هل أدركت أنقرة فعلاً خطأ رهاناتها على الإخوان؟

تركيا والإخوان

هل أدركت أنقرة فعلاً خطأ رهاناتها على الإخوان؟


10/02/2019

جاء الإعلان عن ترحيل الشاب المصري، محمد عبد الحفيظ، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، من مطار إسطنبول في تركيا، وتسليمه إلى القاهرة على متن طائرة متجهة إلى مصر، وتصويره مقيداً في كرسي داخلها، ليثير جدلاً واسعاً، تطفو على سطحه التعليقات الحقوقية التي تحاول أن تستدعي تعاطفاً، فقط، مع مشهدية صغيرة للشخص المطلوب لمحاكمة في بلده، على خلفية اتهامات تتعلق بـقضايا الإرهاب، ولكن ثمة حيثيات كثيرة أثارتها هذه الواقعة غير المسبوقة خاصة على مستقبل العلاقات المصرية التركية من جهة، وعلاقة أنقرة بالإخوان من جهة أخرى.
للحكاية وجوه أخرى
أثارت القصة بصورة أعمق حدود العلاقة بين أنقرة والجماعات الأيدولوجية التي تتبنى الإسلام السياسي، وفي الصدارة منها جماعة الإخوان المسلمين، والتي تحتاج إلى مراجعة وتقييم، بناء على التحولات الإقليمية، والتغيرات في الجغرافيا السياسية، بكل ما يترتب عليها من تقلب في المصالح والأولويات التي يمنحها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الإخوان وعناصرهم، والملاذ الذي يوفره لهم؛ في ضوء ما يذهب إليه كثير من المراقبين بأنّ العلاقة بينهما وظيفية، تتحكم فيها شروط براغماتية، لا القفز عن معطياتها ورهاناتها.

تنطلق من الأراضي التركية عدة منصات فضائية وصحفية تشنّ حملات منظمة على النظام السياسي المصري

الشاب المصري، الذي انتشرت صوره عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وجذبت تعليقات متفاوتة، ويبلغ من العمر 29 عاماً، كشف عدة تناقضات قائمة داخل بنية وجسد تنظيم الإخوان وصراعات الأجنحة داخله؛ حيث تراشق أعضاء وقيادات الجماعة الاتهامات المتبادلة بينهم، بدعوى التخلي عن عناصرهم، بسبب انشقاقهم من التنظيم.
وهو الأمر الذي بدأ يتكشف منذ هروب عناصر وقيادات الجماعة إلى الخارج، خاصة قطر وتركيا، عقب عزل الرئيس الإخواني، محمد مرسي، عن الحكم، قبل ستة أعوام؛ حيث التحق كثيرون من المنتمين للجماعة إلى التنظيمات المسلحة، مثل؛ أنصار بيت المقدس، وداعش، وجبهة النصرة؛ حيث انضموا للجماعات الجهادية، وانخرطوا في عدة معارك وحروب في مناطق الأزمات بالمنطقة؛ في ليبيا وسوريا والسودان، وشبه جزيرة سيناء بمصر، فضلاً عن الصراع التنظيمي بين قطبَي الجماعة؛ "الصقور والحمائم" في إدارتهما للأزمة القائمة بعد 3 تموز (يوليو) 2013، وتوصيفهم لها؛ حيث تمرد قطاع لا يستهان به من الشباب، الذين اتهموا قيادات الجماعة بـ "عدم الثورية"، ومن ثم، تبنّوا ما يمكن توصيفه بـ "الكفاح المسلح" ضدّ الدولة وأجهزتها الأمنية، بينما القادة مايزالون يذعنون للفكرة التقليدية بتقديم السياسة على كلّ شيء، وضرورة الحفاظ على التنظيم وسلامته من التصدع.

تنظيم الإخوان.. مستقبل قلق
ورغم محاولات عدة تحاول نفي أن تكون تركيا قد تعمدت تقديم الشاب العشريني إلى السلطات المصرية، والتقليل من أهمية الحدث، ومن ثم، عدم الإشارة إلى وجود انزياح في العلاقة مع الإخوان، إلا أنّ ما حدث يعكس في حقيقته، ومن الناحية الإجرائية، قصداً وعمدية "سياسية" فيما جرى تجاه الشاب المتهم باغتيال النائب العام المصري، هشام بركات، والمحكوم عليه بالإعدام غيابياً، بعدما هرب إلى العاصمة الصومالية، مقديشو.

البيان الرسمي التركي لم يذكر سبب ترحيل عبدالحفيظ إلى القاهرة وليس إلى مقديشو التي قدم منها

وفد الشاب إلى مطار إسطنبول، ومعه أسماء قيادات من الإخوان المسلمين، المقيمين في تركيا، بغية التواصل معهم، وتسهيل إجراءات الدخول والإقامة، غير أنّ السلطات التركية رفضت دخوله؛ بحجة أنّه يحمل تأشيرة إلكترونية غير صالحة، وبدلاً من أن يجري ترحيله إلى مكان إقامته، في الصومال، كما هو المتوقع في العادة، تمّ ترحيله إلى القاهرة.
جاء بيان مستشار الرئيس التركي، ياسين أقطاي، يبرر ترحيل الشاب المصري إلى القاهرة لأسباب حصرها في أنّ "التأشيرة التي يحملها، غير مناسبة، وبأنه لم يطلب اللجوء السياسي"، وأضاف باقتضاب أنّ "تحقيقاً سيفتح في الموضوع"، لكن تعقيب أقطاي الذي جاء لتمييع الموقف التركي، وعدم تبيان كل الحقيقة فيه، لم يجب عن أسباب إعادة الشاب الذي يحمل جواز السفر المصري إلى الدولة القادم منها "مقديشو"، وليس إلى القاهرة.

اقرأ أيضاً: ترحيل عبدالحفيظ.. هل يمثل بداية تحول للسياسة التركية تجاه الإخوان؟
في هذا السياق، يصف الباحث في الإسلام السياسي، أحمد بان، في حديثه لـ "حفريات"، العلاقة بين الإخوان المسلمين وأردوغان بأنّها "أقرب إلى النفعية"، يحاول كلّ طرف فيها أن يوظّف الآخر لحساب مصالحه وطموحاته السياسية؛ حيث ما تزال جماعة الإخوان تراهن على فكرة أن يصبح أردوغان هو بديل الخلافة المنتظر، وتعويم هذا المفهوم وفق ديباجات عصرية، تتسم بالقدرة على المرواغة والكيد السياسي، وذلك باعتبار أنّه القادر على خوض اللعبة الإقليمية والسياسية، ومواجهة الدولة العميقة، لكنّ رهانات الإخوان هي أقرب إلى التفكير  بالتمنّي"، بحسب وصف بان.
ما الذي يجمع الإخوان بتركيا؟
في دراسته المنشورة بمركز "الأهرام" للدراسات السياسية والإستراتيجية، يرى الباحث المصري، محمد عبد القادر خليل، أنّ العلاقة بين الإخوان وأردوغان تتجاوز المصالح السياسية إلى الروابط القائمة على مستوى النسق الأيدولوجي والعقائدي، حيث شاع  في أوساط الإخوان، وعبر وسائل الإعلام التي يسيطرون عليها، وصف أردوغان بـ"الخليفة"، وقد عبّر عن ذلك، على سبيل المثال، يوسف القرضاوي، الزعيم الروحي للإخوان المسلمين، الذي قال إنّ أردوغان يمثل الخليفة والممثل لنموذج الحكم الإسلامي في العصر الحديث، وإنّه هو الذي سيفرض الإسلام في كل أنحاء العالم.

اقرأ أيضاً: هل تسلم تركيا قيادات إخوانية إلى مصر؟
وفي السياق ذاته، ينقل عن القرضاوي قوله: "اتحاد فقهاء الإسلام أعلن أنّ الخلافة يجب أن تتشكل في إسطنبول، لأنّها عاصمة الخلافة، تركيا الجديدة هي التي تدمج بين الدين والدولة، القديم والجديد، العربي وغير العربي وتوحد الأمة في إفريقيا، وآسيا، وأوروبا، والولايات المتحدة، وكل مكان".
ويؤكّد الباحث المصري؛ أنّ تركيا توظف قضايا جماعة الإخوان لاستنساخ إستراتيجية طهران في رعاية التنظيمات الشيعية، حزبية كانت أو عسكرية، من أجل خدمة نفوذها الإقليمي، وتمدّد قواتها العسكرية خارج حدودها الجغرافية؛ "لذلك لجأت تركيا إلى استخدام قدراتها المالية وإمكانياتها الإعلامية لخدمة مشروع الإخوان في مصر القائم على استهداف الدولة المصرية، والعمل على عدم استقرارها، سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وهو مشروع تركي يرعاه أردوغان ويوظف الإخوان في إطاره، سيما أنّهم في حاجة إلى الملاذ الآمن الذي يؤمن لهم القاعدة للانطلاق في تطبيق أفكارهم، واللجوء إلى العنف المسلح لضرب الدولة الوطنية والانقضاض عليها بعد ذلك".

تركيا في المعادلة السياسية المصرية
اتسمت العلاقات بين الإخوان وتركيا بالمتانة والعمق التاريخيين، ووصلت لذروتها مع حكم الجماعة في مصر، في حزيران (يونيو) 2012، حيث تمركزت تركيا في صدارة المشهد السياسي والإقليمي المصري، وعزّزت من مواقعها وأدوارها المختلفة، فصارت رقماً صحيحاً في المعادلة السياسية، ولاعباً مؤثراً ورئيساً.

اقرأ أيضاً: بوادر لنهاية الصراع المصري-التركي وتساؤلات حول مصير الإخوان
وهو ما برز في النشاط الاقتصادي والتجاري بين البلدين، بصورة ملحوظة؛ حيث قدرت المساعدات التركية ببليوني دولار، ووصل حجم التبادل التجاري بين أنقرة والقاهرة، في عام واحد من حكم الإخوان، إلى ما يقرب من 4.2 مليار دولار.
ومن الناحية السياسية، وصل الاندماج بالبلدين حدّ أن حضر الرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي، المؤتمر العام لحزب "العدالة والتنمية" التركي الإسلامي، في 30 أيلول (سبتمبر) 2013؛ الأمر الذي يعد سابقة جديدة وفريدة من نوعها، وخارج التقاليد السياسية بين رئيسَي دولة.
لكن في ظلّ كلّ التداعيات الجديدة والمعطيات المستجدة، والرمال المتحركة في صحراء السياسة، التي تؤدي إلى تبدل في مزاج الحكام، وفرضية البحث عن شركاء جدد، وفقاً للمصالح التي تضطر لإعادة الحسابات؛ فهل يمكن لتركيا أن تعيد بناء تصوراتها مع جماعة الإخوان، خاصة، فيما يتصل بمرجعيتها التقليدية، ورؤيتها الإستراتيجية تجاه مصر، في ظلّ الاعتبارات السياسية والأمنية والاقتصادية الجديدة، كالتنقيب والاستثمار في حقول الغاز، في شرق المتوسط، والتي ستبدأ من المياه المصرية؟

شفيق: أنقرة ستحافظ على علاقاتها بالإخوان وستظل القاهرة الخصم الإستراتيجي والتاريخي لتركيا

يجيب الباحث، رامي شفيق، بقوله: "لا يمكن وضع التصورات الخاصة بالعلاقة بين تركيا ومصر إجمالاً دون الالتفات لذلك الالتزام الذي يجمع أردوغان وجماعة الاخوان المسلمين، "باعتبار الأول مفصلاً رئيساً في التنظيم الدولي للجماعة من ناحية، ومن ناحية أخرى، حين نضع الأمر برمته في إطار المنهج التاريخي الذي يفصح عن صعود حزب العدالة والتنمية بتركيا، في إطار التأهيل الأمريكي -حينها - لإقليم الشرق الأوسط بأن تتزعمه جماعة الإخوان المسلمين، على أنقاض الأنظمة التي تربعت على عروشها، فيما بعد الحرب العالمية الثانية وحان لحظة سقوطها، بيد أنّ تحرّك الجيش المصري، في 30 حزيران (يونيو) العام 2013، خلخل ذلك المستقبل، وترك آثاره على شكل وملامح العلاقات المصرية التركية في حاضرها، وأيضاً في مستقبلها".

اقرأ أيضاً: هل تتخلى تركيا عن الإخوان مستقبلاً بعد ترحيل عبد الحفيظ؟
ويضيف شفيق لـ"حفريات": "تنطلق من الأراضي التركية، حيث يستقر عدد من قادة الإخوان، والمعارضة المصرية، عدة منصات فضائية وصحفية، تشنّ حملات منظمة على النظام السياسي المصري، ومن داخل الأجندة الإخوانية؛ الأمر الذي يضع التحالف التركي مع جماعة الإخوان المسلمين في إطار إستراتيجي، لا يتصور أن تفضّ دعائمه في المنظور، انطلاقاً من المصالح الإقليمية لأهداف تركيا في الشرق الأوسط، ورغبتها في تأسيس قيادة تركية على المنطقة، خاصة مع التصورات الجديدة التي تتحرك داخلها جغرافيا الهلال الخصيب، ومصالح أنقرة الرئيسة فيها".
مستقبل علاقة تركيا مع مصر والإخوان
ويرى شفيق أنّ ثمة عنصراً رئيساً يضع متاريس في مستقبل العلاقات المصرية التركية، وهو حقول الغاز في منطقة شرق المتوسط، "الأمر الذي سيتيح للتعقيدات الإقليمية مساحة حضور على هامش علاقات القاهرة –أنقرة، خاصة مع تحركات القاهرة، في نيقوسيا، والتي تراها أنقرة استفزازاً ربما لمصالحها الإستراتيجية في نطاق الجغرافيا السياسية لها".

اقرأ أيضاً: تركيا وفقدان البوصلة
ويتابع شفيق، بيد أنّ تل أبيب التي تشارك الدول الطامحة في شرق البحر المتوسط تتمتع بعلاقات إستراتيجية وتاريخية مع أنقرة، "وذلك رغم كلّ الكلمات الخشنة التي تنطلق من أردوغان بين الحين والآخر تجاه إسرائيل"، بحسب وصفه، ومن ثم يؤكد أنه لا ينتظر في المستقبل أن تترنح تلك العلاقات على خلفية القضية الفلسطينية.

لم يبقَ لجماعة الإخوان الآن سوى الرهان على العلاقة التركية – القطرية

وانطلاقاً من تلك العناصر المتشابكة، يؤكد الباحث المصري أنّ أنقرة ستظل قابضة على قادة الجماعه بالبلاد، وعلى علاقاتها الإخوانية، وبالتبعية، ستظل القاهرة الخصم الإستراتيجي والتاريخي.
من جهته، وصف الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، مصطفى أمين عامر، العلاقة بين تركيا وجماعة الإخوان المسلمين بـ"الوظيفية البراجماتية القائمة على تنفيذ المصالح المشتركة بين الطرفين، والتي تتجاوز بها الجماعة الدولة الوطنية لصالح دولتها التنظيمية، ويحقق للنظام التركي الذي يقوده الرئيس التركي، أردوغان، أحلامه التوسعية في العالم العربي؛ وهو الأمر الذي يفسره احتضان أنقرة للعشرات من قيادات تنظيم الإخوان".

أمين عامر: لم يبقَ لجماعة الإخوان الآن سوى الرهان على العلاقة التركية القطرية القائمة على روابط براغماتية مركبة

ويضيف عامر في حديثه لـ"حفريات": "أرى أنّ نشأة الجماعة والنظام التركي الحالي متشابهة إلى حدّ كبير؛ حيث نشأ كلاهما في ظلّ مناخ لا يرحب بالعمل السياسي الإسلامي، وهو ما سمح بنمو الجماعة في النصف الأول من القرن الماضي، ودفع نخبة العدالة والتنمية إلى النشأة السياسية والدينية على كتابات قيادات جماعة الإخوان المصرية، وأوجد علاقات مركبة بين الجانبين؛ تتحكم فيها حالياً العديد من المحركات العملية التي ترتبط بالمصالح المشتركة، وعناصر التنشئة السياسية، ونمط الإدراك المتبادل لمحورية كل طرف لمصالح الطرف الآخر".
وشدّد على أنّ جماعة الإخوان دائماً ما ترى أنّ النظام الحالي في تركيا، النموذج القابل للاستنساخ في الحكم الإسلامي الرشيد، الذي يؤسس لمفهوم الأمة الإسلامية الواحدة، على حساب مفهوم الدولة الوطنية، والتي من المفترض أن تتطور تدريجياً من نظام ديمقراطي إلى نظام شورى، يؤسس لسلطوية الخليفة أو المرشد، وفق أيديولوجيا دينية متشددة؛ تتركز السلطة فيها في "القائد الخليفة"، أو مجلس شورى الأمة.

اقرأ أيضاً: هل تلغي مصر اتفاقيات أبرمت مع تركيا خلال حكم الإخوان؟
بيد أنّ عامر، يستدرك أنّ استغلال  الإخوان أصبح  أمراً محفوفاً بالمخاطر، وذلك "بعد أن فقدت الجماعة ثقلها الميداني والسياسي في الأزمة السورية، رغم جهود أنقرة لاحتضان عناصرها في الداخل التركي، وتوظيفهم عسكرياً وسياسياً، في الميدان السوري، وهو الأمر الذي ينطبق أيضاً على إخوان ليبيا، بعد أن فقدت الجماعة سيطرتها على الجغرافيا الليبية، وحركة حماس التي تحوّلت إلى عبء ثقيل على القضية الفلسطينية، وحزب الإصلاح اليمني، الذي سارع للتحالف مع السعودية والإمارات في حربهما ضدّ الحوثيين".
وخلص عامر إلى القول: "لم يبقَ لجماعة الإخوان الآن سوى الرهان على العلاقة التركية – القطرية، القائمة على  روابط براغماتية مركبة، وهو الأمر الذي يحاول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الحفاظ عليه كرهان للنظام التركي على تنظيم الإخوان، في محاولة لإعادة تموضع جديد لنفوذ تركي إقليمي، ربما، يكون عامل ضغط على الدول العربية الرئيسة المقاطعة لقطر، وهو الأمر الذي ينطبق كذلك، على النظام القطري لتبقى جماعة الإخوان عبئاً ثقيلاً على القوى الإقليمية الرئيسة، سوى التي تقوم برعايتها أو التي تبنت سياسات إقصائية رافضة لها".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية