مثقفون عرب يعتبرون قرار ترامب صفعة القرن ويدعون إلى المقاومة

فلسطين

مثقفون عرب يعتبرون قرار ترامب صفعة القرن ويدعون إلى المقاومة


07/12/2017

القاهرة- سامح فايز وكريم شفيق

تونس- عيسى الجابلي

عمّان- عاصف الخالدي وخالد بشير

أكّد مفكرون ومثقفون عرب أنّ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعتراف بلاده رسمياً بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المحتلة، يعيد قضية فلسطين للواجهة لتبقى البوصلة تؤشر إليها. ووصفوا القرار بأنّه بمثابة "صفعة القرن" ودعوا إلى المقاومة، ووقف دعوات التطبيع الثقافي مع دولة التوحش والاحتلال.
واعتبروا في حديثهم لـ "حفريات" أنّ أمريكا وبـ"بلطجة" ترامب، تسلب الفلسطينيين والعرب مزيداً من حقوقهم وتستفز مشاعر العرب والمسلمين. وشدّدوا على أهمية وقوف الشعوب العربية صفاً واحداً في وجه أمريكا والكيان الصهيوني، من خلال برنامج مقاطعة فعّال، محذّرين ممّا أسموه "خزان غضب" الشعوب المقهورة.

وأكد المثقفون العرب في مصر والجزائر وتونس والمغرب والأردن، ممن استطلعت "حفريات" آراءهم أنّ مواجهة الاحتلال يجب أن تركز على "تسفيه السردية الصهيونية"، فالمعركة في جوهرها "تحرر وطني في مواجهة مشروع إبادي غربي رأسمالي"، وليست "حرباً دينية".

طفل فلسطيني يسير بجانب جدار الفصل العنصري

وزير الثقافة المصري الأسبق: بداية توحّد العرب
وزير الثقافة المصري الأسبق شاكر عبد الحميد يرى في حديثه لـ"حفريات" أنّ قرار ترامب "جاء المسمار الأخير في نعش ضياع القدس"، التي يرى أنّ ضياعها حدث فعلياً منذ العام 1967.
لكنّ القرار "إيجابي"، من وجهة نظر عبد الحميد؛ لأنّه من المفترض "أن ينقلنا من حالات الشجب والاستنكار، إلى بداية توحّد العرب والمسلمين، وأن يكفّوا عن المنازعات ويتم توجيه قوتهم لمحاربة عدو مشترك".

د. محمد عفيفي: ترامب وإبهار العالم
من جهته قال رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة، ورئيس المجلس الأعلى للثقافة الأسبق، الدكتور محمد عفيفي إنّ دونالد ترامب، يمثل شخصية المزهوّ بذاته، ويرغب في إبهار العالم؛ فمثل هذه النوعية من الشخصيات تاريخياً، دائماً ما تأخذ قرارات راديكالية، ومثيرة للجدل، مشيراً إلى أنّه حين أقرّ في حملته الإنتخابية أنه سوف ينقل السفارة الأمريكية إلى القدس، كان يقصد ذلك حقيقة.

الكيان الصهيوني مشروع طائفي يعاند التاريخ، كما الاستبداد العربي مشروع تسلطي يعاند التاريخ أيضاً

ترامب لم يضع في اعتباره حين أقدم على قراره سوى الداخل الأمريكي، بحسب عفيفي؛ فهو يخاطب الناخبين واللوبي اليهودي، ويخبرهم أنّه محافظ على وعوده، خصوصاً وأنّه يمر بأزمات داخلية، وهذا النوع من القرارات سبيل للخروج منها، بالإضافة إلى أنّ العالم العربي يمرّ بأسوأ مراحله، والتي تظهر جلياً في حالة التفكك، التي يعانيها، والوضع المؤسف الذي يتورط في فصوله بشكل يومي.
احتجاجات على قرار ترامب (رويترز)

عزت القمحاوي: القرار انتهازي وملغوم
الكاتب والروائي المصري عزت القمحاوي، اعتبر القرار "مخالفاً للقوانين الدولية والقرارات المتعلقة بالقدس من جهة، ومن جهة أخرى موقفاً انتهازياً لشخص يرى أنّ العالم العربي في أسوأ حالاته، فاستغلّ الفرصة لتنفيذ قراره الملغوم".
هذا القرار مؤشر وفق القمحاوي، إلى "الخلل النفسي لترامب الذي بدا متباهياً أثناء حديثه أنّه الرئيس الأول الذي يفعل ذلك".
ويشير إلى أن ما يعانيه الشارع العربي يزيد من الغضب، وقرار ترامب سيزيد من تمسك المواطن العربي بفلسطينية القدس وفلسطينية كامل تراب فلسطين.
عبد الله السناوي: عجز النظم العربية
من جهته يرى المفكر والكاتب السياسي، عبد الله السناوي، أنّ قرار ترامب، في هذا التوقيت له مغزى ودلالات، تفصح عن درجة "استهتار بالغة" بكل حقوق العرب والفلسطينيين التاريخية بالقدس"، فضلاً عن "عدم احترام" للقرارات الدولية ذات الصلة وإهدارها، والمتسبب في ذلك، وفق السناوي، "مدى ضعف وعجز النظم العربية على إبداء أي درجة من الغضب الحقيقي تجاه هذا القرار، فلو أنّ العالم العربي بصورة أفضل لم يكن ترامب ليجرؤ على اتخاذ هذا القرار، وكان يحتذي في النهاية بما اتبعه الرؤساء الأمريكيون السابقون، الذين كانوا يؤجلون اتخاذ هذه الخطوة، رغم إقرارهم لها من حيث المبدأ".

أمريكا تدرك أنّ الشارع العربي يعاني من غيبوبة أسوأ من غيبوبة الجامعة العربية ولهذا جاء الوعد المشؤوم

ويكشف السناوي عن سببين لإقدام ترامب على هذه الخطوة الأول؛ أزمة ترامب بشأن اتهام أعضاء من حملته الانتخابية بمزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية 2016، أما الثاني فهو محاولة حشد الدعم داخل الكونغرس، الذي يميل أغلب أعضائه إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.

محمد حربي: لنتجاوز البكائيات
من جهته، اعتبر الكاتب الصحافي بجريدة "الأهرام" المصرية، محمد حربي، أنّ قرار ترامب ليس جديداً؛ فهو ترجمة  لقانون اشتقّه الكونغرس في هذا السياق، منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن الجديد هو ذلك التحول الدراماتيكي، في المشهد العربي، الذي تخلى عما يمكن وصفه بورقة "التوت الأخيرة"، التي كان يتستّر بها من عوراته الأخيرة.
المهم في القرار، وفق حربي "استعادة موقف وحدوي للتذكير بمحورية القدس، والقضية الفلسطينية في الذاكرة العربية"، متجاوزين ما وصفه بـ"البكائيات" التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لأنها "لن تصنع شيئاً واقعياً"، مؤكداً أنّه يراهن على جيل الشباب الذي بمقدوره تحويل "لحظات الموات السياسي إلى ثورة"، وربما يمنحنا قرار ترامب "الفرصة نفسها فنرى الشباب العرب يبتكرون طريقة جديدة للاحتجاج تناسب الحداثة وتوظفها بعيداً عن المظلوميات التقليدية، والصراع علي الرموز".

ردود الأفعال العربية حالة امتصاص للحالة الشعبية السائدة رداً على قرار أمريكا ممثلاً في رئيسها ترامب

ويدعو حربي قبل "مقاطعة البضائع الأمريكية" بأن "نحارب العدو فكرياً في البداية؛ لأننا نحارب عدواً لا نعرفه، ونكتفي بما يصدره لنا من صور نمطية عن نفسه وعنا، وآن الآون أن نتوسع في درس أمريكا ومصالحها، وتشابكات العمل السياسي فيها، بين الكونغرس والبيت الأبيض، وجماعات الضغط لنعرف كيف تصنع القرارات في القوة الغاشمة التي باتت خطراً على العالم".
ويستذكر حربي مقولة أمين الخولي "أول الجديد قتل القديم فهماً"، ليتساءل "هل نستطيع أن نحدد بيقين أنّ النخب العربية تعرف إسرائيل وأمريكا بدقّة"، مستدركاً "بدلاً من محاربة أشباح علينا أن نعرف تلك الشياطين التي تسكن في التفاصيل".
عز الدين المناصرة: لا أثق بغير إرادة المقاومة الشعبية
الشاعر والأكاديمي الفلسطيني الدكتور عز الدين المناصرة، يرى في حدث نقل السفارة الأمريكية إلى القدس دعوةً متجددة إلى "المقاومة"، فهي برأيه "السبيل الوحيد بينما تقطّعت كلّ السبل الأخرى التي سلكها العرب والفلسطينيون".
وقال مناصرة لـ "حفريات" "يجب الخروج من حالة التردد بشأن المفاوضات، واستنهاض الشعوب؛ لأنني لا أثق بغير إرادة المقاومة الشعبية، وجعل فلسطين، القضية رقم واحد، بدلاً عن القضية ألف".
وأضاف المناصرة، بصوتٍ يمتلئ ثقة: "نحن باقون هنا للأبد، وحالة التطبيع الثقافي والسياسي يجب إقصاؤها، وإقصاء مروّجيها وأصحابها؛ لأن ما حصل، يعيد القضية إلى أصولها، ويترك الحقائق واضحة أمامنا".
موسى حوامدة: الخوف من أمريكا وهم
واتفق الشاعر والكاتب الفلسطيني موسى حوامدة، مع ما ذهب إليه المناصرة في أنّ قرار ترامب "دعوة إلى استنهاض الشعوب العربية"، مؤكداً في حديثه لـ"حفريات" أنّ ما يتم الاستهانة به من مقاطعة دبلوماسية وتجارية، بالمستوى الشعبي على الأقل، "سوف يكون له أبلغ الأثر لو تمّ تفعيلها".
ونوّه إلى أنّ فكرة الخوف من دولة عظمى "أمريكا"، ليست سوى "وهْمٍ يمكن تبديده من خلال نشاطاتٍ وطنية وثقافية واقتصادية"، يمكن أن تجعل من المقاطعة عملية فعالة وتوصل صوت الفلسطينيين إلى مراكز القوى في كل مكان.
ووصف حوامدة ما حدث بـ "صفعة القرن، فوعد ترامب يذكّر بوعد بلفور ويعيد فلسطين إلى المربع الأول".
غازي ربابعة: ترامب يصدّر أزماته إلينا
ولم يبتعد الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية غازي ربابعة عن مقولة الروائي غابرييل ماركيز : "باب أمريكا مغلقاً، أفضل منه موارباً"؛ بل اتفق مع كل من مناصرة وحوامدة، على أنّ المقاطعة العربية الصادقة والشاملة "لن تودي بالعرب إلى الجحيم، بقدر ما ستودي بهم إلى ضغطٍ أكبر بشأن حقوق فلسطين".
وأكد ربابعة أنّ "فلسطين المحتلة منذ 70 عاماً ويزيد، تثور الآن ثائرة الجهات الرسمية العربية بشأن القدس فيها، وقضية نقل السفارة الأمريكية إلى هناك، بينما لم يتم بذل الجهد الكافي منذ بدء الاحتلال، لتلافي مثل هذه اللحظة".

يمكن جعل المقاطعة لأمريكا عملية فعّالة توصل صوت الفلسطينيين إلى مراكز القوى في كل مكان

وقال ربابعة: "يجيء يومٌ يقوم الرئيس ترامب فيه بتصدير أزماته الداخلية إلينا، ويتطلع بسياسته هذه إلى تدعيم وجوده كمرشح للرئاسة في الانتخابات الأمريكية المقبلة، ولو كان هذا بوعدٍ أو قرار، يسلب حقاً، أو يمنح أرضاً لمن لا يستحقها".
أما ردود الأفعال العربية، فرأى ربابعة فيها "حالة امتصاص" للحالة الشعبية السائدة رداً على قرار أمريكا ممثلاً بترامب، وهي لا ترقى، برأيه، إلى المستوى المطلوب للتأثير خصوصاً مع الوضع المتردّي بعد "الربيع العربي" والانقسامات الطائفية والسياسية وتمزق الدول العربية"، خصوصاً أنّ "ملايين الأمريكيين" غير معنيين بالضغط على حكومتهم بشأن سياستها الخارجية، ولا يوجد رأي عربي قوي، يمكن أن ينبّه هؤلاء.
حدة حزام: الشارع العربي يعاني غيبوبة
مديرة صحيفة "الفجر" الجزائرية، حدة حزام، اعتبرت قرار ترامب "تحصيل حاصل، حتى المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون ما كانت لتتوانى عن ترسيم القدس عاصمة لإسرائيل، خاصة بعد الضربات الموجعة التي تلقاها الشارع العربي والفوضى التي عمّت العواصم العربية، من عمان إلى دمشق، مروراً ببغداد وطرابلس وبيروت، فمن سينتفض للقدس إذاً والشعوب العربية مكلومة وتعاني من أزمات داخلية وحروب؟"
وترى حزام في حديثها لـ"حفريات" أنّ أمريكا ترامب لم تختر هذا التوقيت "اعتباطاً"؛ بل هي تدرك أنّ الشارع العربي "يعاني من غيبوبة أسوأ من غيبوبة الجامعة العربية ولهذا أعلن وعده المشؤوم".
الأمين بوعزيزي: تسفيه السردية الصهيونية
من جهته أكد الباحث التونسي الأمين بوعزيزي أن "بلطجة" ترامب أعادت فلسطين إلى قلوب الشعوب الثائرة ضد الاستبداد والاحتلال، مشيراً إلى أنّ فلسطين تعرّضت إلى احتلال إفرنجي منذ قرون ودام قروناً؛ ولم تتفرنج.
وبيّن بوعزيزي أنّ العدوان الصهيوني هو الغزو الإفرنجي الثاني؛ يجري تحت عنوان مضلل "تحرير أرض الميعاد اليهودية من الغزو العربي" وفق الصهاينة، وفي ظل التشرذم العربي، مؤكداً أنّ مواجهة الاحتلال يجب أن تركز على "تسفيه السردية الصهيونية"، فالمعركة في جوهرها، وفق بوعزيزي، تحرر وطني في مواجهة مشروع إبادي غربي رأسمالي. وليست حرباً دينية. مؤكداً أنّ بلاد العرب "مهبط كل الأديان وحاضنتها".

يجب الخروج من حالة التردد بشأن المفاوضات واستنهاض الشعوب وجعل فلسطين القضية رقم واحد

وينبّه بوعزيزي أنّه "لا فرق بين رايات كهنة عصور الظلام الأوروبي " الحروب الصليبية" لاحتلال بلاد العرب ورايات كهنة الولي السفيه الشاهنشاهي "فيالق القدس" لاحتلال أمة الدعوة!".
وشدد بوعزيزي على أنّ الكيان الصهيوني "مشروع طائفي يعاند التاريخ، كما الاستبداد العربي مشروع تسلطي يعاند التاريخ أيضاً"، ومسيرات الشعوب في الميادين "تؤكد الثوابت المتمثلة في أنّنا لن نفقد البوصلة، موعدنا فلسطين، سنحرر أنفسنا من الاستبداد حارس العدوان الصهيوني/ حارس الهوان العربي"، منوهاً إلى أنّه "كلما كنّا مواطنين كنّا أقرب إلى فلسطين، الثورة على نظم الترويع والتجويع والتبعية والتطبيع رصاص في بنادق".
مراد القادري: قرار مغامر يتحدى المشاعر
من جهته عبّر الشاعر المغربي مراد القادري عن ألمه وحزنه لما وصفه بـالقرار "المغامر والمستفزّ الذي أقدم عليه ترامب"، معتبراً القرار "تحدّياً سافرا لمشاعرنا الإسلامية والعربية، ولعقيدة أكثر من 3 مليارات مسلم ومسيحي؛ فيما هو، من جهة أخرى، ينتهكُ بشكلٍ سافر الشرعية الدولية ومقرّرات اتفاقيات السلام ذات الصلة".
ويرى القادري أنّ الواقع العربي، المتسم بالتفرقة والتشرذم هو ما شجع ترامب على اتخاذ مثل هذا القرار "الأحمق"، راجياً أن يكون ما حدث "فرصة لنا للخروج من حالة الذل والتفرقة نحو بناء مسار جديد والانخراط الجماعي فيما يوحّد شعوبنا ويوفر لها حقها في التنمية والديمقراطية والوحدة".
ودعا القادري المثقفين لتشكيل جبهة عالمية للتنديد بهذا القرار، ومخاطبة الشعب الأمريكي وحثّه على ممارسة الضغط على ساكن بيته الأبيض، من أجل التراجع عن هذا الإجراء الذي لا يخدم السلم في العالم.

 

 

القرار يُشرعن انتهاكات الكيان الصهيوني
وكان الرئيس الأمريكي، أعلن مساء أمس الأربعاء نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المحتلة في اعتراف من بلاده رسمياً بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل".
وفي الوقت الذي أثار القرار غضب الفلسطينيين والعرب والمسلمين، معلنين تضامنهم مع فلسطين، ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أول تعليق له قائلاً "اليوم تاريخي لإسرائيل"، داعياً "دولاً أخرى إلى السير على خطى الولايات المتحدة".
في المقابل تسارعت ردود الفعل الدولية على القرار منذ إعلانه، فمن المقرَّر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً لبحث قرار ترامب، حسبما أعلن مندوب اليابان في الأمم المتحدة التي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الأمن. وكانت وكالة "رويترز" نقلت عن دبلوماسيين قولهم: إنّ "ثماني دول هي: فرنسا، وبوليفيا، ومصر، وإيطاليا، والسنغال، والسويد، وبريطانيا، والأوروغواي، طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تقديم إفادة علنية أمام مجلس الأمن".

الواقع العربي المتّسم بالتفرقة والتشرذم هو ما شجّع ترامب المغامر على اتخاذ مثل هذا القرار "الأحمق"

ويعود أصل هذا قرار ترامب الى إقرار الكونغرس الأمريكي، عام 1995، قانوناً بنقل السفارة الأمريكية في "إسرائيل" من تل أبيب إلى القدس، وهو القرار الذي دأب الرؤساء الأمريكيون على تأجيل المصادقة عليه، حفاظاً على المصالح الأمريكية.
وقد احتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967، وأعلنت في 1980 ضمها إلى القدس الغربية المحتلة منذ عام 1948، معتبرة "القدس عاصمة موحدة وأبدية" لها، وهو ما رفض المجتمع الدولي الاعتراف به.

وأكدت جميع القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن أنّ القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وعلى رأسها قرارات مجلس الأمن رقم 252 (1968)، و267 (1969)، و465 و476 و478 (1980)، و2334 (2016).
ويشكّل القرار الأمريكي الأخير انتهاكاً للتوافق الدولي حول القدس، إضافة الى أنّ القرار يستبق نتائج مفاوضات الوضع النهائي، فهي خطوة من جانب واحد، غير متزامنة مع مسارات العملية السلمية؛ حيث تعتبر القدس قضية من قضايا الوضع النهائي، التي من المفترض أن يحسم وضعها في إطار مشروع حل الدولتين، والذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وبذلك فإنّ قرار نقل السفارة يعني القضاء على حل الدولتين، وإنهاء الجهود المبذولة من أجل السلام.
كما أنّ القرار يعطي الشرعية للاحتلال الإسرائيلي في المدينة، ويشرعن الانتهاكات والتصعيدات المستمرة من قبل الاحتلال في القدس، من الممارسات الاستفزازية اليومية، وسياسة التطهير العرقي، وتغيير المعالم الديمغرافية للمدنية وتزوير طابعها وتاريخها وهويتها الفلسطينية، عبر استمراره بالتوسع الاستيطاني وهدم البيوت، ومصادرة هويات سكانها.

 


 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية