أشهر 6 نساء مؤثرات في تاريخ الفلسفة

الفلسفة

أشهر 6 نساء مؤثرات في تاريخ الفلسفة


24/10/2018

منذ عصر الإغريق واليونان، تتردد أسماء فلاسفةٍ عظام، كلهم من الرجال، كسقراط وأفلاطون وسواهما، ونادراً ما كانت تُذكر النساء في هذا العالم الذي يكاد يُعتقد أنّه حكر عليهم، فلا يُسمع بهن خارج أروقة المباني الأكاديمية، رغم أنّ معظمهنّ بدأن بالتفلسف منذ عصر اليونان، وكانت لهنّ إنجازات مهمة.
العديد من هؤلاء النساء وضعنَ أفكاراً في الأخلاق والمجتمع والسياسة والحبّ والجمال، وكثيرون، ربما، يعرفون اسم هيباتيا، وكذلك حنة آرنت والتي تعد مفكرةً بارزة في الفلسفة السياسية، وهذه جولة في أهمّ أفكار ومحطات حياة أشهر ستّ نساء من الفلاسفة:

أولاً: ثيانو

عاشت في القرن السادس قبل الميلاد، وهي زوجة الفيلسوف فيثاغورس، وتنتمي لعائلة أرستقراطية يونانية، كما تعد من أتباع المدرسة الفيثاغورية في الفلسفة، التي انتمت إليها العديد من النساء المفكرات في ذلك العصر، ولا يعرف عن ثيانو الكثير، لأن فلاسفةً لاحقين مثل أرسطو وأفلاطون لم يأخذوا عنها، لكنها اهتمت بفلسفة الأخلاق، وبالعلاقات البشرية بين الرجل والمرأة، كما أمضت وقتاً طويلاً من حياتها تشرح وتطور على أفكار فيثاغورس، إضافةً إلى مناقشتها أفكار الوجود والخلود، حيث اعتقدت أنّ الخلود أصلٌ من أصول الكون، وتقول في هذا:

اقرأ أيضاً: لماذا علينا تدريس الفلسفة؟
"الأخلاق ترتبط بنظام الكون والوجود، وما لم تكن الروح خالدة، فإن الحياة سوف تصبح مجرد وليمة لمرتكبي الشر... ولأن الكون منظم، فإن الشر هو إفساد لنظام الكون، ولو أن الروح تفنى، فهذا يعني أن الأشرار يعيشون حياةً مجانية ولا يعاقبون على فظائعهم"، كما ركّزت ثيانو في حياتها على الفضيلة التي يمكن للمرأة أن تصنعها في بيتها وحياتها، على أن تكون قاعدةً لدعم العدالة في المجتمع والقوانين والحياة، وليست مجرد فضيلةٍ تتعلق بالجسد والروح فقط.

ثيانو هي زوجة الفيلسوف فيثاغورس

ثانياً: ديوتيما

معلمة سقراط، يعد تاريخ الفلسفة مرتبطاً بشكلٍ كبير في جانبه الأخلاقي والسياسي بسقراط، كفيلسوف عظيم حوكم وأعدم، لكن المدهش أن سقراط المعروف كأستاذ للعديد من المفكرين في عصره، اكتسب جزءاً من معرفته على يد امرأة هي ديوتيما، التي عاشت بين القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد.

في مرحلة مبكرة من عصر اليونان ظهرت ثيانو الفيثاغورية التي تحدثت عن الوجود والخلود وطورت أفكار فيثاغورس

ديوتيما، تعد شخصيةً جدلية في التاريخ؛ فهي بقيت طوال خمسة قرون على وفاة سقراط، دون ذكر، لا في كتب التاريخ ولا الأدب ولا الفلسفة، إلى حين تمت مراجعة كتابات أفلاطون، وكذلك اكتشاف قطعة أثرية تشير إليها فيما بعد، كما إنّه يرد ذكرها كفيلسوفة في إحدى محاورات سقراط مع تلاميذه، وأنّه تعلم منها فلسفة الحب والحكمة.
ولديوتيما رؤيتها الفلسفية في الحب والنفس البشرية، فهي ترى أن "للحب طبيعته الخاصة، لأنه ليس جميلاً ولا قبيحاً، ليس خيراً ولا شراً، حتى أنّه معرفة للعقل وغموض له في آن، لكنه يقود إلى محبة الجمال، والبحث عن السعادة في اكتشاف الجمال"، وكانت في رؤيتها المتقدمة ضمن عصرها، قسمت الحب إلى أنواع، ودرست طرق تعبير البشر عنه، كما تحدثت عن مفهوم "الولادة الروحية"، المتعلقة بأن الروح، تلد ما هو جميل وعميق، تماماً مثلما تلد المرأة ابناً وتهبه للحياة، فإن الروح تهب الجمال إلى الوجود.

لوحة فنية تمثل سقراط مع المعلمة ديوتيما

ثالثاً: هيباتيا 

تعرف أيضاً باسم (هيباشيا)، ولدت في الإسكندرية العام 370م، وهي ابنة لعالم الرياضيات والحكيم (ثيون). وكانت هيباتيا منذ بداية شبابها، قد تثقفت بأفكار أرسطو وأفلاطون وغيرهما ممن سادت أفكارهم في ذلك العصر، وكانت عينت أستاذةً في متحف ومكتبة الإسكندرية بمجرد بلوغها الخامسة والعشرين من عمرها، في وقتٍ كانت فيه الإمبراطورية المسيحية قد أخذت تظهر في التاريخ، بينما بقيت هي على ديانة اليونان الوثنية.

رغم شهرة سقراط العظيمة في تاريخ الفلسفة فقليلاً ما يأتي على ذكر معلمته ديوتيما أستاذة الحب والحكمة والجمال

عدم التزامها بالمسيحية، واهتمام نخبة المفكرين الأثينيين بزيارتها والتعلم منها، جعل منها فيلسوفة مشهورة، رغم جمالها كانت رافضة لفكرة الزواج، وهي تمثل رمزاً للثقافة والفلسفة النسائية في عصرها "الذكوري"، مما خلق مزاجاً مضاداً لها.
هيباتيا، ألفت في حياتها ثلاثة كتب مهمة تتعلق بعلم الرياضيات والفلك، وشرحت كذلك أعمال بطليموس في الرياضيات، أما براعتها في علم الفلك، فربما كانت أحد المبررات العديدة التي لم تُحسم في التأليب ضدها، فقد اتهمت هيباتيا بالهرطقة الدينية بسبب أفكارها المتقدمة، وبعدم الطهارة بسبب عزوفها عن الزواج، كما يذكر العديد من المؤرخين أنّها حققت اكتشفاتٍ فلكية تم التحفظ عليها من قبل الكنيسة، وفي النهاية، تم إعدامها وهي في حدود الخامسة والأربعين من العمر، ولم يتم الحديث عن فضلها من علماء الفلك اللاحقين لها.

رابعاً: حنة آرنت

 بالرغم من أعمالها العديدة في الفلسفة السياسية، لا ترى حنة آرنت المولودة في ألمانيا العام 1906 نفسها فيلسوفة، رغم أنّه لا مناص لها من ذلك كونها جاءت بعد زمنٍ طويل انقطعت فيه النساء الفلاسفة. وتعد آرنت، أهم من كتب حول الشمولية، والسلطوية، ودور الأيديولوجيا في تحويل الرجال العاديين إلى أدواتٍ وأشرار، كما إنّها قرأت تاريخ السياسة فلسفياً، ودرست كذلك العنف، وعلاقته بالسلطة، حيث رأت أنه لا يمكن إلا أن تمارس السلطة العنف كأداةٍ تضمن بقاءها، لكن ظاهرة العنف لا بد بحسب آرنت "أن تعاد إلى جذورها وتدرس بعمق بصفتها رد فعل على الخوف من النهاية، من الموت، والفناء".

اقرأ أيضاً: سليمان بشير ديان.. الفلسفة ليست غريبة عن الإسلام
وكانت آرنت ألفت كتباً مهمةً عديدة، من أبرزها "أسس التوتاليتارية"، وكتاب "في السياسة"، قبل رحيلها في العام 1975.

 أتت حنة آرنت بعد زمن طويل غابت فيه النساء الفلاسفة

خامساً: سيمون دي بوفوار

 لا يوجد اسم امرأة يرتبط بالنسوية والوجودية، ونظرة المرأة لعلاقتها بالوجود والحياة والرجل، مثل سيمون دي بوفوار المولودة في باريس العام 1910، وهي ماركسية التوجهات والفكر، وشاركت في المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال الألماني إبان الحرب العالمية الثانية، كما أنّها كانت شريكة حياة المفكر الفرنسي جان بول سارتر، وركزت كتاباتها على النسوية، والبراغماتية، وألفت عشرات الكتب منها "الجنس الآخر"، و"أخلاقيات الغموض".

هيباتيا من أهم فيلسوفات التاريخ وقد قتلت بتهمة الهرطقة والتفكير والجمال والاستقلالية

وفي أفكارها، ترى بوفوار أنّ "الرجال وضعوا هالة كاذبة من الغموض حول المرأة،  واستخدموا ذلك ذريعة لتصنع عدم فهم النساء عموماً"، وذهبت إلى أنّ هذه الفكرة، انطبقت على المجتمعات عموماً، بحيث أصبح الصراع داخل المجتمع، سواء كان جندرياً أو عنصرياً أو سواهما، يعتمد على هذا التصنيف المدعي لعدم الفهم، مما يسهّل قيام البعض بوضع آخرين، في سلمٍ أدنى منهم ضمن ترتيب المجتمع.
كما أنها كانت ترى أن "الوجود يسبق الماهية"، أي أن المرأة لا تولد كامرأة، ولا تتحدد طرق تعاملها مع ذاتها ومع الآخرين، إلا بسبب عوامل كثيرة اجتماعية وغيرها، تقوم على تشكيل صورة المرأة.
وقد انتشرت كتاباتها وأفكارها الكثيرة حول العالم في أواخر حياتها، التي عاشتها حتى العام 1986.

ارتبط اسم دي بوفوار بالنسوية الحديثة

سادساً: مارثا نوسباوم

تسمى مارثا نوسباوم بفيلسوفة المشاعر، وربما أنّها آخر امرأة فيلسوفة لا تزال على قيد الحياة.
نوسباوم المولودة في أمريكا العام 1947، هي أستاذةً في الفلسفة القديمة اليونانية والرومانية، والفلسفة السياسية النسوية، والأخلاقيات، وعملت لسنواتٍ طوال كبروفيسورة في جامعاتٍ أمريكية عريقة، وتتركز أفكارها على إيجاد الإنسان مثاليته المفترضة، ضمن حياةٍ أخلاقية يمكنه بلوغها من خلال إدراكه لضعفه وعلاقة وجوده بغرائزه، وهي تقول "أن تكون انساناً جيداً يعني أن تملك نوعاً من الانفتاح تجاه الأفكار والعالم، والقدرة على منح الثقة لأشياء غير أكيدة وخارج نطاق تحكمك وحقائقك، دون التفكير في ان هذا ربما يدمرك"، مؤكدة "لسنا كائناتٍ محبةً جداً عندما نتفلسف.. ربما إنّ انجذابنا نحو الإبداع والالتزام لنصبح جيدين، ناتج عن إدراكنا أنّنا نكنّ العداوة تجاه الأشخاص مثلاً".

اقرأ أيضاً: "تاريخ الفلسفة الحديثة" يؤرّخ لثورات العقل البشري
وترتكز أفكار نوسباوم عموماً على فهم العدوان اللاواعي في داخل الإنسان (المتوارث والتقليدي)، وتجلياته على الواقع، والبحث عن إمكانيات تجاوزه.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية