8 ألوان ارتبطت بمعانٍ ورموز دينية.. تعرّف عليها

الأديان

8 ألوان ارتبطت بمعانٍ ورموز دينية.. تعرّف عليها


08/11/2018

منذُ تمكّنتْ شبكيةُ الإنسان من التمييز بين درجات الألوان، بدأت الجماعاتُ البشرية تربطُ كلّ لون بمعنى وقيمة محددة، بحيثُ يتمّ استحضار الحالة والشعور المقترن باللون بمجرد رؤيته. وصارت الألوان بذلك جزءاً من منظومات القيم والرموز لدى الثقافات والأديان المختلفة.

اللون الأسود

ارتبط اللون الأسود عند البشر بالظلام والغموض؛ فهو لون الليل الذي تخرُجُ فيه الوحوش وتكثرُ فيه الأخطار، ومع تطوّر الأديان والمعتقدات ارتبط اللون الأسود، عند معظمها، بمشهد الموت وما يعقبه من حالة الحداد. وفي العقائد "الثنوية" التي آمنت بإلهين؛ واحد للخير وآخر للشّر، كان إله الخير هو  إله النّور، في مقابل إله الشّر الذي هو إله الظّلام.

اقرأ أيضاً: كيف اختلفت الأديان في نظرتها للمال والثروات؟

وفي اليهودية، جاء في "سفر التكوين" أنّ السّواد كان هو لون الكون قبل الخلق، عندما قال الرّب "ليكن نور". وفي الديانة المسيحية، ارتبط الأسود بالشرّ، والموت، والظلام، والجهل، والوثنية، وكان هو اللون الذي اختارته المخيّلة المسيحية للباس الساحرات، تعبيراً عمّا بلغوه من الشرّ والضلال.

ولكنَّ اتجاهاً آخرَ ظهر في المسيحية وتعاملَ مع هذا اللون بشيء من الإيجابية، وذلك حين تمّ اعتباره بمثابة اللون المعبّر عن الزهد، والتقشّف، والبساطة، فكان اللون السائد في ملابس الرهبان والقساوسة في كلّ من الكنيسة الكاثوليكية، والأرثوذكسية، والبروتستانتية، كتعبير عن الزهد، وللتمييز عن الآخرين.

غلب اللون الأسود على ملابس الرهبان والقساوسة كتعبير عن الزهد والتقشف

أما في الإسلام، فكان اللون الأسود، إلى جانب الأخضر والأبيض، أكثر الألوان شهرةً بين بالمسلمين، ويعود ذلك بالأساس إلى كونه لون راية الرسول، عليه السلام، المعروفة بـ "راية العقاب"، وهي راية مربّعة كانت لواء النبي، عليه السلام، في المعارك.

اقرأ أيضاً: كيف ندرّس الأديان؟

وارتبط اللون الأسود بشيعة آل البيت، حين اتخذوه شعاراً لهم؛ حداداً على الحسين، رضي الله عنه، وتذكراً لواقعة كربلاء، وكتمييز عن الدولة الأموية التي اتخذت اللون الأبيض علماً لها. وكانت الدولة العباسية من أشهر الدول التي اتخذت السواد شعاراً وعلماً لها.

واليوم ينتشر استخدام اللون الأسود في أعلام وشعارات عدد من الحركات والتنظيمات الإسلامية، التي ترفع شعار الجهاد وتطالب بإحياء الخلافة، كـ: حزب التحرير، وتنظيم القاعدة، وتنظيم داعش. وعلى المستوى الشّعبي، يرتبط اللون الأسود بلباس العباءة والنقاب عند المرأة المسلمة المتديّنة.

 ينتشر استخدام الأسود في أعلام عدد من التنظيمات الإسلامية المطالبة بإحياء الخلافة

اللون الأخضر

يرتبط اللون الأخضر بكونه اللون الغالب في عالم النباتات، وبالشعور بالراحة والاستقرار. وفي الإسلام، يعتبر اللون الأخضر من أهمّ الألوان؛ فهو مذكور في القرآن الكريم باعتباره لون ثياب أهل الجنة، في قوله تعالى: "عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة" (الإنسان:21)، كما تذكر السّنةُ النبوية الشريفة أنّ الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، كان يلبس ثياباً خضراء، كما في حديث أبي رمثة: "رأيت النبيّ يخطب وعليه بردان أخضران".

في الديانة المسيحية ارتبط الأسود بالشرّ والموت والظلام والجهل والوثنية وكان اللون الذي اختارته المخيّلة المسيحية للباس الساحرات تعبيراً عمّا بلغوه من الشرّ والضلال

وينسب إلى هذا اللون اسم العبد الصالح "الخَضِر" الذي ذَكر القرآن الكريم قصته مع موسى، عليه السلام، وتوسّع المفسّرون وكتّاب السّيَر في أخباره وقصصه. والأخضر مرتبط في المخيّلة الإسلامية بلون الجنة، والتي تعني لغةَ الحدائق الخضراء. أما في المعتقدات الشعبية، فينتشر بين المسلمين التبرّك باللون الأخضر، فيقال: "دربك خضرا"، و"طريقك خضرا" على سبيل التفاؤل بالقادم.

وفي التّاريخ الإسلامي، كان الأخضرُ هو اللون الذي اختاره الفاطميون ليميزوا خلافتهم ودولتهم عن لون السواد الذي اتخذه العباسيون وارتبط بخلافتهم. وهو اليوم يدخل في معظم أعلام الدول العربية والإسلامية، وهو لون أساسي في أعلام دول كـ: المملكة العربية السعودية، وباكستان، والجزائر، وموريتانيا، وبنغلادش.

اقرأ أيضاً: الزمن من منظور الأديان.. لماذا ليست كلّ الأيام سواء؟

وفي عهد السلطان عبدالحميد الثاني تمّ دهنُ قبة المسجد النبوي باللون الأخضر، وصارت منذ ذلك الحين علامة مميزة في سماء المدينة المنورة.

دهنت قبة المسجد النبوي باللون الأخضر وصارت علامة مميزة في سماء المدينة المنورة

اللون الأبيض

يرمز الأبيض في معظم الثقافات إلى الطهارة، والنقاء، والصفاء. وفي الديانات "الثنوية" اعتبر ممثلاً لإله الخير، وفي الديانة الطاوية كان الأبيض هو لون "اليانغ"، والذي يرمز للنهار والنور. وعند الرومان كان الاعتقاد بأنّ الأبيض هو اللون المفضّل عند إله الخصوبة والزواج، ولذلك كانت العرائس ترتدينه في يوم زفافهنّ، وهو التقليد المنتشر اليوم حول العالم. وفي ديانة الزن اليابانية، كان اللون الأبيض هو لون الأرضيات في حدائق المعابد المقدسة.

في التّاريخ الإسلامي كان الأخضرُ هو اللون الذي اختاره الفاطميون ليميزوا خلافتهم ودولتهم عن لون السواد الذي اتخذه العباسيون وارتبط بخلافتهم

وفي كلّ من اليهودية والمسيحية، رمز اللون الأبيض إلى الطهارة، والنقاء، وكان هو اللون المعتمد للباس "البابا" أعلى المراتب في الكنيسة الكاثوليكية. كما يستخدم الغطاء الأبيض في المناسبات والأعياد الدينية، كالميلاد، والفصح، والشعانين.

وفي الإسلام، يروى عن النبي، عليه السلام، الحديث: "عليكم بالبياض من الثياب، فليلبسها أحياؤكم، وكفنوا فيها موتاكم، فإنها خير ثيابكم". وعملاً به انتشر لبس الأبيض بين المسلمين، وتناسب ذلك مع ارتفاع الحرارة في عدد من البلاد. وهو اللون المعتمد عند تكفين الموتى. والأبيض هو لون لباس الإحرام للحُجّاج والمعتمرين.

اقرأ أيضاً: بين حرية التعبير وازدراء الأديان

وفي التاريخ الإسلامي، اختير الأبيض ليكون لون علم الدولة الأموية أثناء عهد نشر الإسلام، وهو لون علم شيعة آل البيت زمن العباسيين.

واليوم ينتشر ارتداء الحجاب الأبيض عند المنتسبات للحركات الإسلامية، فهو علامة مميزة لطالبات الكتلة الإسلامية في الجامعات، ويأتي جانب من سبب اختيار الطالبات له، بالإضافة إلى رمزية الطهارة والنقاء، من كونه أقلّ جاذبية ولفتاً للأنظار.

رمز اللون الأبيض في اليهودية والمسيحية إلى الطهارة والنقاء

اللون الأزرق

وأما اللون الأزرق فنظرت له معظم الثقافات والأديان بتقدير خاص؛ فهو لون البحر، ولون السماء الصافية، وهو لون نادر في عالم الحيوان والنبات.

في البوذية، رمز الأزرق إلى الوصول لحالة الطهارة والنقاء والصفاء، ولذلك يتم تلوين الكثير من تماثيل "البوذا" به. وفي الهندوسية يتم تصوير العديد من الآلهة باللون الأزرق، كالإلهة "كالي"، إلهة الخلق والزمن، والإله "كريشنا"، إله الحب، والآلهة: "فيشنو"، و"راما"، و"شيفا".

يتم تصوير العديد من الآلهة في الهندوسية باللون الأزرق

وفي اليهودية، يرمز الأزرق للألوهية، وهو اللون المعتمد لتلوين هوامش الكتب المقدسّة، وهو اللون الذي اختارته الصهيونية لنجمة داوود وعلم "إسرائيل". وفي المسيحية، يتم تصوير السيدة مريم في الرسومات وهي ترتدي رداء أزرق.

ارتبط "عيد الشياطين والسحرة" باللون البرتقالي بسبب استخدام حبّات القرع فيه فيتمّ نحتها لتبدو في صورة أشكال وجوه مخيفة

كما تطوّر الاعتقاد عند شعوب الشرق الأدنى باستخدام الأزرق كلون مضاد للشرّ، ويرجع ذلك إلى أنّ شعوب المنطقة في زمن الغزو الإغريقي، ومن ثم الروماني، اخترعت تميمة "العين الزرقاء" و"الكفّ الزرقاء" بهدف ترهيب الغزاة؛ باعتبار أنّ العيون الزرقاء هي ما ميّز الإغريق والرومان عن شعوب المنطقة آنذاك، فكانوا يحملون عصياً في أعلاها رمز العين الزرقاء تهديداً باقتلاع أعينهم. وفي ما بعد صارت "العين الزرقاء" رمزاً للحماية من كل شرّ، وتطور هذا الاعتقاد في المعتقدات الشعبية عند المسلمين، خاصّة مع تبني أفكار كـ "العين" و"الحسد"، وباتت توضع في الأعناق كقلائد، وتعلق على جدران المنازل.

اللون الأحمر

يعتبر اللون الأحمر من أكثر الألوان إثارة وتمييزاً ولفتاً للنظر، وقد تعاملت معه مختلف الثقافات باعتباره تعبيراً عن حالات قصوى من المشاعر والعواطف، كالحبّ والغضب. وعلى مستوى الأديان، فإنّ الأحمر هو اللون المعتمد في ديانة الشنتو اليابانية  لبوابات "التوري"، رمز ديانة الشنتو، والتي تميّز معابد الشنتو، وترمز للعبور من العالم المدنّس إلى المكان المقدّس. وفي الهندوسية ارتبط اللون الأحمر بالآلهة "لاكشمي" آلهة المال والحظ.

اقرأ أيضاً: الدمّ سائل الحياة: كيف نظرت له الأديان والمعتقدات؟

وفي المسيحية، يرمز الأحمر إلى سفك دمّ المسيح على الصليب، وهو يستخدم في يوم أحد الشعانين، ذكرى دخول المسيح مدينةَ القدس قبل صلبه. كما اعتمد اللون الأحمر في احتفال عيد الحب أو يوم "القديس فالنتين"، وهو احتفال مسيحي بذكرى القديس الذي كان يزوج العشاق المسيحيين فيما بينهم قبل أنْ تعتقله السلطات الرومانية وتحكم عليه بالإعدام.

الأحمر هو اللون المعتمد في ديانة الشنتو اليابانية لبوابات "التوري"

اللون الأصفر

ارتبط اللون الأصفر بلون الشمس، واقترن بالتعبير عن "النور"، وما يرمز له من حكمة وإشراق وهداية. وفي البوذية كان الأصفر هو لون لباس الرهبان، وبالتحديد في مذهب "تيرافادا" المنتشر في مناطق جنوب وجنوب شرق آسيا، ويعود ذلك إلى أنّ الصبغة الصفراء كانت الوحيدة المتوفرة في تلك المناطق عندما تطوّر نظام الرهبنة هناك، فيما ظهر تأويلٌ لاحق لاستخدام هذا اللون، باعتبار أنه تذكير بلون ورق الشجر الأصفر الذي يكون على وشك السقوط من الشجرة، وبالتالي فهو يذكر الراهب بشكل دائم أنْ يبقى في حالة من والوعي والتشبث وعدم الاستسلام.

 يذكر الأصفر الرهبان البوذيين بلون ورق الشجر الذي يكون على وشك السقوط

اللون البرتقالي

أما اللون الأقرب للأصفر، البرتقالي، فتمّ تجاهله من أغلب الديانات لقربه من الأصفر حتى اعتبر درجة من درجاته، ولكن استثناء جاء مع احتفال "عيد القديسين" في المسيحية، والذي تسبقه ليلة "الهالوين"، أو ما تسميه الكنيسة بـ "عيد الشياطين والسحرة"، حيث ارتبط هذا العيد باللون البرتقالي بسبب استخدام حبّات القرع فيه، فيتمّ نحتها لتبدو في صورة أشكال وجوه مخيفة، وتوضع الفوانيس داخلها، وبذلك أصبح هذا اللون مرتبطاً بالشرّ من المنظور المسيحي.

 ارتبط عيد الهالوين باللون البرتقالي بسبب استخدام حبّات القرع فيه

اللون البنفسجي

في العصر البيزنطي كان اللون البنفسجي (الأرجواني) هو اللون الإمبراطوري، وهو اللون المعتمد في المراسلات والوثائق والهدايا الرسمية، وذلك بسبب ندرته وكلفة إعداد صبغته. ثمّ انتقل استخدامه إلى مخطوطات الإنجيل ولباس الأساقفة في الكنيسة البيزنطية. وفي رسومات عصر النهضة كان الرّسامون كـ "رافاييل" يصوّرون الملائكة وهم يرتدون ثياباً بنفسجية اللون. كما اعتبر هذا اللون بمثابة لون الحزن، باعتبار أنّ التعرض له بكثرة يسبب الحزن، فكان ذلك سبب اختياره ليكون لون لباس القساوسة في زمن الصوم الأربعيني.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية