ماذا تعرف عن البلامسة أو سلفية المسيحيين؟

ماذا تعرف عن البلامسة أو سلفية المسيحيين؟


25/07/2018

يطلقون على كنائسهم (الإخوة) وينادون بعضهم بالأخ (فلان)، ويحرّمون الموسيقى، ويرون أنّ غطاء الرأس للسيدات واجب، في ذات الوقت الذي ينكرون فيه الطقوس، وبالتالي لا يعترفون بأية ليتورجيات (صلوات طقسية)، ولا يؤمنون بما يسمى بالاعتراف على الآباء الكهنة من جهة؛ لأنّهم لا يؤمنون أصلاً بكهنوت البشر، إنهم البلامسة، الذين يطلق البعض عليهم سلفية المسيحيين.

انتشار البلامسة في مصر

في العام 1880 نشأت كنيسة (البليموث أو البلاميس) بجهود بنكرتن وهو مرسل أمريكي بشّر بالمسيحية في مصر وكان مقرّ الإرسالية في بيروت.

يطلقون على كنائسهم (الإخوة) وينادون بعضهم بالأخ (فلان)

قرأ بنكرتن كتابات يوحنا داربي ويوحنا بللث، وهم من أشهر كتّاب البلاميس، الذين نشأوا في أوروبا، واقتنع بحرية العبادة،  العبادة وكِسَر الخبز، وما يُسمّى اختطاف الكنيسة، والملك الألفي، وغيرها من معتقدات هذه الطائفة، ثم سافر إلى إنجلترا حيث تعرّف هناك إلى تشارلس ستانلي، الذي أمدّه بمطبعة عربية، وبعد عودته إلى بيروت، كان يتنقل منها إلى سوريا والعراق ومصر؛ حيث كان يمضي في مصر 4 أشهر سنوياً، وأنشأ كنيسة "الإخوة" وأصدر مجلة اسمها "المراعي الخضراء" ومقرّها الرئيسي كان منطقة شبرا بالقاهرة.

في العام 1880 نشأت كنيسة البلاميس في مصر بجهود بنكرتن وهو مرسل أمريكي بشّر بالمسيحية

في العام 1915، وفق ما ورد في موسوعة تاريخ الأقباط، قبل السيد عريان بطرس، الذي درس في أمريكا عقيدتهم، وكان أوّل مصري ينضمّ إليهم، ثم انضمّ إليهم السيد نقولا عبود، الذي عمل بنشاط على تأسيس بعض الكنائس في صعيد مصر، وحتى هذا التاريخ فإنّ البلامسة لهم حوالي 165 كنيسة، أغلب هذه الكنائس باسم (الإخوة)، وحتى اجتماعاتهم باسم الإخوة.

للبلامسة مجموعة من دور النشر، وجمعيات إخلاص النفوس، الموجودة بمحافظة المنيا وسوهاج بمصر، ومدارس النور التي بدأت كمدرسة للأيتام العام 1943 باسم مدرسة بيت إيل في المدة من 1939 إلى 1959، وأدارتها لعشرات السنين مس هيلين فورهوف Helen Voorhoeve، وكذلك مدرسة بيت إيل في مدينة ملوي بمحافظة المنيا المصرية.

الطائفة الإنجيلية

والبلامسة هم جزء من الطائفة الإنجيلية، التي تتكون من 17 مذهباً، أبرزهم "الكنيسة المشيخية" التي يتولّى إدارتها "سنودس النيل الإنجيلي المشيخي" وينتمي لها العدد الأكبر من الإنجيليين، تليها "كنيسة الإخوة البلاميس"، و"الكنيسة الخمسينية"، و"الكنيسة الأسقفية"، و"الكنيسة الرسولية" و "كنيسة المسيح" (استقلت عن الكنيسة الرسولية)، و"الكنيسة المعمدانية"، و"كنيسة الله"، و"كنيسة الإيمان"، و"كنيسة الإخوة المرحّبين" (استقلت عن كنيسة الإخوة البلاميث)، و"كنيسة نهضة القداسة"، و"كنيسة النعمة الرسولية"، و"كنيسة النعمة" (استقلت عن كنيسة النعمة)، و"كنيسة المثال المسيحي"، و"كنيسة الكرازة" وكنائس أخرى ذات أعداد قليلة.

القس رفعت فكري، أحد قيادات الكنيسة الإنجيلية بمصر

يقول القس رفعت فكري، أحد قيادات الكنيسة الإنجيلية بمصر، والكاتب المعروف، في تصريح خاص لـ "حفريات" إنّ البلامسة "جزء من الكنيسة الإنجيلية، إلا أنّهم متشدّدون ومتمسّكون بالأصولية نوعاً ما، فهم يحرّمون الموسيقى، على سبيل المثال، كما يحرمون الصور".

كنيسة البلامسة مستقلة في شؤونها الإدارية والداخلية؛ فهي تعتبر "كنيسة محلية"، و"لها طقس خاص بها؛ أي مجموعة أناشيد، أو آداب مسيحية، ولغة مستعملة في الصلاة، ونوع معين من الموسيقى الكنسية أو الفن أو النمط المعماري، وهو ما يعتبر "طقساً"، وفق القس فكري.

النظام والمعتقدات

وتعتمد كنيسة البلامسة في نظام إداراتها على النظام المشيخي، وهو نظام ديمقراطي، وفيه تتكوّن الكنيسة من أعضاء، ولكل عضو عمل معين، وهذا النظام يُعطي لأعضائها حق انتخاب مجلس لها من الشيوخ والشمامسة ينوب عنها في إجراء أعمالها والنظر في مصالحها، ولهذا المجلس حق انتخاب أو انتداب أحد أعضائه ليمثّل الكنيسة مع قسّيسها أمام المجمع، وأمّا "السنودس" فهو الهيئة الكنيسة التي تعلو المجمع مباشرة، لذلك فهو يعتبر المجمع الأعلى لكنيسة البلامسة، ويتكوّن من جمع قسوس الكنيسة بالإضافة لشيخ منتدب عن كل مجلس من مجالس الكنيسة في نطاق السنودس.

كان عريان بطرس أوّل مصري ينضمّ إليهم ثم نقولا عبود الذي نشط بتأسيس كنائسهم في الصعيد

لا يؤمن الإخوة البلامسة بما يُسمى الاعتراف، وإن وُجد عندهم شيء من ذلك، لا يسمّونه سراً؛ فهم في الأصل لا يؤمنون بالتقليد أو التسليم الرسولي، ويؤكدون دائماً أنّهم لا يؤمنون إلا بالكتاب المقدس فقط، ولا يقبلون كل القوانين الكنسية، ولا المجامع المقدسة وقراراتها، ولا يلتزمون بتعاليم الآباء، كذا لا يقبلون الكهنوت، فهم ينادون بكاهن واحد في السماء وعلى الأرض، دون أي كهنوت للبشر، ويقولون إنّنا جميعاً كهنة، ولا فارق في ذلك بين إنسان وآخر، ومن يدعى (قسّاً) منهم، لا يقصد به أنّه كاهن، إنما هذا لقب يعني عندهم أنّه خادم أو راع.

يؤكدون دائماً أنّهم لا يؤمنون إلا بالكتاب المقدس فقط

لا توجد لدى البلامسة قُدّاسات، ولا ذبيحة إلهية، ولا يؤمنون بالصيام الكنسي، وقد يقبلون الصوم كعمل فرديّ في أي وقت، لكنهم لا يوافقون على أصوام محددة في مواعيد معينة يصومها كل الشعب المسيحيّ، فهم لا يصومون الأربعاء والجمعة، ولا أسبوع الآلام، ولا الصوم الكبير، ولا صوم الميلاد، ولا صوم العذراء، ولا صوم الرسل.

ويتشابه البلامسة مع الطائفة البروتستانتية في أنّهم لا يؤمنون بالرهبنة، وأنّه لا صلاة على الموتى، ولا شفاعة، ولا أيقونات ولا صور، فهم يحرّمون التصاوير، ورسم القساوسة والقديسين، وبعضهم يتطرف فينكر البناء الكنسي، أو اتجاه المعبد إلى الشرق.

للبلامسة مجموعة من دور النشر والجمعيات ومدارس النور في محافظة المنيا وسوهاج

يؤمن البلامسة أنّ المسيح سيأتي في آخر الزمان، ويحكم ألف سنة على الأرض، يكون فيها الشيطان مقيّداً، ويسود فيها السلام، ويرعى فيها الحمل مع الأسد.

ينكر البلامسة الأبوّة الروحية فلا يدعون أحداً أباً، ولا قساً، ولا أسقفاً، ولا يستخدمون رسم الصليب، ولا يستخدمون الكتب الطقسية، مثل: القطمارس، والإبصلمودية، وصلوات اللقان، وطقس السجدة، والشعانين، وغيرها.

اقرأ أيضاً: في صحن كنيسة مارجرجس بطنطا هَزم الإيمان ظلام الإرهاب

وترفض هذه الطائفة مظاهر الاحتفالات التي يزاولها كل المسيحيين بميلاد المسيح، ولا يخدم الشهود في الجيش ولا يؤمنون بالثالوث ولا بشفاعة القديسين ولا بنار الهاوية كوسيلة لتعذيب الأشرار.

كما يؤمنون بأن 144 ألف مسيحي ممّن يدعونهم "ممسوحين بالروح" سيملكون مع المسيح في الملكوت (الملكوت بحسب مفهومهم هو حكومة سماوية برئاسة المسيح)، وبأنّ بقية الأشخاص الصالحين سيعيشون في فردوس أرضي إذ سيرثون الأرض ويتمتعون بالعيش إلى الأبد بفضل تلك الحكومة السماوية.

أزمة مع الكنيسة الأرثوذكسية

يشكّل البلامسة أزمة حقيقية للكنيسة الأرثوذكسية بمصر، فهم ينتشرون ببطء، إلا أنّهم يضعون الكنيسة الأقدم والأكبر في أزمات عقدية كبيرة؛ ففي يوم 2/2/2018 أقدم منتمون إلى الطائفة الأرثوذكسية على هدم مبنى في قرية الأبعدية، التابعة لبني محمد سلطان، في مركز المنيا، وهو مبنى تابع للبلامسة، وذلك نتيجةً لنزاع وصل إلى المحاكم، وساق خلاله كل طرف حججه حول ملكية ما اختلفا على تسميته أيضاً: "كنيسة تاريخية" أم "قاعة عزاء".

اقرأ أيضاً: الكنيسة الأنجيليكانية في أمريكا.. ترفع الغطاء عن ترامب: القدس مدينة الله

الأهم هنا أنّ البلامسة يتشابهون مع طائفة (شهود يهوه)، التي يتزعمها في مصر شخص يدعى "زكريا يواقيم" وهو تاجر ملابس في إحدى مناطق القاهرة.

"زكريا يواقيم" المتزعم لطائفة (شهود يهوه) بمصر

في العام 2009، حذّر البابا شنودة من وجود هذه الطائفة في مصر، ووصفها بـ"الذئاب الخاطفة والصهاينة وعملاء إسرائيل"، وطالب مرات عدة بقطع أي علاقة معها، ونشر كتاباً كشف فيه فكر الجماعة و"معتقداتها الخطيرة على الكنيسة"، كما أعلن عدم اعتبار جماعة شهود يهوه ضمن الطوائف المسيحية.

البلامسة يتشابهون مع طائفة شهود يهوه الذين وصفهم البابا شنودة بالذئاب الخاطفة والصهاينة وعملاء إسرائيل

بنفس الطريقة السلفية يرى البلامسة أنّهم طائفة حاملة راية "الإيمان الحق"، بينما الآخرون "منحرفون وليسوا مسيحيين حقيقيين"، ومن أجل التميّز والتفرد فهم لا يجيدون سوى التشدّد والتحريم لما هو مباح عند الطوائف المسيحية الأخرى، ويعرفون أنفسهم بالجماعة، وأعضاء هذه الجماعة يعرّفون أنفسهم بألقاب مثل: الإخوة أو القديسين أو الأحباء، فهم يتعاملون بحذر مع مصطلح الإخوة بليموث، ولكن هذه التسمية التصقت بهم؛ لأنّهم لم يقدّموا أنفسهم للعالم كطائفة أو مذهب ذي هيكلية محدّدة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية