5 سيناريوهات تشعل قادم الجزائر السياسي

الجزائر

5 سيناريوهات تشعل قادم الجزائر السياسي


13/09/2018

يُحصي ساسة وخبراء ما لا يقلّ عن 5 سيناريوهات تنذر بإشعال القادم السياسي في الجزائر، ويطرحون عدة احتمالات تبعاً للغموض القائم قبل سبعة أشهر عن انتخابات الرئاسة في الجزائر في نيسان (إبريل) 2019.

ومع بدء العدّ التنازلي لأهم موعد سياسي بالجزائر العام المقبل، يتشبث موالون باستمرار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، خلافاً لما يُتردد عن طهي دوائر القرار لحصان أسود، واحتمال دفع المعارضين لمرشح توافقي، وسط حديث عن "طموح" قائد الجيش، في مواجهة المقاطعة التي تُلقي بظلالها على الشارع المحلي.

ويُعدّد رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، في حديثه لـ"حفريات"، ثلاثة سيناريوهات: دخول المعارضة بمرشح توافقي، التحالف أو المقاطعة التي يرجّحها إذا تأكّد ترشح الرئيس الحالي.

الرئيس الحالي للجزائر عبدالعزيز بوتفليقة

ويُبقي مقري الباب مشرّعاً بحكم استمرار المشاورات مع بقية التيارات، لكنه يدعو لتموقع الجيش كداعم للتوافق في إطار الدستور، أو يلتزم بالحياد.

في المقابل، يقول البرلماني السابق والكاتب عدة فلاحي، إنّ المشهد الراهن في بلاده، يعيش حالة من التيه والتخبط، وبالخصوص بعدما أقعد المرض الرئيس الذي، كما يضيف فلاحي، "مهما كان مقامه وتاريخه، فإنّ ذلك لا يُسقط عنه المحاكمة السياسية التي تحمّله مسؤولية كل ما يحدث، وبالخصوص على المستوى الاقتصادي الذي كثيراً ما يُنقص من سهامه التي حصدها على المستوى الأمني".

ويعتقد فلاحي أنّ بقاء بوتفليقة في الحكم، سمح للنظام بالقدرة على المناورة، لكنه يشدّد على أنّ "بقاء بوتفليقة اليوم على سدة الحكم يكون ضرره أكبر من نفعه، ولا أظنه عازماً على الاستمرار في أداء مهامه، بقدر ما هو حريص أن يضمن له ولفريقه خروجاً آمناً؛ لأنه يعلم أنّ قاعدة عاش الملك، مات الملك هي القاعدة الذهبية في عالم السياسة".

حزبا السلطة جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي أمام معضلة إيجاد خليفة لبوتفليقة

ويحيل فلاحي على ضعف وهشاشة المعارضة في الاتفاق على شخصية محورية، ظهرت إلى السطح صراعات وخصومات وحتى طعنات، وارتضى فصيل إسلامي بعث رسائل الطاعة للنظام من خلال مخاطبة الجيش ودعوته ليكن طرفاً في الانتقال الديمقراطي، وما أعقب ذلك من اصطدام "التغريدة" بالحائط، بعدما رفض الجيش الطلب بحجة أنه مُلتزم بالدستور ولا شأن له بالسياسة.

تحضير شخصية بديلة

يشير فلاحي إلى أنّ النظام الجزائري منذ ولادته هو صناعة عسكرية مع اختلاف الممثلين، لذا فالسيناريو سيبقى كذلك بمنظوره، وسيواصل الجيش القيام بهذا الدور، ما دامت الطبقة السياسية ضعيفة ومريضة، والأخطر من ذلك أنّها أضحت تفتقد إلى شخصيات كاريزمية ومُلهمة.

في كل الحالات، يرجّح فلاحي أنّ السيناريو الذي يُحضّر هو إعداد شخصية بديلة لبوتفليقة، بحيث تلقى القبول من الأطراف الأساسية في النظام، وهما الرئاسة والجيش، موقناً: "شخصياً، أستبعد فرضية استمرار بوتفليقة في الحكم".

مساران ورفض لاستمرار التغييب

الصحفي والكاتب الجزائري يونس بن شلابي يرى بوجود احتمالين:

مسار انتخابي دستوري عادي: ترشح بوتفليقة لفترة خامسة أو لا يترشح، وهذا المرجح والغالب.

اقرأ أيضاً: خبراء لـ"حفريات": على الجزائر كسب 4 تحديات لتفادي الأسوأ

مسار انتقالي استثنائي، وهو احتمال ضعيف، يعني أنّ الرئيس بوتفليقة يكمل فترة انتقالية لمدة عامين ثم يتم تسليم السلطة سلمياً في انتخابات عادية.

وعن صحة تخلي معسكر بوتفليقة عن فكرة الولاية الخامسة، يسجّل بن شلابي في تصريح لـ "حفريات" أنّ المؤشرات السياسية لا توحي بذلك، لكنّ التوجه الواضح والغالب هو رفض استمرار تغييب الجزائر دولياً لفترة أطول من 8 سنوات (2011 - 2019)، وصعوبة إقناع الشعب وتهدئة الجبهة الاجتماعية لفترة أخرى، بمجرد إطلالات شكلية وصور تلفزيونية، بعد غيابه عن مخاطبة الشعب وجهاً لوجه منذ الثامن من أيار (مايو) 2012 بمنطقة سطيف، وتعطيل عدة أحكام دستورية مرتبطة بمهام رسمية لرئيس الجمهورية.

فلاحي: إنّ بقاء بوتفليقة اليوم على سدة الحكم سيكون ضرره أكبر من نفعه

ويعتقد بن شلابي أنّ مرحلة ما بعد بوتفليقة هي المرحلة الحاسمة في تاريخ الجزائر ما بعد الاستقلال؛ لأنها ستكمل مسار ترسيخ قيام الجمهورية الثانية، وهذا واضح من شكل وروح دستور 2016، والاصلاحات التي أعقبت خطاب 15 نيسان (أبريل) 2011، فالرئيس بوتفليقة ومن معه نجحوا في تأسيس قاعدة متينة داخلياً لبناء دولة مدنية يسندها إنجازات إستراتيجية (البنى التحتية، التأطير البشري، ترسيخ المصالحة الوطنية والهوية، تعزيز فعالية مؤسسات الدولة)، وهذه أولى خطوات بناء الحكم الراشد وفق المفهوم المتداول أممياً.

ويقلّل بن شلابي من جدوى حراك المعارضة، ويراه فاقداً لأية قاعدة اجتماعية ولا يؤيده حراك شعبي، وهو مجرد حراك أشخاص غالبيتهم انتفت أسباب وجودهم سياسياً.

ويضيف: "مرشح التوافق هو مصطلح "قديم" وهو يعني في مفهوم النظام السياسي الجزائري مخرجات صراع الأطراف المشكلة له، أي غلبة قوى على حساب أخرى، وليس توازن قوى، وبالتالي كان الغالب في مخرجات التوافق شخصية ذات وزن عسكري أكثر منها مدنية (وهذا منذ استقلال البلاد).

أما حالياً؛ فالتوافق هو النجاح في الحفاظ على مكتسبات الجزائر الدولة، والمحافظة على توازن المؤسسات، وتعزيز المصالحة والهوية الوطنيتين، و"مرشح التوافق بهذا المفهوم سيكون شخصية وطنية في وزن رجل دولة وليس مجرد ابن النظام، أو شخصية ممارسة للسلطة التنفيذية".

أوراق محروقة وعودة مستبعدة

وفي اعتقاد بن شلابي، فإنّ الجيش خطا خطوات كبيرة نحو الاحترافية واحترام مهامه الدستورية، والابتعاد عن تفعيل العمل السياسي منذ 2005، وهذا ما جعله القوة الأولى شعبياً من حيث الثقة والتأييد، ومن هذا المنطلق لا يرجح عودة الجيش ليكون في واجهة الأحداث السياسية مثلما حدث في التسعينيات، وفي الوقت ذاته لا يمكن للجيش أن يكون غير سياسي عبر صونه للنظام الجمهوري، وضمان سير مؤسسات الدولة، واحترام المسار الدستوري العادي لخيارات الشعب.

يقول البرلماني السابق فلاحي إنّ المشهد الراهن في بلاده يعيش حالة من التيه والتخبط

ويبقى المشهد السياسي غامضاً، ورجال الدولة مغيبين عن الساحة الوطنية، وبالتالي من الصعب التكهن بشخصية وطنية تكون محل ثقة شعبية وقبول في مؤسسات الدولة، لكن الواضح أنّ أوراق أويحيى وبلخادم وسلال وبن فليس وغيرهم "أحرقت" شعبياً وسياسياً وحتى مؤسساتياً.

ويؤيد المدوّن والناشط المستقل سمير بن عبدالله، مواطنه بن شلابي، في وصف حراك المعارضة بـ "الباهت"، على نحو أخبر "حفريات" بأنه "لم يصل ولن يصل إلى أن يكون ورقة ضغط قوية تجبر الرئيس ومحيطه على إعادة حساباتهم".

ويستدل بن عبد الله بالمظاهرة الأخيرة لحركة المواطنة، والتي كانت لا حدث، حيث اقتصر الحضور على بضعة متعاطفين، ما يعكس مجدداً استقالة الشعب من الشأن السياسي بعد إحباطه من التغيير الديمقراطي.

الموت على كرسي الرئاسة

يلاحظ بن عبد الله أنّ بوتفليقة يرغب بشدة في البقاء رئيساً مدى الحياة، وذلك واضح منذ إلغائه المادة الدستورية التي تحدّد عدد الفترات الرئاسية باثنتين، ورغم إصابته بجلطة ألزمته الكرسي المتحرك في ربيع العام 2013، إلا أنّ بوتفليقة ترشّح وفاز بانتخابات العام 2014 دون أن ينشط حملته الدعائية بنفسه.

مدون جزائري: يمكنك أن تتوقع اتجاهات السياسة الأمريكية المستقبلية، لكن لا يمكنك فهم أو تخمين السياسة الجزائرية

ويقول بن عبد الله: "بوتفليقة أصبح له هدف شخصي وهو الموت على كرسي الرئاسة، ويسعى إلى أن يختتم حياته الطبيعية والسياسية بجنازة رسمية من القصر إلى القبر، والطريق مهيأة له تماماً للاستمرار ولا يستطيع أحد إيقافه، إلا إذا تدخل ملك الموت أو تدهور وضعه الصحي أكثر. غير ذلك الاستمرارية والولاية الخامسة قائمة".

ويؤكد بن عبد الله، استحالة تخلي معسكر بوتفليقة عن الولاية الخامسة، ويعلّق: "مصير كثير من الشخصيات والأحزاب، مرتبط بمصير الرئيس الحالي، فذهابه يعني اندثار جزء كبير من الطبقة السياسية التي صنعها نظام بوتفليقة، ولم تكن نتاج تفاعلات سياسية واجتماعية أدت لظهور أحزاب "طفيلية" و قوامها 15 حزباً دورها فقط تنشيط المحطات الانتخابية ثم تعود للسبات".

معضلة الخليفة

يقدّر بن عبد الله أنّ حزبي السلطة، جبهة التحرير، والتجمع الديمقراطي، أمام معضلة إيجاد خليفة في حجم وقيمة بوتفليقة، ولا مناص للحزبين من التشبث بالرئيس الحالي إلى آخر رمق، غير ذلك سيسقط اسميهما في بورصة السياسة، وقد يخسران منصب الرئيس في حالة تقديم شخصية أخرى غير بوتفليقة.

اقرأ أيضاً: هل ستحرك احتجاجات "عاصمة النفط" الحكومة الجزائرية؟

ويتابع بن عبد الله: "يمكنك أن تتوقع اتجاهات السياسة الأمريكية المستقبلية، لكن لا يمكنك فهم أو تخمين السياسة الجزائرية؛ لأنّ الأولى مبنية على مؤسسات والثانية تحكمها نزوات، وسياسة الدولة التي يدور محورها حول شخص واحد، صعبة الفهم والتخمين، وهذا ما ينطبق على النظام الجزائري".

العلبة السوداء والمربع الأول  

يقرأ بن عبد الله التغييرات المتتالية التي يشهدها الجيش الجزائري منذ عدة أسابيع، على أنّها تعكس إرادة نائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح في غلق كل منافذ التأثير والضغط والتدخل في اختيار الرئيس القادم، وإعادة تشكيل العلبة السوداء التي تعيّن الرؤساء بعد أن فكّكها بوتفليقة والتي كان آخر عرّابيها الفريق محمد مدين مدير جهاز المخابرات السابق، ويرغب قائد الجيش في امتلاك الكلمة العليا لإدارة مرحلة ما بعد بوتفليقة وأخذ زمام المبادرة لتفادي أي صراعات بين أجنحة النظام.

من الصعب التكهن بشخصية وطنية تكون محل ثقة شعبية وقبول في مؤسسات الدولة

ويتوقع بن عبد الله أحد احتمالين: الأول يخص صعود قايد صالح الذي يملك كل صلاحيات الجيش في يده، وأصبح الرجل القوي في البلاد، لذا فالطريق مفتوح أمامه، وتشجّع تجربة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قايد صالح للوصول إلى أعلى هرم السلطة.

والاحتمال الثاني هو العودة إلى المربع الأول؛ أي إلى العام 1999، واستنساخ تجربة مرشح الإجماع التي سمحت لبوتفليقة بحكم الجزائر لعقدين.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية