معاش بن كيران.. ازدواجية الخطاب تلاحق حزب العدالة والتنمية المغربي الإسلامي

المغرب

معاش بن كيران.. ازدواجية الخطاب تلاحق حزب العدالة والتنمية المغربي الإسلامي


05/02/2019

أثار معاش رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، الذي تم إقراره الشهر الماضي، جدلاً كبيراً في المغرب؛ إذ عدّه البعض "ريعاً مالياً وازدواجية" في خطاب رئيس الحكومة السابق، بينما يرى آخرون أنّه "هبة من الملك لا يمكن رفضها"، وجاء القرار من العاهل المغربي، الملك محمد السادس، بتخصيص معاش شهري استثنائي لبنكيران، قدّر بنحو 9 آلاف دولار.

"لن أرفض أيّ شيء يأتيني من سيدنا"

في أعقاب الضجة التي أثيرت حول معاشه الاستثنائي؛ قرّر رئيس الوزراء المغربي السابق عبد الإله بنكيران الخروج عن صمته والتوضيح للرأي العام حيثيات استفادته من التقاعد المريح، وجاء ذلك في لقاء عقده مع بعض الصحفيين، بمقر إقامته بمدينة الرباط.

أثار معاش بنكيران جدلاً كبيراً في المغرب وعدّه البعض ريعاً مالياً وازدواجية في خطاب رئيس الحكومة السابق

قال الزعيم السابق لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، إنَّه لم يطلب معاشه من الملك، ولا من رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، مشيراً إلى أنّ "الملك جاد عليه بهذا المعاش بعد معرفته بالوضعية المادية المزرية التي يعيشها".

وأضاف الزعيم الإخواني الذي تولى الحكومة بين 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 و5 نيسان (أبريل) 2017 "سعدتُ بالتفاتة الملك، ولن أرفض أيّ شيء يأتيني من سيدنا، وجزاه الله خيراً". 

ودافع بنكيران عن معاشه الاستثنائي، معتبراً أنَّه "يتعرض لحملة "ممنهجة" و"مدروسة"، منذ السبعينيات، وهو يقاومها لكن هذا لم يمنعه من أن يخطئ أحياناً، ويصيب أحياناً أخرى".

 استفاد بن كيران من معاش استثنائي قُدر بنحوِ 9 آلاف دولار

انتقادات تجتاح مواقع التواصل

وكانت قد اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي تدوينات تنتقد المعاش الاستثنائي للزعيم السابق لحزب العدالة والتنمية بالمغرب؛ وبلغة ساخرة، اختار الكاتب المغربي، محمد الدكالي، التعبير عن رأيه قائلاً: "أتقدم له بالتهنئة؛ لأنّه كشف آخر غطاء عن حزب أو جماعة توظف الدين لأغراض شخصية".

اجتاحت مواقع التواصل تدوينات تنتقد المعاش الاستثنائي للزعيم السابق لحزب العدالة والتنمية بالمغرب

وأضاف الدكالي: "هنيئاً للسيد بنكيران نجاحه في وصوله إلى هدفه، ولا يهمّ ما صرح، المهم أنّه بلغ هدفه، أما باقي تفاصيل يمكن للأتباع والمريدين تبريرها".  
وتابع الكاتب المغربي: "هنيئاً له لأنّه عمل رئيس حكومة لفترة لا تتعدى خمسة أعوام، ويحصل الآن على تقاعد (شهري) يساوي تقاعدي لمدة عام، أنا الذي اشتغلت 34 عاماً".

وطالب نشطاء مغاربة على مواقعِ التواصل الاجتماعي بنكيران، بإعادة المعاش أو التبرع به للفقراء المغاربة، الذين يعيشون في ظروف صعبة، مذكّرين الزعيم السابق للإسلاميين بتصريحاته خلال حملاته الانتخابية، وكيف كان يستشهد بأحاديث نبوية ويهاجم من كان يصفهم برموز الفساد بالمغرب.

اقرأ أيضاً: ما قصة استهداف حزب العدالة والتنمية المغربي الإسلامي للكنائس؟

وفي ندوة صحفية؛ ردّ بنكيران على منتقديه قائلاً: "لن أرفض من سيدنا أيّ شيء، وهم لا يعرفونني، وكان عليهم توقير الملك، وأقول له جزاك الله خيراً".

لا للريع
وفي ذات السياق؛ أعرب الهاشمي كبدة، رئيس الجمعية المغربية، لحقوق الإنسان فرع سوس ماسة، عن استيائه من استفادة زعيم حزب العدالة والتنمية السابق من معاش استثنائي، بقوله: "بالنسبة إلينا؛ المعاش هو ضمان لحقوق مواطن أمضى فترة معينة في عمله، لكننا نرفض استفادة السياسيين من المعاش".

وأضاف الناشط الحقوقي، في حديثه لــ "حفريات": "بنكيران لم يؤدِّ مستحقات صندوق التقاعد، ومعاشه تجسيد لنظام الريع"، معتبراً أنّ خطابه كان امتطاء على المدّ الجماهيري، بهدف تحقيقه مصالح حزبه الخاصة والوصول إلى مناصب معينة".

ومن جهته، عدّ الباحث في علوم الإعلام والاتصال، عبد الله أمهاه "أنّ القطع مع سياسة الريع هو مطلب لجميع المغاربة"، مضيفاً أنّه ضرورة تمليها الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون".

اقرأ أيضاً: المغرب يفكك خلية مرتبطة بداعش.. ماذا ضبطت بحوزتها؟

وأكد الباحث في علوم الإعلام والاتصال، في تصريحه لـ"حفريات" أنّ "هذا النقاش تمليه أيضاً ضرورة تغيير النظرة المعتادة لدى الناس إزاء الأحزاب التي تمارس السياسة، خصوصاً كونهم طلاب مناصب وامتيازات، وليس باعتبارهم خداماً لقضايا الوطن عبر برامج تعكس رؤى وفلسفات وأيديولوجيات فكرية".

واستدرك أمهاه إلى أنّ تحفظه على هذا التوجه، "لا يعني بتاتاً عدم حفظ كرامة من مثّلوا يوماً مؤسسة لها قيمتها كمؤسسة رئاسة الحكومة"، ذاهباً إلى أنّ المشكل في هذا النقاش يكمن في أنّ "من يثيرونه في الغالب يفتقدون المصداقية، وتحركهم دوافع انتخابية، ومواقف "شخصانية"، أكثر مما تحركهم المبادئ".

 عبد العزيز أفتاتي: نقاش معاش بن كيران لن يفيدنا بشيء

"حملة ممنهجة"

من جهته، قال عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، عبد العزيز أفتاتي، في حديثه لـ"حفريات" إنّ "نقاش معاش عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة السابق لن يفيدنا بشيء".

مضيفاً: "بنكيران رجل استثنائي في العديد من الأمور، ويجب استحضار ما قدّمه للمغاربة، والملك يقدّره لأنّه زعيم وطني كبير، وهذا الموضوع لا يمكن نقاشه ولا علاقة له بالحزب، بل بشخص بنكيران". 

اقرأ أيضاً: المغرب يصدر مذكرة توقيف في حق الصحافي أحمد منصور

ودانت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ما وصفته "الحملة الممنهجة"، معتبرة أنّها تستهدف الأمين العام السابق للحزب، عبد الإله بنكيران.

وعبّرت الأمانة العامة لحزب "المصباح"، في بيان لها عقب اجتماعها السبت الماضي، عن تضامنها مع بنكيران.

هل ناقض بنكيران نفسه؟

وفي المقابل؛ يرى المحلل السياسي، عمر الشرقاوي، أنّ بنكيران أنهى مساره السياسي "بشكل سيئ"، وكتب في تدوينة على صفحته في فيسبوك: "حالة بنكيران بعد إحالته على المعاش، تضعنا أمام موضوع مهم للغاية، وهو تجارب الخروج السياسي للمسؤولين وانتهاء مشوارهم بعد مسار طويل".

اقرأ أيضاً: قيادية إخوانية تحرج حزب العدالة والتنمية المغربي... تفاصيل

وأضاف المحلل السياسي: "هناك العديد من الرموز الذين خرجوا من الحقل السياسي بكلّ أناقة واحترام، وحافظوا على هيبتهم، وعلى وضعهم الاعتباري كرجال دولة رغم الأخطاء التي ارتكبوها خلال مسارهم، وهناك من أنهى مساره بشكلٍ سيئ، وقضى على ماضيه وحاضره ومستقبله، مقابل معاش يصعب على الشيطان الدفاع عنه".

من جهته، اعتبر المؤرخ المغربي، معطي منجب: "أنّ كلّ إنسان عمل طيلة حياته يستحق معاشاً يتناسب مع أجرته، وأضاف أنّ من حقّ بنكيران أن يحصل على معاش، بيد أن قبوله لمعاش استثنائي، ومنحة ملكية يفقده جزءاً من مصداقيته"، معتبراً أنّ بنكيران ارتكب خطأ، سيما أنّه كان من أشد المعارضين لنظام الريع.

منجب: معاش بن كيران الاستثنائي لديه تداعيات على جميع المعارضين المعتدلين بالمغرب

ويضيف منجب، في تصريحه لـ"حفريات": "إنَّ قبول بنكيران لمعاش استثنائي تزامن مع تصريحه للمرة الأولى، بأنّه يريد ملك يسود ويحكم، وهذا ضدّ الدستور المغربي وضدّ اختيار حزبه، وضدّ اختيارات جميع الأحزاب المعارضة، وهذا في اعتقادي ما جعل الرأي العام المغربي يقارن بين تصريحاته الأخيرة واستفادته من المعاش".

وعبّر المؤرخ المغربي عن أسفه لذلك، معتبراً أنّ معاش بنكيران الاستثنائي لديه تداعيات على جميع المعارضين المعتدلين بالمغرب.

اقرأ أيضاً: من قتل السائحتين في المغرب؟

وتجدر الإشارة إلى أنّ معاش الزعيم السابق لحزب العدالة والتنمية الاستثنائي، ليس أول ملف "مالي" يثير الجدل حول الحزب؛ إذ كانت الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بمدينة ورزازات، جنوب المغرب، قررت إحالة ثمانية من أعضائها على "هيئة التحكيم الجهوية"، وتعدّ بمثابة محكمة الحزب، ومهمّتها اتخاذ قرارات في شأن أعضاء الحزب، الذين يشتبه في ارتكابهم مخالفات أو ممارسات تتنافى ومبادئ الحزب وتوجهاته.

واتخذت الكتابة الإقليمية قرارها جراء استفادة المستشارين غير المشروعة من بقع أرضية، واستغلال مناصبهم لتحقيق مصالحهم الشخصية.

الصفحة الرئيسية