النظام الإيراني يتصدّع على وقع الاحتجاجات.. فهل يسقط في المدى القريب؟

إيران

النظام الإيراني يتصدّع على وقع الاحتجاجات.. فهل يسقط في المدى القريب؟


10/01/2019

لاتزال حالة الحراك الشعبي والاحتجاجات في إيران، المستمرة منذ نهاية العام 2017، تطوّق النظام في طهران، وتضع مستقبله السياسي أمام سيناريوهات عديدة، بينما ترتفع حدة الغضب بالشارع، وتتزايد رقعته الجغرافية، منذ اندلعت أول مظاهرة في مدينة مشهد، والتي تعد ثاني أكبر المدن الإيرانية بعد العاصمة طهران، كما سادت هتافات مناوئة للنظام وسياسياته، وتهاجم الرئيس الإيراني، حسن روحاني، والتي كان من بينها: "الموت للديكتاتور.. الموت لروحاني".

الغضب يجتاح الجميع في إيران

وفي العام الثاني من الاحتجاجات، وبينما الأسباب التي وقعت على إثرها المظاهرات؛ من فساد وسوء الأحوال الاقتصادية والقمع الأمني، تدخل في فصول أكثر تعقيداً وسوءاً، خاصة، بعد تطبيق الإدارة الأمريكية حزمة العقوبات الاقتصادية على إيران، سواء الأولى أو الثانية، وتراجع قيمة العملة المحلية، فأدت إلى جذب عناصر جديدة في موجة الاحتجاجات، وانضمام فئات عديدة، من بينهم العمال، والمعلمين، وطلبة الجامعات والفلاحين، ناهيك عن القوميات المهمشة، كمثل البلوش، وبعض عناصر المعارضة التقليدية.

اقرأ أيضاً: هل ستنضج إيران؟

وفي مطلع العام الحالي، اندلعت احتجاجات طلابية، في جامعة آزاد، في العاصمة الإيرانية، طهران، وتحولت إلى مظاهرات عارمة مناهضة للنظام، استمرت لعدة أيام، بسبب انقلاب حافلة، أودت بحياة عشرة طلاب، واتهم طلاب الجامعة النظام الإيراني بمسؤوليته عن الواقعة، نظراً لما وصفوه بـ "التقصير في حياة الطلاب وعدم تحديث أسطول النقل المتهالك"، كما طالبوا بإقالة المسؤولين المتسببين مباشرة في الحادث، ومن بينهم رئيس الجامعة، وهو علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي خامنئي.

الصياد: أهم مظاهر الضعف في حركة المعارضة أنها بلا قيادة هرمية

وانضم إلى الاحتجاجات التي استمرت لعدة أيام، الكثير من الإيرانيين الذين هتفوا: "الموت لجمهورية الملالي"، بعدما أظهرت مقاطع بثتها حسابات لعناصر المعارضة، عبر منصات التواصل الاجتماعي، انتشاراً مكثفاً لقوات الأمن الإيرانية، بهدف منع المتظاهرين من التجمع في ساحة "انقلاب"، وسط العاصمة، والتعدي عليهم، ومحاولة اعتقال بعضهم.

مشهد واحد في دفتر يوميات طهران

بيد أن الأعباء الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى التعاطي الأمني، الذي يمارسه النظام القمعي، ضد الغضب الشعبي في طهران، بات هو المشهد الرئيس الذي يتحكم في مفاصل الحياة اليومية بطهران، حيث لا تتوقف سلسلة الإضرابات والاحتجاجات الشعبية والفئوية والنقابية، وذلك على كافة أطياف وفئات المجتمع الإيراني، كمثل ما جرى مع المعلمين، وأعضاء السلك التربوي المتقاعدين، الذين نظموا في مطلع العام الحالي 2019، أمام مقر البرلمان، في وسط طهران، مظاهرة طالبوا فيها بسداد مرتباتهم، والتي تعجز الحكومة عن دفعها منذ عدة أشهر، بحجة العجز في الميزانية.

ثمة ضعف عام في بنية الحركة المعارضة الجماهيرية في إيران وأهم مظاهر هذا الضعف أنها بلا قيادة هرمية

وبحسب تقرير أعلنت عنه منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، رصدت خلاله حالة الاحتجاجات في إيران، خلال كانون الأول (ديسمبر) العام 2018، فقد شهدت المدن الإيرانية أكثر من 529 حركة احتجاجية، وذلك في أكثر من 103 مدينة، كما انخرطت في أحداثها شرائح متفاوتة من المجتمع الإيراني؛ أي ما يعادل أكثر من 17حركة احتجاجية يومياً، من جانب المواطنين ضد النظام داخل البلاد.

ويضيف التقرير، بأنه في العاصمة طهران أقيمت على الأقل أربعة تجمعات احتجاجية، أمام مجلس شورى النظام الإيراني، ومختلف دوائر النظام، منذ مطلع العام الحالي، وشهدت مدينة أصفهان أصفهان تجمع مزارعي ورزنة للتظاهر.

ومن جانبها، نفذت السلطات الإيرانية 25 حكماً بالإعدام في مختلف مدن البلاد، في كانون الأول (ديسمبر) 2017، بينما تراوحت الفئة العمرية للأشخاص الذين نُفذت بحقهم الإعدامات من 20 إلى 60 عاماً.

مجازر ضد الإنسانية تورط فيها نظام الملالي

وتشير منظمة العفو الدولية، في تقرير صادر عنها بعنوان: "أسرار ملطخة بالدماء لماذا لا تزال مجازر السجون الإيرانية في 1988 جرائم مستمرة ضد الإنسانية؟"، إلى أنّ السلطات الإيرانية تستمر في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، فيما أوصى التقرير الأمم المتحدة بإجراء تحقيق مستقل، في حالات الاختفاء القسري الجماعية، وعمليات القتل خارج نطاق القانون، والتي مرت من دون عقاب على مدى ثلاثة عقود.

تؤكد المنظمة أنّ السلطات الإيرانية ترفض حتى اليوم الاعتراف بعمليات القتل الجماعي

وبحسب فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد، في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالمنظمة الدولية، المهتمة بحقوق الإنسان، فإنّ وقائع القتل والاختفاء القسري، وغيرها من الجرائم التي تم رصدها، وكشف عنها هذا التقرير هي جزء من ماضي النظام الإيراني، التي ماتزال مستمرة، ومايزال النظام، بدوره، يواجهها بالإنكار على مدار 30 عاماً، سواء في الداخل أو على المستوى الدولي، رغم أنها أخفت قسرياً وقتلت الآلاف من المعارضين السياسيين، بصورة ممنهجة، في غضون أسابيع، بين أواخر تموز (يوليو) وأوائل أيلول (سبتمبر) العام 1988، بحسب العفو الدولية.

أوصى تقرير الأمم المتحدة بإجراء تحقيق مستقل في حالات الاختفاء القسري الجماعية وعمليات القتل خارج نطاق القانون في إيران

وتؤكد المنظمة أنّ السلطات الإيرانية "ترفض حتى اليوم الاعتراف بعمليات القتل الجماعي، وإبلاغ ذوي الضحايا متى وكيف ولماذا قتل أبناؤهم؟ وتحديد هوية جثثهم وإعادتها"، ما يعني أنّ "حالات الاختفاء القسري مستمرة حتى اليوم. وقد تسبب ذلك في معاناة أليمة لعائلات الضحايا. وإلى أن تصرح السلطات الإيرانية بالحقيقة، وتعلن علانية عن مصير ومكان وجود الضحايا؛ فإنّ هذه الجرائم ضد الإنسانية ستستمر".

فهل يسقط النظام الإيراني في ضوء هذه المعطيات التي تزداد وتيرتها يوماً بعد يوم؟ يجيب عن هذا السؤال محمد الصياد، الباحث المتخصص في الشأن الإيراني؛ حيث يرى بأنه من الصعب الجزم بأنّ تلك المظاهرات والاحتجاجات المستمرة، منذ نهاية العام قبل الماضي، ستؤدي إلى سقوط النظام الإيراني على المدييْن القريب والمتوسط، "ولكنها لا شك ربما تؤدي إلى تعديل سلوكه نوعاً ما، وتؤدي على المدى البعيد إلى تكوين حواضن شعبية صلبة ضده، وتساهم في تآكل شعبية النظام. والأهم من ذلك أنها أسقطت قدسيته ورمزيته الدينية والاجتماعية".

اقرأ أيضاً: إدانة جديدة لإيران

ويعرب الصياد لـ "حفريات" عن اعتقاده بأنّ ثمة ضعفاً عاماً في بنية الحركة المعارضة الجماهيرية، "وأهم مظاهر هذا الضعف أنها بلا قيادة هرمية، ومن ثم فعوامل الديمومة والاستمرار، وتوحيد المطالب والأهداف، فضلاً عن الاتفاق على الخطط والإستراتيجيات غير موجود؛ بسبب أنّ الإصلاحيين وهم أهم فصيل معارض للمحافظين، يفضلون دوماً التغيير من داخل دولاب الدولة، ومن داخل المؤسسات، ولا يؤمنون بالثورة أو الإطاحة العنيفة بالنظام"، علاوة على تشابك مصالحهم الخاصة مع هذا النظام. أما المعارضة الأخرى "فليس لها وجود قيادي على الأرض، إذ إنّ النظام لا يسمح بأي كيان لا ينطلق من وعاء الإيمان بولاية الفقيه".

انضم للاحتجاجات الكثير من الإيرانيين الذين هتفوا: الموت لجمهورية الملالي


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية