بانوراما 2018: مصر تنجح بخفض مؤشر الإرهاب

بانوراما 2018

بانوراما 2018: مصر تنجح بخفض مؤشر الإرهاب


20/12/2018

شهد مؤشر العمليات الإرهابية في مصر هبوطاً حاداً وملحوظاً، العام 2018، مقارنة بأعوام ما بعد ثورة الثلاثين من حزيران (يونيو) العام 2013؛ حيث انعدمت العمليات الإرهابية الصادرة من التنظيمات المسلحة المنبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين، خاصة "حسم" و"لواء الثورة" في هذا العام.

اقرأ أيضاً: آخر حصيلة لعملية "سيناء 2018"
كما تراجعت العمليات العنيفة والنوعية التي كان يشنها مبايعو "داعش" في سيناء، بعد انطلاق العملية الشاملة، التي أعلنت عنها الدولة المصرية في إطار حربها على الإرهاب مطلع العام الحالي، ولم تضع إلى الآن هذه الحرب أوزارها.

 أعلنت الدولة المصرية عن عملية شاملة في حربها على الإرهاب

حصار داعش

اعتادت التنظيمات التكفيرية المسلحة على التجهيز لعمليات إرهابية، تستقبل بها العام الميلادي الجديد، في محاولة منها للفت الانتباه وجذب الأضواء لنشاطها، بيد أنّ عمليتها في مطلع العام 2018، جاءت ضعيفة قياساً بالأعوام السابقة؛ نتيجة للحصار المطبق الذي تعرض له تنظيم داعش في شمال سيناء، واستهداف عدد من قادته المؤثرين.

شهد مؤشر العمليات الإرهابية في مصر هبوطاً حاداً وملحوظاً العام 2018 مقارنة بالأعوام السابقة

ففي 4 كانون الثاني (يناير) العام 2018، نصب العشرات من التنظيم، كميناً في مدينة العريش، فاستشهد 3 أشخاص، بينهم أحد أفراد القوات الأمنية، بعد أن أوقفوا سيارتين على طريق العريش القنطرة الدولي، أمام منطقة "ملاحات سبيكة"، قبل أن يطلقوا الرصاص على ركابها، وكان من بين القتلى، أمين شرطة من إدارة الأمن العام بمديرية أمن شمال سيناء بمصر.
وبعد هذه العملية بنحو 3 أشهر؛ شنّ التنظيم هجوماً على معسكر "القسيمة" للجيش، وسط سيناء، في 14 نيسان (أبريل) العام 2018، استشهد إثره 8 عسكريين من الجيش المصري. وأُصيب 15 آخرون، في هجوم إرهابي، على معسكر للجيش في وسط سيناء، في عملية أسفرت أيضاً عن مقتل 14 من العناصر الإرهابية، بحسب بيان للقوات المسلحة المصرية، بينما ذكر بيان التنظيم "وقوع عشرين قتيلاً بينهم سبعة ضباط ميدانيين".

اقرأ أيضاً: الفكر يتحدى الإرهاب في سيناء عبر سفارات المعرفة
ومنذ نيسان (أبريل)؛ لم يستطع التنظيم توجيه ضرباته إلى القوات الأمنية في شمال سيناء، بفعل العمليات التي تقوم بها، والتي أسفرت عن مقتل عدد من قادته البارزين، وإحكام السيطرة على الحدود المصرية، ومنع تسلل إمدادات البشرية فضلا عن المال والسلاح.

فشل داعش في تحقيق إثارة فتنة طائفية تعمل على خلق الفوضى

عمليات ضد الأقباط

استمرت خلايا تنظيم داعش خارج سيناء، في إستراتيجيتها باستهداف المكوّن القبطي المصري، هذا العام، بعد فشله في تحقيق الغرض في إثارة فتنة طائفية تعمل على خلق الفوضى، التي يسعى التنظيم من خلالها لإعادة تشكله وتمدده في ظلالها.

منذ نيسان الماضي لم يستطع "داعش" توجيه ضرباته للقوات الأمنية شمال سيناء بفعل العمليات التي تقوم بها

وفي 2 تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2018؛ استشهد 7 أقباط في محافظة المنيا، بصعيد مصر، خلال إطلاق نار على 3 باصات تقل أقباطاً بالقرب من دير الأنبا صموئيل. وقالت النيابة العامة المصرية، في بيان لها: إنّها "تلقت إخطاراً بوقوع حادث إطلاق نار استهدف حافلة تقلّ مجموعة من الأقباط أثناء عودتهم من دير الأنبا صموئيل" في محافظة المنيا.
بعدها أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم، وقال إنّه جاء ثأراً لمن وصفهنّ بـ"أخواتهم العفيفات" في سجون النظام المصري.
وفي 11 آب (أغسطس) من العام نفسه؛ حاول أحد الانتحاريين عبر حزامه الناسف، تنفيذ عملية إرهابية بالقاهرة، غير أنّ قوات الأمن نجحت في إحباط المحاولة الانتحارية على كنيسة السيدة العذراء، بمنطقة مسطرد بشبرا الخيمة، التابعة لمحافظة القليوبية، شمال مصر، وحددت الشرطة هوية الانتحاري الذي قتلته قوات الأمن أثناء محاولته الفاشلة لمهاجمة الكنيسة؛ حيث تبين أنه يدعى عمر محمد أحمد مصطفى (29 عاماً) مقيم بشارع مكة/ عين شمس وحاصل على شهادة معهد فني تجاري.

اقرأ أيضاً: الجيش المصري: القضاء على أمير تنظيم بيت المقدس الإرهابي بسيناء
وذكرت الداخلية في بيان لها؛ أنّ المعلومات كشفت "ارتباطه بعناصر إحدى الخلايا الإرهابية وتخطيطهم لتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية، التي تستهدف الإخلال بالأمن والاستقرار بالبلاد ومن بينها كنيسة السيدة العذراء، وتبين ارتباطه بـ 6 من العناصر الإرهابية الأخرى".
اعتقال أخطر العناصر المطلوبة لدى أجهزة الأمن المصرية، وهو هشام عشماوي

القبض على المقنع
شهد هذا العام حدثاً كبيراً في مجال الحرب على الإرهاب، وهو اعتقال أخطر العناصر المطلوبة لدى أجهزة الأمن المصرية، وهو هشام عشماوي، المتهم بالضلوع في تنفيذ أشد العمليات دموية، التي شهدتها البلاد منذ الــ30 من حزيران (يونيو) العام 2013.
فقد ألقت القوات المسلحة في شرقي ليبيا القبض على هشام عشماوي، ضابط الجيش المصري المفصول وأبرز المطلوبين لدى سلطات الأمن في مصر، فجر الإثنين 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2018، في عملية أمنية في مدينة درنة الليبية، وذلك حسب تصريحات المتحدث العسكري الليبي أحمد المسماري الذي قال إنّ القبض على عشماوي جرى في حيّ المغار بمدينة درنة، مشيراً إلى أنّه كان يرتدي حزاماً ناسفاً، لكنّه لم يتمكن من تفجيره "نظراً إلى سرعة تنفيذ العملية من قبل القوات المسلحة، وتطبيقهم عنصر المفاجأة"، بحسب تعبيره.

اقرأ أيضاً: الجيش المصري: القضاء على أمير تنظيم بيت المقدس الإرهابي بسيناء
وفي 25 آب (أغسطس)؛ هاجمت عناصر تابعة لتنظيم داعش في سيناء، نقطة أمنية في منطقة الخزان، بالعريش، واستشهد إثر ذلك 4 من مجندي الشرطة المصرية، وأُصيب 9 آخرون، فيما قتلت القوات 4 مسلحين، وأجبرت باقي المهاجمين على الفرار، وفق بيان وزارة الداخلية المصرية، وقال مصدر أمني:"إنّ أربعة من المهاجمين كانوا يرتدون أحزمة ناسفة ويحملون أسلحة خفيفة، على كمين الخزان الأمني بمدينة العريش، شمال سيناء".
اختفاء حسم ولواء الثورة
اعترفت ما يسمى بحركة سواعد مصر (حسم)؛ بأنّها لم تستطع القيام بعمليات إرهابية ضدّ الدولة المصرية، طيلة العام 2018؛ إذ قالت في بيان لها، أصدرته خلال هذا العام: إنّ آخر عملياتها كانت في 30 أيلول (سبتمبر) العام 2017، حيث زعمت الحركة أنّها استهدفت سفارة ميانمار، بعبوة ناسفة، وهو ما نفته السلطات المصرية حينها، "ودخلت بعدها في طور من الهدوء، بلا تنفيذ للعمليات"، وفق نصّ البيان.

اقرأ أيضاً: الجيش المصري يكشف حصاد "سيناء 2018"
وفي 5 أيلول (سبتمبر)؛ ظهر المتحدث باسم "حسم"، ويدعى خالد سيف الدين (مسمّى حركي)، ليعترف بأنّ الحركة تعرضت لضربات أمنية تسبّبت في تعطل عملياتها، كما نفى سيف الدين علاقة الحركة بجماعة الإخوان المسلمين، كاشفاً، في الوقت ذاته، خلافات جذرية وعقيدية مع تنظيم داعش في سيناء.
كما أصدرت الحركة، الشهر الماضي، فيديو حمل عنوان "الكمين القاتل"، ادّعت فيه معرفتها بكواليس عملية الواحات التي جرت في 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2017، وراح ضحيتها 16 ضابطاً من قيادات الأمن الوطني والعمليات الخاصة، ونفذها تنظيم المرابطون، بما فسره عدد من المراقبين بمحاولة إعطاء الحركة إشارة إلى صلاتها بتنظيم أنصار الإسلام، الموالي لتنظيم القاعدة، والذي يقوده هشام عشماوي ورفيقه عماد عبد الحميد.

استمرت خلايا تنظيم داعش خارج سيناء في استراتيجيتها باستهداف الأقباط هذا العام

أما تنظيم "لواء الثورة"، الذي أعلن عن وجوده بعملية اغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي إسماعيل، أمام منزله بالقاهرة في 22 تشرين الأول (أكتوبر) العام 2016، فلم ينفذ سوى عملية واحدة في العام 2017، وهي تفجير دراجة نارية أمام مركز تدريب للشرطة بطنطا، شمال القاهرة، أسفر عن مصرع شرطي واحد وإصابة 15 آخرين، في الأول من نيسان (أبريل) من العام نفسه، فيما أعلن في 11 آذار (مارس) 2016، مقتل أربعة من عناصر الحركة، خلال عمليات تبادل إطلاق مع قوات الأمن، وكان التنظيم أعلن عن "عملية نوعية" في العام 2016، وهي استهداف كمين "العجيزي" بمحافظة المنوفية (شمال القاهرة)، وذلك في نهاية آب (أغسطس) من العام نفسه.
أما في العام 2018؛ فقد اختفت عمليات التنظيم، كما اختفت بياناته، بعد تلقيه ضرباته أمنية موجعة، قضت على الغالبية العظمي من قادته، وأثمرت عن اعتقال آخرين.
قطاع الأمن الوطني تمكّن من كشف مخطط لعناصر (حسم)

أسباب الانحسار
ورغم هذا الانحسار الكبير في هذه العمليات، إلا أنّ وزارة الداخلية المصرية، قد أصدرت بياناً، في اليوم الأول لإطلاق قوات إنفاذ القانون للعملية الشاملة (سيناء 2018)، في 9 شباط (فبراير) الماضي؛ التي تعدّ الأكبر في تاريخ المواجهات العسكرية والأمنية المصرية مع الإرهاب، قالت فيه: إنّ "قطاع الأمن الوطني تمكّن من كشف مخطط لعناصر (حسم)، أحد الأجنحة المسلحة لجماعة الإخوان لتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية المتزامنة، تستهدف المنشآت السياحية والمرافق الحيوية والقوات المسلحة والشرطة".

اقرأ أيضاً: استهداف الأقباط في مصر .. تاريخ موجز للعقاب السياسي
لم تكن هذه الضربة الأولى التي توجهها الأجهزة الأمنية المصرية لتلك الحركة؛ فقد استهدفتها بضربات عديدة في العامين الماضيين، وهو ما رآه خبراء مؤشراً بجلاء على مدى ضعف تلك التنظيمات، وافتقادها للخبرة المتراكمة لدى نظيراتها المتفرعة من تنظيمي داعش والقاعدة.
في 9 شباط (فبراير) 2018، أعلنت الداخلية المصرية القبض على 14 من حركة حسم، وتصفية 3 آخرين؛ حيث ذكرت في بيانها؛ أنّ تلك المجموعات "خططت لتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية، خلال الفترة المواكبة لبدء إجراءات الانتخابات الرئاسية؛ لإحداث حالة من عدم الاستقرار بالدولة".

اقرأ أيضاً: 10 محطات شكلت موقف الجماعة الإسلامية في مصر من العنف
تستخدم تلك التنظيمات إستراتيجية الكمون لفترات طويلة في بعض الأوقات، لأسباب عديدة ومختلفة، منها إشعار عدوها بأنه انتصر بالفعل، كي تفاجئه مرة أخرى بضربات أكثر شراسة وقوة، وهو ما تحدث عنه أبو مصعب الثوري، المنظِّر السلفي الجهادي، في كتاب "المقاومة الإسلامية العالمية"، الذي تأثرت بكتاباته الجماعات الإرهابية بكافة فصائلها وتنوعاتها.

اقرأ أيضاً: الأمن المصري يردّ على هجوم أقباط المنيا
ويبدو أنّ تنظيم الإخوان أصدر تكليفات لقادة تلك التنظيمات بالكفّ عن العمليات الإرهابية التي لم تحقق أهدافها؛ بل دفع التنظيم كلفتها دون الحصول على مكاسب سياسية جرّاء تلك العمليات، وهو ما أدّى لانشطارات داخل التنظيمات بين جبهات انصاعت لقرار التنظيم، وجبهات أخرى تمردت على تلك القرارات، وقرّرت الاستمرار في عملياتها بعد محاولة توفير أوجه أخرى للتمويل، وهو ما يدعمه حوار المتحدث باسم "حسم" الذي أبدى احترامه للجماعة وفكرها، إلا أنّه عاد ليؤكد عدم تبعيته تنظيمياً لقادتها.

الصفحة الرئيسية