القطار الهوائي.. مشروع إسرائيلي لتهويد سماء القدس

فلسطين

القطار الهوائي.. مشروع إسرائيلي لتهويد سماء القدس


18/02/2019

من تحت الأرض وفوقها، تفرض حكومة الكيان الصهيوني سيطرتها على مدينة القدس المحتلة؛ من خلال حفر الأنفاق أسفل المسجد الأقصى ومعالمها الإسلامية ومدينة سلوان جنوب البلدة القديمة، فيما تصعّد من مشاريعها التهويدية والاستيطانية المتمثلة في السيطرة على الأراضي والمقدسات، وهدم المنازل، وتوسعة المستوطنات.

التلفريك على قدر كبير من الخطورة، لما له من دور بتهويد القدس، ويعد مكملاً لمشاريع الاحتلال على الأرض

كلّ هذا لم يشبع شهوة "إسرائيل" في الضم والاستيلاء على القدس، لتكون ضربتها القاصمة هذه المرة من الجو، لتحاصر المدينة المقدسة من الاتجاهات والمنافذ كافة، وذلك من خلال مشروع القطار الهوائي (التلفريك)، الذي قدّمته سلطة تطوير القدس، وصودق عليه بشكل نهائي من قبل حكومة الاحتلال، وأودع لتقديم الاعتراضات عليه خلال شهرين، ابتداء من شهر شباط (فبراير) الجاري.
ستمرّ محطات "التلفريك" عبر أراضي القدس الشرقية والتي يسكنها المقدسيون

سيطرة وربط استيطاني
تكمن خطورة مشروع القطار الهوائي، الممتد مسافة 2 كيلومتر، بأنّه سيربط الجزء الغربي لمدينة القدس، الواقع تحت سيطرة "إسرائيل" بشرقها؛ إذ ستمرّ محطات "التلفريك" عبر أراضي القدس الشرقية والتي يسكنها المقدسيون، وتشهد وجود المعالم الأثرية، عابراً عبر جبل الزيتون في البلدة القديمة، لتكون النهاية بالوصول إلى داخل حائط البراق.

اقرأ أيضاً: ما الذي يدفع مسيحيي غزة إلى هجرة أراضيهم؟
ويؤكد مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية في القدس، زياد حموري، خلال حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ القطار الهوائي "مشروع تهويدي بامتياز، للسيطرة الكاملة على ما تبقى من أراضي وممتلكات في القدس الشرقية، وربطها بالقدس الغربية، وإنهاء ما يسمى الخطّ الأخضر الذي كان يفصل بين إسرائيل والأردن".
ويشير إلى أنّ "إسرائيل" تستغل حركة النشاط السياحي، لتمرير مشاريعها التهويدية، "فمن خلال مشروع التلفريك، سيربط الاحتلال مستوطنات شرق القدس مع مستوطنات جنوبها وشمالها، بشكل يقطّع أواصر التواصل الجغرافي بين بلدات المدينة المقدسة وأهاليها".

اقرأ أيضاً: سلفيت.. مدينة الزيتون الفلسطينية يبتلعها الاستيطان الإسرائيلي
وبحسب حموري؛ سيمر مشروع القطار الهوائي، من ثلاث محطات؛ تبدأ الأولى من الشطر الغربي للمدينة، أما الثانية؛ فتتوقف عند حائط البراق من جهة باب المغاربة، ثم يواصل الخط مساره بمحاذاة المسجد الأقصى كاشفاً باحاته، ليصل بعد ذلك إلى محطته الثالثة والأخيرة، على قمة جبل الزيتون.
ويوضح بأنّ إحدى محطات القطار الهوائي ستمرّ عبر البؤرة الاستيطانية "كيدم" في بلدة سلوان التي تعد الخاصرة الجنوبية للمسجد الأقصى، لافتاً إلى أنّ ذلك يدلّ على خفايا المشروع الاستيطانية.
كارثة دينية معمارية
ومن أجل بناء مشروع القطار الهوائي، لتجهيز جميع محطاته، ستنشئ إسرائيل 25 عاموداً من الإسمنت المسلح، بارتفاع 26 متراً، لحمل تلك المحطات، التي ستنقل في ساعات الذروة ما يقارب 3 آلاف راكب كلّ ساعة.

الاحتلال سيقيم المشروع القطار الهوائي على معالم القصور الأموية، جنوب المسجد الأقصى المبارك وعلى جثث الشهداء والصحابة

ويقول مدير أكاديمية الأقصى للوقف والتراث في القدس، ناجح بكيرات، لـ "حفريات": "القطار الهوائي كارثة معمارية دينية بمعنى الكلمة، لم تشهدها القدس على مدار آلاف الأعوام الماضية حتى اليوم، فهذا المشروع سيحجب الرؤية عن أهم معالم تدل على الهوية العربية الإسلامية في القدس المحتلة، نتيجة إحاطته المسجد الأقصى وحائط البراق، أهم المعالم الدينية، وكافة أحياء البلدة القديمة، كما سيحجب رؤية المسجد الأقصى عن أهالي الأحياء الفلسطينية المجاورة والقريبة من المسجد، ومنها؛ جبل المكبر، وصور باهر، وحي سلوان".
ويضيف "الاحتلال سيقيم المشروع القطار الهوائي على معالم القصور الأموية، جنوب المسجد الأقصى المبارك وعلى جثث الشهداء والصحابة في مقبرة باب الرحمة ومقبرة باب الأسباط التي تضم رفات الصحابة، بهدف تغيير المشهد التاريخي الذي حافظت عليه هذه المدينة عبر العصور".
ولا تكتفي "إسرائيل" بأنّها ستسيطر من خلال مشروع القطار الهوائي على المقابر التاريخية في القدس، بل ستربطه للوصول من خلال محطاته إلى مقبرة "هرتزل" التي يدفن فيها قادة دولة الاحتلال، وذلك بحسب بكيرات.

اقرأ أيضاً: هل ساعد "الموساد" قطر في إيصال المساعدات إلى غزة؟
ويشير مدير أكاديمية الأقصى للوقف والتراث، إلى أنّ القطار الهوائي يأتي ضمن مشروعات هدفها الأساس بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، بتركيز على منطقة ما يسمى بـ "الحوض المقدس"، لافتاً إلى أنّ المشروع يهدف إلى "تطويق المسجد الأقصى، والسيطرة على حيزه الخارجي وعليه بالكامل لاحقاً، في إطار تهويده وتهويد المدينة بالكامل".
إصرار واضح على تهويد القدس ومعالمها

جلب المستوطنين
في سياق متصل؛ ينوّه مدير أكاديمية الأقصى للوقف والتراث، إلى أنّ "إسرائيل" تستغل المشروع لجلب المستوطنين عبر القطار الهوائي وتكثيف السياحة الداخلية الاستيطانية، "لخلق تواصل ديمغرافي، واكتمال حلقات الرواية التوراتية الصهيونية في الهيكل المزعوم بعد إبعاد المقدسيين المسلمين عن مسجدهم".

اقرأ أيضاً: "لن يسكتوا أصواتنا": صرخة مثقفي غزة ضد طائرات ترعبها القصائد
ويقول بكيرات إنّ المجموعات السياحية التي سوف تستقل القطار الهوائي، سيرافقهم أدلاء سياحة إسرائيليون "يعملون وفق منهج تهويد الأماكن، من خلال التسميات التلمودية المحرفة، وأن الجزء الكبير منهم سيكونون من المستوطنين المتزمتين والجنود الإسرائيليين".
من جهته؛‎ يشير أمين عام الهيئة الإسلامية والمسيحية لحماية المقدسات في القدس، حنا عيسى، إلى أنّ "مشروع القطار الهوائي يأتي ضمن مخططات السلطات الإسرائيلية لطمس الهوية العربية الفلسطينية للمقدسيين، وترهيبهم، ومحاولة فرض الطابع اليهودي على القدس الشرقية، وإحاطة المدينة المقدسة بالمعالم اليهودية".

اقرأ أيضاً: يهدمون منازلهم بأيديهم: فلسطينيون على الأطلال يعانون ويلات الاحتلال
ويقول عيسى لـ "حفريات" إنّ مصادقة الحكومة الإسرائيلية على المخطط التهويدي لبناء القطار الهوائي التلفريك، "إصرار واضح على تهويد القدس ومعالمها، وجعلها غريبة عن واقعها العربي الإسلامي المسيحي المقدس".
ويضيف "المشروع على قدر كبير من الخطورة، لما له من دور في تهويد القدس، ويعد مكملاً لمشاريع إسرائيل على الأرض، كما أنه سيشوه المشاهد التاريخية والحضارية للقدس، وإحداث معالم تهويدية تطغى على عروبتها".
ويؤكد عيسى أنّ مشروع القطار الهوائي يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي؛ لأنّه سيقام على أرض فلسطينية محتلة، وبموجب مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنّ القدس الشرقية التي سيقام على جزء من أرضها مشروع القطار المقرر جزء لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين المحتلة.

اقرأ أيضاً: في غزة: مساجد بملايين الدولارات وفقراء بلا مأوى
ودانت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، المصادقة على تنفيذ المخطط الإسرائيلي وبناء تلفريك في مدينة القدس، وعدّته بداية لتهويد المدينة والتوسع الاستيطاني بداخلها، وفرض وقائع جديدة على الأرض.
وأشارت الوزارة إلى أنّ المخطط يتضمن بناء محطات وخدمات سياحية مختلفة على أراضي مدينة القدس، وسيربط مختلف المشاريع الاستيطانية التهويدية في القدس الشرقية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية