غزة.. مبادرات شبابية تسعى لتخفيف قسوة الحصار خارج حسابات السياسة

فلسطين

غزة.. مبادرات شبابية تسعى لتخفيف قسوة الحصار خارج حسابات السياسة


03/02/2019

12 عاماً من حصار مطبق خلّف أزمات مأساوية متراكمة، طالت كافة شرائح المجتمع في قطاع غزة، تزامنت مع ارتفاع سريع لمعدلات الفقر والبطالة، والتي نتج عنها سوء الأمن الغذائي للفقراء الذين بالكاد يتمكنون من تحصيل قوت يومهم، بعد أن فقد آلاف العمال مصدر دخلهم وحُرمت أسرهم من لقمة العيش.

بادر شباب غزيون لإطلاق مبادرات إغاثية بعيداً عن العمل الحزبي أو الدعم الخارجي

أخذت تلك المعدلات في الارتفاع، ما فاقم من حجم المعاناة لما يزيد على مليوني مواطن يعيشون في أكثف بقعة سكانية في العالم، وأمام هذا الواقع المرير، لم يقف شباب قطاع غزة مكتوفي الأيدي، عاملين بالمثل القائل: "لا يحك جلدك إلا ظفرك"، فأخذوا على عاتقهم تلمّس احتياجات الفقراء والمحتاجين، وتأمين ما يحتاجون إليه من مأكل ومشرب وملبس، وكذلك توفير متطلبات العيش الكريم داخل منازلهم، وفق استطاعتهم.
فخلال الأعوام الأخيرة، برز دور فئة الشباب بشكل فعال، بعيداً عن العمل الحزبي أو الدعم الخارجي المرتبط بأجندة سياسية، من خلال تأسيس وإطلاق مبادرات إغاثية، كانوا هم أصحاب فكرتها، والمنفذين لها.
هم أصحاب فكرتها، والمنفذون لها

دعم ذاتي
"منا وفينا"، واحدة من بين عشرات المبادرات الشبابية الإغاثية الخيرية، التي يقودها عدد من الشباب المتطوع، الذين قرروا تولي زمام المبادرة لاستنقاذ المواطنين الغارقين في الفقر المدقع، والتي تركز جميع أنشطتها في مجال العمل الإغاثي والإنساني، ومشاركة المجتمع في فعاليته، إضافة إلى تفعيل دور الشباب تجاه أبناء شعبهم وقضيتهم.

حملة "منا وفينا" واحدة من بين عشرات المبادرات الشبابية الإغاثية الخيرية التي يقودها عدد من الشباب المتطوع

مؤسس مبادرة "منا وفينا"، الصحفي علاء الحلو، يقول عن بداية الفكرة وآلية عملها: "المبادرة، التي أقودها أنا وعدد من الشباب والشابات المتطوعين، تركز عملها على تجميع الملابس والأغطية والفرش ومستلزمات البيت الجديدة وشبه الجديدة، لإعادة توزيعها على الأسر الفقيرة والمعوزة والمحتاجة، وتحديداً في المناطق المهمشة من شمال قطاع غزة حتى جنوبه".

اقرأ أيضاً: إذاعة "المنسق".. أحدث وسائل الكيان الصهيوني الإعلامية على الساحة الفلسطينية
وجاءت فكرة "منا فينا"، بحسب ما صرّح الحلو لـ"حفريات"، نتيجة احتكاكه المباشر خلال عمله الصحفي، مع عدد كبير من الأسر الفقيرة؛ ممن يجدون حتى جدراناً تسترهم، في ظل ظروف اقتصادية وإنسانية غاية في الصعوبة.
 تركز عملها على تجميع الملابس والأغطية والفرش ومستلزمات البيت الجديدة وشبه الجديدة

استهداف المناطق المهمَّشة
ويتابع الحلو: "ركزنا على المناطق الأكثر حاجة، والتي تفتقر لأيّ اهتمام، سواء على الصعيد المؤسساتي أو الحكومي الرسمي، وقد نجحنا في ذلك من خلال الدعم الذاتي من أفراد الحملة، وعدد من الأصدقاء؛ إذ عرّفنا عن المبادرة وأهدافها وخطتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ما دفع عدداً من الأصدقاء من غزة والضفة لمساندتنا بالملابس والفرش والأساسيات اللازمة لإنجاز الفكرة وتحقيقها، وفق المبدأ الذي وضعت من أجله".

فريق نور مبادرة شبابية أسستها فتاة برفقة عدد من الشباب المبادرين لمساعدة الفقراء والمحتاجين بغزة

ويشير الحلو إلى أنّ الحملة، استهدفت خلال الشهر الماضي 150 عائلة فقيرة في مخيمات اللاجئين، والمناطق المهمّشة، وهي؛ مخيمات جباليا والشاطئ والنصيرات، ومناطق منطقة بير النعجة والسكنة والمغراقة، والتي تعد مناطق نائية، إضافة إلى حيّ خزاعة الواقع على الحدود الشرقية لقطاع غزة.
ويؤكّد مؤسس حملة "منا وفينا"، حاجة وتعطش المواطنين، خاصة الفقراء، لمثل هذه المبادرات الشبابية الإغاثية، في ظلّ الخدمات المحدودة للمؤسسات الإغاثية المحلية.
ويشير إلى أنّ المبادرات الشبابية، هي مجرد محاولة للتخفيف عن آلام المواطنين، وإشعارهم أنّ هناك من يتلمّس احتياجاتهم، لافتاً إلى أنّ تلك المبادرات تحتاج إلى تكاتف الجهود الرسمية والمؤسساتية، لإنهاء معاناة المواطنين جذرياً، وتحديداً في المناطق المهمشة.

اقرأ أيضاً: ما الذي يدفع مسيحيي غزة إلى هجرة أراضيهم؟
ويلفت إلى أنّهم يساعدون بعض الأسر التي طردت من منازلها لعدم تمكنها من دفع الإيجار، وبقوا بالشارع دون مأوى، فيتم توفير مسكن، ولو كان بشکل مؤقت ليعيشوا حياة كريمة ولو في حدها الأدنى.
تأمين الأدوية التي لا يستطيع بعض المرضى تحمل تكاليفها

عمل تطوعي
الشاب أديب عبد الحليم، منسق ميداني في الحملة، يعمل متطوعاً لإغاثة الفقراء، وتلمّس احتياجاتهم، فهو يقضي ساعات طويلة في الأيام المحددة للتجول الميداني، وتقديم المساعدات دون أيّ مقابل مادي يحصل عليه.

اقرأ أيضاً: هل فشل الإسلام السياسي في غزة.. ولماذا؟
يقول عبد الحليم لـ"حفريات": "منذ أن طُرحت فكرة حملة "منا فينا"؛ بادرت أنا وخمسة شبان وشابات للانضمام إليها، وقد نجحنا في حشد عدد كبير من الأصدقاء المتطوعين والداعمين لنا، والذين قدموا لنا الكثير من المستلزمات التي قدمت للفقراء".
ويضيف "أشعر بسعادة كبيرة عندما أغادر منزلي منذ ساعات الصباح حتى المغيب، وأنا أتجول بين المناطق المنسية ومخيمات اللاجئين، لتلمّس احتياجات الفقراء، ورسم الابتسامة على وجوه الأطفال".
ويتمنى الشاب عبد الحليم أن تتسع رقعة عمل حملتهم لتصل إلى كافة مناطق القطاع، وإغاثة كل الفقراء، وأن تشتمل المساعدات التي يقدمونها كافة ما يحتاجون إليه.
ليست حكراً على الذكور
فريق نور الشبابي، مبادرة شبابية أخری أسستها فتاة برفقة عدد من الشباب المبادرين، لمساعدة الفقراء والمحتاجين، وتأمين ما يفتقرون اليه، إضافة إلی زيارة مراكز إيواء المسنين والأيتام في كافة مناطق القطاع.

نور: لا نتلقى دعماً من أيّة جهة حكومية أو مدنية ونعتمد على أنفسنا وأصدقائنا وأهل الخير

وتوضح مسؤولة فريق نور الشبابي، نور عبد العاطي (28 عاماً)، أنّ الهدف الأساسي للحملة هو "مساعدة العائلات الفقيرة والفئات المهمّشة، وقضاء حوائجها، إضافة إلى كبار السنّ، والعاطلين عن العمل، وجميع الفئات التي لا تصلها المؤسسة الحكومية وغير الحكومية".
وتوضح عبد العاطي لـ"حفريات" آلية عمل حملة الفريق، حيث تقول: "نبحث عن الفقراء في قطاع غزة عبر فريقنا المنتشر في كلّ مكان، خاصة المناطق المهمشة والنائية، وزيارة العجزة ومعهد الأيتام، وتتمثّل مهمتنا في تقديم يد العون لهم، ورسم البسمة على وجوههم".
وتضيف "نركز على الاحتياجات الضرورية للأسر المستفيدة، خاصة تلك المتعلقة بتأمين لقمة العيش لهم، والأدوية التي لا يستطيع بعض المرضى تحمل تكاليفها، وتوفير ملابس للأيتام والعجزة الذين لا يوجد لهم معيل، ويقيمون في دار المسنين".

اقرأ أيضاً: غزة: هل سلب الإنترنت الأجيال الجديدة صحبة الكتاب؟
وتوضح مؤسسة فريق نور الشبابي؛ أنّ هناك مشكلات كثيرة تواجه العمل التطوعي، سيما في الوضع الاقتصادي والأمني والاجتماعي في قطاع غزة، ويتمثل ذلك، كما تقول، بضرورة أخذ التراخيص اللازمة لكل فعالية أو زيارة يقوم بها الفريق، فضلاً عن وجود مشكلات تواجه المتطوع نفسه في كيفية خروجه للشارع بمسمى متطوع، وكيفية تغيير وجهة نظر الناس وعقليتهم للتطوع، سيما في المجال الإنساني والاجتماعي البحت.
وتنوه عبد العاطي إلى أنّهم لا يتلقون الدعم من أيّة جهة حكومية أو مدنية، وأن كافة المبادرات التي ينفذها الفريق من مالهم الخاص، ومساعدة بعض الأصدقاء وأهل الخير.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية