سلفي يروي صدمته بحزب النور: جعلوا الدعوة أشبه بولاية الفقيه

مصر

سلفي يروي صدمته بحزب النور: جعلوا الدعوة أشبه بولاية الفقيه


16/01/2018

كان (ربيع) من ضمن الشباب الذين خرجوا من حزب النور بعد أن رأى تخليه عن تطبيق الشريعة، وفرّط في المقولات المعتبرة لعلماء الدين، في سبيل حصد مكاسب سياسية، معتبراً أنّ زعيمه ياسر برهامي جعل الدعوة السلفية بمثابة مؤسسة، تشبه ولاية الفقيه الشيعية لها الطاعة والولاء، وأن الحزب استكمل مشواره؛ حيث ألقى وراءه الدين ودافع عن السلطة والحكم الدنيوي.

أحلام شاب بخدمة الدعوة

منذ اللحظة الأولى، كان ربيع (32 عاماً) يرى في الشيخ عماد عبد الغفور، الذي تولى رئاسة حزب النور السلفي، في البداية، أنه الوحيد القادر على تشكيل جبهة سلفية قوية، بإمكانها تفادي أي تصدعات داخلية وتوحيد موقف التيار الإسلامي بعمومه، ويتقاسم معه نفس الفكرة التي حاول تمريرها وتدشين الحزب على قواعدها، وذلك عبر إيجاد هيكل متين ومتوازن، بين دور الحزب السياسي الناشئ حديثاً، والمرجعية الدينية الممثلة في الدعوة السلفية، وأن يقطع الحبل السري بين التنظيمين ويجهض محاولات التبعية التي استهدفها مشايخ الدعوة في توظيف الحزب للاستثمار السياسي ولصالح خدمة الدعوة، وتعزيز نفوذها في المجالين؛ الديني والسياسي؛ من خلال مركزية الدعوة وليس الحزب، والخشية من تنامي دور الأخير على حساب الأول.

خرج ربيع من حزب النور إبان التصدع الذي أحدثه الخلاف الشهير بين الشيخين ياسر برهامي وعماد عبد الغفور

لكن الشاب الثلاثيني، الذي التقته "حفريات"، كانت لديه رؤية مغايرة أو بالأحرى طموح مختلف عن وجهة نظر مشايخ الدعوة السلفية، بالرغم من أسبقية انتمائه لها؛ حيث لم ينخرط في أي نشاط سياسي، واقتصر نشاطه على العمل الدعوي والخدمي التقليدي، ذلك (الطموح) الذي جاءت ولادته مع "الربيع العربي" وتحولاته السياسية الجمة، فألهم العديد من التيارات أفكار الصعود السياسي وتولي السلطة.

ياسر برهامي

السلفية بين عبدالغفور وبرهامي

واعتبر (ربيع) أنّ ما يشرع في تنفيذه الشيخ عبد الغفور الذي حاز منصب رئاسة حزب النور حتى كانون الأول (ديسمبر) 2012، يهدف إلى "تقديم رؤية أكثر شمولية للشريعة بدون عجلة، وتفادي فقدان ثقة الشباب الإسلامي من ذوي المرجعيات والانتماءات المختلفة وتشتتهم"، بالإضافة إلى "تثبيط" اندفاعاتهم، خاصة في ظل "تزايد شعبية" الحركات الجهادية الراهنة و"جاذبية" خطابها أمام محاولات إجهاض الآليات الممكنة التغيير السياسي بقنواته الشرعية والمتاحة.

لكنّ الدور الذي لعبه ياسر برهامي ومجموعته مثل: أشرف ثابت وجلال المرة، التي حاولت المضيّ بالحزب في تبعية مباشرة للدعوة السلفية وتقييده بها، كانت من بين نتائجه، كما يوضح ربيع في حديثه لـ"حفريات"، تنحية باقي التيارات السلفية بتنوعاتها، المنتظمة والسائلة، وغير المنضوية تحت لوائها، ومن ثم، احتكار الحزب الشرعية وحيازتها لنفسه ومنعها عن كل من لا يفوضونهم في أمر الإسلام والحكم، وأخيراً، تزايد شعبية العنف المسلح والجهادي ورواجه وضياع فرصة بناء حزب سلفي قوي بإمكانه الوصول للسلطة.

عماد عبد الغفور

البداية مع الوعي السلفي

لحظة انتمائه السلفي وتدرجه في أوساطهم، بدأت مع تنشئته داخل أسرة متدينة، ذات ميل سلفي، لكن غير تنظيمي، والده يعمل مدرساً للغة الإنجليزية ويتردد على المسجد الكبير، التابع لوزارة الأوقاف، في الحي الذي يسكن فيه، كخطيب وإمام للمسجد، بدون تعيين أو الحصول على ترخيص بذلك من المؤسسة الدينية، كما يقول، لكن بتفويض من "الأهالي" أو "جموع المصلين"، على حد تعبيره.

يرى ربيع أن برهامي ومجموعته بحزب النور لعبوا دوراً في تنحية باقي التيارات السلفية في سبيل أحلامهم السياسية

ولأسباب تخصه، لم يشأ الإفصاح عنها، كان يصلي في مسجد آخر غير المتواجد فيه والده، الذي تصادف أنه أحد مساجد جماعة أنصار السنة المحمدية، ووسطهم كان يشترك معهم في قراءة الرقائق والأذكار وكتب السير والفقه والحديث، لكنه اطلع من ناحيته على كتب الشيخ محمد حسان وخصوصاً كتابي: "حقيقة التوحيد" و"قواعد المجتمع المسلم"، ولم تتوقف قراءاته عند هذا الحد، لكنها على كل حال كانت أيسر عليه من كتب التراث التي تستعصي عليه لغتها. كما لعبت الخطب والدروس الدينية على التلفزيون والفضائيات دوراً مهماً في تعميق أصول وعيه الديني السلفي، إلى جانب أنه قضى مدة في الدرس لا يستهان بها، على يد الشيخ ياسر برهامي في الإسكندرية بالرغم من المسافة البعيدة التي تبلغ حوالي 148 كيلومتراً تقطعها المواصلات في ثلاث ساعات تقريباً.

محمد حسان

قبل الانضمام لحزب النور

قبل الانضمام لحزب النور، يلفت (ربيع) الانتباه إلى أنه كان أحد الشباب الذين استجابوا لدعوات التظاهر والخروج "للثورة" في 25 يناير 2011، منذ اللحظة الأولى؛ حيث اندلعت في مدينته، مظاهرة حاشدة يوم جمعة الغضب، كما جرت تسميتها، ويصفها بـ "الحاشدة"، وتضمنت عدداً ضئيلاً من حزب التجمع اليساري، كما يحدد، لكن الأغلبية العددية كانوا شباباً من ذوي ميول مختلفة، من بينهم شباب جماعة الإخوان، التي بدت أنها تحاول قيادة الحشد الجماهيري، لكنها بمجرد محاولتها أن تميز المظاهرات بهتافاتها وشعاراتها وطابعها الإسلامية؛ هتفت أعداد غير قليلة بالمعارضة وتصدت لذلك، فهادنوها على الفور، وتوقفوا عن الأمر، وردّدوا الهتافات المتداولة في وقتها.

لم يتردد في الخروج ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك، دون أن يقطع بصوابية ما يفعله، كما أردف في حديثه، لكن شعوراً كبيراً بالغبن والكراهية كان يستولي على نفسه وقتها، من ممارسات جهاز الشرطة على وجه التحديد، التي يعتبرها عدوانية ضد الإسلام بالأساس، وكل من يتمسك بسنة النبي محمد، عليه السلام.

شارك ربيع بشكل مستقل في بعض الفعاليات الثورية مع مجموعة حازم أبو إسماعيل رغم رفضه لنهجهم الانفعالي والصدامي

وفي هذا السياق يقول: "بمجرد أن يدخل الأخ المسجد ويلتزم بالهدي الظاهر يقصد (اللحية وحف الشارب وتقصير الثوب)، يتم استدعاؤه إلى مباحث أمن الدولة، ويجري التحقيق معه ويتعرض للاضطهاد"، ويتابع: أنّه كان يتم إكراه المسؤول عن المسجد، سواء الإمام أو القائم على أعمال تحفيظ القرآن والدروس الدينية، بأن يدلي كل منهم بدلوه بالتفصيل، عمّا يعرفونه من معلومات عن هؤلاء، ومن يكون وراء هذا التغيير الذي حدث لهذا الشخص أو ذاك، وهل وراء ذلك عمل حركي وتنظيمي وخلافه.. "ناهيك عن ضرورة أن تكتب الأطراف المسؤولة عن أنشطة المسجد أسماء الوافدين الجدد، بصورة مستمرة، وهذا أمر يعرفه كل السلفيين"، بحسب زعمه.

محمد مرسي يؤمّ مجموعة من المصلين من بينهم ياسر برهامي

من السلفية إلى "الانتهازية"

يتهم ربيع حزب النور تحت قيادة برهامي، بأنّه تحول "من السلفية إلى الانتهازية"، وعبر بالحزب والدعوة معاً إلى "عملية تواطؤ ضد عموم السلفيين"، ويتذكر في سياق حديثه، أنّ الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، لم يتورع عن الذهاب للقاء المرشح الرئاسي، وقتذاك، الفريق أحمد شفيق ومساندته بشكل معنوي من خلال الحضور إليه، في سبيل الحصول على ضمانات "فئوية"، تخص حزبه وجماعته، بالحرية والأمن لمجموعته دون باقي الإسلاميين، بالرغم من أنّ شفيق كان رئيس وزراء "الطاغية" مبارك، بحسب وصفه، و"حرض وتواطأ على قتل المتظاهرين والاعتداءات عليهم، وحماية من عذبهم، ناهيك عن الفاسدين، الذين هربوا من المطارات وفروا بأموالهم أثناء الثورة".

لم ينتمِ الشاب إلى حزب آخر لينكفئ تماماً عن أي نشاط منذ العام 2013 الذي شهد سقوط حكم الإخوان

يقول الشاب الثلاثيني إنّه خرج من حزب النور إبان التصدع الذي أحدثه الخلاف الشهير، بين الشيخين ياسر برهامي وعماد عبد الغفور العام 2012، وانتهى إلى تنحية الأخير، وتولي رجل الدعوة القوي بفكره وطموحه ورؤيته للحزب والدعوة، التي تبلورت في أن تغدو وسيلة ضغط وبمثابة لوبي للحفاظ على مصالح الدعوة السلفية وتوفير حصانة لها.

لم ينتمِ الشاب إلى حزب آخر، منذ ذلك الوقت وحتى اللحظة، وعاد إلى المربع صفر مرة أخرى، لكنه، يشير إلى أنه في سنوات الفترة الانتقالية كان يشارك بشكل مستقل وبمفرده، في بعض الفعاليات الثورية مع مجموعة حازم أبو إسماعيل، رغم رفضه لنهجهم "الانفعالي والمتشدد والصدامي"، كما يصفهم، والخروج في تظاهرات، ضد الأقباط في ماسبيرو وحكم المجلس العسكري في ذلك التوقيت، لينكفئ تماماً عن أي نشاط منذ العام 2013 الذي شهد سقوط حكم الإخوان.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية