إياكم وحرباء حركة النهضة

إياكم وحرباء حركة النهضة


13/01/2019

فاروق يوسف

حركة النهضة في تونس تشبه زعيمها راشد الغنوشي من جهة كونها حرباء تتمكن من الافلات حين لحظة اصطيادها. تلك فكرتها عن نفسها وهي الفكرة التي صدقها الآخرون بالرغم من أنها قد لا تكون متقنة حين التنفيذ.

فالعصر الذي تحاول النهضة التأقلم معه من خلال ألعابها المبتذلة الصغيرة قد سبقها بتقنياته بما يجعل من تقلباتها المموهة أمرا صعب الاقناع.

هناك اليوم رصد ذكي ودقيق وثابت لكل ما يقع على سطح الكرة الأرضية من أحداث. عملية الإنكار لا يمكن أن تنفع أمام سيل الوثائق الصورية والكتابية التي يمكن العثور عليها بطريقة ميسرة ومن قبل أصغر الناس.

لا يتعلق الامر بحرب داحس والغبراء ولا بسقيفة بني ساعدة ولا بحرب الجمل. في إمكان حركة النهضة أن تُستفتى في شأن غزوة القيروان مثلا. وهو ما يجب أن تتعرض بسببه للمساءلة القانونية.

أية مراجعة للهزات التي تتعرض لها المجتمع التونسي في السنوات الثمان الأخيرة لا بد أن تكشف أن للنهضة الحصة الأكبر من الأسباب.  

ولأن حركة النهضة تسعى لاستعادة الحكم المطلق في تونس فإنها شديدة الحذر في النظر إلى المزاج الشعبي التونسي. لعبة ليس الغرض منها إرضاء التونسيين وحدهم بل وأيضا من أجل الظهور عربيا وعالميا كما لو أنها تخلت عن جذورها الاخوانية وصارت تؤمن بما توصل إليه المحيط العربي من حقائق، هي النقيض لما تمنى الاخوان حدوثه.

تحاول حركة النهضة من خلال موقفها الحرباوي الجديد من المسألة السورية أن تكسب تعاطف الدول العربية التي صارت تميل إلى انهاء مقاطعتها للحكومة السورية ورد الاعتبار إلى سوريا باعتبارها دولة مؤسسة للجامعة العربية.

ذلك ما يمكن اعتباره مغالاة غبية في ذكاء أبله من قبل الغنوشي.

فحركة النهضة وهي فرع من جماعة الاخوان المسلمين كانت قد نذرت نفسها للجهاد في سوريا. ولم تكن فكرة "الجهاد في سوريا" إلا تعبيرا عن نزعتها المضادة للوطنية. وهو ما يمكن تفهمه في عودة إلى منطلقاتها النظرية. ذلك لأنها حركة إسلامية لا تؤمن بالأوطان ولا بالدول ولا بالحكومات.

تونس بالنسبة للحركة وسيلة وليست غاية.

في سنوات مضت لعبت الحركة دورا قذرا في توريط الاف الشباب التونسيين في الحرب في سوريا، رغبة منها في المساهمة في وصول جماعة الاخوان ممثلة بالجماعات الدينية المتطرفة إلى الحكم هناك.

وها هو المشروع الاخواني يصل إلى نهايته المغلقة على الخراب ولم تنل تونس من جرائه إلا وصمة عار ستظل تلاحق سمعتها بعد أن ارتبط جهاد النكاح بعدد من النساء اللواتي صدرتهن حركة النهضة إلى سوريا. وهو ما يمكن أن يدخل في باب التكهن، بسبب غياب الجهة المحايدة التي تؤكد أو تنفي وقوع ما يؤكد وقوع تلك الجريمة.

غير أن ما جرى في سوريا من فوضى يسمح بوقوع كل شيء ومن ثم تصديقه. ولأن حركة النهضة كانت قد زجت بتونس في ذلك الجحيم فقد كان لزاما أن يلحق بتونس الكثير من الضرر.

الغنوشي وحركته يحاولان اليوم أن يقلبا المشهد من خلال أداء دور جديد، مختلف عن دورهما القديم، بحيث يبدوان كما لو أنهما صارا داعيتي سلام وأخوة. 

وهكذا تطل حرباء النهضة على الشعب التونسي بمظهرها الجديد الذي تحاول من خلاله أن تنسيه مظهرها القديم، الذي ساهمت من خلاله في إذكاء نار الحرب في سوريا، منسجمة في ذلك مع موقعها في جماعة الاخوان.

في حالة من ذلك النوع لا يكفي الحذر.

فحركة النهضة التي تتطلع على الحكم هدفا مقدسا لها ستظل تناور وتغير مواقعها بين النقائض من أجل أن لا تقع في فخ ما تقول وما تفعل. وهو ما يستلزم التشديد على التعريف بها، كونها فرعا من فروع جماعة الاخوان المسلمين التي لا يهمها وطن ولا دولة ولا مجتمع بقدر ما يهمها الاستيلاء على الحكم لتضع كل شيء بين يدي المرشد.

عن "ميدل إيست أونلاين"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية