7 حيوانات حظيت بمكانة خاصّة في الأديان والثقافات.. تعرّف عليها

الأديان

7 حيوانات حظيت بمكانة خاصّة في الأديان والثقافات.. تعرّف عليها


23/03/2022

عاش الإنسان مع الحيوانات عبر مئات الآلاف من السنين، خاض خلالها مواجهات شديدة مع الضواري المفترسة، في حين تمكّن من استئناس وتدجين أصناف عديدة منها، ولكنّ تفاعل الإنسان مع الحيوان لم يقتصر على المواجهة والاستئناس، وإنما تعدّى ذلك إلى تطوير قيم وتصورات خاصّة مرتبطة بأصناف عديدة من الحيوانات، وذلك بالتزامن مع تطوّر وتعقد المنظومات الثقافية والدينية عند البشر.

الأفعى رمز الشر.. والشفاء

احتلّت الأفعى مكانة مميزة في الأديان والثقافات المختلفة، وذلك عائدٌ بالأساس إلى شكلها الطولي المميز، وعدم وجود أقدام تستخدمها في حركتها الانسيابية، وإلى نمط حياتها الفريد؛ إذ تختفي معظم الأحيان ولا تظهر إلا بتوقيت مفاجئ ومن أماكن مجهولة. وكثيراً ما ارتبطت بمعاني الشرّ والأذى، بسبب إفرازها للسموم الفتاكة التي تودي بحياة من يتعرض لها، ولخبثها وسلوكها المباغت عند الهجوم.

اقرأ أيضاً: تعرّف على أشهر 8 حيوانات أصبحت رموزاً لدول

ونجد الأفعى عند الفراعنة حاضرة وظاهرة في الرسومات والكتابات الدينية، كما يوجد الإله "أبوفيس"، والذي هو أفعى الشريرة، تلقب بـ "شيطان الظلام"، وهو رمز للشر، وبالرغم من ذلك أقام الفراعنة طقوس العبادة له، في محاولة لاسترضائه، وذلك لارتباطه بالكوارث الكونية، كالزلازل، والفيضانات، والأعاصير، وضمن تصورات صراع الخير والشر، نجد "أبوفيس" يخوض صراعاً مع الإله "رع"، إله الشمس.

من الميثولوجيا الفرعونية: الإله "رع" يتخذ صورة القط ويتمكن من ذبح "أبوفيس" الإله الأفعى

وفي بلاد ما بين النهرين، استُخدمت الأفعى كرمز ديني في الألواح والمنحوتات الدينية عند السومريين، وكذلك عند الآشوريين. وعند الأكاديين يظهر المخلوق الأسطوري "موشوسو" الذي له رأس حية، واستخدم كتجسيد ورمز لعدد من الآلهة، واشتهر لوجوده على بوابة عشتار. ويرد في أسطورة الخلق البابلية "اينوما ايليش" وصف الأفعى بالخبث، فبحسب الأسطورة أن إلهة المحيط "تيمات" بعدما ثارت خلقت "الأفعى الخبيثة والتنين".

وفي الهند، عُبدت الأفاعي كآلهة، وهو ما يستمر إلى اليوم في الطقس الاحتفالي الشهير المعروف بـ"ناجا بانتشامي"، في اليوم الخامس من الشهر الخامس في التقويم الهندوسي، ويقدم فيه المؤمنون الحليب والفضة لأفاعي الكوبرا، طلباً منها لتوفير الحماية والوقاية من الشر، كما وتظهر أفاعي الكوبرا على أعناق الآلهة "شيفا" و"فيشنو"، الإلهين الرئيسيين في الديانة الهندوسية.

لم يقتصر تقديس البقر على الهندوس فرمز الفراعنة لآلهة الحب والجمال والأمومة والخصوبة ببقرة تحمل القمر بين قرنيها

أما عند الإغريق، فاختلفت النظرة للأفاعي تماماً، واعتبرت سبباً للدواء والعلاج، مع إثبات الطب اليوناني أن سُمّ الأفعى له مفعول الشفاء إن تناوله المريض بالفم، ومن هنا ظهرت الرموز الشهيرة، ككأس "هيجيا"، إلهة الصحة والنظافة، والتي هي اليوم رمز للصيدليات حول العالم، وعصا هرمس، وهي العصا الشهيرة التي ترسم مع ثعبانين ملتفين وفوقهما جناحان، وتُستخدم اليوم كرمز للطب حول العالم، وعصا "أسكليبيوس"، ابن الإله أبولو، وهو إله التطبيب والشفاء من الأمراض، والتي هي عبارة عن أفعى ملتفة حول عصا.

في اليهودية والمسيحية، صُوّرت الأفعى كمخلوق غاية في المَكر والشرّ، وجاء في سفر التكوين أنّ الثعبان هو من أغرى حواء بإقناع آدم للأكل من شجرة المعرفة، ومن ثم تم معاقبتهما بإخراجهما من جنة عدن، وبالتالي فالأفعى تظهر كتمثل وتجسيد للشر والشيطان. وفي الإسلام، نجد الاعتقاد بـ"الثعبان الأقرع"، والذي جاء في الحديث النبوي بأنه يأتي يوم القيامة يطوّق كل من آتاه الله تعالى مالاً فلم يؤد زكاته، يقول له: "أنا مالك أنا كنزك" (صحيح البخاري)، وبالتالي فهو رمز للعذاب، ويحظى بمكانة ودور في العذاب والجحيم الأخروي.

الإلهة "هيجيا" تحمل أفعى تُفرغ سمها في كأس.. تحولت الصورة لشعار الصيدليات الشهير

الخنزير.. اللحم المحرّم

تشتهر ديانتا الإسلام واليهودية بموقفهما الحازم من الخنزير، حيث تشتركان بتحريم تناول لحمه تحريماً قاطعاً، يصل حتى إلى تحريم الاستفادة من أي جزء منه، كالجلد أو الدهن، ويتم تعليل ذلك بكون الخنزير حيواناً "نجساً"، كما يوضح ذلك أتباع الديانتين، فنجد عند البحث على محرك البحث عن "سبب تحريم لحم الخنزير" إجماعاً في مختلف مواقع الإفتاء الإسلامية على اعتباره حيواناً غير نظيف، يأكل كلّ شيء، بما في ذلك القمامة، والفضلات والنجاسة. ولكن الموقف من الخنزير لم يتوقف عند تحريم الأكل، فنجد أنّه تطوّر في الثقافة الشعبية لدى الشعوب العربية والمسلمة إلى اعتبار مجرد ذكر كلمة "خنزير" أو وصف أحد بها بمثابة شتيمة.

اقرأ أيضاً: ما هو الحيوان الأفضل في التنبؤ بنتائج مونديال روسيا؟

كما نجد في القرآن الكريم ذكر الخنازير مقترناً بلعن أقوام وحلول الغضب الإلهي عليهم وذلك في الآية: "قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ" (المائدة: 60)، ويأتي في التفسير، كما عند الطبري وغيره، أنّ المقصود هم قومٌ من بنى إسرائيل مسخهم الله إلى خنازير، كما مسخ "أصحاب السبت" إلى قردة.

ولكن الأحكام السلبية بحقّ الخنازير لم تكن هي القاعدة الثابتة في مختلف الثقافات والأديان، وعلى سبيل المثال نجد في الثقافة الألمانية، أنّ الخنزير يرمز للحظ الجيد، ويشتهر في ألمانيا تقدم دمية "خنزير" المعروفة باسم "مارزيبان" في ليلة رأس السنة كهدية جالبة للحظ في السنة الجديدة.

في ألمانيا: تقدم دُمى الخنازير كهدايا جالبة للحظ في ليلة رأس السنة

الغُراب.. بشارة الزواج السعيد

احتلّ طائر الغراب مكانة مميزة في مختلف الثقافات والأديان، وذلك عائدٌ إلى أسباب عديدة، بدايةً من انتشار أنواعه المختلفة بأعداد وفيرة بين أهالي المدن والقرى في أرجاء واسعة من المعمورة، إضافة إلى ما يميزه عن باقي الطيور من الحجم الكبير، واللون الأسود الحالك، والصوت المرتفع المثير للانتباه، والذي هو أقرب للنعيق والصراخ. يُضاف إلى ذلك ارتفاع مستوى الذكاء عند الغراب؛ فهو طائر يُحب اللعب واللهو، وإذا أراد التقاط شيء لا يختار إلا ما يلمع، كما أنّه صاحب علاقات وسلوك اجتماعيّ معقّد، فنجد عنده الأسرة النواة، والإخلاص التامّ للزوجة، كلّ ذلك حفّز المخيلة البشرية -على مرّ العصور- لربط الغراب وإقحامه في الكثير من القصص والحكايات والأساطير.

رغم الأحكام السلبية بحقّ الخنازير في مختلف المعتقدات والأديان فإنها ترمز للحظ الجيد في الثقافة الألمانية

وفي الثقافة العربية، نجد الغراب رمزاً للشؤم والفأل السيئ، والأرجح أنّ ذلك عائد بالأساس إلى ارتباط لون الغربان، اللون الأسود، بالشرّ عند الشعوب العربية، وصار من المألوف في المأثور الشعبي العربي ارتباطُ نعيق الغراب بالأخبار السيئة، ويعبّر عن ذلك المثل المصري: "يا فرحة ما تمت.. أخدها الغراب وطار"، كما يسود الاعتقاد أنّ نعيق الغراب في حيّ ما، هو نذير قرب موت أحد ساكنيه، خصوصاً من كان مريضاً منهم.

ولا يقتصر التصوّر السلبي عن الغراب على الثقافة العربية، بلّ نجده مشتركاً في أغلب الأديان والثقافات، وفي التوراة، نجد الغراب مرتبطاً بالخراب، جاء في سفر "إشعياء" عند الحديث عن الخراب الذي سيصيب الأمم: "ويرثها القوق والقنفذ، والكركي والغراب يسكنان فيها ويمدّ عليها خيط الخراب ومطمار الخلاء" (سفر إشعياء: الإصحاح الثاني عشر). وورد في التلمود، وفي تفسير قصة نوح، أن نوحاً عاقب الغرابَ بنفيه من السفينة بسبب جريمة ارتكبها، وفي تفسير آخر أنّ الغراب غادر السفينة ولم يعُدْ، فغضب منه نوح، فحلَّت عليه اللعنة، وكان لونه أبيض، فأصبح أسود.

اقرأ أيضاً: الخرافات والأساطير.. لدى الناس

أما عند الإغريق والرومان، فنجد ازدواجية في الموقف من الغربان، فمن ناحية اعتُبرت الغربان رمزاً للزواج السعيد، وفي حفلات الزفاف الإغريقية كان الحضور ينشدون "أغنية الغراب"؛ على أمل أن يكون الزوجانِ مخلصينِ لبعضهما، كما هو حال الغراب مع زوجته، ولذا كان الغراب هو الطائر المقدس لدى الإلهة "هيرا" زوجة كبير الآلهة "زيوس"، وكذلك عند "جونو" ربة الزواج عند الرومان.

من ناحية أخرى، كانت الغربان على خلاف مع عموم الآلهة، وذلك بسبب سرقتها اللحم الذي كان يُترك على مذابح الآلهة؛ يذكر الكاتب الإغريقي "أيسوب"، في كتابه الشهير "خرافات أيسوب"، أنّ غراباً مريضاً طلب من أمّه أن تصلي للآلهة من أجل شفائه، ولكنها أجابته أنه ليس من المحتمل أن يقوم أحدُ الآلهة بمساعدته؛ لأنّه قد سرق منهم جميع القرابين التي قُدمت إليهم.

الإله "أودين" والغرابان المرافقان له

وفي العصور الوسطى، ارتبطت الغربان بصورة القلاع المهجورة التي يسكنها السحرة، وبالتالي بالشرّ والظلام، وفي الميثولوجيا والقصص الألمانية اعتبرت الغربان أرواحاً شريرة، وفي الثقافة والأساطير النوردية (ثقافة شعوب شمال أوروبا)، ارتبط الغراب بالإله "أودين"، كبير الآلهة عند "الفايكنج" والشعوب الاسكندنافية، إلى درجة أنّه كان يدعى في بعض الأحيان بـ "ملك الغربان"، وكان يصوّر وعليه غرابَيْن على كتفيه، ولا يعني هذا الارتباط بالضرورة حكماً ايجابياً للغربان؛ فقد ارتبط "أودين" باختصاصات عديدة، منها السحر، والغضب، والموت.

البوم.. طائر الحكمة الغامض

بوجهه المسطح القريب من شكل قلب الحب، وحاجبيه البارزين، وعيونه الدائرية الواسعة، يظهر طائر البوم كأحد أكثر الأشكال فرادة بين الطيور، الأقرب للوجه البشري، وهو ما جعل نصيبه من الأساطير والحكايات أكثر قدراً.

عند الإغريق اختلفت النظرة للأفاعي تماماً واعتبرت سبباً للدواء والعلاج كما تظهر اليوم برمز الصيدليات حول العالم

في كثير من الثقافات، يعدّ البوم نذير شؤم، كما نجد ذلك مثلاً في الثقافة العربية، وقد يكون ذلك عائداً إلى  إقامته في الأماكن الخربة والمنعزلة التي لا يرتادها الناس كثيراً، وعدم ظهوره إلا في ساعات الليل واختفائه مع طلوع الشمس، إضافة إلى صوت صياحه الحزين الذي يخيف سامعيه في الليالي المظلمة، كل ذلك دفع لربط البوم بالشرّ والظلام، وهو ما ساد أيضاً في أوروبا خلال العصور الوسطى، حيث ارتبطت البومة بالسَحرة والمشعوذين، وهي الصورة التي تم استدعاؤها في سلسلة أفلام السحرة الشهيرة "هاري بوتر".

في الكتاب المقدس، ذُكر البوم في خمسة مواضع، كلها مقترنة بالخراب والدمار، ومن ذلك ما ورد عند الحديث عن هلاك الأمم: "وَيَمْلأُ الْبُومُ بُيُوتَهُمْ" (سفر إشعياء، الإصحاح الثالث عشر). وهناك أسطورة شهيرة تشاركت شعوب عديدة الاعتقاد بها، تقول إنّ البوم مجرم مختلس، وأنه قاتل يحوم بالسماء ليلاً يترصد ضحاياه من البشر، ومن ذلك الأسطورة التي انتشرت حتى زمن قريب في أرياف بلاد الشام بأنّ البوم إذا رصد طفلاً رضيعاً يتسلل إلى المنزل فيجثم على صدره ويلتهم لسانه، بينما ظهرت خرافة مشابهة في أوروبا العصور الوسطى تتحدث عن ساحرات لديهن القدرة على التحول إلى بوم ينقض بعد ذلك على الأطفال الرضع النيام ويمتص دماءهم.

عملة فضية أثينية.. رسمت البوم على أحد وجهيها وعلى الآخر وجه الإلهة أثينا

وبالعودة إلى الحضارات القديمة ثمة اعتبارات وتصورات مغايرة عن هذا الطائر، عند الفراعنة كانت البومة طائر رمسيس الثاني المفضّل، وبحسب ما يُروى فإنها ذات يوم ضربته بجناحها في وجهه وكادت تفقأ عينه فغضب وصار ناقماً عليها، ويشير الباحث "ديزموند موريس" في كتابه "البومة" إلى أنّ "المصريين ربطوا بين البوم والروح البشرية، حيث كانت روح المتوفى في معتقداتهم ترتحل ليلاً في جو على شكل طائر ذي رأس بشرية يشبه إلى حد كبير طائر البومة".

أما عند الإغريق فقد اعتبرت البومة رمزاً للحكمة، وتم تصويرها كمرافقة الإلهة أثينا، ورسمت صورة البومة على أحد وجهي عملة أثينا، كما وُجدت صورة البومة على كثير من الأواني الخزفية الإغريقية، ويُذكر البوم في المؤلفات الأدبية اليونانية، باعتباره الطائر الحكيم.

اقرأ أيضاً: سواكن السودانية.. جزيرة الأساطير في قبضة "السّلطان"

بينما فضّلت شعوب أخرى الاستفادة من البوم من ناحية طبية، كما نجد عند الهنود الحمر من قبيلة "الشيروكي" أن يغسلوا أعين أطفالهم بماء يحتوي على ريش طائر البومة من أجل منحهم المقدِرة على السهر طوال الليل.

القطط.. من إلهة إلى خادمة للسحرة

تعتبر القطط من أكثر الحيوانات ألفة وانتشاراً بين البشر، وذلك منذ دجّنها الإنسان - قبل نحو عشرة آلاف عام - سعياً منه للاستفادة منها في التخلص من خطر القوارض على مخازن الحبوب، وقد استدعى انتشار القطط وقربها من البشر العديد من التصوّرات والمعتقدات؛ فعند الفراعنة، كانت القطط مرتبطة بـ"إيزيس" إلهة الأمومة والخصوبة، والإلهة "ماعت"، إلهة الحق والعدل والنظام، فكانت تظهر في الصور والمنحوتات الخاصة بهما، كما قاموا بتصوير الإلهة "باستيت"، إلهة الحنان والوداعة، في صورة قطة، فكان لها وجه قطة وجسد امرأة، وكذلك هي صورة الإلهة "مافدت"، المسؤولة عن توفير الحماية ضد الأفاعي والسحالي.

ساد الاعتقاد بأنّ البوم قاتل يحوم بالسماء ليلاً يترصد ضحاياه من البشر، وعند الإغريق اعتُبرت البومة رمزاً للحكمة

ويعكس ارتباط القطة بالآلهة المؤنثة عند الفراعنة الارتباط الوثيق بين القطط والنساء عندهم، كما كانت المرأة الفرعونية في غالبية النقوش تُجسد جالسة على كرسي وتحت قدميها قطة، واشتهر الفراعنة بتحنيط القطط بعد موتها، وكانوا يدفنونها في المقابر مع الممتلكات الثمينة، تعبيراً عن المكانة التي حظيت بها.

في الميثولوجيا النوردية، ارتبطت القطة بالإلهة "فريا"، إلهة الحب والجنس والجمال والخصوبة، التي يتم تصويرها محمولة على عربة تجرها قطتان، وفي الأديان التي تؤمن بعقيدة تناسخ الأرواح، كما في البوذية اعتُبرت القطط مسكناً للأرواح المقدسة، التي تختارها لتسكن فيها.

في العصور الوسطى، اعتبرت القطط السوداء رمزاً للشرّ وارتبطت بالسحرة والشعوذة، وساد الاعتقاد أنّها خدم للساحرات، وقد ظهر اعتقاد مشابه عند الشعوب العربية والمسلمة، من الاعتقاد بأنّ القطة السوداء هي مسكن للجن والشياطين، كما ظهر اعتقاد شعبي أنّ القطة "لها سبعة أرواح"، ومن ناحية فقهية اعتبرت طاهرة، خلافاً للكلب، ما شجّع على تربيتها والاعتناء بها، وقد اشتهر الصحابي أبو هريرة بمرافقة القطط وتربيتها.

ساد الاعتقاد أنّ القطط السوداء خدم للساحرات في العصور الوسطى

البقرة.. هل يعبدها الهندوس؟

يروج الاعتقاد بأنّ "الهندوس يعبدون البقر"، ولكن الأدقّ هو أنّ الديانة الهندوسية تقدّس البقر، باعتبارها رمزاً للغذاء والوفرة والحياة، وللأرض والعطاء، وقد جاء في كتاب الفيدا المقدس: "يجب معاملة البقرة كما تعامل الأم"، وهو ما أوجب عدم قتلها أو أكلها، ولكن مع عدم النهي عن الاستفادة من حليبها وروثها.

اقرأ أيضاً: الخرافة الدينية والآخر في التصور الشعبي.. جهل أم عنف؟

ولم يقتصر تقديس البقر على الهندوس، فعند الفراعنة رُمز للإلهة "حتحور"، إلهة الحب والجمال والأمومة والخصوبة، بصورة بقرة تحمل القمر بين قرنيها.

وفي اليهودية، كان من أهم الطقوس التطهريّة: ذبح بقرة حمراء وحرقها، ومن ثم خلط رمادها بالماء، يتطهر به كل من يمسّ جثة إنسان، بحسب ما جاء في الإصحاح التاسع عشر من سفر العدد.

الإلهة "حتحور" في صورة بقرة تحمل القمر بين قرنيها

الكلب.. حارس العالم السفلي

كان البابليون القدامى هم أول من ربط الكلاب بعالم الآلهة، حين قرنوا بينها وبين الإلهة "غولا"، إلهة الشفاء والطب، وتظهر الكلاب دائماً مجاورة لها في منحوتاتها، وعند الآشوريين كانت تستخدم تماثيل الكلاب كتمائم للحماية.

وتشاركت الأساطير الهندو-أوروبية بأسطورة الكلاب التي تحمي بوابات العالم السفلي، ومنها الأسطورة الإغريقية عن الكلب "سيربيروس"، ثلاثي الرؤوس، الذي يقوم بحماية بوابة العالم السفلي. وعند الهندوس، ثمة اعتقاد بالإله "ياما" إله الموت، يصاحبه كلبان يمتلك كل منهما أربعة أعين، يحرسان العالم السفلي.

الكلب "سيربيروس".. حارس العالم السفلي في الميثولوجيا الإغريقية

وعند المسلمين، ساد الاعتقاد بنجاسة الكلب، ونهى الفقهاء عن اقتنائه إلا بداعي استخدامه للحراسة، وقد جاء الأمر في الحديث بغسل الإناء الذي يشرب فيه الكلب سبع مرات، كما ساد الاعتقاد الشعبي بأنّ الكلب الأسود يسكنه شيطان.

وهكذا، وعلى اختلاف القيم والتصورات والمعتقدات والأساطير، كان المشترك بينها هو ذلك المدى الفسيح الذي انطلقت في رحابه المخيلة البشرية، تنسج الحكايات والمعاني، عن الكائنات المحيطة بها، فلم تقتصر النظرة لها على صورتها الخارجية، أو على اعتبارها مصدراً للغذاء أو منافعَ أخرى، كما آل إليه الحال في العصر الحديث.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية