أحزان العربي ودولة الحق المنشودة

أحزان العربي ودولة الحق المنشودة


21/10/2018

كانت الحكمة التاريخية من ولادة دولة الحق والقانون الحديثة حماية البشر والحفاظ على حياتهم في وجه العنف والاعتداء على الحق، من حق التملك، مروراً بحق الحرية، وانتهاءً بحق الحياة، باعتبارهم مواطنين أحراراً يختارون سلطتهم التنفيذية والتشريعية والتي يتداولونها عن طريق الاختيار هذا.

لا شك بأنّ الصورة المثلى الموجودة في عقل الإنسان عن هذه الدولة لم تتحقق بعد، ولن تتحقق أية صورة مثلى يرسمها الإنسان لعالم ما يجب أن يكون، فيما الاقتراب من المأمول وتحقق جزء من الصورة هو الممكن القابل للتحقق.

اقرأ أيضاً: من الإكراه إلى الحرية.. نحو عقل منفتح وقلب لا تحده حدود

أما أن تظهر دولة- سلطة وظيفتها الاعتداء على الحق، فهذا ما لم يخطر على بال آباء الحداثة والديمقراطية وفلاسفة السياسة المعاصرين، فأسّ القضية العربية الآن والانفجار العربي قائمان في سلطة تلتهم الحق ومجتمع يريد العيش في أُطر الحق. وكل من لا يرى الأمر على هذا النحو يتحول إلى جزء لا يتجزأ من سلطة الاعتداء على الحق، أو على عقله غشاوة.

يجب ألا تنسينا جرائم الجماعات المستبدة الحاكمة وجرائم داعش والنصرة وحزب الله وميليشيات الإيرانيين حقَّ الناس في بلادنا

لكنّ البديل عن سلطة الاعتداء على الحق ليس سلطة على شاكلة السلطة التي يراد إزاحتها عن صدر المجتمع. الحمقى وحدهم من يعتقدون بأنّ البديل عن سلطة الاعتداء على الحق القائمة هو سلطة اعتداء إسلاموية - أصولية عنفية على الحق.

أن يعتقد أحد بأنّ حقوق الإنسان المعاصر هي نفسها حقوق الإنسان قبل ألف وخمسمائة سنة اعتقاد باطل؛ فليس من الوعي السياسي المنطقي والواقعي أن لا نرى بأن حقوق الإنسان المعاصر أكثر بألف مرة من أسلافه القدماء .

كل من يعتدي على حق الإنسان باسم نمط من أنماط الحق المتصورة بدءاً من حق سلطة الكنيسة وما شابهها، مروراً بحق الأمة وحق الوطن، وانتهاءً بحق القيم، هو معادٍ لحق التدين وحق الأمة وحق الوطن وحق القيم وحق الإنسان  .

اقرأ أيضاً: العفو الدولية تتهم الاتحاد الأوروبي بانتهاكات حقوق الإنسان

لقد وصل التأفف العربي من الاعتداء على الحق في الوطن أن نسي بعض الناس العدوان الإسرائيلي والاعتداء على حقوق الفلسطيني، انطلاقاً من حياة الإسرائيلي القائمة على امتلاك الحقوق بالمعنى الحداثوي للكلمة.

والحق بأنه يجب ألا تنسينا جرائم الجماعات المستبدة الحاكمة، وجرائم داعش والنصرة، وجرائم حزب الله، وجرائم الزينبيين الفاطميين، وميليشيات الإيرانيين، حقَّ الناس في بلادنا، ولو للحظة واحدة، وبأنّ إسرائيل واقعةُ عدوان إجرامي على الحق بشكل مطلق.

تأملوا كيف قام بريمر الآتي من دولة الحق والحرية بتدمير مستقبل العراق بأن أزال من الدولة المنشودة فكرة الحق

كانت هناك منطقة واحدة اسمها بلاد الشام ولم تعد واحدة، وكان هناك منطقة اسمها شرق الأردن صار اسمها المملكة الأردنية الهاشمية، وكان هناك منطقة اسمها جبل لبنان فصار اسمها دولة  لبنان، وكانت هناك منطقة اسمها فلسطين صار اسمها إسرائيل والضفة الغربية وغزة، وما تبقى من الشام صار اسمه الجمهورية العربية السورية.

يبدو بأنّ فعليْ الماضي الناقصين (كان) و(صار) يلاحقاننا سلباً. فهل لنا أن نحولهما إلى فعلين ناقصين إيجابيين؟ لقد دمر الاستعماران الإنجليزي والفرنسي الحق الشامي، وقمنا نحن في الحفاظ عليه. ماذا لو انتصر الحق، وقامت الولايات الشامية المتحدة بتدشين عقد وطني قائم على فكرة الحق.

اقرأ أيضاً: استمرار النهج الاستعماري في فلسطين

تأملوا كيف قام بريمر الآتي من دولة الحق والحرية بتدمير مستقبل العراق بأن أزال من دولة العراق المنشودة فكرة الحق. وها هي الحركات الطائفية الناكرة لفكرة الحق تُدخل العراق في نفق مظلم من الصراعات لا يعلم أحد زمن نهاياتها  .

تكمن وظيفة الشر المتجسدة بالشيطان في مقاومته، والعمل على تحقيق الخير، فليس وجود الشر مبرراً لوجود  جيش من الدعاة الذين يكتسبّون السلطة والمال من وظيفة وقاية البشر من شره، ولهذا فإنّ هؤلاء لا مصلحة لهم بزوال الشر؛ لأنهم سيزولون إن زال.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية