدة رغم انشقاقها عنها في تموز (يوليو) 2016، وهو الانشقاق الذي أدّى إلى خروج تنظيمات تنتمي إلى القاعدة أقلّ شأناً منها مثل ما يُسمّى بجيش البادية وجيش الملاحم".

اقرأ أيضاً: العودة إلى عفرين: الأكراد أمام مُقاومة بيضاء أو استسلام بطعم الهزيمة

ويضيف أنّ لهيئة تحرير الشام "تنظيمات مؤيّدة وأنصاراً منها جند الأقصى ولواء الحق وهذه الهيئة ترفض الحلول السلمية وتكفّر وتُقاتل من شارك فيها، وأما تنظيم "داعش" فهو ينشط في الحدود مع حماة، وبالقرب من مطار أبو الظهور".

ويبيّن سيد أحمد أنّ الفصائل المُتحالفة أو القريبة من الجيش السوري الحر تحاول أن تقدّم نفسها باعتبارها أكثر اعتدالاً من (هيئة تحرير الشام) التي تقاتلها في مُجمل أرجاء محافظة إدلب، ومن هذه الفصائل: أحرار الشام التي سبق وانشقّت عن هيئة تحرير الشام، والحزب التركستاني الإسلامي (وهم مقاتلون من الصين)، جماعة نور الدين زنكي، جيش الأحرار، فيلق الشام، جيش العزّة، جيش المجاهدين، جماعة استقم كما أمرت، صقور الجبل، جيش السنّة وغيرها، وتعداد كل فصيل من تلك الجماعات يتراوح بين ألف مقاتل وخمسة آلاف مقاتل.

تضم هيئة تحرير الشام تنظيمات على رأسها النصرة ترفض الحلول السلمية وتكفّر من شارك فيها

وهناك تنظيمات أخرى مثل المجلس الإسلامي السوري، وهو يتكوّن من 40 هيئة ورابطة ويقدّم نفسه باعتباره إطاراً سياسياً معارضاً، يؤيّد مؤتمرات سوتشي وأستانا وجنيف وغيرها ويرأسه شيخ يُدعى أسامة الرفاعي، وثمة تنظيمات وجماعات أخرى أقلّ شأناً وعدداً، لكنها تتواجد في إدلب.

وبالنسبة إلى  "داعش" فالتنظيم ما يزال موجوداً؛ لكنه، وفق سيد أحمد، يتمتع بفعالية متدنية، وذلك من خلال ما يسمى "جيش خالد" في حوض اليرموك وجيوب متفرقة في البادية كما في مناطق حدودية مع العراق في شرق الفرات.

اقرأ أيضاً: صحف ألمانية: أردوغان تحالف مع ميليشيات إسلاموية في عفرين

من جهته يرى الباحث المختص بالشأن الإيراني، محمود جابر أنّه "يمكن أن نناقش معارك إدلب من عدة زوايا حاكمة، وهي الزوايا الإيرانية والروسية، والنظام السوري، والمحور الأمريكي"، موضحاً في حديثه لـ"حفريات" أنّ إيران ترى أنّ محاولة السيطرة على إدلب وطرد أو محاصرة وشلّ قدرات الفصائل التابعة للمحور الأمريكي من شأنه أن يرغم الولايات المتحدة على فتح باب للحوار، وفي الوقت ذاته لتأمين مصالحها من طهران إلى بيروت، وعدم إعطاء أمريكا الفرصة لقطع هذا الطريق البري.

معركة إدلب المقبلة ربما هي محسومة

السيناريو المتوقع

بناء على هذه المعطيات فإنّ هزيمة الفصائل في معركة إدلب المقبلة ربما هي محسومة، لذا فهي تحاول إطالة أمد وجودها، وبعدها ستعيد إنتاج نفسها من جديد في مواقع جغرافية أخرى، وبمهمات إرهابية واسعة التمدّد، وهو ما تخشاه أمريكا والغرب، ومن الممكن، وفق مركز كارنيغي للشرق الأوسط، أن يحدث تقارب محتمل بين "داعش" و"الجبهة"؛ حيث تشير اتجاهات عديدة إلى أنّ تفاقم الضغوط التي يتعرض لها كل من تنظيم "داعش" و"جبهة فتح الشام"، خاصة بعد انضمام عدد كبير من التنظيمات المسلحة إلى مفاوضات الآستانة ربما يدفعهما إلى تدشين مرحلة جديدة من التقارب فيما بينهما من أجل التعامل مع المعطيات الجديدة، التي فرضتها نتائج المفاوضات على الأرض.

ما يحدث داخل جبهة تحرير الشام كما خارجها يشير إلى أنّ الجماعات المسلحة إجمالاً دائمة التشظي

ما يحدث داخل جبهة تحرير الشام، كما خارجها، يشير إلى أنّ الجماعات المسلحة إجمالاً دائمة التشظي، وفي سورية كل منها يحمل مشروعاً يتمايز عن الآخر، الأول جهادي أممي تقوده "فتح الشام"، وتحاول تطبيقه على المجتمع السوري المحلي حتى قبل تحقيق هدفها بإسقاط نظام بشار الأسد، والثاني وطني سوري، ولا يوجد في الحقيقة لدى هذه الجبهات والتنظيمات نزوع واضح إلى فقه إستراتيجي بعينه، كما أنّها تفتقد لخطة إستراتيجية بعيدة المدى، بعكس "داعش"، الذي كان له خطة واضحة لإقامة دولة مرجعيتها الفقه السلطاني الخوارجي التراثي، لذا فإنهم سيختلفون ويتشظّون في مشاريع مختلفة ومستقلة.

اقرأ أيضاً: معالم الصفقة تتكشف: تركيا تضحي بحلفائها في إدلب مقابل عفرين!

وفي هذا السياق يرى الدكتور رفعت سيد أحمد أنّ السيناريو التركي الآن يحاول خلق شبه "ولاية سنّية" للتجارة بها، وأمريكا خلف المشهد، و128 جماعة مسلحة إمكانية السيطرة عليها واردة، مع البعد الكردي في المسألة، وفي الختام فإنّهم، وفق سيد أحمد "سيفرون من باب الهوى، وتصبح تركيا هي المتحكمة، لندخل في مرحلة العائدين".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية