بابا الفاتيكان: الإمارات حوّلتْ الصحراء إلى مكان مزدهر ولقاء بين الثقافات والديانات

الإمارات

بابا الفاتيكان: الإمارات حوّلتْ الصحراء إلى مكان مزدهر ولقاء بين الثقافات والديانات


05/02/2019

أكد بابا الكنيسة الكاثوليكية، البابا فرنسيس، أنّ "دولة الإمارات، بفضلِ بُعد النظر والحكمة، تمكنتْ خلال سنوات قليلة من تحويل الصحراء إلى مكان مزدهر ومضياف، وصارت مكاناً للقاء بين الثقافات والديانات". من جانبه، أشاد شيخ الأزهر الشريف، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بدعمِ الإمارات "كلّ الأفكار الخيّرة، وعلى ما تبذله من جهدٍ وافرٍ من أجل ترسيخ قيم التسامح والتعايش".

تهدف "وثيقة الأخوّة الإنسانية" لتعزيز العلاقات الإنسانية واحترام الاختلاف وبناء جسور التواصل بين الشعوب إلى جانب التصدي للتطرف وسلبياته

جاء ذلك خلال زيارة الزعيمين الدينييْن دولة الإمارات؛ حيث وقّعا أمس "وثيقة الأخوة الإنسانية" بين الفاتيكان والأزهر، برعاية قادة الإمارات، وحضور أكثر من 400 من قيادات وممثلي الأديان، وشخصيات ثقافية وفكرية من مختلف دول العالم.
وتهدف "وثيقة الأخوّة الإنسانية" إلى تعزيز العلاقات الإنسانية، واحترام الاختلاف، وبناء جسور التواصل والتآلف والمحبة بين الشعوب، إلى جانب التصدي للتطرف وسلبياته.
وقال البابا فرنسيس، في كلمة ألقاها خلال اجتماع "الأخوة الإنسانية" في أبوظبي أمس، إنّ "هذا البلد الذي تُعانق فيه الرمالُ ناطحاتِ السحاب يبقى تقاطعاً مهمّاً بين الشرق والغرب، بين شمال الأرض وجنوبها... يبقى مكاناً للنمو؛ حيث الفسحات التي لم تكن مأهولة في السابق تُقدّم اليوم فرصَ عملٍ لأشخاصٍ من أمم مختلفة. لقد أزهرت الصحراء هنا، ليس فقط لأيام قليلة في السنة، إنما لسنوات كثيرة في المستقبل".

اقرأ أيضاً: البابا في الإمارات... عقل مفتوح وقلب مؤمن
وتابع بابا الكنيسة الكاثوليكية: "أرغب في التعبير عن تقديري لالتزام هذا البلد في الموافقة على حرية العبادة وضمانها، مواجِهاً التطرف والكراهية بهذه الطريقة".
وأعرب البابا فرنسيس عن سروره بأنّ أول منتدى دولي للتحالف بين الأديان من أجل مجتمعات أكثر أماناً حول مسألة كرامة الطفل في العصر الرقمي قد عُقد في أبوظبي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مشيراً إلى أنّ "هذا الحدث استأنف الرسالة التي أطلقت قبل عام في روما في المؤتمر الدولي حول الموضوع نفسه، والذي قدّمتُ له دعمي وتشجيعي الكاملين".
وقّعا "وثيقة الأخوة الإنسانية" بين الفاتيكان والأزهر، برعاية قادة الإمارات

شيخ الأزهر يؤكد الجوهر الإنساني للأديان
من جانبه، أعرب شيخ الأزهر، الإمام أحمد الطيب، عن تقديره لما شهدته جلسات وورش عمل الاجتماع من مناقشات ثرية وأفكار إيجابية، تستهدف تأكيد الجوهر الإنساني للأديان، وما تتضمنه تعاليمها من قيم أخلاقية رفيعة ومبادئ سامية، ترسم الطريق لخير الإنسان وسعادته، وتفتح الأبواب على مصراعيها للسلام والتعايش والتسامح بين البشر، على اختلاف أديانهم وثقافاتهم.

اقرأ أيضاً: البابا والطيب يضربان المثل في التعايش والتسامح
وشدد فضيلته على الدور المحوري والمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق القيادات الدينية؛ "كي يصنعوا فيما بينهم نموذجاً وقدوة للسلام والمحبة التي ينبغي أن تسود بين أتباعهم، وأن يعملوا بجهد من أجل تشييد جسور الحوار والتعاون مع الآخرين، وهو ما يتطلب مواجهة شجاعة مع أصحاب الأفكار الانعزالية، سواء من يتطرفون في فهم تعاليم الأديان، أو من يسعون لتنحية الدين كلية عن حياة البشر وتعاملاتهم".
وأوضح فضيلته أنّ "استضافة دولة الإمارات العربية الشقيقة لهذا المؤتمر المهم، يؤكد العزم الصادق لهذا البلد الطيب في دعم كل الأفكار الخيرة، وعلى ما تبذله من جهد وافر من أجل ترسيخ قيم التسامح والتعايش، وهو أمر نحييه ونشيد به".
مواطنون... لا أقلية
ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن شيخ الأزهر دعوته المسلمين في الشرق الأوسط إلى "احتضان" الطوائف المسيحية في دولهم. وقال مخاطباً المسلمين من العاصمة الإماراتية أبوظبي "استمِرّوا في احتضان إخوانكم من المواطنين المسيحيين في كل مكان.. فهم شركاؤنا في الوطن". ثم وجّه حديثه للمسيحيين قائلًا "أنتم جزء من هذه الأمة، وأنتم مواطنون ولستم أقلية، وأرجوكم أن تتخلصوا من ثقافة مصطلح الأقلية الكريه، فأنتم مواطنون كاملو الحقوق والمسؤوليات". ودعا شيخ الأزهر كذلك المسلمين في الغرب إلى الاندماج في دولهم المضيفة واحترام القوانين المحلية.
يأتي قبول البابا فرنسيس لجائزة "الأخوة الإنسانية من دار زايد" ترجمة لأهمية هذه الجائزة

جائزة الإخوة الإنسانية
إلى ذلك، أعلن نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في كلمة له خلال مراسم التوقيع، التي جرت في صرح زايد المؤسس في أبوظبي ــ عن إطلاق الإمارات "جائزة الأخوة الإنسانية - من دار زايد"؛ التي ستكرّم في كل دورة منها شخصيات ومؤسسات عالمية بذلت جهوداً صادقة في تقريب الناس من بعضها البعض.

شيخ الأزهر: على القيادات الدينية عاتق صناعة نموذج وقدوة للسلام والمحبة التي ينبغي أن تسود بين أتباعهم

وقال: "نتشرف في دولة الإمارات بمنح الجائزة في دورتها الأولى لقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف لجهودهما المباركة في نشر السلام في العالم". وأكد "أنّ لقاء الأخوة الإنسانية هذا.. دليل على أهمية رعاية التعددية والحوار بين أتباع الأديان في المجتمعات كافة.. واليوم نحتفي معاً بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التي نسعد أن تكون دولة الإمارات حاضنة لها".
من جهته، قال ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عبر حسابه الرسمي على "تويتر"، مساء أمس: "شهدت وأخي محمد بن راشد توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية بين قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الشيخ أحمد الطيب، وثيقة تترجم تطلعاتنا في ترسيخ قيم التسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والثقافات".
دلالات خاصة
وذكرت "وكالة الأنباء الإماراتية" (وام) أنّ فوز شيخ الأزهر الشريف بهذه الجائزة في دورتها الأولى مع البابا فرنسيس "يحمل دلالات خاصة؛ إذْ يُسجل لفضيلته مواقف عديدة بدفاعه الثابت عن الوسطية والاعتدال وعالمية القيم، ورفضه المطلق للغلو والتشدد، وهو الحريص دوماً في رسائله ومحاضراته وخطبه وحواراته وجولاته حول العالم على تأكيد الرسالة المشتركة للأديان التي تدعو إلى سعة التعايش، بعيداً عن الكراهية ونبذ الآخر، والتعارف بديلاً عن مصارع الانغلاق، وحسن الجوار واحترام الحقوق وقبول الاختلاف نقيضاً للتباغض والإقصاء".

البابا للمسيحيين: أنتم جزء من هذه الأمة، وأرجوكم تخلصوا من ثقافة مصطلح الأقلية الكريه فأنتم مواطنون كاملو الحقوق والمسؤوليات

ويأتي قبول البابا فرنسيس لجائزة "الأخوة الإنسانية من دار زايد" ترجمة لأهمية هذه الجائزة والدور المحوري المأمول منها في نشر مبادئ التعايش السلمي إذ سبق ترشيح قداسته إلى عدة جوائز عالمية مرموقة لكنه اعتذر عن قبولها، وفق ما ذكرت وكالة "وام".
وعُرف البابا فرنسيس، بحسب صحيفة "الاتحاد" الإماراتية، بدعوته للتسامح والحوار ونبذ الخلافات، ويمتلك مسيرة مديدة كرسها عبر كتاباته وعظاته في الدعوة إلى السلام والمحبة والتآخي بين الإنسان وأخيه الإنسان؛ انطلاقاً من القيم المشتركة التي تجمع البشر، والحرص على بناء الجسور بدلاً من الحواجز والجدران.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية