قرقاش: تسييس الدين يقوّض الحوكمة ويُعزز الطائفية

قرقاش: تسييس الدين يقوّض الحوكمة ويُعزز الطائفية


12/11/2018

قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش، إنّ المنطقة العربية بحاجة إلى بناء مركز عربي حديث للتفاعل البنّاء مع التحديات الأمنية التي تواجه البلدان العربية، مؤكداً أنّ هذه العملية جارية في الحقيقة، وأنّ دولة الإمارات تلعب دوراً فيها، على حدّ قوله.

وقد جاء كلام الوزير الإماراتي في افتتاحه أمس لملتقى أبوظبي الإستراتيجي في نسخته الخامسة، وهو مؤتمر دولي سنوي ينظمه مركز الإمارات للسياسات في أبوظبي.

اقرأ أيضاً: حمد بن جاسم يهاجم الإمارات والسعودية وقرقاش يردّ

وقال قرقاش إنّ دولة الإمارات  تحتفل في هذا العام بعام زايد "الذي قاد الإمارات إلى العصر الحديث، وكرّس قيم الاعتدال والتسامح والتعاطف وتمكين المرأة، وهي القيم التي صاغت قيم شعبنا كما صاغت علاقاتنا مع العالم".

وأضاف المسؤول الإماراتي أنّ "قيم الشيخ زايد مجسدة في تفاؤل وحيوية دولتنا، وتقديم نموذج متقدم للتنمية، وتحوّل الإمارات إلى مركز للتكنولوجيا، ففي الشهر الماضي أطلقنا أول قمر صناعي بصناعة إماراتية كاملة، وسنطلق مسباراً إلى المريخ في عام 2021".

قرقاش: قيم الشيخ زايد مجسدة في تفاؤل وحيوية دولتنا

مكونات الاستقرار

وقد أشار وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية- في كلمته أمام الملتقى الذي استضافه قصر الإمارات في أبوظبي، وضم نحو 400 من السياسيين والدبلوماسيين والخبراء والباحثين من دول عديدة- إلى أنّ المنطقة تمر باضطرابات وتحديات غير مسبوقة، "والتي تحدث في سياق تحولات يشهدها النظام العالمي، وتهديدات جديدة مثل الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل".

اقرأ أيضاً: قرقاش يردّ على نصرالله

وأوضح الوزير أنّ بلاده تنطلق في مجابهة هذه التحديات من مبادئ أساسية هي احترام السيادة والتعددية والتعاون، "وهي المبادئ التي صاغت علاقتنا الدولية، وأساسها الاستقرار. ولا نقصد بالاستقرار هنا الحفاظ على الوضع القائم، بل الاستقرار الذي يدعم التغيير الإيجابي"، على حدّ وصفه .

أربعة عناصر للاستقرار الإيجابي

وقال قرقاش: "إننا في الإمارات نرى أن الاستقرار أمرٌ ضروري لأمن المنطقة، ونعتقد أن هناك مجموعة من العناصر أو المكونات التي تعزز هذا الاستقرار"، لعل أبرزها، برأي الوزير الإماراتي ما يلي:

أولاً، الحاجة إلى بناء مركز عربي حديث لمعالجة التحديات الأمنية القائمة، وهي عملية جارية، برأي قرقاش، الذي أكد أنّ "الإمارات تضطلع بدورها في هذه العملية. ولكن حتى تنجح هذه المقاربة يجب أن نواصل الاستمرار في تعزيز قدراتنا الدفاعية، واضطلاع السعودية ومصر بدورهما القيادي في دعم استقرار المنطقة، وتشكيل تحالف عربي لتحقيق هذه الغاية". وأضاف "يعد مجلس التعاون لدول الخليج العربية لاعباً رئيسياً في هذا التحالف".

الحاجة إلى بناء مركز عربي حديث لمعالجة التحديات الأمنية القائمة، وهي عملية جارية

أما العنصر الثاني لدعم الاستقرار فهو احترام السيادة الوطنية وإنهاء التدخل في شؤون الآخرين. واستطرد قرقاش قائلاً: "في هذا الشأن نجد أنّ إيران ظلت مهدداً لأمن دول المنطقة من خلال دعم ميليشيات مسلحة ووكلاء خارجين على الدولة مثل؛ حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، إلى جانب إطلاقها هجمات إلكترونية، وهجمات إرهابية في المنطقة وفي خارجها، مثل أوروبا". وأكد قرقاش أنّ "دولة الإمارات تدعم سياسة الرئيس الأمريكي ترامب تجاه إيران، والتصدي لسلوكها العدائي والمزعزع لأمن الإقليم، ونعتقد أنّ هذه المقاربة يجب أن تتعاطى مع سياسيات إيران الإقليمية وليس فقط مع برنامجها النووي"، وفق قوله.

اقرأ أيضاً: قرقاش: هؤلاء وراء مزاعم "السجون السرية" في اليمن

وأشار الوزير الإماراتي إلى أنّ العنصر الثالث للاستقرار في المنطقة، يتمثل في (مواجهة مهددات الأمن النابعة من الإرهابيين والمتطرفين، وشهدنا في الفترة الأخيرة نجاحات مهمة في محاربة "داعش" في العراق وسوريا، والحوثيين في اليمن. إلا أنّ النجاح الكامل يقتضي أيضاً إحراز تقدم في مجابهة فكر التطرف).

تسييس الدين يعزز الطائفية

وفي ما يتعلق بالعنصر الرابع قال قرقاش إنه يكمن في "أن تتمتع دول المنطقة بالحوكمة، فشعوب المنطقة مثل الشعوب الأخرى في العالم التي تنشد الصحة والتعليم والوظائف والرخاء، وإذا لم يحصل الشباب في المنطقة على هذه الوعود فإنهم سيتوجهون إلى التطرف". وتابع "الإمارات داعم قوي للإصلاحات في المنطقة، وقدمت أيضاً مليارات الدولارت في سبيل تعزيز التنمية المستدامة في الإقليم برمّته. وفي هذا الشأن نؤكد أنّ الدين جزء أساسي من هويتنا في المنطقة، لكن تسييس الدين في منطقتنا يُعلي من الهويات الطائفية ويؤثر في قيمنا الروحية كما أنه يقوّض فرص الحوكمة.

 لعبت الإمارات دوراً في حل الخلاف بين إثيوبيا وإريتريا

حل النزاعات والصراعات

وقال قرقاش في كلمته إنّ دولة الإمارات ترى أنه لن يكون هناك أي سلام واستقرار في المنطقة دون حل النزاعات والصراعات فيها، "لذا لعبت الإمارات دوراً في حل الخلاف بين إثيوبيا وإريتريا، كما تدعم الإمارات الجهود الأممية والأمريكية لإنهاء الحرب في اليمن". واستدرك الوزير بالقول "هنا يجب توخّي الوضوح في هذه الأزمة؛ فالحوثيون رفضوا مقررات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، وانقلبوا على الحكومة الشرعية، وسيستمر الصراع مادام الحوثيون يتحدّون قرارات الأمم المتحدة".

قرقاش: لقد حان الوقت للدول العربية لقيادة مبادرات لحل مشاكلها بأنفسها

وقال المسؤول الإماراتي في معرض حديثه عن المشهد اليمني حالياً "لقد حققت القوى اليمنية المدعومة من التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية تقدماً مطرداً وحررت معظم الأراضي اليمنية، والكثير من مناطق الساحل الغربي، وتُحرز تقدماً في تحرير الحُديدة. وأعتقد أنه حان الوقت للحوثيين لخفض التصعيد والبدء بمحادثات جديدة، والكُرة في ملعبهم في هذا الوقت الحاسم، وعلى المجتمع الدولي المساهمة في التوصل إلى حل سلمي للصراع من خلال دفع الحوثيين إلى المشاركة في مباحثات السلام، وقطع السلاح والتمويل الذي يصل إليهم من إيران"

غريفيث في أبوظبي

وبشأن المفاوضات اليمنية المرتقبة قال قرقاش إن "التحالف العربي سيبذل كل جهوده لتيسير العملية السياسية، وإطلاق المفاوضات، وسنستضيف المبعوث الأممي مارتن غريفيث في أبوظبي لهذا الغرض. كما أننا نقوم بجهد كبير لتجاوز الأزمة الإنسانية، إذ قدمت الإمارات ما يقرب من مليار دولار في شهر آذار (مارس) الماضي إلى الأمم المتحدة، كما أعلنا عن حزمة مساعدات بقيمة 70 مليون دولار لدفع رواتب المعلمين حتى في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون".

الأزمة السورية

وفيما يتعلق بالأزمة في سوريا، لفت قرقاش النظر إلى أنّ "الإمارات تدعم اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب الذي قد يساعد في حل الصراع، وترى أنّ الأولوية يجب أن تكون بدعم المجتمع الدولي الحل السلمي انطلاقاً من مبادئ جنيف لعام 2012، واضطلاع السوريين بمسؤولياتهم في قضايا إعادة الإعمار وعودة اللاجئين". مؤكداً أنه "مطلوب دور عربي أقوى في سوريا، كما يجب إخراج إيران ووكلائها" من هذا البلد.

أكد قرقاش أنّ بلاده تدعم التوصل لاتفاق يقوم على حل الدولتين على حدود 1967

فلسطين

وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد قرقاش في كلمته أنّ بلاده تدعم التوصل إلى اتفاق شامل يقوم على حل الدولتين على أساس حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة.

اقرأ أيضاً: قرقاش: أنقرة وطهران لن تقودا العالم العربي

وختم الوزير الإماراتي بالقول "لقد حان الوقت للدول العربية لقيادة مبادرات لحل مشاكلها بأنفسها"، مؤكداً أنّ "الإمارات ستظل تعمل على تعزيز شراكاتها الإقليمية والدولية، كما ستظل وفيّة لقيم الشيخ زايد التي حددتنا كأمة"، على حدّ تعبيره.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية