حركة اجتماعية روحية لليوغا تطوف قرى مصر لتعليم الأطفال الحب

مصر

حركة اجتماعية روحية لليوغا تطوف قرى مصر لتعليم الأطفال الحب


25/11/2018

"أناندا مارغا" حركة اجتماعية روحية لتعليم اليوغا، شعارها تطوير الذات، وخدمة الإنسانية. تأسست في العام ۱۹٥٥في بيهار بالهند، على يد المعلم برابهات رانجان ساركار، وساهمت في خلق شبكة دولية من المدارس والمعاهد؛ للتعجيل بظهور مجتمع يكون فيه الحب والسلام والتفاهم والإلهام والعدل والصحة لجميع البشر.

اقرأ أيضاً: أزمة التعليم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكيفية معالجتها
تواصلت ديدي المجرية عندما كانت في العشرينيات من عمرها مع أناندا؛ لتكون واحدة من راهبات ورهبان، ساهموا بشكل تطوعي في نشر الحب والسلام عن طريق تعليم الأطفال، سافرت إلى دول مختلفة، ومنذ العام 2011 استقرت في إحدى قرى الريف المصري.
ديدي المجرية

عزبة البحاروة
في قرية البحاروة لن تندهش حين ترى أطفالاً قرويين، فقراء، يمارسون اليوغا، أو التأمل، والغناء والمسرح، يلعبون داخل المدرسة على مجرى نهر النيل وسط الأرض الزراعية، ربما كانت هذه القرية محظوظة حين اختارتها ديدي لتكون مقراً لمدرستها الصغيرة، تمارس فيها هوايتها الأفضل، وهي مساعدة الأطفال الفقراء على التعلم وحب الآخر.

ديدي: أعتمد على المتطوعين الشباب في التواصل مع أهل القرية ومع الأطفال، لكن المتطوعين لا يتواجدون بشكل دائم

محور هذه المدارس الممتدة في أكثر من 50 بلداً، والتي وصل عددها إلى 1000 مدرسة تأسست خلال الـ 50 عاماً الأخيرة، هو التعليم عن طريق التنمية الذاتية الجسدية والعقلية والروحية والقيم الإنسانية والمحبة للجميع والتعلم التطبيقي. ويشمل نمو الشخصية مجالات مثل: الأخلاق، والنزاهة، والثقة بالنفس، والانضباط الذاتي، والتعاون، ورغم عقبات اختلاف اللغة والدين والثقافة، إلا أنّ ديدي مستمرة في نشر محبتها بين أطفال القرية.
في قرية البحاروة لن تندهش حين ترى أطفالاً قرويين، فقراء، يمارسون اليوغا

مدرسة نهر النيل
تحتاج للانتقال بين أكثر من وسيلة انتقال من القاهرة، حتى تصل الى مركز العياط في صعيد مصر؛ بعد ساعة ونصف الساعة من الانتقال بالحافلات، تحتاج أن تسير على قدميك بضعة كيلومترات حتى تصل إلى القرية، لتجد منزلاً ريفياً، يطل على أحد روافد نهر النيل مباشرة، تعيش فيه ديدي منذ 6 أعوام، ولم يمنعها اختلاف اللغة أن تعلم أطفال القرية القراءة والكتابة، والغناء والمسرح، وأيضاً اليوغا والتأمل، متأثرة بحركة أناندا مارغا.

الطفلة عبلة تعلمت مبادئ الإنجليزية من ديدي عن طريق المعايشة من طول الفترة التي قضتها في المدرسة

تقول ديدي في تصريح لـ"حفريات": "مدرسة نهر النيل التي أسستها في عزبة البحاروة، هي مركز للنشاط التعليمي المفتوح للأطفال الصغار، يقوم على مبادئ أناندا مارغا، وهي مدرسة ضمن 1000 مدرسة على مستوى العالم، تقدم التعليم للأطفال بطرق مختلفة".
تُقَسم ديدي أوقاتها، في الصباح للأطفال الصغار، وللأطفال حتى سن 15 في فترة ما بعد الظهر. إذ تهتم المدرسة بتعليم الأطفال بطريقة تقوم على الحب والاحترام لجميع البشر، والمخلوقات أيضاً سواء الحيوان أو النبات، وحتى الجمادات. ديدي لم تؤسس مدرسة بالمعني الاصطلاحي للكلمة، لكنها أنشأت مكاناً للتعليم المفتوح، يمارس فيه الأطفال اللعب والغناء، والتمثيل أيضاً.

اقرأ أيضاً: 6 طرق دولية مبتكرة لتطوير التعليم في المدارس
"لما أكبر نفسي أبقى مُدرسة عشان أعلم أطفال القرية"، بهذه الجملة عبرت الطفلة عبلة عن سر ارتباطها بالمدرسة. عبلة في الثانية عشرة من عمرها من إحدى قرى مركز العياط، بمحافظة الجيزة، ربما كانت سبباً في هذا الحلم أنها ولدت في قرية بعيدة عن العاصمة، لا تضم أية مؤسسة تعليمية حكومية أو خاصة. واستمر ذلك الوضع حتى العام 2011، حين قررت سيدة مجرية فى الستين من عمرها أن تنتقل إلى هذه القرية؛ لتؤسس فيها مدرسة "نهر النيل" للتعليم المفتوح.

تهتم المدرسة بتعليم الأطفال بطريقة تقوم على الحب والاحترام لجميع البشر
عبلة أيضاً تعلمت مبادئ الإنجليزية من ديدي؛ عن طريق المعايشة، من طول الفترة التي قضتها في المدرسة، لتثبت ديدي أنّ اللغة واختلاف الثقافات والديانات، ليست عائقاً أمام مفاهيم المحبة والسلام والتواصل بين البشر
اللغة وسيلة الاتصال
عامل اللغة كان أحد أكبر العقبات التي واجهت ديدي فى التواصل مع المزارعين في القرية؛ خاصة أنها قررت العمل في قرية فقيرة تنتشر فيها الأمية، وعن ذلك تحكي: "أعتمد على المتطوعين الشباب في التواصل مع أهل القرية ومع الأطفال، لكنّ المتطوعين لا يتواجدون بشكل دائم، وهذه من أكبر العقبات التي تواجهني"، لكن ورغم هذه الصعوبات استطاعت ديدي أن تعلم عشرات الأطفال القراءة والكتابة، وأيضاً اللغة الإنجليزية.

اقرأ أيضاً: المدارس الذكية تقلب الإصلاح التعليمي رأساً على عقب
تعتمد ديدي على التعليم المفتوح غير القائم على الحفظ والتلقين، والذي يسمح للأطفال باستخدام جميع حواسهم في التعلم، أيضاً تستعين بالأطفال الأكبر سناً، لتعليم باقي رواد المكان، تضيف ديدي: "أستعين بالأطفال أنفسهم كمعلمين، حين يتقنون المواد الدراسية التي يحصلون عليها في المدرسة، هنا يبدأون بتعليم باقي الأطفال".
تعتمد ديدي على التعليم المفتوح غير القائم على الحفظ والتلقين

عقبات في طريق المدرسة
واجهت ديدي عقبات أخرى خاصة بتأمين المكان، لا سيما وأنها تعيش في قرية نائية، تبعد عن العاصمة مسافة 100 كيلو متر، حيث تعرضت المدرسة لسرقة محتوياتها في بداية عملها، لكن أغرب العقبات التي واجهتها ديدي هي رجال الدين في القرية، توضح ديدي: "خطب أحد رجال الدين في مسجد القرية، وقال إنّ مدرسة نهر النيل تبشر بالمسيحية، وتعلم الأطفال أشياء بعيدة عن دين الاسلام. ولا أعرف كيف وصل إلى ذلك الاعتقاد، واضطرت الشرطة المصرية لزيارة المدرسة، للوقوف على حقيقة دعوى إمام المسجد، لكن الشرطة فوجئت أنّ المدرسة بالكامل لا تعلق آية مسيحية واحدة، وأنها تعلق آيات القرآن وأدعية إسلامية، وأنّ المكان تعليمي، يهدف إلى تعليم الأطفال القراءة والكتابة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية