تحولات المجتمع المصري.. ما بين معز وحلا ورقصة الساحل

مصر

تحولات المجتمع المصري.. ما بين معز وحلا ورقصة الساحل


26/08/2018

منذ عامين كان يجلس شاب ذو لحية يرتدي قميصاً ذا ألوان فاقعة، على كرسي في أحد المساجد، ومن أمامه جمهور ومن خلفه مقام القبلة.

حملت كلمته عنوان "أختي المنقبة ما تزعليش مني"، كان يدق فيها ناقوس الخطر، لتياره فيما يبدو؛ لأنّه شخصياً لاحظ في الآونة الأخيرة ثمة تغيرات طرأت على مظاهر الحجاب الشرعي عند الأخوات السلفيات.

يتمتع محمد الغليظ الذي يطلق عليه محبوه "ونش الدعوة" بأداء حركي وتمثيلي مبهر يتميز به الدعاة الجدد

إذن ما هي هذه التغيرات؟ يقول: "البنات المنقبات.. لا أدري لماذا لم يعدن كما كنَّ من قبل.. بصراحة.. فيه شيء.. نفسي أعمل حاجة أسميها "تبرجت ونسيت أني منتقبة".

يتمتع هذا الشيخ الشاب، محمد الغليظ، الذي يطلق عليه السلفيون من محبيه "ونش الدعوة" بأداء حركي وتمثيلي مبهر، يتميز به الدعاة الجدد ورموز الشيوخ السلفية ذائعو الصيت.

محمد الغليظ

سلفي يدق الناقوس

يقول الشيخ بلغة عامية مصرية وبطريقة مخلوطة بالسخرية: "النقاب أصبح شكله عجيب شوية.. ملون شويتين.. وضيق بعض الشيء.. ومجسم إلى حد ما.. والعين مكشوفة بشكل أو بآخر.. والحواجب أصبحت ما شاء الله.. وجوانتي نسيناها.. ولابسين طوق.. ودبوس وشنطة على الظهر مقسمة جسمي.. وواقفة مع أولاد في الشارع.. ومع شلة الولاد والبنات في صداقة بريئة في الله بكل حدود واحترام وأدب وأخلاق وعفة!.. مش جديد الكلام ده شويتين!".

اقرأ أيضاً: ماذا تخبرنا الفلسفة عن خلع حلا شيحة للحجاب؟

ثم يتوقف الشيخ فجأة عند لحظة يتحول فيها من السخرية إلى الجد فيقول: "فيه إيه.. فيه إيه.. لا أقول انزعي النقاب.. إحنا ملصمينك، لكن هذا ليس جو دين.. فين الحياء.. فين الستر.. فين الخوف.. فين رجائك أنّ ربنا سبحانه وتعالى يقبلك ويغفر لك ذنوبك.. فين الصوت الواطي.. ارجعي لفطرتك..".

حجاب حلا و"انتكاسة" معز

ربما لم يتوقع الغليظ مفاجآت تتجاوز ما أورده في محاضرته، لكن مؤخراً أعلنت الممثلة المصرية المعتزلة حلا شيحة عن خلعها للحجاب، وعودتها إلى الفن مرة أخرى، وقبلها كان زواج الداعية معز مسعود من الممثلة شيري عادل، وهو ما أثر ضجة إعلامية اشتعلت خلالها شبكات التواصل الاجتماعي، ليطفو على السطح الصراع الكامن والمتجدد بين الإسلاميين والعلمانيين.

أشعل خلع حلا شيحة للحجاب وزواج معز مسعود وشيري عادل تساؤلات وسائل التواصل

ظهر "الغليظ" مرة أخرى وهو يرتدي تي شيرت غامق اللون، جالساً على كرسي عريض، وفي خلفيته القبلة، ليتحدث بوجه حزين ونبرة صوت هادئة عن "أسباب الانتكاسة" بزواج معز مسعود وعن خلع حلا للحجاب: تتساقط الناس بعد سنين حتى أنّ كثيراً من الناس بدأ يشعر بقلة الأمان، فيقولون بعد سنين يعودون مرة أخرى كما كانوا، فيعرضون عن كل شيء ويهدمون كل شيء، ديني واجتماعي، فيذهب الزوج للجحيم والأولاد غير مهمين، ومظهر اجتماعي، وعلى رأس كل هذا العلاقة بين العبد وربه".

اقرأ أيضاً: حجاب المرأة بين سلطة التدين ووصاية العلمانية

يدرك "الغليظ" أنّ التحول لا يحدث فجأة، لكنّه يمر بمراحل عديدة، وكأنّه يلمّح إلى حديثه السابق عن مظهر المنتقبات، واللاتي بدأن يتحرّرن منه تدريجياً، عبر الألوان والدبوس والإشارة بعلامة الحب على صفحات التواصل الاجتماعي، فيبدو هذا الداعية سلفياً مدركاً لطبيعة التحولات المجتمعية لكنه لا يتطرق لجوهر الأسباب بشكل مباشر.

يفسّر الغليظ ما جرى بأنّه "نزوة عبادية" تتلاشى مع الوقت ليعود هذا الملتزم لسيرته الأولى حتى بعد مرور السنين، وليست طاعة أصيلة، ولذا فنفاجأ بــ"أنّ تستيقظ على أن فلان عاد وفلانة راحت".

رقصة الساحل

على صعيد آخر.. وفي أحد شوارع الساحل الشمالي، شمال غرب مصر، هبطت فتاة جميلة من سيارتها، عارية البطن، ترتدي تنورة قصيرة، ثم بدأت وصلة رقص شرقي كما لو أنّها راقصة محترفة منذ سنوات.

لمحها مجموعة شباب وقفوا بسيارتهم خلف سيارتها، وقاموا بتصويرها متعجبين من رقصها أمام الناس في الشارع دون مبالاة بأحد، لكنّها استمرت في الرقص، ما اعتبره الشباب إذنا ضمنياً لهم بالتصوير.

بدا الداعية الغليظ مدركاً لطبيعة التحولات المجتمعية لكنه لم يتطرق لجوهر أسبابها

نزلت فتاة أخرى من سيارتها ترتدي ملابس مكشوفة، وزينّت ظهرها بالتاتو، مرتدية شورت جينز، وبدت الاثنتان وكأنهما في حالة غير طبيعية، فواحدة ترقص باندماج شديد غير مبالية بمن حولها، والأخرى تقف لتشاهدها دون أن تشعر بوجود أمر غريب أو حتى قيام أحد الأشخاص بتصويرها.

لم تعد منطقة الساحل أرضاً جاذبة للطبقات الثرية فحسب، بل باتت قبلة الجميع، يتدفق علي شواطئها كل الراغبين في متعة الحياة وجمالها من الطبقات الوسطى وربما الفقيرة.

تحولات كبرى تجري داخل المجتمع المصري

يحمل بطن اليوتيوب مئات المشاهد الملتقطة من الساحل التي تعكس تحولات كبرى تجري داخل المجتمع المصري، يرجعها البعض لزوال تمكن الإسلاميين، بينما يعيدها آخرون إلى حالة الركود السياسي والقيمي بعد "الفشل" الذي منيت بها "ثورة 25 يناير".

في مشهد آخر أقامت الراقصة الروسية جوهرة، حفلاً راقصاً على شواطئ الساحل، وهي المعروفة بلباسها "الجريء"، إلا أن معظم التعليقات كان على الفتيات اللواتي رقصن بجانبها، فقد كنّ أكثر "جرأة" منها.

فتاة ترقص باندماج شديد غير مبالية بمن حولها وأخرى تقف لتشاهدها دون استهجان

كتبت إحدى منظمات مسابقة للرقص بالبكيني تعليقاً على فيديو رفعته على اليوتيوب: "الصيف السنه ساخن جداً وطبعاً كلنا نروح الساحل نصيف ونستمتع بالبحر، وكمان حفلات الرقص والدي جي، من أجل ذلك يتم تنظيم حفلات الرقص بالمايوه على البحر خصوصاً في الساحل الشمالي ومارينا، وكل القرى السياحية وطبعاً المصريين ما يصدقوا الصيف يبدأ وكله يجري على البحر.. مسابقات الرقص على البحر تخرج الطاقة السلبية من الجسم وتعطينا ثقة في النفس خصوصاً لما يكون المصيف مع الأصدقاء والاقارب"!



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية