هل حانت لحظة الصدام مع الإسلاموية التركية في ألمانيا؟

هل حانت لحظة الصدام مع الإسلاموية التركية في ألمانيا؟


27/09/2018

ترجمة: محمد الدخاخني

تبحث وكالة الاستخبارات الدّاخليّة الألمانيّة ما إذا كانت ستضع أكبر جماعة إسلاميّة -هي عبارة عن مظلّة لجماعات أخرى- في البلاد تحت المراقبة الرسمية، وذلك بحسب تقارير نشرتها صحيفة زود-دويتشه تسايتونغ وإذاعتا "إن دي آر" و"دبليو دي آر"، الخميس الماضي.

فقد أرسل المكتب الفيدراليّ لحماية الدستور ملفاً سرياً إلى كلّ ولاية من الولايات الـ16 في ألمانيا بشأن الاتّحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية، الذي كان في قلب سلسلة من القضايا الجدالية مؤخراً.

وبحسب ما ورد في التّقارير، فإنّه قد طُلِب من الولايات تقديم مواد وتعليقات لتحديد ما إذا كانت أنشطة الاتّحاد التّركيّ تستوفي المتطلّبات الصّارمة الّلازمة لوضعه تحت المراقبة. وستتمّ مناقشة القضية في اجتماع بين المكتب الفيدراليّ ووكالات أمن الولايات التّابعة في تشرين الثّاني (نوفمبر) المقبل.

مسجد كولونيا المركزي

ويدير الاتّحاد التّركيّ أكثر من 900 مسجد على صِلة بمديريّة الشّؤون الدّينيّة في الحكومة التّركيّة (ديانة)، الّتي توفّر الأئمة والتّمويل الّلازم لهذه المساجد.

الاتحاد التركي الإسلامي: ذراع أردوغان في ألمانيا

تأتي الخطوة المحتملة ضدّ الاتّحاد التّركيّ قبل أسبوعٍ من وصول الرّئيس التّركيّ رجب طيب أردوغان إلى ألمانيا في زيارة رسميّة. وخلال الزّيارة الّتي من المرجّح أن تستمرّ ليومين، سيفتتح أردوغان بشكل رسميّ المسجد المركزي الجديد للاتّحاد التّركيّ في مقرّه الرّئيس في الجانب الغربيّ من مدينة كولونيا.

اقرأ أيضاً: ماذا طلب أردوغان من ألمانيا عشية زيارته لها؟!

وكان قد جرى اتّهام الاتّحاد التّركيّ، في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 ضدّ أردوغان، بالعمل كذراع طويلة للدّولة التّركيّة في ألمانيا.

وفي العام الماضي، أجرت السّلطات الألمانيّة تحقيقاً مع 19 إماماً يُزعَم أنّهم قد تصرّفوا بناءً على أوامر من موظّفين دبلوماسيّين أتراك للتّجسّس على أتباع الواعظ التّركيّ المقيم في أمريكا، فتح الله غولن، الّذي تُلقي أنقرة بالّلائمة عليه فيما يتعلّق بمحاولة الانقلاب.

أثار الاتّحاد التّركيّ الجدل بسبب رفضه المشاركة في مسيرة معادية للإرهاب في كولونيا العام الماضي

وفي فضيحة أخرى، طلب أئمة الاتّحاد التّركيّ في كانون الثّاني (يناير)، كما أفادت بعض التّقارير، المتعبّدين بالصّلاة من أجل نصرٍ عسكري تركيّ خلال هجوم الجيش التّركيّ على الأكراد السّوريّين في عفرين. كما تعرّض الاتّحاد التّركيّ للانتقاد مجدّداً في نيسان (أبريل) الماضي، من جراء استضافته عرض محاكاة عسكري للحرب العالمية الأولى تضمن وجود أعلام تركية وبنادق مزيفة سلمت إلى "شهداء" في سن الطفولة. وفي العام الماضي، أثار الاتّحاد التركي الجدل بسبب رفضه المشاركة في مسيرة معادية للإرهاب في كولونيا.

ومن جانبه، صرّح الاتّحاد التّركيّ مراراً أنه غير سياسي وأن أي تصرفات خاطئة تخص الأئمة أفراداً، وليس الجمعيّة بكلّ مساجدها.

انقسام حكومي بشأن القرار

لم تعلّق وزارة الدّاخليّة في برلين على تفاصيل التّقارير الإعلاميّة. إلا أنّها أخبرت المنافذ الإخباريّة أنّ المكتب الفيدراليّ، فيما يتعلّق بالعمليّات العسكريّة التّركيّة في عفرين، قد انتهى إلى أنّ "أشخاصاً مرتبطين بمساجد تابعة للاتّحاد التّركيّ قاموا بتطوير أنشطة قوميّة-دينيّة معادية للدّستور وأدلوا بتصريحات مماثلة".

أجرت السلطات الألمانية تحقيقاً مع 19 إماماً بتهمة التجسس على أتباع فتح الله غولن

أفادت بعض التّقارير، فإن القسم المعني بالإسلامويّة في المكتب الفيدراليّ يعتقد أنّه ثمّة حاجة للنّظر في ما إذا كان الاتّحاد التّركيّ يجب أن يخضع للمراقبة. والنّقطة المحوريّة هي المقرّ الرّئيس لجمعيّة المساجد في كولونيا.

وفي ولاية شمال راين-وستفاليا، وهي الولاية الّتي يقع فيها المقرّ الرّئيس للاتّحاد التّركيّ، قال المكتب الفيدراليّ التّابع للولاية إنّ الأنشطة التّركيّة القوميّة "تشكّل خطراً على السّلام الدّاخليّ" وتتمّ مراقبتها بقلق.

وقال متحدّث رسميّ إلى وسائل الإعلام: "إنّهم يدقّون إسفيناً في المجتمع التّركيّ ويعزّزون اتّجاهات معادية للإسلام".

اقرأ أيضاً: افتتاح مسجد في ألمانيا كان كنيسة سابقاً.. ما هي قصته؟

وتحذّر بعض الولايات من وضع الاتّحاد التّركيّ تحت المراقبة. فقد صرّح مسؤول أمنيّ في الولاية قائلاً "إنّنا ننصح بشدّة بعدم القيام بذلك"، مضيفاً أنّ المخاطر السّياسيّة ستكون هائلة إذا وُصِف الاتّحاد التّركيّ بأنّه عدو للنّظام الدّستوريّ.

ووفقاً لبعض التّقارير، فإنّ وزارة الخارجيّة "غير متحمّسة" لهذه الفكرة.

المكتب الفيدرالي لولاية راين-وستفاليا: الأنشطة التركية القومية خطر على السلام الداخلي

تبعات القرار المحتمل

بموجب البنية الأمنيّة الّلامركزيّة في ألمانيا، تقع مسؤوليّة مراقبة المساجد في الولايات على عاتق المكاتب الفيدراليّة في كلّ ولاية. وفي عام 2016، قال المكتب الفيدراليّ إنّ حوالي 90 مسجداً، "تُلقى فيها المواعظ بالّلغة العربيّة غالباً"، في كافّة أنحاء البلاد قد خضعوا للمراقبة.

وقيام المكتب الفيدراليّ بتصنيف الاتّحاد التّركيّ باعتباره "حالة مشبوهة" أو هدفاً ينبغي وضعه تحت المراقبة من شأنه أن يسمح باستخدام أساليب استخباراتيّة متقدّمة، بما في ذلك تجنيد الجواسيس، والمراقبة السّريّة، واعتراض الاتّصالات.

اقرأ أيضاً: قصة الإسلاميين في تركيا.. أردوغان في مواجهة غولن

من الجدير بالذّكر أنّ الاتّحاد التّركيّ كان لأعوام عديدة شريكاً في الكثير من مشاريع الاندماج ومكافحة التّطرّف الّتي تدعمها الحكومة. لكن وزارة الدّاخليّة أعلنت الشّهر الماضي أنّها قد أوقفت تمويل المشاريع المشتركة مع الاتّحاد.

ويعدّ الاتّحاد التّركيّ عضواً في المؤتمر الإسلاميّ الألمانيّ، وهو عبارة عن هيئة تهدف إلى تعزيز الحوار بين الدّولة والمسلمين الّذين يعيشون في البلاد. وإذا جرى وضعه تحت مراقبة المكتب الفيدراليّ، فإنّه سيتوجّب عليه ترك هذه الهيئة.


المصدر: تشيس وينتر، دويتشه فيله


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية